يعدّ الفشل الكلوي من بين أكثر أمراض الكلى شيوعاً في العالم، ويعرّف الباحثون في كليّة الطب بجامعة "هارفارد" الأميركية الفشل الكلوي بأنّه تدهور في قدرة إحدى الكليتين على ترشيح الشوائب من الدم. ويمرّ الفشل الكلوي بمراحل عدة، هي:
1- الفشل الكلوي الحاد: فقد مفاجئ لوظائف الكلى، يصيب حوالي 3 أشخاص من بين كل 10 آلاف شخص في أميركا، سنوياً. ويمكن أن يهدّد الحياة نتيجة تراكم السوائل والنفايات في الجسم، ما يتبعها من اختلال في توازن العمليات الكيميائية في الجسم، وتجدر الإشارة إلى أن غالبية المصابين بالفشل الكلوي الحاد يتماثلون للشفاء بمجرد اكتشاف السبب المرضي وعلاجه، علماً أن زمن الإصابة بالفشل الكلوي الحاد قد لا يتجاوز أياماً قليلة من تاريخ الإصابة به.
2- الفشل الكلوي المزمن:فقد متزايد ومتدرّج لوظائف الكلى، وينتج عن إهمال العلاج. ووفقاً للتقارير الطبية، يمكن أن يؤدي الفشل الكلوي المزمن إلى فشل كلوي في مرحلته النهائية، ما يتطلب في معظم الحالات القيام بغسيل كلوي أو جراحة لزرع كلى جديدة.
3- الفشل الكلوي في مرحلته النهائية: يحدث عند هبوط وظائف الكلى إلى أقل من 10% من المستوى الطبيعي، بحيث لا تعد قادرة على أداء مهامها الضرورية للتخلص من النفايات والماء الزائد من الجسم. وتبين تقارير طبية أن مرضى السكري يمثّلون غالبية المصابين بالفشل الكلوي في مرحلته النهائية. وقد يخضع المصابون في هذه المرحلة إلى الغسيل البريتوني، أو زراعة كلية جديدة حسب تقدّم الحالة. ويحذّر الخبراء من إهمال العلاج في هذه المرحلة، حيث قد يؤدي التراكم المتزايد للسموم والأملاح إلى الوفاة بسبب اضطراب ضربات القلب.
- أسباب شائعة مسؤولة عن الفشل الكلوي:
* الإصابة بالسكري: يعتبر السبب الرئيس في الإصابة بالفشل الكلوي بنسبة تصل إلى 45% من الحالات المصابة. وقد يستغرق تأثير ارتفاع السكر في الدم على الكلى سنوات عدة حتى تفقد الكلى قدرتها التامة على ترشيح النفايات من الدم والتخلص منها عبر البول، ما يحدث تراكماً للسموم في الدم وظهور أعراض الفشل الكلوي على المريض.
* ضغط الدم المرتفع: يعتبر ارتفاع ضغط الدم المرتفع من بين الأسباب الشائعة للفشل الكلوي، بعد الإصابة بالسكري، وذلك بنسبة تصل إلى 33% من الحالات المصابة به، ويعزو السبب إلى تأثير ارتفاع ضغط الدم على الشرايين الصغيرة الموجودة في الكلى، ما يصيبها بالتصلّب مؤدّياً للإصابة بالفشل الكلوي.
* الالتهاب الكلوي الكبيبي: يتسبّب الالتهاب الكلوي الكبيبي في الإصابة بالفشل الكلوي المزمن الناتج عن عدم قيام المرشحات بوظائفها بكفاءة، وهذه الأخيرة حزم دقيقة من الشعيرات الدموية تقوم بترشيح الدم في الكليتين عن طريق إزالة السموم الزائدة مع النفايات من الدم، ما يؤدي إلى تراكم السوائل في جميع أجزاء الجسم ، بما فيها الوجه والساقان واليدان، والمعروف طبياً بـ"الأديما" أو "الاستسقاء".
* التكيّس الكلوي المتعدد: اضطراب وراثي تنتج عنه تجمّعات أو عناقيد من أكياس غير سرطانية ممتلئة بسائل في نسيج الكليتين، ما يتسبّب في تضخّم الكليتين وإعاقة وظائفه. وتبين التقارير الطبية الصادرة عن جامعة "هارفارد" الأميركية أن مرض التكيّس الكلوي المتعدد قد يصيب حوالي نصف مليون ممّن يتجاوزون سن الثلاثين في الولايات المتحدة الأميركية. وتكشف دراسات سريريّة عن وجود نوع نادر من هذا المرض يصيب الأطفال، وعادة ما يظهر في سن الرضاعة. والجدير بالذكر أنّ العديد من الأطفال المصابين بهذا المرض، تتطور حالتهم حتى يصابوا بالفشل الكلوي المزمن.
- أعراض شائعة:
بصورة عامة، لا يشعر المريض بأية أعراض في خلال المراحل الأولى لنقص وظائف الكلى، وقد لا تبدو هذه الأخيرة سوى في المراحل المتقدمة من الفشل الكلوي، وأبرزها:
· ارتفاع نسبة البروتين (الزلال) في البول.
· قلة التبول، حتى لو زاد عدد مرّات التبول.
