• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

طفلكم وقيمة الوقت

طفلكم وقيمة الوقت
إذا لم يتدرّب الطفل على العادات الحسنة منذ نعومة أظفاره، فإنّه سيقضي بقيّة حياته وهو يحاول التغلّب على عادات سيّئة. وقد تهتمّ غالبيّة الآباء والأُمّهات بتدريب أبنائها على آداب المائدة وعادات النظافة.. إلا أنّ قليلاً من بينها يعير أهميّة لتعليمهم كيفيّة تنظيم ساعات يومهم. اختصاصية علم النفس والتوجيه التربوي سهام عبدالرحيم زين تطلعك على أهميّة هذه الخطوة.

يؤثّر حسن إدارة الوقت في حياة الطفل على الصعد الاجتماعية والجسمية والعقلية والروحية، ويشكّل مهارة يحتاج إلى تعلّمها والتدريب عليها، فإذا تمكّن منذ صغره من استغلال وقته بفعالية، فإنّه بالتأكيد سيكون شخصيّة ناجحة بشكل عام، سواء دراسياً أو اجتماعياً.

ويستهلّ تعليمه تنظيم وقته قبل دخول المدرسة، لأنّ هذا المفهوم قد لا يدركه بسهولة، ولذا يجدر بالأسرة وخصوصاً الأُم التحلّي بالصبر في التعامل وطفلها، والتأكّد أنّه عندما يطلع على كيفيّة إدارة وقته في سنّ مبكرة، فإنّه سيتمتّع بمهارة يمكنه استعمالها مدى الحياة.

وحين يساعده الأهل في تنظيم وقته، ويعوّدونه على وضع أولويات وتحمّل مسؤولية إنجاز المهمّات، سواء الخاصّة بدراسته أو المتعلّقة داخل المنزل، شرط أن تراعي قدراته وسنّه، تتعزّز ثقته بنفسه وتزيد خبرته.

في ما يلي بعض الإرشادات التي يمكن عبرها تعليمه قيمة الوقت:

1-    أحظري له ساعة:

لتوضحي قيمة الوقت، يمكنك إحضار ساعة له، وإيداعه يفكّر في المدّة التي تستغرقها النشاطات التي يقوم بها. وتبرز، في هذا الإطار، أهميّة تحديد روتين خاص به، لا يتغيّر إلا للضرورة. فيجب أن يكون هناك مواعيد لنومه وطعامه ولعبه... مثلاً: إذا كان موعد نومه في الثامنة مساءً، ويريد أن تحكي له قصّة قبلها، فاطلبي منه أن يستعدّ للنوم في موعد مبكر عن المعتاد، حتى تتمكّني من القراءة له.

2-    لا للتأجيل!

"لا تؤجّل عمل اليوم إلى الغد"، مقولة يجب أن تتّخذها الأسرة شعاراً لها في الحياة، ويجب على الوالدين تعليم طفلهما ألا يقوم بتأجيل أي مهام خاصّة بالدراسة أو الأنشطة، مع غرس أهميّة وضرورة الالتزام بالمواعيد التي سينجز فيها مهامه فيه.

3-    الوقت يمرّ بسرعة:

يجب أن يدرك الطفل أنّه عندما يبدأ مبكراً في أي عمل يجب عليه إنجازه بهمّة ونشاط، وليعلم أن ذلك سيخفّف من حدّة الضغوط عليه نتيجة تراكم المهام التي يُنتظر منه إنجازها، فالمقولة الشهيرة "إنّ الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك" لم تأتِ من فراغ.

4-    دعي حرِّية الاختيار له:

لا تلزمي طفلك بإنهاء فروضه المنزليّة حين عودته من المدرسة، بل اتركي له متنفّساً من حرية الاختيار ولو قليلاً. فمثلاً: قدّمي الطعام له، واجعليه يأخذ قسطاً من الراحة، ولكن احرصي على أن يفرغ منها قبل الليل.

5-    أنشطة مختلفة:

احرصي على أن تدفعي طفلك إلى الاشتراك في أنشطة ترفيهيّة أو رياضيّة، فالالتزام بمواعيد التدريبات يعزّز من شعوره بالوقت، ويجعله أكثر احتراماً للمواعيد. ويجدر بك مراقبته، في أثناء ممارسة تلك الأنشطة خلال السنة الدراسية، وما إذا كانت تؤثر بشكل إيجابي أم سلبي عليه، وكذلك إذا تغيّر أسلوبه الاجتماعي بشكل جيِّد أم عكسي، فإن لاحظتِ تأثّره سلباً فالأولى عدم ممارسته لأي أنشطة لحين انتهاء السنة الدراسية.

