• ٣ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٢٤ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

نظرة الإسلام العامة للحياة الزوجية

أ. الشيخ محمد علي التسخيري

نظرة الإسلام العامة للحياة الزوجية
◄أذكر هنا نظرة عامة لخّصها وبشكل دقيق أستاذنا السيد الحائري فيما يخص الحياة الزوجية على النحو التالي: قبل بيان هذه النظرة، لابدّ أن نؤكد قبل كلّ شيء وكأصل موضوعي على أنّ الإسلام رأى من أوّل أنّ سعادة الحياة البشرية تقوم على أساس من النظام العائلي، حيث تشكل العائلة وحدة البناء الاجتماعي، رافضاً بذلك النظام الإباحي المتحلل، ولعل ذلك لأمرين: الأوّل: انّ استقرار الحياة ونظامها بشكل متقن يتوقف على هذا النظام دون غيره. الثاني: انّ الحاجات البشرية ليست كلّها عبارة عن الحاجات، المادية، وإنما تعم الحاجات المعنوية التي تتطلب الإشباع إلى جنب تلك الحاجات، فإذا أمكن أن نفترض أنّ النظام الإباحي يمكن أن يوفر الحاجات المادية فهو يعجز عن إشباع الحاجات الروحية، والتي تنبع من أهمية عنصر السكينة والرحمة التي يحتاج إليها الكبار، لتذيب كلّ ما علق في نفوسهم من اوضار الحياة، كما يحتاج إليها الصغار لتوجد تأثيراً تربوياً متوازناً في تكوينهم النفسي، حيث ينشأون في كنف الرحمة والسكينة التي توفرها لهم الأُمّهات. وقد أثبتت التجربة أنّ الأطفال الذين لم يعيشوا تحت كنف الأُم والأب فقدوا الكثير من النمو الروحي. وبعد افتراض هذه الحقيقة أصلاً عاماً جاء الإسلام فأقام الحياة العائلية على أسس خمسة هي:   الأساس الأوّل: الإيمان بالقيادة الموحدة للحياة الموحدة: فإذا كانت الحياة العائلية تشكل وحدة متكاملة، ومجتمعاً صغيراً فإنّ من الضروري لهذه الوحدة من قائد. وكان القائد هو الرجل الزوج على البيت والزوجة دون الأب على البنت أو الأخ على الأخت. مما يؤكد لنا أنّ الإسلام يجعل المرأة كأنثى في عرض الرجل في الحقوق الإنسانية، ولكنه يعطي بعض المناصب للرجل لمحاولة لتقسيم العمل لا أكثر. وإلا فما معنى تخصيص القيمومة بالزوج دون الأب والأخ.   الأساس الثاني: ملاحظة قدرات نوع الرجل البدنية والفكرية: فبعد أن آمن بذلك رتب الحقوق في المجال العائلي، ومنحه القيادة طبقاً للأساس الأوّل وقد رأينا أنّ هذه القدرات لم تشكل داعياً لقيادة الأب والأخ وإن كانت الأخت قد تختار أحياناً أن تعيش تحت ظل الأخ، ولكن ذلك لا يعد مما فرضه الإسلام إذ يمكنها أن تخرج من هذه الحماية. أما الأرجحية الآتية من ناحية الإنفاق – لو قلنا بها ولم نحمل الباء في (بما انفقوا) على الاستعانة – فهي على أيِّ حال وليدة الأرجحية التكوينية.   الأساس الثالث: اشباع الشهوة الجنسية: ذلك أنّ صفة الواقعية هي من أشمل الصفات الإسلامية. فالإسلام طبقاً لواقعيته عمل على إشباع الجانب المادي كما عمل على إشباع الجانب الروحي من احتياجات الإنسان، لأنّه دين الفطرة، ولأنها حاجات إنسانية أصيلة. وتتمثل الواقعية هنا في عمله على إشباع الغريزة الجنسية كحاجة مادية أصلية، وحفظاً للنوع الإنساني. وهذه الغريزة وإن أمكن أن تلبّى على أساس الإباحية إلا أنّه مراعاة للنظام العائلي الذي فرضه رفض الإباحية، وأقام نظام الزواج ليكون – ضمن إشباعه للغريزة – قد عمل على إشباع الجانب الروحي أيضاً. ولكي يمنع من مخاطر الشهوة الجامحة – لو لم تشبع من طريق محلل – ورد التأكيد الكبير على الزواج، والزواج المبكر. وقد التفت الإسلام إلى نقطة تكوينية هامة هي وجود فرق بين شكل الشهوة عند الرجل وعند المرأة، إذ نجدها ثائرة في الرجل بخلاف المرأة التي تفضل على الرجل بصبرها على عدم العمل الجنسي من جهة، وامتلاكها لقوة تقبل العمل الجنسي من جهة أخرى وكذا شدة لذتها لو حصلت. وربما كان ذلك هو العامل على منح الرجل زمام عملية الاتصال الجنسي بالإضافة إلى نقطة القوامة السابقة. وقد وردت روايات تحث المرأة