• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الإسلام.. بين الإرادة والإكراه

اسرة

الإسلام.. بين الإرادة والإكراه

كَثُر الحديث عن مسألة العنف والإيمان، ويحاول البعض أن يصوّر الإسلام دين عنف وقتل وإرهاب.. والقرآن يؤكد أنّ دعوته، دعوة الفكر والحجة والبرهان العلمي، ودعوة الحوار والتفاهم والتعايش، وإنّ الجهاد بالمال والنفس، هو وسيلة من وسائل الدفاع، وليس أسلوباً لفرض الإسلام، فالدِّين عقيدة وسلوك، والعقيدة والسلوك لا يكونان بالقهر والقوّة.. ولبيان ذلك قال الله تعالى: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة/ 256) .

وقال مخاطباً النبيّ محمّداً (ص): (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (يونس/ 99) .

ويتحدّث القرآن عن بيان النبيّ نوح (ع) لقومه إنّ حقائق الدِّين غير قابلة للإكراه والإلزام والجبر، فهي عقيدة يقتنع بها العقل، وإيمان تقبله النفوس عن رضاً وقناعة، جاء ذلك في قوله تعالى :

(قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ) (هود/ 28).

(وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) (ق/ 45) .

وقال سبحانه: (وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) (الأنعام/ 107) .

وقال تعالى: (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) (الغاشية/ 22) .

ولكي يتّضح لنا المعنى المقصود في هذه الآيات النافية للإكراه في الدِّين، والمؤكّدة أنّ مهمّة النبيّ (ص)، ودُعاة الإسلام هي الدعوة إلى الإسلام، والتعريف بمبادئه، وأنّ عليهم أن يحسنوا الخطاب، واعتماد أسلوب العقل والعلم والحوار، ليواجه الإنسان المخاطب مسؤوليته وواجبه.. وأنّ تشريع الجهاد والقتال، إنّما هو وسيلة دفاعية ووقائية، لكي يتّضح ذلك فلنقرأ ما كتبه المفسِّر الكبير العلّامة السيِّد محمّد حسين الطباطبائي في تفسير هذه الآيات، قال (رحمه الله) : "قوله تعالى: (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلا الْبَلاغُ) (الشورى/ 48). عدول من خطابهم إلى خطاب النبيّ (ص) لإعلامه أنّ ما حمله من الأمر إنّما هو التبليغ لا أزيد من ذلك، أُرسل مبلّغاً لدين الله، إنْ عليه إلّا البلاغ، ولم يُرسل حفيظاً عليهم، مسؤولاً عن إيمانهم وطاعتهم، حتى يمنعهم عن الإعراض، ويتعب نفسه لإقبالهم عليه".

"قوله تعالى: (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) (ق/ 45). في مقام التعليل لقوله: (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ) (طه/ 130)، فنحن أعلم بما يقولون سنجزيهم بما عملوا، ولست أنتَ بمتسلط جبّار عليهم، حتى تجبرهم على ما تدعوهم إليه من الإيمان بالله واليوم الآخر، وإذا كانت حالهم هذه الحال، فذكِّر بالقرآن مَن يخاف وعيد".

"قوله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) (الأنعام/ 107).. تطييب لقلب النبيّ (ص) أن لا يجد لشركهم ولا يحزن لخيبة المسعى في دعوتهم، فإنّهم غير معجزين لله فيما أشركوا، فإنّما المشيئة لله، لو شاء ما أشركوا، بل تلبّسوا بالإيمان عن طوع ورغبة، كما تلبّس من وفّق للإيمان، وذلك أنّهم استكبروا في الأرض، واستعلوا على الله، ومكروا به وقد أهلكوا بذلك أنفسهم، فردّ الله مكرهم إليهم، وحرمهم التوفيق للإيمان والاهتداء، إذ كما أنّ السُّنة الجارية في التكوين هي سنة الأسباب وقانون العلية والمعلولية العام، والمشيئة الإلهية إنّما تتعلق بالأشياء، وتقع على الحوادث على وفقها، فما تمت فيه العلل والشرائط، وارتفعت عن وجوده الموانع، كان هو الذي تتعلّق بتحقّقه المشيئة الإلهية، وإن كان الله سبحانه له فيه المشيئة مطلقاً، إن لم يشأ لم يكن، وإن شاء كان، كذلك السُّنة في نظام التشريع والهداية هي سنة الأسباب، فمن استرحم الله رحمه، ومَن أعرض عن رحمته حرمه، والهداية بمعنى إراءة الطريق تعمّ الجميع، فمن تعرّض لهذه النفحة الإلهية، ولم يقطع طريق وصولها إليه بالفسق والكفر والعناد، شملته وأحيته بأطيب الحياة، ومَن اتّبع هواه، وعاند الحقّ، واستعلى على الله، وأخذ يمكر بالله، ويستهزئ بآياته حرمه الله السعادة، وأنزل الله عليه الشقوة، وأضلّه على علم، وطبع عليه بالكفر فلا ينجو أبداً .

