◄إنّ من أعظم أنواع الوفاء أنْ تفي بما أمرك الله به...
أراك تقول: "بِمَ أفي!؟ فأنا لم أحلف لله على شيء، لم أعد ربي بشيء" ولكنك أيها الأخ الحبيب قد فهمت خطأً!
فهل نسيت نِعَم الله عليك...؟ انظر كم أنعم الله عليك!!
إنها نعمٌ كثيرة أليس كذلك!؟ تستحق هذه النِّعَم الوفاء...!؟
(وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) (النحل/ 53)، تخيَّل لو أنّ هناك إنساناً ينفق عليه أبوه وأُمّه ولا يبخلان عليه بشيء، وثم بعد ذلك تنكّر لهما وأعطاهما ظهره!!!
بما تصف هذا الإنسان!؟ وكيف تنظر إليه!؟
ولله المثل الأعلى.. فإنّ نِعَمَ اللهِ لا تُعدّ ولا تحصى، ومع ذلك لا يفِ الإنسان حقّ هذه النِعَم... فتجده لا يؤدي الصلاة في وقتها... تجدها لا تتحجب... أين الوفاء مع الله..!؟ هل فهمت المقصود...!؟
كيف تكون وفياً مع الله...!؟
أجدك الآن تسأل وتقول: كيف أكون وفياً معَ الله؟
إنّ هذا السؤال دليل على اليقظة وحسن الفهم...
وحتى تكون وفياً معَ اللهِ لابدّ من ثلاثة أشياء:
1- الإيمان به
2- إخلاص العمل له
3- العمل بأوامره وترك نواهيه.
إذا تحققت فيك هذه الثلاثة فأنت وفي مع الله -عزّ وجلّ- .
هل تعاهدني الآن أنْ تأخذَ هذه الثلاث مأخذ الجد...!؟
يقول الله عزّ وجلّ:
(إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) (الفتح/ 10).
ويقول الله -عزّ وجلّ- مخاطباً بني إسرائيل: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) (البقرة/ 40).
هيا وكن من الآن... مؤمناً بالله... مخلصاً له... عاملاً بما أمر، ومنتهياً عما نهى عنه.
أين أنتَ من الوفاءِ معَ الله...!؟
انظر إلى وفاءِ النبي (ص) معَ الله... يقومُ الليل حتى تتورم قدماه، فتقول له السيدة عائشة: يا رسول الله: أما قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيرد عليها بكلِّ وفاء: "أفلا أكُونُ عَبْداً شَكُوراً".
إنك تتودد لمن يكرمك في الدنيا وينعم عليك، وتجتهدُ في أنْ تفي له بما أعطاك... فهل تتودد لله (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأعْلَى) (النحل/ 60)، هل تفِ بعهدك معَ اللهِ؟
إنّ علينا من الواجبات الكثير والكثير لنفي بعهودنا معَ اللهِ...
(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) (البقرة/ 43)، هل وفيت؟
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) (النور/ 30)، هل وفيت؟
(وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) (النور/ 31)، هل وفيتِ؟
أين أنتم من الوفاءِ معَ اللهِ؟ أيها القلب الغافل استيقظ قبل فوات الآوان.
من المؤمنينَ رجال:
يقولُ الله عزّ وجلّ: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) (الأحزاب/ 23).
إنّهم نوعيةٌ من المؤمنين الصادقين في عهودهم مع الله... ادعو الله أن تكون منهم...
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا) (الأحزاب/ 23).
إياكَ أنْ تكون من هذا الصنف...!!
يقول الله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) (التوبة/ 75-77).
يا الله...!! كنا منذ قليل في جو إيماني مع رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه... والآن..!! اقرأ الآيات مرة أخرى، وقارن بين موقف الخائنين الذين أخلفوا الله ما وعدوه، وبين موقف الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا... وتذكر...
حينما قلت: لو رزقني الله هذه السيارة سوف أعمل كذا وكذا...!!
وحينما قلت: بعدما أتزوج سوف أستقيم وأغض بصري...!!
