• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

شباب اليوم.. لا يقرؤون

خورشيد علي

شباب اليوم.. لا يقرؤون

◄كثير من الشباب اليوم لا يقرؤون.. وإذا قرؤوا فقراءات سطحية وعشوائية غير هادفة. نسبة كبيرة ومخيفة من الشبّان والفتيات لا يقرؤون، تكاد تصل في بعض البلاد العربية والاسلامية إلى 80% أحياناً.. ماذا يعني ذلك؟

يعني أنّ ثمة "أُمّيّة" من نوع آخر متفشية في أوساط الشباب.. حتى مقررات المنهج الدراسي لا يُقبل عليها الكثيرون إلّا لغرض أداء الامتحان.. فإذا فرغوا منها رموها في (القمامة)، أو مزّقوها إرباً إرباً، أو تركوها طعاماً للنار يتلذذون باستحالتها إلى رماد، وكأنهم ينتقمون من عدّوٌّ لدود!

ظاهرة العزوف عن القراءة ذات دلالة خطيرة.. إنها تعني أننا أمام جيل غير مثقف.. ثقافتُهُ إنتقائية.. يلتقط من (التلفاز) شيئاً، ومن (الإنترنيت) شيئاً، ومما يقع تحت يده من الصحف شيئاً.. ولا يستطيع أن يُركِّب من هذا المتناثر من قطع الأحجار.. بناءً ثقافياً!

هل الإنشغال بالبدائل (غير البديلة) هو السبب؟

هل التربية على عادة القراءة توقّفت أو انخفضت بشكل واسع في بيوتنا ومدارسنا؟ وهل إنّ تكاثر وسائل اللهو لم تدع فرصة ولو نادرة للقراءة؟

لم يعد (القرآن الكريم) هو الكتاب الوحيد المهجور في هذا العصر.. الكتب الثقافية الأخرى.. تشتكي وتبكي على رفوف المكتبات، بل وتندب حظّها، يتراكم عليها الغبار ولا تجد مّن ينفضهُ عنها إلّا نادراً.. وتكابد الصمت والوحشة، ولا تعثر على مَنْ يجالسها ليطرد عنها وحشتها!!

أين التغني بـ"وخيرٌ جليسٍ في الأنام كتابُ".

لم تكن الكلمة الأولى التي وجّهتها السماء للنبي (ص): "صلِّ".. لقد كانت "إقرأ"!.. لأنّ الصلاة تحتاج إلى القراءة.. والعبادة تحتاج إلى القراءة.. ومعرفة الله تحتاج إلى القراءة.. والطاعة الواعية، بل الإيمان – بصفة عامة – يحتاج إلى القراءة.

النموّ.. والرقيّ.. والسموّ.. عماده القراءة.

بلوغ المآرب والمراتب والانتصارات زاده القراءة أيضاً.

من خلال قراءتنا للسيرة الذاتية لعدد من العظماء، رأينا أنّ من بين أسباب تفوُّقهم ورفعتهم واشتهارهم وقدرتهم على الوصول إلى القمم التي وصلوا إليها، هي القراءة.. كان كلّ كتاب يقرأونه بمثابة القوّة الدافعة للإرتقاء في مدارج المجد.. يقرأون ويعملون بما يقرأون.

كانت المطالعة ذات يوم موضع (تنافس) و(تفاخر) و(زينة)، بل ومزيّة من مزايا الشخصية..

اليوم.. هي شيء ثانويّ.. تَرَفي.. لا اعتبار له.. ولا ينتقص من القيمة!!

صحبة الكتب أهم – أحياناً – من صحبة الأصدقاء.. وإذا كانا (الكتاب والصديق) صالِحَين فهما من مواهب الزمن ونعم الله.

صالحُ الإخوانِ يبغيكَ المُنى******ورشيدُ الكُتبِ يبغيكَ الصوابا

ويقول آخر:

أو من صديقٍ إن خلوتُ كتابي******ألهو به إنْ خانني أصحابي!

فإذا قيل لك: خيرٌ لكَ أن تزخر مكتبتُك بالكتب من أن تمتلئ محفظُتك بالنقود.. ماذا يكون ردّك أو تعليقك؟!

لعلّ البعض يتندّر ساخراً: المجدُ في (الكيس) لا في (الكراريس)!!

فأين المحفظة الملأى من كتبٍ مملّة؟!

هذا أمرٌ مؤسف..

الكتب هي ثروة أيضاً.. ولذلك قيل: "اجعل ما في كُتُبك رأس مال"!!►

 

ارسال التعليق

Top