• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

حركة الموت والحياة من منظور قرآني

مكي قاسم

حركة الموت والحياة من منظور قرآني
◄قال تعالى في محكم كتابه الحكيم: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) (البقرة/ 243). الآية من خلال جرسها القرآني البليغ، مسوقة سوق المثل. و"للاعتبار تضرب الأمثال" كما يقول الإمام عليّ (ع)[1]. قال تعالى: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ...) (الإسراء/ 89). إنّ الآية أعلاه قصيرة المبنى، عميقة المعنى. والمراد بها عرض قصة ذات مغزى بعيد، وأهداف كبيرة، ببلاغة عالية، واختصار عجيب. وذلك من خلال تركيز الأضواء القرآنية على ديناميكية حركة الموت والحياة عند الإنسانية عموماً، والأمّة الإسلامية خصوصاً. فينبغي علينا عرض الحدث القصصي الغني الهامّ أولاً، وتوضيح أسباب ضعف إرادة الأمّة، وتبيان مصادر قوتها ونهضتها، وموتها وحياتها، وسعادتها وشقائها من خلال هذا النصّ القرآني الموحي، لنتبيّن أن التاريخ الإنساني يعيد نفسه بنفسه ولكن بصيغ مختلفة، وأشكال متباينة. قال تعالى: (.. وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ...) (آل عمران/ 140). ويؤكد ذلك قول أمير المؤمنين عليّ (ع) في وصيته لابنه الإمام الحسن (ع): "استدلّ على ما لم يكن بما قد كان، فإن الأمور أشباه"[2]. ومن أولويات مطالب هذا العرض القرآني القصصي، ذكر قوم في تاريخ البشرية – أيّ قوم – في أيّ زمان ومكان، إذ ليس المهم ذكر سمات القوم وخصائصهم، وما يتعلّق بهم من أوضاع وتصرّفات وغير ذلك، ولا المهم تعيين ذلك، وإنما المهم ذكر الغرض من هذه القصة، وتحصيل المواعظ والعِبر في حركتها التاريخية، وأثرها في المسيرة البشرية. هؤلاء القوم المذكورون في النصّ القرآني، هجم عليهم أولو القدرة والقوة من أعدائهم المعتدين "الباغين"، قاصدين إذلالهم، وطالبين استعبادهم، والتحكم بأموالهم وأنفسهم، ودمائهم وأرواحهم، فلم يدافعوا عن استقلالهم، ولم يحرصوا على عزّتهم، ولم يحافظوا على كرامتهم، ولم يفكّروا بما سيؤول إليه مصيرهم، وعواقب أمرهم، باتخاذهم هذا الموقف الانهزامي الضعيف، إنه الموقف الذي يعكس عدم الموقف، والهروب من اتخاذ أيّ موقف شريف، قوي، عزيز... لم يخطر على بال هؤلاء أيضاً ماذا سيكون مصير الأبناء بعد أن كان هذا مصير الآباء؟ إنهم قوم لم يدافعوا عن مقدّساتهم وكراماتهم، أو أنهم لم يمتلكوا قدرة على الدفاع والمقاومة، بأيّ شكل كان، ونحن نعلم أنّ القدرة لها أسباب ونتائج، والضعف له أسباب ونتائج أخرى. ومن أسباب القوة، وحدة الكلمة، وحبّ التعاون على البرّ والتقوى، وعدم التعاون على الإثم والعدوان... وغير ذلك من عوامل القوة. أما أسباب الضعف الاجتماعي فتكمن في تداعي اللبنات الأساسية في البناء الداخلي للأمّة، فتكون الأمّة مفكّكة غير مترابطة، وغير متحابّة، وذات الفرد فيها أكبر من مصلحة المجموع، والمصلحة الشخصية (المحدودة) أهم من كلٍِّ الاعتبارات الأخرى. وهذه حالة الأغلبية الساحقة لهذا المجتمع العليل.   