إنّ السنة الشمسية التي تسمى السنة الانقلابية هي مدة تنقضي بين مرورين متتاليين للشمس في نقطة اعتدال واحد، ومقدار هذه السنة (365) يوماً، هذه السنة الشمسية وبمرورها يحدث الصيف والخريف والشتاء والربيع، أما السنة القمرية فتتكوَّن من (354) يوماً، وهي المدة بين كسوفين متتاليين، مقسومة على عدد الحركات الدائرية للقمر، والفرق بين السنة الشمسية والسنة القمرية (10.875) أيام، وبذلك يقع كلُّ (33) سنة فرق قدره (358) يوماً أي سنة تقريباً، وعلى ذلك فإنّ كلَّ (100) سنة تزداد (3) سنوات وتكون (300) سنة شمسية، يقابلها (309) سنوات قمرية، هذا حساب الفلكيين، وهذه الحقيقة الكونية ثابتة، واطمأنّ إليها العلم الحديث واستقر عليها، لقد سبق القرآن إلى هذه الحقيقة، في سرده لقصة أهل الكهف في قوله تعالى: (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ) (الكهف/ 25)، هذه هي السنوات الشمسية (وَازْدَادُوا تِسْعًا) (الكهف/ 25)، هذه هي السنوات القمرية، إنّه شيء دقيق جدّاً وبحسابات دقيقة في مراصد عملاقة، وبحسابات فلكية دقيقة جدّاً.
ولقد ذكر المفسرون الأقدمون من علماء الإسلام في بيان ذلك، منهم ابن كثير – مثلاً – ما نصه: (هذا خبر من الله تعالى لرسوله (ص) بمقدار ما لبث أهل الكهف، منذ أن أرقدهم الله تعالى إلى أن بعثهم، وأعثر الله عليهم أهل ذلك الزمان وأنّه كان مقداره ثلاث مئة سنة تزيد تسع سنين بالهلالية – القمرية – وهي ثلاث مئة بالشمسية، فإن تفاوت ما بين كلّ مئة سنة بالقمرية إلى الشمسية ثلاث سنين.. فلهذا قال بعد الثلاث مئة (وَازْدَادُوا تِسْعًا) (ابن كثير، 3/109).
إنّ هذه الحقائق العلمية التي تثبت إعجاز القرآن الكريم إنها لتزيدنا تمسكاً بهذا الكتاب الذي يقول (ع) عنه: ".. لا تنقضي عجائبه...".
ولقد صدق الله سبحانه وتعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) (ق/ 37).
1- الشمس:
كلمة (الشمس) تكررت في القرآن الكريم في (33) موضعاً، وهذا إشارة إلى الدورة الفلكية الشمسية، التي هي (33) عاماً، والله أعلم.
2- القمر:
كلمة (القمر) تكررت في القرآن الكريم في (27) موضعاً، وفي ذلك إشارة فلكية وعلمية دقيقة إلى عدد أيام الشهر القمري هو (27) يوماً تقريباً وفق الحساب النجومي؛ أي: نسبة إلى نجم ثابت مثل الشمس.
وسبب ذلك، أنّ الأرض تأخذ القمر معها أثناء دورانها حول الشمس، مما يجعل القمر منظوراً إليه من الشمس يقضي (27) يوماً وثلثاً ليقطع دورة كاملة حول الأرض وهذا ما يسمى بالشهر النجومي، وليس (29) أو (30) يوماً بحسب الراصد الأرضي، قال تعالى: (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (يس/ 40).
... ومن المعلوم أنّ القمر يدور حول الأرض في كلِّ شهر قمري مرة واحدة، وأنّه يدور حول نفسه في وقت مساوٍ تماماً لدورته حول الأرض لذلك لا نرى القمر إلا من وجهة واحدة طوال الحياة، لأنّه يدور حول الأرض وحول نفسه في وقت واحد ويستكمل دورته حول نفسه في (29) يوماً (8) ساعات.
لكن الشيء الذي يلفت النظر: أنّ القمر يقطع في كلِّ يوم من دائرة سيره من فلكه حول الأرض ثلاث عشرة درجة، ويتأخر عن شروقه عن اليوم السابق (49) دقيقة، ولولا هذا التأخر.. لبدا القمر بدراً طوال الحياة، ولكن تأخّره بتسعة وأربعين دقيقة عن شروقه السابق كلّ يوم هو الذي يرينا القمر في منازل مختلفة من هلال إلى ربع إلى بدر إلى عرجون إلى غياب كامل؛ لذلك يقول ربنا سبحانه وتعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) (يونس/ 5).
فمن الذي خطط وصمم وجعل القمر يتأخّر في شروقه كلِّ يوم تسعة وأربعين دقيقة عن اليوم السابق حيث يبدو بهذا التأخر في هذه المراتب حتى أصبح تقويماً في كبد السماء ولتعلموا عدد السنين والحساب؟ إنّه الله رب العالمين.
