• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

حقّ المرأة بحفظ حقوقها

عمار كاظم

حقّ المرأة بحفظ حقوقها

قال تعالى: (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) (البقرة/ 257). لا شكّ أنّ الإسلام العظيم يحمل في طيات مفاهيمه وأحكامه طريق هداية البشر ليخرجهم من الظلمات إلى النور، هذه الأحكام التي جاءت لتلائم الإنسان بصفاته وتوجهاته وخصوصياته، ولتعطي كلّ مكلَّف طريق هدايته المناسب له. من هنا كان للمرأة بعنوانها الخاص العديد من المسائل والأحكام والمفاهيم المتعلّقة بها، والتي لا تستغني المرأة المسلمة عن معرفتها والالتزام بها لتكون نوراً يعينها على دنياها بما تضمن به دنيا كريمة وآخرة سعيدة بجوار الأنبياء والصالحين. «النِّساء شقائق الرِّجال» كما جاء في الحديث الشريف.. فالمرأة إنسان متكامل له دوره الاجتماعي العام وحياته الفردية الخاصّة به، بحسب ظروفه الشخصية والاجتماعية، ومن هذا المنطلق نشير إلى خطأ كثير من برامج التربية وخطط إعداد المرأة التي تُبتنى على أساس تهيئة المرأة لتكون زوجة وأُمّاً دون الالتفات بشكل أساس إلى إعداد المرأة لتكون «إنساناً» متكاملاً وسوياً ورشيداً لينهض بشؤونه الفردية ويقوم بتكاليفه الاجتماعية على أحسن وجه. فإنّ مهام الزوجية والأُمومة - على رفعتهما وقدسيتهما وأهمّيتها - تمثِّل جزءاً من حياة المرأة ودوراً من أدوارها الشامخة التي تؤدّيها لا كلّ حياتها ولا جميع أدوارها. فالمرأة مرأة قبل أن تكون زوجة وأُمّاً وبعد ما تكون زوجة وأُمّاً.

لذا كان من الضروري بمكان أن تتوجه برامج التربية والتعليم والخطط الإرشادية والتنموية للمرأة إلى إعدادها كإنسان بنّاء وخلّاق وكفوء وفاعل في المجتمع.. إنسان سوي ورشيد كسائر أفراد المجتمع ليتّخذ القرار الصائب ويختط طريقه السليم في الحياة، فإنّ المرأة، كما الرجل، كلّ مسؤول عن حياته في يومه وغده، في دنياه وآخرته، ولا يعذر الله تعالى ولا القانون المرأة في أن يتّخذ الغير لها قرار حياتها، أو يوجهها دون إرادتها واختيارها، بل «كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته». ويبقى إعداد المرأة لأن تكون زوجة أو أُمّاً، ربّما تتعلّمه المرأة بشكل طبيعي حين تكون متعلمة، كسائر دروس الحياة، وتختص به يوم تريد أن تكون زوجة، وكذلك الأُمومة التي تحس بها وتتلمسها هي من المحيط الذي حولها وتعدّ لها الاعداد الخاص يوم فعلاً تريد أن تكون أُمّاً.

إنّ الدِّين الإسلامي لم يفضِّل الرجل على المرأة ولا المرأة على الرجل في تشريعاته المختلفة، سواء كان ذلك في مجال الحقوق أو مجال الواجبات.. بل أعطى كلاً منهما حقوقه الكاملة، وكلَّف كلاً منهما باداء واجباته حسب إمكاناته وظروفه وطبيعته الخاصّة.. وما التمييز الظاهري الذي نشاهده في أشكال التشريعات سواء كان في مجال الحقوق أو الواجبات سوى فهم المشرع الإسلامي لطبيعة دور كلّ منهما وإمكاناته الذاتية والاجتماعية.

وهنا نقف نحن على مفترق طرق، لنتأمّل في أسلوب تعاملنا مع المرأة ونعيد النظر في واقعنا الحياتي الذي يقع تحت تأثير موروثات تاريخية عتيقة أو موجات ثقافية وإعلامية جديدة.. نعيد النظر في الأفكار والأعمال لنعيد صياغتها وترتيبها كما يريد الله تعالى منّا، لنحيا حياة طيِّبة ونموت ميتة طيِّبة، حياة ملؤها العزّة والكرامة والطُّهر والنقاء. ولا تتكامل حياتنا ولا تقترب من الإسلام إلّا عندما نعيش العدالة في كلّ أبعاد حياتنا الفردية والاجتماعية، ومن أهمّها حياتنا الأُسرية وكيفية تعاملنا مع المرأة في البيت والمجتمع، والذي يجب أن يقوم على أساس احترام كرامتها الإنسانية وحفظ حقوقها الفردية والاجتماعية. كما إنّ تقدّم أي مجتمع رهين باكتساب أفراده حقوقهم، بما في ذلك حفظ كراماتهم ومساواتهم أمام القانون، فقيمة كلّ مجتمع بقيمة الإنسان في ذلك المجتمع، والرجل والمرأة في ذلك سواء.

ارسال التعليق

Top