عندما كنت في الثانية عشرة من العمر كان لي صديق من جيراننا، وعندما بدأنا نكبر ونتعرف لبعضنا اكتشفت انّه يتمتع بشكل كبير بصفة الأنانية، ففي الشتاء وعندما يكون بحاجة للدراسة يتصل بي ويأتي إلى منزلي، وعندما تنتهي المدرسة لا أراه إلاّ القليل.. المهم وعندما أصبحنا في الجامعة بقيت علاقتنا جيِّدة رغم وجود بعض المشاكل، والآن بعد سنتين من دخول الجامعة تعلّقت به كثيراً لدرجة أنّني أقضي معه أربع عشرة ساعة في اليوم، وممّا زاد تعلقي به صديقته وهي فتاة أجنبية فائقة الجمال، لكن المشكلة هي إنني أحبه من كل قلبي بدون وجود مصلحة لي عنده أو أي شيء آخر، مجرد حب أخوي، وهو لا يقدِّر هذا الشيء وأنا كثير الحزن لهذا السبب، لذلك ما هو الحل للتخلص منه دون التأثير عليَّ، مع العلم إنني إذا لم أره يوماً ما يصيبني الهلع. أرجوكم ساعدوني للتخلص من المشكلة. الأخ العزيز السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية طيبة وبعد.. من قوانين الحياة أنّ "كلّ ما زاد عن حدّه انقلب إلى ضدّه" والعلاقة مع الأقرباء والأصدقاء ليست بخارجة عن هذا القانون. وفي الأثر الشريف عن الإمام علي (ع): "احبب حبيبك هوناً عسى أن يكون بغيضك يوماً ما وابغض بغيضك هوناً عسى أن يكون حبيبك يوماً ما"، لذا فإنّ علاقتك بهذا الشكل الذي ذكرته مع صديقك غير طبيعية، وقد تسبب لك مشاكل مستقبلاً، وذلك من عدة جهات، منها: الأولى: إنّ العلاقة مهما قويت فإنّها يجب أن تكون ضمن حدود الإحترام والتحفظ بين الطرفين، وقد قيل "شدة القرب حجاب"، فإنّ العلاقات الحميمة بهذا الشكل سرعان ما تواجه مشاكل وسوء تفاهم يؤدي إلى قطع العلاقة، أو اضطرابها، لذا فإنّ تعديل العلاقة إلى مستوى طبيعي، هو أفضل لدوام العلاقة بين أي طرفين، حتى العلاقة بين الزوج وزوجته، والوالد وولده، تشملها هذه القاعدة أيضاً، فلا يسقط فيها الإحترام ولا تتعدى الحدود، ولا يبالغ فيها، حفظاً واستدامة لها. الثاني: إنّ فقد الأحبة في الدنيا أمر واقع، لموت أو سفر، أو حدث طارئ، أو لطلاق أو فراق، فلا يجب أن يكون الإرتباط مبالغاً فيه والعلاقة شديدة لدرجة لا يحتمل فيها الفراق، وعند حدوث ذلك فإنّ هؤلاء الأشخاص سيتعرضون لأزمة روحية ونفسية، بل وجسدية لا تزول آثارها بسهولة. الثالث: إنّ من كمال شخصية الإنسان أن يكون مستقلاً في حياته، وهكذا بنيت تعاليم الدين على مسؤولية الإنسان عن نفسه، وكذا جاءت القوانين، وعلى ذلك أكدت المناهج التربوية، والشكل الذي ذكرته من الإرتباط يفقد الإنسان إستقلاليته ويجعله ضعيف الإرادة تابعاً لغيره. بقي أمر، وهو أنّ الإنسان إجتماعي بالطبع، ولابدّ من أصدقاء، والطريق المناسب لك أن توسع دائرة أصدقائك تدريجياً حتى تتوزع أوقاتك وتتناثر علاقاتك واهتماماتك من جهة، وفي نفس الوقت تعمل على تقوية روح الإستقلالية عندك بأن تعمل على قضاء أوقاتك وأعمالك منفرداً، وتقوم بسفرات و(طلعات) لوحدك، فأنت لم تعد صغيراً ورشدك يتطلب أن تقود حياتك بنفسك، فابدأ بذلك تدريجياً وستجد نفسك بعد فترة وجيزة مستقلاً بذاتك منيعاً بشخصيتك. أخيراً، فإنّ ما ذكرته من قصة صديقة صديقك الجميلة يؤشر على أنّك بت بحاجة إلى الزواج، أو السير في طريقه وتهيئة مقدماته، وأمامك فرص كثيرة، فلا تضيع وقتك مع الآخرين، ممّا لا محصّل فيه، بل فكِّر بنفسك وبمستقبلك واختر لنفسك ما يناسبك. وفقكم الله لكل خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق