يعاني الملايين في العالم خاصة في فصلي الربيع والصيف أعراض الحساسية، مثل: العطس، آلام الحنجرة، سيلان الأنف، والحكة والجفاف في العين. هل هناك وسائل طبيعية للتخفيف من هذه الأعراض؟
حمى الطلع، التي تسمى أيضاً التهاب الأنف الفصلي، تصيب الفرد عندما يخطئ جهازه المناعي ويعتقد أن غبار الطلع، هو مادة سامة يجب عليه مهاجمتها، فيطلق عملية إفراز الهيستامين (مواد كيميائية في الجسم تولد ردود فعل التحسس) ليواجه ويكبح ما يعتبره خطأ غازياً ضاراً. ويؤدي ذلك إلى الالتهابات وانتفاخات وتورم في الأغشية الداخلية للأنف والحنجرة والعينين.
وتتحسس أغلبية الناس من غبار طلع العشب ابتداء من شهر مايو وحتى شهر أغسطس. أما قبل ذلك فالأرجح أن يكون سبب الحساسية غبار طلع الأشجار، ومن الممكن أن يعاني الفرد حساسية تجاه نوعي غبار الطلع المذكورين. أما في شهر الخريف، فيمكن أن يكون سبب أعراض الحساسية النباتات التي تزهر في وقت متأخر، أو العفن أو الفطريات.
ويتمثل العلاج التقليدي عادة في تناول مضادات الهيستامين القوية التي توقف الأعراض. ولكن لحسن الحظ يمكن القيام بأمور عدة تساعد على التخفيف من هذه الأعراض من دون الاضطرار إلى تناول الكثير من الأدوية التي لا تخلو من التأثيرات الجانبية السلبية.
وينصح الخبراء بتطبيق النصائح التالية:
1- اتباع النظام الغذائي المناسب:
تؤكد المتخصصة البريطانية في العلاج بالتغذية هنريتا نورتون أن هناك مجموعة من مضادات الأكسدة، أبرزها الفلافونويدات والكاروتين، إضافة إلى فيتامين C، تساعد على كبح إفراز الهيستامين في الجسم، كما تساعد على وقاية مجاري الأنف من التهيج والضرر. وأبرز الأطعمة الغنية بهذه العناصر هي: اليقطين، ثمار العليق، الإجاص، التفاح، الأناناس، الكيوي، البروكولي، الفراولة، الحمضيات، والخضراوات الورقية. وهي تنصح باعتماد نظام غذائي غني بالمنتجات النباتية، وبالحرص على تناول خضراوات وفواكه ذات ألوان متنوعة، ما يضمن الحصول على أكبر عدد من مضادات الأكسدة.
ومن المفيد أيضاً أن يكون النظام الغذائي غنياً بالكويرستين، وهو واحد من الفلافونويدات، متوافر في التفاح، البصل، ثمار العليق والشاي، فهو يكبح عملية إطلاق الهيستامين. وتنصح نورتون الذين يفتقر نظامهم الغذائي إلى المصادر الطبيعية لمضادات الأكسدة هذه، بتناول قرص مكمل منها، ويستحسن أن يحتوي على خلاصة الكركم أو خلاصة بذور العنب.
ومن الضروري أن يحتوي نظامنا الغذائي على أحماض أوميغا – 3 الدهنية الموجودة في الأسماك الدهنية، فهي تتمتع بخصائص مضادة للالتهابات، ما يساعد على تخفيف أعراض الالتهابات التي تصيب أغشية الانف والعينين لدى من يعاني الحساسية الفصلية.
ويستحسن أن نتناول حصة من هذه الأسماك، مثل السالمون، الترويت والتونة بمعدل 3 مرات في الأسبوع. أما من لا يتمكن من ذلك فيمكنه أن يتناول قرصاً مكملاً يحتوي على 100 ملغ من زيت السمك، مرة أو مرتين في اليوم.
وبما أن جزءاً كبيراً من النظام المناعي يوجد في الجهاز الهضمي، فمن الضروري الاهتمام بمسألة الهضم والسهر على صحة هذا الجهاز. ويؤكد الخبراء أن ارتفاع مستويات الجراثيم الحميدة في الجهاز الهضمي تحسن من قدرة النظام المناعي على مواجهة المواد المسببة للتحسس. ولرفع مستويات هذه الجراثيم علينا التخفيف من تناول السكر، وتناول أطعمة غنية بالبروبايوتيكس مثل بعض أنواع الألبان، أو تناول قرص مكمل منها. وللحصول على أفضل النتائج ينصح الخبراء بالبدء بتناول هذه الأقراص اليومية قبل 3 أشهر من بداية الفصل الذي نعاني فيه أعراض التعرض لغبار الطلع.