وحينما قلتِ: بعدما أتزوج سوف أرتدي الحجاب...!!
سبحان الله... إنّ هذه الآيات تقرأها كثيراً، ولكنك لا تسقطها على نفسك... والله إنها لآيات شديدة... هل فهمتها الآن؟ أخشى ألا تفي بعهود قطعتها على نفسك.
هل تتذكرُ حينما قلت:
- حينما أنتهي من الدراسةِ وأعمل، حينئذ سيكون وقتي ملكي وسأنظمه وحينئذٍ سأصلي الفجر بسهولة... هل وفّيت؟
- حينما قلت: في الصيفِ بمشيئة الله سأقرأ القرآنَ كلَّ يومٍ... هل وفيّت؟
... أراك الآن قد تذكرت أشياء كثيرة..!! حاسبوا أنفسكم قبل أنْ تحاسبوا.
ولا تنس هذا العهد...!!
يقول الله عزّ وجلّ:
(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (يس/ 60).
من ضمن عهودنا مع الله -عزّ وجلّ- عداوة الشيطان.
إياكَ أنْ تنسى هذا العهد... أو تغفل عنه.
أين عداوتك للشيطان...؟! أين وفاؤك بهذا العهد...؟!
أخشى أن تكون وفياً للشيطان...!!
وتكون خائناً للرحمن...!!
يوفون بالنذر...
يقول الله عزّ وجلّ:
(يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا) (الإنسان/ 7).
فمن ضمن عهودك مع الله... النذر، فلابدّ أنْ تفي بهذا النذر، ولقد جاءَ رجلٌ إلى النبيّ (ص) فقال: يا رسول الله أختي نذرت إلى اللهِ أنْ تحج، وقد ماتت فماذا أفعل، فقال النبيّ (ص): "أرأيتَ إنْ كان على أخْتُكَ دَيْنٌ أكُنْتَ قاضِيه؟"، قال: نعم، قال النبيّ (ص): "فَاقْضِ الله في دَيْنِهِ، فإنّ الله أحَقُّ بالوَفاء".
نذرنا كثيراً لله ولم نوفِ أليس كذلك...!؟
ابدأ من جديد... وعظّم هذا الحقّ إنّه حقّ الله... والله أحق بالوفاء.
(وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها):
ومن بين عهودك مع الله أنك إذا حلفت، أو أقسمت أنْ تنفذَ وتفي بقسمك، يقول عزّ وجلّ:
(وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلا) (النحل/ 91).
لابدّ أنْ تفي إذا وعدت أو إذا حلفت، وإن لم تفعل فإليك حديث النبي (ص): "ثلاثَةٌ أنا خصيمُهُم يوم القيامة" منهم: "وَرَجُلٌ أعطى بي ثمّ غَدَرَ".
أعطى بي يعني: أعطى عهداً وحلف... والله سوف أفعل كذا وكذا وكذا ثمّ غدر.
كثيراً ما وقعنا في هذا الأمر... افعل لي هذا الأمر والله سوف أفعل كذا وكذا وكذا، ثم تغدر ولا تنفذ، وأحياناً تنسى أليس كذلك؟ أراك قد أحسست بالراحة حينما قلت: أنك نسيت، إنّه عذر أقبح من ذنب...!
خلاصة الوفاء مع الله...
1- أنْ تؤمن به
2- وأنْ تخلص العمل له
3- أنْ تعمل بأوامره وتَدَع نواهيه.
والآن كم تأخذ من عشرة.. أعطِ لنفسك درجة، لا تأخذ الأمر بتهاون... أعط لنفسك درجة الآن فعلاً، فإذا أخذت الآن في الوفاء معَ اللهِ 5 من 10 بعد فترة تأخذ إن شاء الله 7 ثم 9 ثم تأخذ 10 من 10.
إن شاء الله... المهم هل أنت راضٍ عن نفسك في الوفاءِ معَ اللهِ...!؟ اعلم أنّ من يتحرّ الخير يعطه.
المصدر: كتاب أخلاق المؤمن
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق