• ١٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

قيمة المرأة في الرؤية القرآنية

عمار كاظم

قيمة المرأة في الرؤية القرآنية

انطلق الاسلام في التعامل مع الإنسان كنوع، لذا تعامل مع هذا النوع على أساس إنسانيته، فخاطبه إنساناً يحمل الغريزة والعقل والشعور الوجداني والإحساس الأخلاقي.. تعامل معه كإنسان من غير أن يفرِّق بين الجنسين: الذكر والأُنثى في الانتماء إلى هذا النوع.. جاء هذا الأساس واضحاً في بيانه القرآني الكريم: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا) (الإسراء/70). (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (النساء/ 1). (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الرُّوم/ 21). (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة / 228). (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (النساء/ 19). (وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا) (الأحقاف/ 15). إنّ قراءة هذه النصوص النـيِّرة، واستجلاء ما حوت من قِيَم إنسانية فريدة تكشف لنا عن قيمة المرأة وموقعها في الرؤية القرآنية للإنسان، ونجد في نصوص السنّة والسيرة النبويّة المطهّرة، المعبِّرتين بدورهما عن روح القرآن.. نجد ما يوسع دوائر الضوء والبيان حول هذه المفاهيم.

إنّ القرآن يؤسِّس مفاهيم وقيماً ورؤىً علمية وأخلاقية ثابتة في الحياة البشرية، توضِّح إنسانية الانسان وقيمتها في الجنسين الذكر والاُنثى. إنّ القرآن يقرِّر أنّ الناس ـ رجالاً ونساءً ـ خُلِقوا من نفس واحدة هي النفس الإنسانية الحاملة لكلّ خصائص النوع، وأنّ خالق الإنسانية قد كرَّم هذا النوع، وأبى أن يُهان إلّا مَن أهان نفسه، فهو المسؤول عن المهانة تلك. ويقرِّر القرآن مبدأً نفسياً في العلاقة بين الزوجين، فيوضِّح أنّها علاقة قائمة على المودّة والرحمة والمعاشرة بالمعروف والإحسان. وتقرِّر مبادئ القرآن، التكافؤ والمماثلة في حقّ المعاملة بالحُسنى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة/ 228). وفي هذه النصوص، نجد حقّ المرأة وكرامتها محفـوظة موقّرة، سواء أكانت أُمّاً، أو زوجة، أو أُختاً، أو ذات رحم.. وإذا  كان هذا منهج القرآن في التعامل مع الزوجة، فإنّه قرنَ احترام الأُم وحبّها والبرّ بها، والإحسان إليها بطاعة الله، ونهى عن أن يُقال لها إلّا القول الكريم، وأن تُعامل إلّا بالمعروف والإحسان، ولا يصدر من الأبناء حتى كلمة الأُف. والمرأة في المجتمع كشقيقها الرجل في العلاقة والمسؤولية الاجتماعية والرابطة العقيدية. فهي العنصر المكافئ له في بناء الحياة وإصلاحها، جاء ذلك في قوله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) (التوبة/ 71).

وفي دراستنا لحياة المرأة والأُسرة الأُسوة والقـدوة.. خديجـة زوجة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، تتضح كلّ تلك المعاني والقيم بشكل عملي مُجسّد، فدراسة حياة خديجة والأُسرة النبويّة الكريمة، هي دراسة تطبيقية للقيم والمبادئ الإسلامية التي دعا إليها القرآن الكريم، وبيّنها وطبّقها الرسول محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) في بناء الأُسرة والتعامل مع المرأة.

وكم عبّر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله وفعله عن قيمة المرأة في حياة الرجل وفي حياة المجتمع، أمثال قوله: «النساءُ شقائقُ الرجال»، و«من أخلاق الأنبياء حبّ النساء»، و«ألا خيركم، خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي».

وهكذا، تُعرَف قيمة المرأة في الاسلام، وموقعها في المجتمع، وحقّها في بناء الحياة والمشاركة فيها.

ارسال التعليق

Top