وتشير بعض الدراسات الحديثة إلى أن تناول العسل، الذي يتم إنتاجه في المنطقة نفسها التي نعيش فيها، قد يساعد على التخفيف من أعراض الحساسية. وعلى الرغم من الحاجة إلى مزيد من الأبحاث والدراسات لتأكيد هذه النظرية إلا أن تناول العسل لا يمكن أن يضرنا، فإذا لم يفدنا على مستوى الحساسية، فإنّه قد يفيدنا على مستويات أخرى. ويستحسن تناول العسل الخام الذي لم تتم تصفيته أو معالجته وتعقيمه بالحرارة، ما يضمن احتواءه على فيتاميناته ومعادنه كافة.
وفي المقابل ينصح الخبراء من يعاني الحساسية بالتوقف عن تناول الحليب ومشتقاته في فصل الحساسية، وذلك لأنّ الألبان والأجبان تعتبر واحدة من الأطعمة التي تزيد من تحسس الأنسجة الرقيقة حول العينين والانف تجاه غبار الطلع، وتزيد من إفراز المواد المخاطية في الأنف. وإذا كنا نعاني مشاكل في الجيوب الأنفية وسيلان الأنف، فيستحسن أن نتوقف عن تناول الحليب ومشتقاته لمدة شهر قبل حلول الفصل الذي يكثر فيه غبار الطلع، ويمكننا أن نراقب إذا كانت أعراض الحساسية لدينا ستتراجع بفعل التوقف عن تناول الحليب أم لا. ويمكن الاستعاضة عن حليب البقر بحليب الأرز أو اللوز، وتفادي تناول الجبن، الزبد والآيس كريم.
2- الاستعانة بالأعشاب:
هناك العديد من النباتات والأعشاب التي يمكن أن تساعد على التخفيف من حدة أعراض الحساسية. وتنصح المتخصصة البريطانية في طب العائلة الدكتورة سارة جارفيس بتناول الزنجبيل، فهو مضاد للأكسدة قوي وفاعل، ويساعد على التخفيف من الانتفاخات في جدران مجاري التنفس في الأنف. وهي تنصح بإضافته طازجاً إلى الحساء، أو شرب نقيعه.
ويمكن لمن يعاني الحساسية الفصلية أن يستشير متخصصاً في العلاجات الطبيعية الذي يمكن أن يصف له خلاصات الأعشاب للتخفيف من الأعراض. ومن أبرز الأعشاب المستخدمة في هذا المجال هي الإخناصية (Echinacea) التي تقوي جهاز المناعة. ويقول المتخصص الأميركي في الطب الطبيعي جين برونون إنّ الإخناصية تساعد خلايا الجهاز المناعي على التعرف إلى حقيقة أن غبار الطلع غير مؤذٍ، ما يخفف بالتالي من ردود فعل التحسس المعتادة ومن شدة التأثر بالمواد المسببة للحساسية في الجو. وهي أيضاً تكافح الالتهابات وتساعد على التخفيف من سيلان الأنف.
وتعتبر أوراق نبتة القراص (Nettle) واحدة من العلاجات الطبيعية الأخرى المفيدة للتخفيف من أعراض الحساسية. لكن يجب الحرص على أن تكون خلاصتها مستخرجة من أوراق يانعة مقطوفة حديثاً، وذلك لضمان احتوائها على حامض الفورميك وهو العنصر الرئيس المفيد في حالات الحساسية. وتقول المتخصصة الأميركية في طب الأعشاب شيلا كينزبري إنّ الدراسات التي أجريت على القراص أظهرت أنّه يحد من إفراز المركبات المسببة للالتهابات التي يضخها الجسم عندما يتعرض للمواد المسببة للحساسية. وهي تنصح بتناول قرص يحتوي على 500 ملغ من خلاصة القراص، 3 مرات في اليوم.
ومن المفيد أيضاً وضع كيسين من البابونج البارد على العينين، والاسترخاء لبضع دقائق. فهذا العلاج البسيط والسريع يخفف من الحكة والالتهابات في العينين.
3- ترطيب الأغشية المخاطية وتنظيفها:
يقول المتخصص الأميركي في العلاج الطبيعية روبيرت إيفكر، إنّ الأغشية المخاطية لدى الأشخاص الذين يعانون الحساسية الفصلية قد تكون شديدة التأثر بالعوامل الخارجية وسريعة التهيج. لذلك، من الضروري إراحتها عن طريق استخدام رذاذ أنفي يتم تحضيره عن طريق مزج مقدار كوب من الماء الفاتر المصفى الدافئ مع نصف ملعقة صغيرة من الملح ورشة من كربونات الصودا في زجاجة رذاذ. ويتم إغلاق فتحة الأنف اليمنى ويرش السائل في فتحة الأنف اليسرى، ثمّ تكرر الملية في الفتحة اليسرى. ويمكن استخدام هذا الرذاذ كلّ ساعتين أو ثلاث ساعات عندما يشعر الفرد باحتقان في الأنف.
وإذا كانت الحساسية تسبب لنا الاحتقان، فيمكن الاستعانة بالبخار، فنتنشقه مرتين في اليوم بمعدل ربع ساعة كلّ مرة. فالبخار يخفف من لزوجة وكثافة الإفرازات المخاطية، ويهدئ ويخفف من جفاف الأغشية المخاطية وتهيجها. ويتوافر في الصيدليات جهاز خاص لتوليد البخار. وبعد استنشاق البخار ينصح إيفكر بغسل مجاري الأنف بالماء والملح.
