العنوان الخامس: «شهر التمحيص»، وهو تخليص الشيئ مما فيه من عيب، ومنه قوله تعالى: (وَليُمَحِّص ما في قُلوبكُم) (آل عمران: 154). وربما أُريد منه التطهّر والتزكية، وربما أُريد منه الإبتلاء والاختبار، وقد يكون الثاني مقدمة للأول... وفي ضوء هذا يكون الشهر المبارك مدخلاً للنفاذ إلى داخل الإنسان ليقتلع جذور الفساد فيه، ليحصل على خَلاَصِه الروحيّ من كلّ ذلك، أو يكون حركةٌ في الفكر والمراقبة والمحاسبة، في ما يحرّكه الإنسان من كلِّ النوازع الذاتيّة التي قد تطوف به في أجواء متنوعةٍ مما يُرهِق روحه أو يُثقل قلبه أو ينحرف به في سبل الضلال، ليعود الإنسان خفيفاً من تلك الأثقال، متحرّراً من كلِّ الأغلال، متوازناً في الخطّ المستقيم... وذلك في تلاوة كتاب الله الذي يجد فيه كلِّ مفردات الحقّ والخير، وفي الانفتاح على الدعاء الذي يَصِلُه بالله من اقرب الطرق، وفي صلاته التي تعرج فيها روحُه إلى الله في رحلة الإيمان.
وهكذا يوحي هذا العنوان للشهر المبارك بأنَّ الله لا يريد للإنسان أن يعيش الغفلة عن نفسه، فيترك للنوازع الخبيثة أن تسيطر عليها، بل لا بدّ له أن يلاحقها بالمحاسبة والمجاهدة، بكلِّ الوسائل الممكنة التي تصل بالإنسان إلى إخراج كلّ المشاعر والأفكار الخبيثة منها.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق