• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

صوتك يدل عليك

أمير تاج الدين

صوتك يدل عليك

◄يشعر كلّ إنسان بالسعادة لدى إيصاله المعلومات إلى الآخرين بطريقة رشيقة وجميلة، وهو جانب من الثقة بالنفس التي تعزز بشكل جوهري كيان الشخصية وتكسبه الاحترام والتقدير عند الآخرين.

يبدو الإنسان، الواثق من نفسه، سعيداً وقادراً على التأثير في الآخرين، ويتميز بأنّه يتمتع بالهدوء، وغير مضطرب أو منفعل بأي صورة من الصور.

ويشعر المعتد بنفسه بأنّ لديه مهارات، وأنّه قادر على الفوز باستمرار لأنّه يملك الكفاءة العالية. قد يتساءل الإنسان أحياناً عن الأسباب التي تجعله غير قادر على التأثير في الآخرين بالطريقة التي يتمناها والتي يرغب في أن تكون.

كلّ ما عليك فعله هو أن تسأل نفسك أو صديقاً مخلصاً سؤالاً واحداً وهو: هل أبدو في خطاب الآخرين على ما يرام؟

والحقيقة أنّنا نبذل قصارى جهدنا كي يبدو مظهرنا جميلاً وجسمنا متناسقاً وملامحنا جذابة، ولكن هل فكرنا ولو لمرة أن نهذّب كلامنا ونرى كيف تخرج تلك الكلمات من أفواهنا؟

دعونا نراقب كيف يكون وقع الكلمات الفارغة والتي يصدر عنها الحكمة على الشخص المستمع أمامنا. وقد يكون لشكل الإنسان والثياب التي يرتديها أهمية باعتبارهما الإطار الذي يبيّن أنّ الإنسان أنيق ويعتني بمظهره الخارجي. ولكن التحدث بإرباك وبطريقة ممجوجة أو لفظ غير محبب يؤدي إلى هدم كلّ ذلك الشكل الجميل والثياب الأنيقة.

ونظراً لأنّ الكلمات والصوت الذي يصدر عنا، يترجمان واقع شخصيتنا، ولذلك ليس عجباً أنّ الكثيرين يجهدون في تحسين ألفاظهم وتلميع لغتهم سعياً وراء الحكمة في الكلام واللغة السليمة لبناء شخصية متوازنة في المظهر وحسن اللغة.

ويذكر أنّ عالم صوتيات كان يعمل جاهداً لتحسين أداء البارونة مارجريت تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية السابقة أثناء أحاديثها الرسمية الكثيرة التي كانت تدلى بها، حتى أنّ بعض أحاديثها استخدم كمرجع جوهري لصدق وصحة النطق باللغة الإنجليزية. تعلمت تاتشر، على يد مدرب الصوتيات، أسلوب ترقيق الصوت عندما يبلغ درجة من الحدة والقوّة وجعل الصوت الخارج من حبالها الصوتية أكثر عمقاً.

وتوضح معالجة الكلام الخبيرة في فن الحديث ديبورا أوليفي ما لم نتدرب على استخدام الألفاظ، كما يفعل نجوم السينما، فإنّنا لن ندرك تأثير أصواتاً على الآخرين الذين يستمعون إلينا. ولا شكّ أنّنا نعلم كم هو مزعج صوت ذلك الشخص الذي يتحدث بطبقة صوتية عالية أو يهمس همساً أو ينطلق بسرعة فائقة نعجز أمامها عن اللحاق به فلا نفهم ما يقول. وتنصح ديبورا قائلة استخدمي لسانك وأسنانك وشفتيك لإخراج كلّ كلمة مباشرة. فالتحدث بسرعة كبيرة أو ببطء شديد يجعل الشخص أو الأشخاص الذين يصغون إليك غير مبالين أو قد يشعرون بضيق لأنّهم يملون أو لا ينتبهون إلى ما تقولينه.

رسخي مستوى يمكنك أن تجعلي الآخرين يصغون إليك باهتمام، ولكن بطريقة لا تسبب الضيق لحبالك الصوتية.