وبالعودة إلى الآية: أما هؤلاء المعنيون في الآية الكريمة، فإنهم سلكوا طرقاً أرجعتهم إلى الوراء، فأصابهم داء الضعف الإرادي المهين، والجهل المستبين، فأسرفوا في الظلم، وتجاوزوا في الاستهتار، وارتكاب المحرّمات... وأصبحوا من فاقدي الإرادة والمبادرة، ولذا عندما حاق بهم غضب الله تعالى، ببلاء عظيم، وهجوم شرس من أعدائهم على مصدر حياتهم وسعادتهم الموهومة، تشرّدوا في بقاع الأرض الواسعة، هرباً من الواقع المرّ، وواجهوا التهديد بالفناء والهلاك والدمار بشكل أشدّ مرارة... حينئذٍ لم يتمكّنوا من الخروج من هذا الواقع المأساوي الأليم والخطير، ولم يستطيعوا التخلّص من هذه الورطة الماحقة، التي أدخلوا بها أنفسهم – جهلاً وعناداً – ولم يتمكّنوا من تحريك عوامل النهضة حين حلول ظروفها الموضوعية المناسبة، فوقعوا في حيرة الجهالة في كيفية الخروج من هذا المأزق الخطير والكبير. فالجهلاء لا يفكّرون ولا يتصرفون إلاّ على أساس من الجهل، والاضطراب والقلق والتهوّر... لذلك خرجوا من ديارهم، وتركوا أوطانهم، وكانوا ألوفاً – وهذا دليل الكثرة – .   بين الخروج والهجرة: في الآية إشارة قرآنية بلاغية دقيقة ينبغي التنبّه لها وهي: أنّ القرآن الكريم ذكر أنّ القوم (خرجوا) من ديارهم، ولم يقل (هاجروا) من ديارهم. والجواب على هذه الالتفاتة القرآنية الدقيقة كالآتي: إنّ القرآن يريد أن يقول: إنّ هؤلاء القوم عندما خرجوا من ديارهم، نتيجة ذهولهم وارتباكهم وخوفهم، لم تلزمهم عقولهم بالتفكير بضرورة الجهاد والمواجهة الفعلية، واسترجاع القوة والقدرة، ولمّ الشمل المشتّت، ومن ثم إرغام العدو على التراجع، وإلقاء الرعب في صفوفه... (بعبارة أخرى): هؤلاء القوم لم يفكروا كما يفكر المهاجرون في سبيل الله، الذين يهاجرون ليس خوفاً من عواقب العمل، وإنما من أجل الحرص على مواصلة الجهاد، ومواصلة الضغط على الأعداء، وإنزال الرعب في قلوبهم، والبحث عن السبل الناجحة لإرغامهم على التراجع. وهذه الصورة يوضحها القرآن في أبلغ الأساليب وأدقّها بقوله تعالى: (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) (العنكبوت/ 56). وقال أيضاً: (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ...) (النساء/ 100). أراد القرآن أن يصوّر موقف القوم بصورة ذليلة انهزامية، إنهم (في الظاهر) خرجوا من ديارهم، فهناك شبه كبير بينهم وبين الذين يهاجرون في سبيل الله، ويتركون ديارهم أيضاً، ولكن الفارق في المحتوى، أي الفارق يكمن في الدوافع والأهداف من هذا الخروج، وفي النوايا، وفيما يترتب على هذا الخروج من جملة أعمال ومواقف أخرى. قال الإمام عليّ (ع): "من حسنت نيّته أمدّه التوفيق"[3]. لذلك عبّر القرآن بقوله عنهم إنهم (.. خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ...) (البقرة/ 243). لقد كانوا جهلاء، والجاهل يضع نفسه في التهلكة وهو يخشى منها، ويعرّض نفسه للذلّ وهو يهرب منه، ويهاجمه الموت وهو يهرب منه خوفاً وفزعاً. ولا أعني بالجاهل الذي لا علم له، وإنما الذي أعنيه كما يعنيه القرآن الكريم بقوله تعالى: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) (الروم/ 7).   أقسام الناس: التفاتة أخرى ينبغي أن نعرّج عليها ونلمّ بها على ضوء علوم القرآن وهي: إنّ الناس عند نزول المحنة، وحلول البلاء، وخلال مداهمة الأعداء لهم، ينقسمون إلى أربعة أقسام: القسم الأول: منهم مَن يخرجون من ديارهم حذر الموت، كما أشارت هذه الآية لهذا الصنف من الناس. القسم الثاني: منهم مَن يهاجرون من ديارهم لمواصلة الجهاد خارج سيطرة العدو، بحثاً عن العدّة والعدد الكافيين لصدّه. القسم الثالث: منهم مَن يبقون في ديارهم يذوقون مرارة الذلّ، ويعانون من سطوة الظالمين، ومن شماتة الأعداء... فيؤدي بهم هذا الخضوع الذليل إلى الانحراف والفساد، وظلم أنفسهم وظلم الآخرين، وإلى هذا المعنى أشار القرآن الكريم بقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) (النساء/ 97). القسم الرابع: منهم مَن يبادر إلى الاستعداد للمواجهة والتضحية، وهذا المستوى الذي يحثّ القرآن للارتفاع إليه بقوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ...) (الأنفال/ 60).   الخوف من الموت وحبّ الدنيا: من المعلوم أنّ الذي يفتقد الاستعداد للآخرة، يبدأ بالخوف من الموت، وإذا خاف من الموت تعلّق بالحياة الدنيا، وإذا تعلّق بالحياة الدنيا فإنه يصبح إنساناً دنيوياً في تفكيره وسلوكه. إنّ مسألة الخوف من الموت، حالة مرضية خطيرة، تحوي كلّ عوامل الانحدار والنكسة والذلة والغفلة... وهي أيضاً مفتاح لكلِّ أنواع البلاء والشقاء في الدنيا والآخرة، لأنّ الناس عندما يخافون من الموت السريع ويهربون منه، يوقعهم هذا الخوف الذليل في الموت البطيء والخطير. وإن كان المقصود من الحذر من الموت في الجملة التركيبية، في الآية الكريمة الحكيمة في قوله تعالى: (ألم ترَ إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم أُلوف حذر الموت...) الحذر المؤدي إلى الجبن، فهذه حالة سلبية خطيرة وضارّة كثيراً. قال الإمام عليّ (ع): "الجبن والحرص والبخل غرائز سوء يجمعها سوء الظنّ بالله"[4]. وربما يكون المقصود من الحذر في الآية، الخروج عن بؤرة التوتر، والابتعاد عن ساحة الخطر، لأنّ أسباب الموت حينها ونتائجه لا قيمة لها، ولا نفع فيها. وربما يكون معنى الحذر من الموت هو الابتعاد عن ساحة الخطر ولكن ليس خوفاً من الموت، وإنما للبحث عن منابع القوّة والقدرة، وعن مصادر استرجاع العزّة والكرامة، فهم يخرجون من ديارهم (حذر الموت) الرخيص، وبحثاً عن الاستعداد للموت الغالي الواعي، الذي من جوهره تنبع الحياة الدائمة والسعيدة. قال الإمام عليّ (ع): "الموت في حياتكم مقهورين، والحياة في موتكم قاهرين"[5]. فهذا النوع من الحذر يكون إيجابياً ونافعاً في الظروف القاسية، والبلايا العظيمة. وقد تكون للموت الغالي فرصة ذهبية أخرى لاكتسابه، والتقرّب منه... الرسول المصطفى محمد (ص) يستعيذ بالله سبحانه من حياة تمنع خير الممات، وذلك بدعائه الجميل حيث قال (ص): "اللهم إني أعوذ بك من أمل يمنع خير العمل، ومن حياة تمنع خير الممات، ومن دنيا تمنع خير الآخرة، برحمتك يا أرحم الراحمين".   الخائفون في الآية: أما هؤلاء القوم الذين ذكرهم القرآن في هذه الآية الآنفة، فإنهم – على ما يبدو – ومن خلال أحداث القصة، كانوا خائفين من الموت، فهربوا منه، حذراً من لقاء الله. إننا نتمكّن من التعرّف على شخصيتهم من خلال تصرّفهم المضطرب عندما خافوا من الموت، ومعنى ذلك أنهم جهلاء بمعاني الحياة، وأنهم يعيشون أنصاف الحياة، وأنهم طلبة حبّ الدنيا، و"حبّ الدنيا رأس كل خطيئة" كما يقول رسول الله (ص). ولفهم ما يشبه حالتهم أكثر نلاحظ ما يشخّص به رسول الله (ص) أسباب ضعف الأمّة الإسلامية، ويبيّن أسباب تدهورهما الخطير، حيث يركّز على نقطتين رئيسيتين وذلك بقوله (ص): "يوشك أنّ الأمم تداعى عليكم تداعي الأكلة على قصعتها!" قال قائل منهم: من قلة نحن يومئذٍ؟ قال (ص): "بل أنتم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنّ الله من عدوكم المهابة منكم، وليقذفّن في قلوبكم الوهن!" قال قائل: يا رسول الله: ما الوهن؟ قال (ص): "حبّ الدنيا، وكراهية الموت!"[6]. فهؤلاء القوم عندما خرجوا من ديارهم، وهم أعداد كبيرة تقدّر بالآلاف، عرف الله منهم أنهم طلاب الدنيا، وأنهم مسرفون في الفساد والانحراف، وهاربون من الموت العزيز، وراضون بحياة الذلة، عندها قال لهم: (موتوا) موت الخزي والذل والعار... وهنا تكمن خطورة وفداحة هذا الموت!!   عوامل النهضة: ومن جهة أخرى عندما تذوّق هؤلاء الخانعون مرارة الموت، وأحسّوا أنّ حياتهم تافهة لا قيمة لها، عندما شعروا أنّ الموت العزيز نعمة أحسن منها بكثير، أرادوا أن ينتفضوا على واقعهم المأساويّ الذليل، ويعملوا على تغييره بحركة شاملة، تأبى الحياة الذليلة المترفة، للأفراد كما للأمّة، حصل ذلك لهم ولكن بعدما عانوا من المرارات الكثيرة، كمرارة الغربة الشديدة، والبلاء العظيم، فاجتمعوا فيما بينهم وأعدّوا مشروع عمل جديد، وقالوا: إنّ الخروج من عوامل البؤس والشقاء لا يتمّ إلاّ بإيجاد عوامل النهضة الواعية في النفوس، وكسر حاجز الخوف المطوّقين به، وتدريب النفوس على التصدي للباطل المعتدي، والسعي الجاد لتحجيم قدرتهن والاستعداد للتضحية بالغالي والنفيس، في سبيل نصرة الحقّ المضاع، والوصول إلى حدّ تفضيل الموت العزيز، على كلِّ أنواع الحياة الدنيوية الذليلة الخانعة... لقد بدأوا بتغيير أنفسهم عندما زرعوا فيها عوامل نمو الحياة، وشروط النهضة، فعالجوا مرضهم، وساعدهم الله سبحانه فغيّر واقعهم، وأصلح شأنهم، ونصرهم على عدوهم المعتدي، ورزقهم الحياة الأبدية. وهذه الحالة يصوّرها القرآن الكريم بقوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ...) (الأنفال/ 53). وفي قوله تعالى: (.. ثم أحياهم...). وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ...) (الأنفال/ 24). وجملة القول: هؤلاء القوم ماتوا بالخزي والذل، وتمكُّن الأعداء منهم، وبقوا كذلك حتى تمّ إصلاح أنفسهم عبر سنة الابتلاء، وعندما صقلتهم الاختبارات، فتميّز – ساعتئذ – الخبيث من الطيب، ولطف الله بهم، وبثّ روح الحياة والحركة فيهم، بإلقاء القدرة على النهضة، ورفع قوة الإرادة والمبادرة فيهم، للدفاع عن حقّهم المسلوب، في هذه الحالة قاموا بحقوق أنفسهم وأمّتهم وأجيالهم القادمة.   خاتمة: يتوضح من هذا العرض كيف تحيا الأمم، وتنهض الحضارات، وكيف تموت الشعوب وتنهار الحضارات، ويتبيّن من خلال حركة مجريات الأمور ديناميكية حركة الموت والحياة، الفردية والجماعية... ونعلم من خلال ذلك أنّ أحداث الحياة الدنيا جميعها لا تجري اعتباطاً وإنما هناك قوانين مرتبطة بها، متصلة بقوة قاهرة، إنها حركة السنن الإلهية في المسيرة البشرية، وهي سنن ثابتة، لا تتغيّر ولا تتبدّل. فإذا كانت جميع الأحداث في الدنيا تجري ضمن حركة هذه السنن، فينبغي علينا، بل يجب البحث الجاد والدقيق للتعرف على ضوابط هذه السنن، وأبعاد حركتها، ودقة قوانينها. و"العلم بالشيء خير من الجهل به" على أقل التقادير.   الهوامش:
[1]- غرر الحكم ودرر الكلم. [2]- نهج البلاغة كتاب 31. [3]- نهج البلاغة خطبة114. [4]- غرر الحكم ودرر الكلم. [5]- غرر الحكم ودرر الكلم.

[6]- الملاحم والفتن/ ص157، سنن أبي داوود، خ4297.

   المصدر: مجلة نور الإسلام/ العددان 53 و54 لسنة 1994م

ارسال التعليق

Top