4- الوخز بالإبر:
أظهرت الأبحاث أنّ الخضوع لهذا العلاج الصيني التقليدي القديم يوفر الراحة للكثير من الأشخاص الذين يعانون الحساسية. وحسب الطب الصيني فإنّ الحساسية تعكس ضعف أو انعدام قدرة الجسم على التخلص من المواد السامة وتحرير نفسه منها. لذلك، فإنّ المتخصص في علاج الوخز بالإبر يستخدمه لتعزيز مستويات الطاقة في بعض أعشاء الجسم مثل الرئتين، اللتين تستنشقان المواد المسببة للحساسية وتدخلها إلى الجسم، والأمعاء الغليظة التي تخرجها من الجسم. وتقول المتخصصة في هذا النوع من العلاجات الطبيعية الأميركية ديبورا لينكولن إنّه عوضاً عن تناول الأدوية، فإن علاج الوخز بالإبر يحفز كيمياء الجسم مباشرة. وفي دراسة بريطانية أجريت في بداية هذا العام تبين أنّ المشاركين الذين خضعوا لجلسات وخز بالإبر تمكنوا من التخفيف بشكل ملحوظ من جرعة الأدوية المضادة للهيستامين التي يتناولونها عادة، مقارنة بالآخرين الذين خضعوا لجلسات لم تكن الإبر تغرز لديهم إلا بشكل سطحي جدّاً (غير فاعل)، وكانوا يعتقدون أنهم يخضعون لعلاج فعلي بالوخز بالإبر.
وينصح الخبراء بالخضوع لعلاج يدوم 8 أسابيع للحصول على أفضل النتائج، على الرغم من أنّ البعض يشعرون بتحسن كبير بعد خضوعهم لبضع جلسات فقط.
ويمكن أيضاً الاستعانة بنوع من العلاج بالضغط يدعى كو تشي (Qu – chi) ويتضمن الضغط على نقاط محددة حول الكوع يقال إنّها تساعد على إبعاد الطاقة السلبية عن الرأس ما يخفف من أعراض الحساسية تجاه غبار الطلع.
5- اليوغا والتأمل:
تعتبر تقنيات الاسترخاء ومكافحة التوتر، مثل: اليوغا والتنفس العميق والتأمل، من أبرز وسائل مكافحة التوتر المفيدة في التخفيف من حدة أعراض الحساسية. ففي دراسة أجراها البحاثة في جامعة أوهايو وشملت 28 شخصاً يعانون الحساسية الفصلية، تم تعريض المشاركين لوضعيات مسببة للتوتر وأخضعوهم في ما بعد لاختبارات الحساسية. وتبين أن أعراض الحساسية الجلدية التي ظهرت لدى المشاركين كانت أكبر بمرتين، ودامت لفترة أطول لدى أولئك الأكثر قلقاً وتوتراً، مقارنة بالآخرين الأكثر هدوءاً واسترخاءً. ويقول البحاثة إنّ هرمونات التوتر التي تبقى مرتفعة يمكن أن تضعف الجهاز المناعي وتطيل مدة ردود فعل وأعراض الحساسية. ومن جهتها تقول المتخصصة الأميركية في الطب المتكامل الدكتورة تينا سنيدواني إنّ التوتر يفاقم الالتهابات، ما يزيد من حدة رد فعل الجسم وتحسسه. وتضيف أنّ اليوغا، إضافة إلى قدرتها على تخفيف التوتر، فإنّ تقنيات التنفس في تمارينها يمكن أن تساعد على فتح مجاري التنفس الأنفية المغلقة، كما أن بعض وضعيات اليوغا تساعد على تمديد الرئتين. من جهة ثانية تقول نورتون إنّ التعرض للتوتر يستنزف مخزون مضادات الأكسدة لدينا بسرعة مضاعفة، وهذا ما يفسر جزئياً معاناتنا أعراض الحساسية في سنة ما، وعدم تأثرنا بها في سنة ثانية، وذلك تبعاً للظروف التي نتعرض لها.
6- التنويم المغناطيسي:
تبيّن أنّ التنويم المغناطيسي الذاتي يساعد على التخفيف من أعراض الحساسية. ففي دراسة سويسرية قام فريق من البحاثة بتعليم 66 شخصاً يعانون الحساسية طريقة التنويم المغناطيسي الذاتي، وتبين أن ممارسته ساعدتهم على التخفيف من أعراض مثل سيلان الأنف. وعلى الرغم من الحاجة إلى مزيد من الدراسات التي تؤكد تأثير التنويم المغناطيسي في أعراض الحساسية، إلا أنّ الخبراء يتوقعون تأكيد ذلك، نظراً إلى أنّ التنويم المغناطيسي أثبت تأثيره في العديد من وظائف الجسم.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق