• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

من وحي القرآن الكريم

الشيخ محمد علي الحاج العاملي

من وحي القرآن الكريم

القرآن هو الدستور الإلهيّ الذي وضعه الله تعالى للناس، كي يسيروا على هديه، ويعملوا بوحي تعاليمه وإرشاداته، وقد قال تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) (الإسراء/ 9).

وهذا الكتاب العزيز هو المعجزة الخالدة للنبيّ الأكرم محمّد (ص)؛ بل هو دليل نبوّته، وهو بالتالي كلام الله الذي وصلنا عبر النبيّ (ص)، و(الفرق كبير بين كلام نبيّنا (ص) وكلام الله عزّ وجلّ. ولذا تجد فرقاً واضحاً بينهما في سياق الكلام وطريقته، وأسلوبه...). وقد تطرّق القرآن الكريم للحديث حول الكثير من الأمور الغيبيّة، مضافاً لبعض الأمور العلمية، التي يكتشفها العلم شيئاً فشيئاً مع مرور الزمن، ومع تطوّر الوسائل المختلفة.

والقرآن هو النبع الأساسي للتعاليم الإلهيّة، وهو الكتاب الإلهيّ الوحيد الذي لم يُحرّف، ومنه تُستنبط الأحكام الشرعية، والقواعد العامّة للحياة، وهو صالح لكلّ زمان ومكان، وقد ورد عن الإمام الباقر (ع): "إنّ القرآن يجري مجرى الليل والنهار والشمس والقمر".

وانفرد القرآن العزيز عن باقي الكتب السماوية بأنّه تحدّى البشرية، بل وحتى الجنّ، بالإتيان بمثله، وذلك بقوله تعالى: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) (الإسراء/ 88)، وفي مورد آخر قال تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (يونس/ 38). وهذا يدلّ على عظمة القرآن، وعلى أنّه كلام الله تعالى؛ ولذا لم يستطع أحد أن يقبل التحدّي.

 

رمضان شهر القرآن الكريم:

قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) (البقرة/ 185).

يمثّل شهر رمضان شهرَ القرآن الكريم بكلّ ما للكلمة من معنى، حيث أن نزول الكتاب العزيز كان في هذا الشهر، وبالتحديد في ليلة القدر؛ كما ورد ذلك في الآية الكريمة: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (القدر/ 1).

ومنا هنا نشأ تركيز المسلمين على القرآن في شهر رمضان، ولهذا أيضاً يُطلق على شهر رمضان "شهر القرآن"، وبهذا الصدد ورد عن الإمام محمّد الباقر (ع): "لكلّ شيء ربيع، وربيع القرآن في شهر رمضان".

كما أنّ الرسول الأكرم (ص) قال في خُطبته في استقبال شهر رمضان المبارك: "ومن تلا فيه آية من القرآن، كان له مثلُ من ختم القرآن في غيره من الشهور". فالأجر مضاعف في هذا الشهر، ومِن كرم أكرم الأكرمين علينا جعلُ تلاوة الآية بمثابة ختم القرآن!.

 

الحثّ على الاهتمام بالقرآن:

ركّزت الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة على دراسة وتدبّر القرآن الكريم، انطلاقاً من أهميّة أن يبقى القرآن معنا في كلّ محطات حياتنا، وفي كلّ المراحل والحقبات، فيكون كما يقول الإمام الباقر (ع). في الحديث الآنف الذكر: "إنّ القرآن يجري مجرى الليل والنهار، والشمس والقمر".

وقد قال الله تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمّد/ 24). وفي آية أخرى يقول سبحانه وتعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأعراف/ 204). إلى غير ذلك من الآيات الكريمة التي تحثّ على تدبّر القرآن وقراءته...

وفي مورد تبيين ميزات دراسة القرآن الكريم يقول الرسول (ص): "إذا أردتم عيشَ السعداء، وموت الشهداء، والنجاة من الحسرة، والظلَّ يوم الحرور؛ فادرسوا القرآن، فإنّه كلام الرحمن وحِرز من الشيطان، ورجحان في الميزان". وهكذا يتابع الرسول (ص) حثّه على التفاعل مع القرآن، فيقول (ص): "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلّا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة". وقال (ص) أيضاً: "خيرُكم مَن تعلّم القرآنَ وعلّمه".

وأما في مجال إظهار فضل قراءة القرآن واستماعه، فقد قال (ص): "يُدفع عن قارئ القرآن بلاء الدنيا، وعن مستمع القرآن بلاء الآخرة". وعن أجر حافظ القرآن، يقول (ص): "الحافظ للقرآن العامل به مع السَّفَرة الكرام البرَرة".

وجاء في رواية عن النبيّ الأكرم (ص): "يُقال لصاحب القرآن إقرأُ وارقَ، ورتْلْ كما كنت تُرتّل في در الدنيا". وورد عنه (ص) أيضاً: "إنّ الذي ليس في جَوفه شيء من القرآن كالبيت الخراب".

 

المصدر: كتاب مفاهيم رمضانية

تعليقات

  • وديع القرشي

    كم ختم سيدنا محمد القران في شهر الخير شهر رمضان ؟

ارسال التعليق

Top