ولولا جريان المشيئة الإلهية على هذه السُّنة بطل نظام الأسباب، وقانون العلية والمعلولية، وحلّت الإرادة الجزافية محله، ولغت المصالح والحِكم والغايات، وأدى فساد هذا النظام إلى فساد نظام التكوين، لأنّ التشريع ينتهي بالآخرة إلى التكوين بوجه، ودبيب الفساد إليه يؤدي إلى فساد أصله. وهذا كما أنّ الله سبحانه لو اضطرّ المشركين على الإيمان، وخرج بذلك النوع الإنساني عن مُنشعب طريقي الإيمان والكفر، وسقط الاختيار الموهوب له، ولازم بحسب الخلقة الإيمان، واستقر في أوّل وجوده على أريكة الكمال، وتساوى الجميع في القرب والكرامة كان لازم ذلك بطلان نظام الدعوة، ولغو التربية والتكميل، وارتفع الاختلاف بين الدرجات، وأدّى ذلك إلى بطلان اختلاف الاستعدادات والأعمال والأحوال والمَلَكات، وانقلب بذلك النظام الإنساني، وما يحيط به ويعمل فيه من نظام الوجود إلى نظام آخر، لا خير فيه عن إنسان، أو ما يشعر به فافهم ذلك".

"قوله تعالى: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (البقرة/ 256). الإكراه هو الإجبار، والحمل على الفعل من غير رضى، ثمّ قال: وفي قوله تعالى: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)، نفي الدِّين الإجباري، لما أنّ الدِّين، وهو سلسلة من المعارف العلمية التي تتبعها أخرى عملية يجمعها أنّها اعتقادات، والاعتقاد والإيمان من الأمور القلبية التي لا يحكم فيها الإكراه والإجبار، فإنّ الإكراه إنّما يؤثّر في الأعمال الظاهرية، والأفعال والحركات البدنية المادّية، وأمّا الاعتقاد القلبي فله علل وأسباب أخرى قلبية من سنخ الاعتقاد والإدراك، ومن المُحال أن ينتج الجهل علماً، أو تولد المقدمات غير العلمية تصديقاً علمياً، فقوله: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)، إن كان قضية إخبارية حاكية عن حال التكوين، أنتج حُكماً دينياً بنفي الإكراه على الدِّين والاعتقاد، وإن كان حُكماً إنشائياً تشريعياً، كما يشهد به ما عقبه تعالى من قوله: (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)، كان نهياً عن الحمل على الاعتقاد والإيمان كرهاً، وهو نهي مُتّكيء على حقيقة تكوينية، وهي التي مرّ بيانها أنّ الإكراه إنّما يعمل ويؤثّر في مرحلة الأفعال البدنية دون الاعتقادات القلبية .

وقد بيّن تعالى هذا الحُكم بقوله: (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)، وهو في مقام التعليل فإنّ الإكراه والإجبار إنّما يركن إليه الآمر الحكيم والمربي العاقل في الأمور المهمّة التي لا سبيل إلى بيان وجه الحقّ فيها لبساطة فهم المأمور ورداءة ذهن المحكوم، أو لأسباب وجهات أخرى، فيتسبب الحاكم في حكمه بالإكراه أو الأمر بالتقليد ونحوه، وأمّا الأمور المهمّة التي تبيّن وجه الخير والشرّ فيها، وقرّر وجه الجزاء الذي يلحق فعلها وتركها، فلا حاجة فيها إلى الإكراه، بل للإنسان أن يختار لنفسه ما شاء من طرفي الفعل، وعاقبتي الثواب والعقاب، والدِّين لما انكشفت حقائقه، واتّضح طريقه بالبيانات الإلهية الموضحة بالسُّنة النبويّة، فقد تبيّن أنّ الدِّين رشد، والرُّشد في اتباعه، والغي في تركه والرغبة عنه، وعلى هذا لا موجب لأن يُكره أحد أحداً على الدِّين .