· فقد الشهية.
· تورّم الساقين، مع تراكم السوائل فيهما.
· تغييرات ذهنية، مثل الإعياء والهياج والارتباك وتقلبات المزاج.
· الغثيان والقيء.
· نقص في الوزن.
· شحوب في الوجه.
ويشمل التشخيص إخضاع المريض للفحوص التالية:
· فحوص لوظائف الكلى (النتيروجين واليوريا والكرياتينين) والتي تكشف عن كيفية عمل الكلى. وتشير دراسات سريرية إلى أنّ المستويات المرتفعة من "الكرياتينين" في الدم تعدّ مؤشراً خطيراً على تناقص وظائف الكلى، علماً بأنّ الرجال لديهم مستويات أعلى من "الكرياتينين" لأنهم أكثر قوة في العضلات والهيكل العظمي من النساء.
· اختيارات الدم لقياس مستويات المعادن والأملاح، مثل الصوديوم والبوتاسيوم والكلوريد والبيكربونات والكالسيوم والماغنسيوم والفسفور.
· إحصاء كامل لعدد خلايا الدم للكشف عن "الأنيميا"، إذ يؤكد الأطباء على أهمية هذا التحليل، لأنّه في حالات الفشل الكلوي تنخفض قدرة الجسم على إنتاج خلايا الدم الحمراء، ما يتسبّب في الإصابة بفقر الدم.
· جمع البول على مدى 24 ساعة للكشف عن الكرياتينين والبروتين، بصفة دورية.
· أخذ عيّنة من الكلى لفحصها.
· إجراء فحص بالموجات فوق الصوتية للكليتين والبطن.
· إجراء تصوير للبطن باستخدام أشعة إكس، أو الأشعة المقطعية، أو بالرنين المغناطيسي.
- خيارات العلاج:
ثمّة عدد من الوصايا العلاجية والغذائية في حال الإصابة بالفشل الكلوي الحاد، أبرزها:
· تحديد الكميات المتناولة يومياً من البروتين والمتمثّل في اللحوم الحمراء والأسماك والدجاج والبقول والمكسّرات، وذلك لمنع الكلى من الاضطرار إلى التعامل معه، وبالتالي الحدّ من تراكم السوائل والفضلات الزائدة الناتج عن القصور الكلوي. وفي هذا الإطار، تشير تقارير طبية إلى أنّ المرض المصابين بقصور في الكلى والذين يفرطون في تناول البروتين يزداد لديهم مستوى "اليوريا" في الدم، ما يسبّب لهم الشعور بالخمول والغثيان والصداع والإعياء الدائم.
· الحد من تناول الأطعمة المحتوية على نسبة مرتفعة من ملح الصوديوم، كاللحوم المعلّبة والوجبات السريعة والأطعمة المحفوظة والمخللات، وذلك لتسبّب الصوديوم في زيادة سوائل الجسم وارتفاع ضغط الدم ما يمثّل خطورة على المرضى المصابين بقصور الكلى.
· استشارة الطبيب في شأن الكمية المتناولة من الماء يومياً، وخاصة المصابين بتورّم في أماكن مختلفة في الجسم.
· ينصح الأطباء المصابين بقصور في وظائف الكلى بالحد من تناول الأطعمة المحتوية على البوتاسيوم، كالفاكهة وبخاصة الموز. ويعزو الباحثون الأمر إلى ارتباط المستويات المرتفعة أو المنخفضة من البوتاسيوم باضطراب في ضربات القلب ما يمثّل خطورة على حياة مرضى الفشل الكلوي، بالإضافة إلى عدم قدرة الكلى على التخلّص من البوتاسيوم الزائد.
· يجدر الحد من تناول الأطعمة المحتوية على الفوسفات، كمنتجات الألبان والفول السوداني واللحوم بأنواعها والبقول الجافة ونخالة الحبوب، ويعزو الباحثون ذلك إلى أن قصور الكلى يتسبّب في ارتفاع مستويات الفوسفات في الدم، ما يسبّب حكة وألماً في العظام.
· تؤدي الإصابة بالفشل الكلوي إلى انخفاض إنتاج الكلى لبعض الهرمونات المؤثرة على ضغط الدم وسلامة العظام، ما يتسبّب في ارتفاع ضغط الدم ولين العظام. وفي هذا الخصوص، ينصح باستشارة الطبيب في تناول جرعات محددة من الفيتامين "دي" والكالسيوم لمنع لين العظام والسيطرة على مستويات الفوسفات في الدم.
· تجنّب تناول أية أدوية بدون استشارة الطبيب، نظراً إلى أن بعض الأدوية يمكن أن يتراكم بسهولة لدى مرض الفشل الكلوي إلى مستويات عالية من السموم في الدم بسبب انخفاض وظائف الكلى.
· الانتظام في ممارسة الرياضة لمساعدة الجسم على التخلّص من السوائل والأملاح والنفايات الزائدة.
أما في حال القصور الكلوي المزمن، فغالباً ما يتمثّل العلاج في الغسيل البريتوني أو الدموي حسب تقدّم المرض، وقد يلجأ الطبيب إلى الجراحة لزرع كلية جديدة.
ارسال التعليق