قد تصابين بصدمة كبيرة عندما تسمعين صوتك المسجل على الشريط لأوّل مرة. وهناك كثيرون يشعرون بالفزع عندما يصغون لأصواتهم لأوّل مرة على آلة التسجيل لأنّ أصواتهم ستبدو مختلفة بشكل كبير عن تلك التي يستمعون إليها مباشرة بآذانهم. والسبب أنّنا نستمع إلى أصواتنا تتأثر بعظام الفك في حين أنّ المتلقين يسمعونها مباشرة من أفواهنا.

 

رغبة التغيير:

تتفق خبيرة الصوتيات المحترفة مادلين كانون المديرة التنفيذية لشركة تدريب الاتصال والصوت التنفيذية، التي من بين زبائنها مديرون وسياسيون، مع هذا الرأي فتقول: "لم يسبق لي أن سمعت أي شخص يقول إنّه أعجب بصوته. فهناك أناس يأتون إلينا لأنّهم لا يحبون أصواتهم ويرغبون في أن نساعدهم بشأن السرعة وارتفاع طبقاته أثناء الحديث. وترتفع أصواتهم وتنخفض دون انتظام محدد، وتوتر أصواتهم وقد تتراوح بين الحدة والانخفاض عند نهاية كلّ جملة ويمكن أن يؤثر ذلك على ثقة الإنسان بنفسه".

وتقول كريستينا ستيوارت، وهي مدربة رئيسية في مجال مهارات التخاطب ومؤلفة كتاب "تحدث إلى نفسك": "إنّ تعديل الحبال الصوتية باللجوء إلى بعض التدريبات الصوتية لن يؤدي إلى تعزيز ثقة الشخصية، لأنّ صيغة هذا النوع من التدريب محدودة. لكن بعض التدريبات الصوتية يمكن أن تؤثر عميقاً على الآخرين ورؤيتهم لنا. وينبغي البدء بطريقة تنفس مجدية وفاعلة، إذ لا يمكن أن تكون لديك الثقة إلّا إذا تنفست تنفساً صحيحاً. فعندما نشعر بالتوتر أو بالعصبية نميل إلى أخذ أنفاس قصيرة وضحلة وهو ما يؤدي إلى إضعاف الصوت وجعله يبدو خفيفاً". وتقترح كانون ضرورة ممارسة تدريبات التنفس التالية لتعزيز التحكم بالتنفس:

ضعي يديك بداية على عظام القفص الصدري وخذي نفساً عميقاً وارفعي صوتك أثناء القيام بذلك. وينبغي أن تكوني قادرة على الوصول العدد 30 على الأقل. كما أنّ امتلاء الرئتين بالهواء يساعد على إنهاء الجمل الطويلة وتخفيف العبء عن الحنجرة. وعندما تبدئين هذا العد فليكن هدفك مضاعفة التحكم بنفسك للوصول إلى عدد أكبر في كلّ محاولة.

 

تعزيز الثقة:

عندما نصاب بالغضب أو العصبية أو الإرباك نميل إلى الإسراع في كلامنا فتصبح كلماتنا مرتبكة ومشوشة مما يجعل المصغي غير قادر على استيعابنا بوضوح.

ويُلاحظ أنّ عدم وجود مسافات بين الكلمات والجمل يعني أنّ الكثير مما نحاول نقله للمستمع يضيع. وتعتقد الخبيرة ستيوارت أنّك إذا أردت التحدث فاجعلي حديثك "ينطلق بنصف السرعة التي تعتقدين أنّها صحيحة وسيجد المصغي فرصة أفضل لفهمك. وستكون كلماتك أكثر وضوحاً وستشعري بأنّك أكثر قدرة على التحكم". ولكي تشعر بثقة أكبر وبالاسترخاء تدرب على التنفس بعمق من خلال الأنف وتلمس تمدد الحجاب الحاجز. واحبسي أنفاسك بالعد حتى الرقم خمسة وأطلقي الكلمات من فمك.

 

سر الجاذبية:

تجنب انخفاض صوتك إلى أدنى مستوى له. وواصل التحدث عندما يوشك الهواء في رئتيك على النفاد، لأنّ ذلك يحول دون شد العضلات المتخصصة في عملية التنفس ويؤدي إلى إرهاقها. ويمكن أن يصبح صوتك متهدجاً من أن يكون جذاباً.