وهذه إحدى الآيات الدالة على أنّ الإسلام لم يبتنِ على السيف والدم، ولم يفت بالإكراه والعنوة على خلاف ما زعمه عدة من الباحثين من المنتحلين وغيرهم أنّ الإسلام دين السيف واستدلوا عليه: بالجهاد الذي هو أحد أركان هذا الدِّين. وقد تقدّم الجواب عنه في ضمن البحث عن آيات القتال، وذكرنا هناك أنّ القتال الذي ندب إليه الإسلام ليس لغاية إحراز التقدّم، وبسط الدِّين بالقوّة والإكراه، بل لإحياء الحقّ، والدفاع عن أنفس متاع للفطرة وهو التوحيد، وأمّا بعد انبساط التوحيد بين الناس وخضوعهم لدين النبوة ولو بالتهوّد والتنصّر، فلا نزاع لمسلم مع موحد ولا جدال، فالإشكال ناشىء عن عدم التدبّر. ويظهر مما تقدّم أنّ الآية ـ أعني قوله: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) ـ غير منسوخة بآية السيف كما ذكره بعضهم".

"وقوله: (أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ) (هود/ 28)، الإلزام جعل الشيء مع الشيء بحيث لا يفارقه ولا ينفك منه، والمراد بإلزامهم الرحمة وهم لها كارهون، إجبارهم على الإيمان بالله وآياته، والتلبس بما تستدعيه المعارف الإلهية من النور والبصيرة. ومعنى الآية - والله أعلم ـ اخبروني إن كانت عندي آية معجزة تصدّق رسالتي مع كوني بشراً مثلكم، وكان عندي ما تحتاج إليه الرسالة من كتاب وعلم يهديكم الحقّ، لكن لم يلبث دون أن أخفاه عليكم عنادكم واستكباركم، أيجب علينا عندئذ أن نجبركم عليها؟ أي عندي جميع ما يحتاج إليه رسول من الله في رسالته، وقد أوقفتكم عليه لكنّكم لا تؤمنون به، طغياناً واستكباراً، وليس عليَّ أن أجبركم عليها، إذ لا إجبار في دين الله سبحانه .

ففي الكلام تعريض لهم أنّه قد تمت عليهم الحجة، وبانت لهم الحقيقة فلم يؤمنوا، لكنّهم مع ذلك يريدون أمراً يؤمنون لأجله، وليس إلّا الإجبار والإلزام على كراهية، فهم في قولهم: (مَا نَرَاكَ إِلا بَشَرًا مِثْلَنَا) (هود/ 27). لا يريدون إلّا الإجبار، ولا إجبار في دين الله. والآية، من جملة الآيات النافية للإكراه في الدِّين، تدلّ على أنّ ذلك من الأحكام الدينية المشرعة في أقدم الشرائع، وهي شريعة نوح (ع) وهو باقٍ على اعتباره حتى اليوم من غير نسخ".

"(أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (يونس/ 99) أي بعدما بيّنا أنّ أمر المشيئة إلى الله، وهو لم يشأ إيمان جميع الناس فلا يؤمنون باختيارهم البتة، لم يبقَ لك إلّا أن تكره الناس وتجبرهم على الإيمان، وأنا أنكر ذلك عليك، فلا أنت تقدر على ذلك، ولا أنا أقبل الإيمان الذي هذا نعته".

وقال تعالى مخاطباً نبيّه الكريم (ص) ليوضح له مهمّته كنبيّ مبلّغ ويحدّد له موقفه ممن يرفض دعوة الحقّ والهدى والصلاح :

(فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ * إِلا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأكْبَرَ) (الغاشية/ 21-24).

قال المفسِّر الإمامي الكبير: "معناه لست عليهم بمتسلط تسليطاً يمكنك أن تدخل الإيمان في قلوبهم، وتجبرهم عليه، وإنّما الواجب عليك الإنذار، فاصبر على الإنذار والتبليغ، والدعوة إلى الحقّ.. وقيل معناه، لست عليهم بمتسلط الآن حتى تقاتلهم إن خالفوك، وكان هذا قبل آية الجهاد ثمّ نسخ بالأمر بالقتال.. والوجه الصحيح أنّه لا نسخ فيه، لأنّ الجهاد ليس بإكراه للقلوب، والمراد إنّك إنّما بعثت للتذكير وليس عليك من ترك قبولهم شيء.. إلّا مَن تولى وكفر، أي أعرض عن الذكر، ولم يقبل منك، وكفر بالله، وبما جئت به فكلّ أمره إلى الله، عن الحسن، وقيل معناه إلّا مَن تولى وكفر فلست له بمذكّر، لأنّه لا يقبل منك فإنّك لست تذكره (فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأكْبَرَ) وهو الخلود في النار..".

وبعد هذا العرض للآيات القرآنية المتحدّثة عن الإيمان ورفض الإكراه ووجوب أن يكون الإيمان عن قبول وقناعة عقلية وقلبية يتّضح أنّ القرآن لا يريد إيصال دعوته بالقهر والإكراه، بل بالوعي والفهم والتفكير.. قال تعالى: (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (المائدة / 83).

(وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل/ 44)، (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (النحل/ 10-12).

ارسال التعليق

Top