• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

السلام.. رسالتنا

عمار كاظم

السلام.. رسالتنا

يقول الحقّ تبارك وتعالى في كتابه العزيز: «ادْخُلُوا في السّلْم كَافَّةً وَلا تَتَّبعُوا خُطُوَات الشَّيْطَان إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبينٌ» (البقرة: 208). والواقع أنّ الإسلام قد نادى بالسلام وارتكزت دعوته الكريمة عليه ومن كلمة السلام اشتق اسم الإسلام. وأطلقت ليلة السلام على ليلة القدر التي أنزل فيها القرآن. فيقول الحق تبارك اسمه «إنَّا أَنْزَلْنَاهُ في لَيْلَة الْقَدْر* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْر* لَيْلَةُ الْقَدْر خَيْرٌ منْ أَلْف شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلائكَةُ وَالرُّوحُ فيهَا بإذْن رَبّهمْ منْ كُلّ أَمْرٍ* سَلامٌ هيَ حَتَّى مَطْلَع الْفَجْر» (سورة القدر). وقوله عزّ وجلّ: «سَلامٌ هيَ حَتَّى مَطْلَع الْفَجْر»، يعني أنّه سبحانه لا يقدر في هذه الليلة إلّا السلامة حتى يطلع الفجر على العالمين ومن أسماء الله الحسنى «السلام» ذلك أنّ الله العزيز الحكيم هو الذي أرسل رسله بالآيات الواضحات من أجل أن يهتدي بها الناس ويخرجون بذلك من ظلمات الضلال إلى نور الحقّ، فيقول جلّ شأنه في الآية التاسعة من سورة الحديد: «هُوَ الَّذي يُنَزّلُ عَلَى عَبْده آيَاتٍ بَيّنَاتٍ ليُخْرجَكُمْ منَ الظُّلُمَات إلَى النُّور وَإنَّ اللَّهَ بكُمْ لَرَءُوفٌ رَحيمٌ» (الحديد: 9). وترتيباً على ذلك فإنّ رسالة الإسلام في بناء المجتمع رسالة سلام تتمثل في الرحمة والتبشير والتخفيف والتيسير، فيقول الرحمن الرحيم في كتابه العزيز: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً للْعَالَمينَ» (الأنبياء: 107). وقوله عزّ وجلّ في الآيات من السادسة والعشرين إلى الثامنة والعشرين من سورة النساء: «يُريدُ اللَّهُ ليُبَيّنَ لَكُمْ وَيَهْديَكُمْ سُنَنَ الَّذينَ منْ قَبْلكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَليمٌ حَكيمٌ * وَاللَّهُ يُريدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُريدُ الَّذينَ يَتَّبعُونَ الشَّهَوَات أَنْ تَميلُوا مَيْلا عَظيمًا * يُريدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفّفَ عَنْكُمْ وَخُلقَ الإنْسَانُ ضَعيفاً» (النساء: 26-28).

فالرسالة الإلهية السامية التي بعث الله بها نبيه الأمين قد جاءت رحمة للناس جميعاً. ومن ثمّ كانت رحمة عامة وعدلاً حقيقياً. لم يرد الله سبحانه وتعالى أن يكل الناس إلى محض تفكيرهم فقد يرون حسناً ما ليس في حقيقته بحسن أو يرون قبيحاً وهو في الواقع ليس بقبيح، ولا شك في أنّ للعقول خداعها وللنفوس شهواتها، ومن ثمّ كانت إرادة الرحمن متجهة إلى معاونة المجتمع بالبيان ليأخذ بيده إلى الطريق القويم ويرشده إلى مناهج أهل الرشد من الذين عاشوا على الأرض من قبله ويتوب عليه.

ويريد أن يخفف عنه بمنحه شريعة كلّها سلام، فالله سبحانه يدرك ضعف الناس وعدم صبرهم على الشهوات عن تحمل مشاق الطاعات. ويريد الله أن يظهر الناس من الأدناس والأرجاس ويفتح أمامهم باب الخلاص من الأخطاء والأوزار، وحين يتطهرون يطهرهم الله وحين يتوبون يتوب عليهم وهو التواب الرحيم.

ارسال التعليق

Top