اجعل صوتك طبيعياً وهادئاً عند الشعور بتوتر في حنجرتك، بسبب العصبية على سبيل المثال، جرِّب التثاؤب لجعل العضلات تسترخي. ارفع شفتيك إلى مسافة بعيدة عن أسنانك، وافتح فمك بأقصى ما يمكن حتى تبرز عضلات الرقبة. وابدأ الآن بالتثاؤب ولا شك سيبدو وجهك كلّه، عنقك وحنجرتك وملامح أخرى، مسترخياً وسيختفي الشد والتصلب.

كما أنّ الوضعية لها أهمية فرفع الكتفين أو الانحناء إلى الأمام يمكن أن يؤثر على الصوت، ولعل الوضعية المثالية تكمن عندما يكون العمود الفقري مستقيماً وجسمك متوازناً مع جعل القدمين بعيدتين قليلاً والركبتين مرنتين وليستا متوترتين. اجعل كتفيك مرنين وتجنب رفع ذقنك إلى الأعلى كثيراً أو المبالغة في خفضه، بل دع ذقنك مرنة ومسترخية إلى أقصى حد. يمكن تطبيق ذلك من خلال تدريبات اليوجا التي تصحح وضعية الجسم السيئة وتعيد له القدرة على التحكم الجيد بالتنفس.

 

الصوت الرخيم:

ليس هناك أسوأ من الشخص الذي يتحدث بصوت خال من أي نغمة أو إيقاع، وقد يبدو مملاً وغير أهل للإصغاء. ويمكنك التدرب من خلال قراءة كتاب بصوت مرتفع بنغمات صوتية مختلفة وسترى كم سيكون لذلك وقع عليك أنت أوّلاً.

خذ نفساً عميقاً لبدء التحدث وأفرغ صدرك أثناء مواصلة الحديث. ومن ثم استنشق الهواء بقوة ثانية بالنسبة للجملة التالية، وهلم جرا...

 

وسيلة إقناع:

تنبه كريستينا ستيوارت إلى أنّ أكثر الوسائل قيمة هي تعلم قوة التوقف الاستراتيجي حتى يكون لصوتك تأثيراً ووقعاً على المستمع. تقول ستيوارت "أضف نغمة لصوتك عن طريق خفضه واستخدم وقفات فيها تأكيد على بعض المقاطع أو الكلمات. وتعلم كيف تفكر بصمت ويمكنك أيضاً إضافة القليل من البهارات والنغمات الدرامية الحلوة على صوتك وتجنبي الإيقاعات الرتيبة في صوتك. وما عليك سوى التنويع في قوة الصوت بين مرتفع ومنخفض وهادئ. وفي حال كان لديك ملاحظة مهمة يمكنك خفض صوتك إلى المستوى الذي يمكنك من التأكيد على الفكرة وارفع صوتك عندما تريد أن ثير اهتمام الشخص أمامك".

 

حماية الصوت:

يعلم المطربون والممثلون أهمية حماية أصواتهم وحناجرهم، ولتحقيق ذلك يتبعون الخطط التالية:

-         شرب الكثير من السوائل وخاصة الماء، فعندما تصبح الحنجرة جافة تصبح أكثر اضطراباً.

-         خفِّف من شرب القهوة التي تجفف الحنجرة والحبال الصوتية. وتجنب الجفاف إذا كنت تنوي إلقاء كلمة أو خطاب لفترة طويلة.

-         تجنّب أيضاً النحنحة كثيراً، وبدلاً من ذلك خذ جرعة من الماء.

-         امنح صوتك فرصة للاسترخاء والراحة كلّ يوم.

-         لا تحاول الضغط على صوتك كي يصبح أعلى أو أقوى مما هو عليه، أو الضغط على صوتك كثيراً وأنت تعلم أنّه مرهق.

-         تجنّب توجيه عنقك في وضعية غير سليمة ويحدث ذلك خاصة عند حضن السماعة برقبتك أو وضع الهاتف بين رأسك وكتفك.►

 

المصدر: كتاب أعرف شخصيتك (الطرق التي يمكنك أن تفهم بها شخصيتك وشخصية الآخرين)

ارسال التعليق

Top