• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

اصبروا وصابروا.. ميزة الأنبياء

محمد عبدالرحمن السحرتي

اصبروا وصابروا.. ميزة الأنبياء
◄لنقلب صفحات تاريخ الدعوات دعوة... دعوة... ولنطالع تاريخ الأنبياء والرسل نبيّاً.. نبيّاً.. ورسولاً.. رسولاً.. عليهم جميعاً الصلاة والسلام. هل من نبي أو رسول لم يلق من قومه المتاعب والمصاعب؟ وهل منكم من لم يحارب أشد المحاربة.. وأضطهد أقصى الاظطهاد؟ ولكن كلا منهم بثباته وثبات أصحابه معه على الحقّ وصبره وصبر أصحابه على العذاب. استطاعوا أن يصلوا إلى النصر.   أروني دعوة من دعوات الحقّ انتصرت لمجرد أنها قامت على الحقّ بدون كفاح ولا جهاد ولا تضحيات. أروني دعاة انتصروا دون صبر ومثابرة وثبات.. أروني طريقاً من طرق الحقّ لم يكن مفروشاً بالمتاعب والمصاعب والأشواك. أروني رسالة تخلى عنها أصحابها. فوهنوا وضعفوا واستكانوا وتهاونوا وفرطوا فيها. (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا) (الأحزاب/ 62). هذه سنة من سنن الله تعالى الخالدة. إذن... فطريق الدعاة ليس طريقاً مفروشاً بالورود. وإنما هو طريق مفروش بالمتاعب والصعاب... إنّه طريق جهاد وتضحيات. وبذل وصبر وثبات. وبقدر استمرار الدعاة في هذا الطريق. بقدر ما يتقربون من النصر ويتقربون من الجنة. فالدنيا عندهم بما فيها نعيم زائل. لا يعبأون بها. لأنّهم يسعون إلى حياة أخرى أسمى وأبقى. جنات تجري من تحتها الأنهار وقد حفت بالمكارم، وحفت النار بالشهوات. ولله در القائل ولست أبالي حين أقتل مسلما *** على أي جنب كان في الله مصرعي جدير بكل مسلم، بكل داعية إلى الله تعالى، أن يتذكر سيرة سيدنا رسول الله (ص)، وأن يتساءل كيف انتصرت دعوته (ص)؟ كيف استطاع أن يقضي على طواغيت الكفر والشرك، كيف ظهر الإسلام وشع نوره وملأ الدنيا عدلاً.   فجر الدعوة الإسلامية: ولنقلب صفحات التاريخ ولنطالع فجر الدعوة الإسلامية ولنرَ موقف قريش من سيدنا رسول الله (ص) ومن أصحابه – رضوان الله تعالى عليهم – هذا بلال بن رباح، وكان عبداً لأمية بن خلف. آمن بلال ورفع صوته معلناً إيمانه وطالبه أمية أن ينبذ دينه الجديد. ولكنه أبى، وظل يردد نداءه الحلو العذب، أحد... أحد... حتى النساء. ثبتن على إيمانهنّ.. فهذه سمية أم عمار (رض)، نبذت عبادة الأوثان فراح أبو جهل يفتنها عن الإسلام فنهرته، وانطلقت تدعو مثيلاتها إلى الإسلام. وما كانت سمية إلا واحدة من آل ياسر الذين آمنوا برسول الله (ص) فانقض عليهم بنو مخزوم يذيقونهم أشد العذاب، ويمر سيدنا رسول الله (ص) وهم يعذبون وسمع ياسراً يئن في قيوده ويقول: الدهر هكذا.. فينظر الرسول (ص) إلى السماء وينادي "أبشروا آل ياسر فإنّ موعدكم الجنة". ولم يكتف هؤلاء الطغاة بهذا إنما حاولوا قتل رسول الله (ص). وهذا نبي الله موسى (ع)، طلب من قومه أن يجاهدوا معه فرفضوا، وقالوا له "إذهب أنت وربك فقاتلا. إنا ها هنا قاعدون" وإذا كان بنو إسرائيل أبوا إلا تعطيل "شريعة الجهاد" سنة الحياة في النصر، فهل من المنطق أن يطلب نبي الله موسى (ع) النصر من ربّه؟ لو طلب موسى (ع) هذا الكان معناه أنّه يريد الخروج عن فطرة الحياة وسنتها. وما جاء به الأنبياء – صلوات الله تعالى عليهم أجمعين – إلا من أجل هداية الناس، والسير على سنن الفطرة السليمة التي فطر الناس عليها. لهذا لم يطلب موسى (ع) النصر إنما طلب من ربّه أن يفرق بينه وبين قومه (قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) (المائدة/ 25). هذه سنة الله في خلقه (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا) (الأحزاب/ 62).   جهاد وتضحية: لا تنتصر دعوة مهما قامت على الحقِّ إلا "بالجهاد والتضحية". والصبر والثبات، فالداعية الصادق يؤمن بعقيدة الإيمان الكامل وهذه العقيدة تملك كل إحساساته ومشاعره فكل شيء في الوجود يهون عليه من أجل انتصار دعوته لا يعبأ بالعذاب.. ولا يعبأ بالمتاعب. ولا يعبأ بالاضطهاد، ولا يعبأ بأمواله. ولا يعبأ بحياته في سبيل قضيته، إنّه يضحي بكل شيء إلا بالعقيدة الصادقة التي آمن بها كل الإيمان. والمؤمن الحقّ لا غاية عنده إلا إرضاء الله تعالى فهو راضٍ بكل ما يلقى وثابت على عقيدته بالرغم من كل ما يقاسي مادام هذا في سبيل الله ومن أجل إعلاء كلمة الله عزّ وجلّ. نعم: "وحتى لا نضل الطريق. فهل نحن بكتاب ربنا وسنة نبينا مستمسكون ولنصرة إخوان لنا في العقيدة عاملون؟ والله ربنا يقول: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (الروم/ 47).   المصدر: مجلة الضياء/ العدد 31 لسنة 1993م

ارسال التعليق

Top