6-    لا تقسي عليه!

لا تتوقّعي من طفلك ما يفوق طاقته، فقد تخطئين حينما تتوقّعين تميّزه بشكل كبير، بل وتنتظرين منه تحقيق مكاسب وبطولات فائقة، فلا تلزميه بأي عمل وفقاً لمواعيد محدّدة لا يحيد عنها، بل شجّعيه حتى ينصب تركيزه على النشاط أو العمل الموكل إليه، بدون أن يشعر بقيود تلاحقه.

7-    دعيه يستمتع بوقته:

إذا كان الطفل في بداية سنّ الدراسة، فإنّ التعلّم والعمل الجاد يحتلان معظم أوقاته، وممّا لا شك فيه أنّه يحتاج إلى وقت للراحة لكي يكتشف الحياة من حوله، في عطلة نهاية الأسبوع. ولذا، استغلّي الإجازات، وخطّطي لرحلة إلى الشاطئ، أو لمدينة الملاهي... أي خذيه إلى مكان ينطلق فيه ويلعب بحرّية ويقفز ويضحك.

 

خطّة التدريب:

هل تشعرين بأنكِ تأخّرتِ في بدء تدريبه؟

اعلمي أنّه لا يفوت الأوان أبداً على تعليم ابنك كيف ينظّم لائحة الأعمال المطلوبة منه، وفقاً لأولويات محدّدة على مدار أيام الأسبوع.

وفي ما يلي خطة مجرّبة لتعليم الطفل أهميّة إدارة الوقت:

·      ساعدي طفلك على إعطاء الأولوية للأشياء الهامّة، عن طريق التمييز بين ما هو مهم وما هو عاجل، فالعاجل يعني أنّه يحتاج إلى اهتمام فوري، والمهم يعني أنّه يمكن تأجيله لما بعد العاجل. مثلاً: الانتهاء من ارتداء ملابس المدرسة أمر عاجل، والمراجعة النهائية للدروس أمر مهم، ولكن يمكن تأجيله لحين الانتهاء من ارتداء الملابس.

·      أعدّي مع طفلك لائحة يوميّة، تتضمّن الأنشطة التي يجب أن يقوم بها، ثمّ رتّبيها حسب أولوية إنجازها. مثلاً: بعد العودة من المدرسة، أخذ قيلولة لساعتين فالانتهاء من الفروض المدرسية فمشاهدة برنامج على التلفاز وترتيب الأغراض الخاصّة بالمدرسة لليوم التالي.

·      اطلبي من طفلك الموازنة بين بعض الأمور لتعزيز قدرته على اتّخاذ قرارات تتعلّق بوقته، فإذا أراد أن يزور أحد أصدقائه، وكان عليه في الوقت عينه أن يقوم بترتيب غرفته، قولي له: "إذا قمت بترتيب غرفتك، ستكون قادراً على البقاء في منزل صديقك حتى موعد العشاء". أما إذا اختار زيارة صديقه أوّلاً، فعليه أن يكون في البيت قبل العشاء بساعة للانتهاء من ترتيب غرفته.

·      اطلبي منه أن يكتب في كلِّ مساء لائحة تحضيريّة بالأعمال التي يجب أن يقوم بها في اليوم التالي، وأن يراعي الأولويات في اختيار أفضل 5 أو 6 أعمال تقع في أعلى سلّم الأولويات.

·      ساعدي طفلك على أن يحدّد الأشياء غير القابلة للانتظار، ثمّ ناقشيه كيف سيؤثّر ذلك على بقيّة وقته في ذلك اليوم استناداً إلى خياراته، وسوف يتعلّم بذا مقدار الوقت الذي يحتاج أن يخصّصه لأداء مسؤوليّة معيّنة، وبمرور الوقت سوف يتحسّن أداؤه.

·      لا تنسي أن تستوعبي بنفسك بعض هذه الدروس، واعملي على تصميم بعض اللوائح الخاصّة بأعمالك، فعلّ طفلك يتعلّم أن يقلّدك فيقوم بالشيء نفسه، ويستفيد منك كقدوة حسنة.

 

* فاطمة عمر

ارسال التعليق

Top