وشيء آخر: إنّ كتلة القمر جزء من ثمانين جزءاً من كتلة الأرض وتعادل الجاذبية على سطح القمر سدس جاذبية الأرض، فالإنسان الذي يزن على سطح الأرض (60 كغ) يزن على القمر (10 كغ) لذلك فالجاذبية فيه أقلُّ.
هناك أقمار في كواكب أخرى في مجموعتنا الشمسية تدور حول نفسها في بضع سنوات، وهناك أقمار تبتعد كثيراً، وهناك أقمار تقترب أكثر... ولكن التفكير السليم: هو أنّه لو لم يكن القمر يدور حول نفسه وحول الأرض في وقت واحد ولو لم يقطع في دورته ثلاثة عشر درجة ولولا تأخر إشراقه (49) دقيقة كلّ يوم، ولولا كونه قمراً واحداً فقط وليس قمرين أو أكثر كما في الكواكب الأخرى في مجموعتنا الشمسية لما وجد تقويم ولما استفدنا منه، فماذا لو قلت المسافة بين الأرض والقمر عما هي عليه الآن؟
قال الله تعالى: (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ) (الرحمن/ 5).
إنّ بعد القمر عن الأرض بحسبان دقيق؛ فالمد والجزر يحدثان بتأثير محدود، فلو قلَّت هذه المسافة.. لارتفع البحر ولغطى اليابسة ثمّ انحسر عنها، ولكانت الحياة على اليابسة مستحيلة، ولو اقترب أكثر من ذلك.. لجذبته الأرض وارتطم بها، ولو ابتعد القمر عن الأرض أكثر.. لانعدم المد والجزر، وللمدّ والجزر في البحار وظيفة خطيرة؛ فلو ابتعد أكثر وأكثر.. لجذبته كواكب أخرى واختلّ نظام الكون واضطرب، قال تعالى: (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) (يس/ 39).
وقال تعالى: (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (لقمان/ 29).
هذه آيات الله الكونية تشهد له بالعظمة والوحدانية، هذه الحقائق التي ينادي بها العلم الحديث ويفخر باكتشافه لها وهي في الواقع موجودة في القرآن الكريم منذ أكثر من (1400) عام فهذا ما يجعل المسلم أكثر تمسكاً بدينه وأكثر اهتماماً بكتاب الله الذي هو دستورنا ومنهجنا في حياتنا والحمد لله ربّ العالمين.
3- الشمس والقمر:
وردت كلمتا (الشمس) و(القمر) في عبارة واحدة متتالية ومتباعدة في نفس الآية في (19) موضعاً من القرآن الكريم وقد يكون في ذلك إشارة إلى السنة الفلكية الاقترانية حيث يقترن التقويمين الشمسي والقمري في اليوم والشهر في كلِّ منهما كلّ (19) سنة وتتكرر هذه الظاهرة الفريدة كلّ (19) سنة وتسمى (دورة ماتون) (Meton) نسبة إلى العالم الفلكي الأغريقي (ماتون) الذي اكتشفها في عام 234ق. م ولاحظ أنّ بعد كلّ (235) شهراً قمرياً (والتي تعادل تماماً (19) سنة شمسية) يرجع القمر إلى نفس المنزلة التي كان فيها وفي نفس التاريخ حيث يقترن التقويمان الشمسي والقمري فمثلاً إذا كان اليوم هو السبت المصادف 1/ 1/ 2005م والموافق 21 ذو القعدة 1425هـ فإنّه بعد (19) سنة سيتطابق التقويمان أعلاه في نفس اليوم والشهر!
4- اليوم:
كلمة (يوم) تكررت في القرآن الكريم في (365) موضعاً، وفي ذلك إشارة إلى عدد أيام السنة الشمسية، والبالغة (365) يوماً.
5- الشهر:
كلمة (شهر) تكررت (12) مرة، وذلك إشارة إلى عدد أشهر السنة الشمسية، أو القمرية قال سبحانه وتعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا) (التوبة/ 36).
6- السنة والسنين:
وردت كلمتا (سنة) و(سنين) في القرآن الكريم في (19) موضعاً في (7) آيات بالنسبة إلى كلمة (سنة) وفي (12) آية بالنسبة إلى كلمة (سنين)، ومجموعهما (19) وهي والله أعلم تشير إلى الدورة الفلكية الاقترانية المذكورة سابقاً (دورة ماتون)، علماً أنّ في كلِّ (19) سنة قمرية هناك (7) سنين كبيسة قدر السنة الواحدة (355) يوماً و(12) سنة بسيطة قدر السنة الواحدة (354) يوماً، ويلاحظ أنّ العدد (7) هو عدد فردي يقابل العدد (355) الذي هو عدد فردي أيضاً، أما العددان (12 و354).. فهما عددان زوجيان، وفي ذلك تناسق عددي واضح بينهما.
المصدر: كتاب العلوم المعاصرة في خدمة الداعية الإسلامي
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق
تعليقات
محمد حلمى
أجمل شيء فى الموضوع هو تاريخ الموضوع نفسه مجموع أرقام التاريخ يساوي 19انظر19/2/2014والعجيب انّ اليوم نفسه يوم 19سبحان الله العظيم