على أن تعرض نفسها، وتلبي حاجات الرجل، بلا أن تكون هناك حاجة لتوصية الرجل بإشباع المرأة، باعتباره يملك الدافع القوي لذلك. وهذه صورة من صور التوازن الإسلامي العام. ورغم هذا فقد احتاط الإسلام، فأوجب على الرجل المبيت مع المرأة كلّ أربع ليالٍ، وأوجب الجماع مرة كل أربعة أشهر إلا أن تسقط حقها، وجعل من المستحب ملاعبة المرأة لإشباعها جنسياً، وأخيراً حث على هذا الإشباع حينما رغب في روايات تدل على ذلك وإن كانت ضعيفة السند إلى الحد الذي طالعناه. فمنها روايتان بمضمون "انّ إصابة الأهل صدقة"[1]. ومنها رواية أخرى جاء فيها انّه: "من جمع من النساء مالا ينكح فزنى منهن شيء فالإثم عليه".   الأساس الرابع: المودة والألفة والسكينة: يقول تعالى: (خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا) (الروم/ 21). ذلك انّ الحياة الزوجية يفترض لها جوّ يختلف عن أيِّ جوّ آخر كالجوّ التجاري الذي يمكن افتراض العلاقات فيه على نحو آلي صرف قائم على أساس حدي من مصالح كلِّ من الطرفين، حيث يؤدي كلّ من الطرفين التزاماته تجاه الطرف الآخر بدقة. أما في الحياة الزوجية فلا يمكن افتراض علاقات حدية صارمة، وواجبات متبادلة، يقوم بها كلّ من الطرفين تجاه الآخر، وإلا لما أصبحت حياة سعيدة تسودها الألفة والمحبة والسكينة النفسية بل عادة حياة مادية جافة منفعية. وبتعبير آخر فإنّ النظام العائلي كما مرّ يقوم بوظيفة تلبية الاحتياجات الروحية النفسية وهذه التلبية لا تتلاءم ونظام آلي صرف. هذا وقد قام الإسلام بأمور يوفر بها هذا الجوّ من الرحمة. الأوّل: انّه حسس المرأة بحقوق الزوج طالباً منها إطاعته وتعظيمه قائلاً "وللرجال عليهن درجة"، مما يؤدي لكسب المرأة مودّة الرجل وطاعته. الثاني: انّه طلب إليها أن تتزين وتتجمل وتدعو الرجل إلى نفسها مما يوفر أيضاً بالإضافة للإشباع الجنسي جو السكينة والمحبة. الثالث: تحسيس الرجل عاطفياً تجاه الزوجة. فتقول له الروايات "خيركم خيركم لأهله" "فإنّها ريحانه..."، "أوصيكم بالضعيفين..."، "أيضرب أحدكم امرأته ثمّ يظل معانقها". إلى غير ذلك. والملاحظة أنّه ضرب على الوتر الحساس في كل جانب، فإذا طلب من المرأة أن تعظم الرجل، فهي تشبع قوامته، وقوته، وإذا طلب منها أن تتزين فهي تستغل احتياجه الجنسي، في حين إذا أراد للرجل أن يشعر بهذا الجوّ حرّك فيه الجانب العاطفي الجمالي في المرأة. الرابع: أنّه جعل حقوق الزوج على الزوجة في الأمور التي هي أمس بالحياة الخاصة للزوجة أموراً مستحبة. مؤيداً بها أوّلاً جانب القوامية في الرجل، وموفراً بها هذا الجوّ، فإنّ الاستحباب المتوفر هنا لم يكن من الصالح أن يصعد إلى درجة الوجوب لنقاط هي: الأولى: أنّ الوجوب – بنظر الشريعة الدقيق – يتنافى مع حرية المرأة المطلوبة. الثانية: أنّ هذه الحقوق لو وجبت لعادات الحياة الزوجية حياة آلية صرفة، بينما يراد لها أن تكون عش المودة والمحبة. الثالثة: ما سيأتي في الأساس الخامس.   الأساس الخامس: المرونة: وقد قلنا إنّ الإسلام يتصف بالواقعية والفطرية، وهذه الصفة تقتضيه أن يكون مرناً يستوعب متطلبات الواقع. ويتضح هذا بملاحظة بعض الأمثلة: وليس عدم وجوبه لأنّه أخف ملاكاً من بعض الواجبات كرد السلام مثلاً بل يكاد يكون من أهم الأشياء فهو أساس الحياة الزوجية التي هي أساس التكون الاجتماعي. وقد وردت الروايات لتؤكد ذلك فراجع الأبواب الأولى من مقدمات النكاح في الوسائل، ج 14، ص 5، ومنها ما جاء بسند تام عن صفوان (وما من شيء أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من بيت يعمر في الإسلام بالنكاح). إلا أنّ الزواج لم يصبح واجباً. لنقطة الحفاظ على عنصر المرونة، حيث أنّ الظروف ليست على وتيرة واحدة، فقد يُبتلى الإنسان بمشاكل نفسية، أو خارجية، تجعل النكاح أمراً غير مرغوب فيه. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّه لا يمكن أن يعطى للإنسانية نظام صارم يصاغ بصياغة تجعله واجباً أحياناً وغير واجب أحياناً أخرى للنقص الإنساني في التمييز بين الموارد. فكان الأسلوب الأمثل هو التنزل من مرحلة إيجاب النكاح إلى مرحلة جعله مستحباً مرغوباً فيه من قبل الشارع. فذلك خير أسلوب لعلاج هذا الموقف. إذ أنّ الإنسان المتدين الملتزم بالشرع لا يخلو حاله عن إحدى حالات ثلاث: الحالة الأولى: أن يميز بوضوح أنّ النكاح يوجب سعادته وهناءه، وهنا يندفع للزواج حتى لو لم يكن مستحباً. الحالة الثانية: أن يشعر بوجود قيود ومضايقات من الزواج، بحيث لو بقي هو وحالته النفسية لم يكن ليتزوج، الا انّ هذه المشاق لا تقاوم مجموع أمرين لديه: الرغبة النفسية، والاستحباب الشرعي. الحالة الثالثة: أن يكون الشقاء الذي يحس به في النكاح قوياً بحيث لا يمكن أن يقابل هذا الإحساس شيء إلا إيجاب النكاح. ولكن هل من الصالح الإيجاب؟ اننا يمكن أن نفترض فشل تجربة الزواج، وتحقق المخاوف، كما يمكن أن نفترض أنّه يكتشف بعد الزواج أنّه كان في وهم لا معنى له. والتمييز بين الحالتين لا يمكن أن يعطى بيد الرجل، ومن هنا كان الأولى أن يكون الزواج مستحباً.   المثال الثاني: الطلاق: ولا ريب في أنّه مبغوض، وأن بغضه ليس بأقل من بعض المحرمات كما جاء في الرواية[2]. إلا انّه لم يحرّم لنفس النقطة، ونفس البيان. وحينئذ فالمتدين لا يطلّق في الحالات الاعتيادية، وإذا وجد شيئاً من الدواعي ردعته الكراهة، فإذا بلغ إلى حالة لا ينفعها إلا التحريم وجد الإسلام انّه ليس من الصالح ذلك، إذ قد توجد حالات يكون الطلاق فيها ضرورياً، ولا يمكن تمييز هذه الحالات من قبل المكلف بواسطة مقياس شرعي يفهمه فيطبقه بدقة، ومن هنا صار الطلاق مكروهاً كراهية شديدة.   المثالث الثالث: تعدد الزوجات: فقد جعل في الإسلام جائزاً في حد ذاته[3]. بل انّ الذي يستفاد هو كراهته في الحالات الغالبة، لورود تعبير (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) (النساء/ 3)، التي هي بحكم النهي عن التعدد. ولم نحمله على التحريمي وإنما حملناه على التنزيهي بدليلين. الأوّل: ما تسالم عليه الفقهاء من عدم التحريم. الثاني: الآية الكريمة القائلة: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ) (النساء/ 129). حيث الظاهر منها أنها إنما تحرم خصوص الدرجة من الميل التي تكون فيها المرأة كالمعلقة فلا هي كزوجة ولا هي كطالق. فإنّّ محتملات الجمع بين هذه الآية والآية الناهية عن التعدد أربعة: المحتمل الأوّل: أن تفهم الحرمة من مجموع الآيتين كما قاله البعض وأضاف إليه أنّه أبلغ بيان في عدم الجواز إلا في موارد استثنائية. وهو باطل: أوّلاً: لأنّه خلاف مفاد الآيتين معاً. أما الآية الأولى (فانكحوا ما طاب) فإنّه يكون المقصود بها طبق هذا الاحتمال أنّه يجوز لكم أن تنكحوا ولكن بشرط تعجيزي هو العدالة الحقيقية وهي غير ممكنة وهذا أمر غير متعارف تعبيراً. وأما الآية الثانية (آية المعلقة) فهي صريحة في النهي عن خصوص عدم العدالة المؤدي إلى التعليق دون غيره، والتعليق حالة مفرطة في عدم العدالة يوصلها إلى ما يقرب الإضرار بحقوقها الواجبة. وثانياً: فهو ينافي الروايات المجوزة وثالثاً: هو ينافي الضرورة الفقهية والسيرة الثابتة. المحتمل الثاني: أن يقال أنّ الآية الثانية تفسر العدالة في الآية الأولى بأن تقول إنّه إن خفتم ألا تعدلوا عدالة موصلة لإحداهنّ إلى حالة التعليق فواحدة. فنحن إذا بقينا والآية الأولى قلنا بالحرمة ولكن الثانية تفسرها بهذه الدرجة من عدم العدالة. ولكن حمل (فإن خفتم)، على هذا الفرض ليس عرفياً إذا المراد مجرد عدم المساواة في نظرة العرف، وإن شئت قلت: انّ هذا الاحتمال والتقييد مما يأباه الاطلاق. الاحتمال الثالث: ما هو المشهور. من أنّ قوله: (فإن خفتم...) ينظر إلى العدالة العملية. وقوله: (لن تستطيعوا...) ينظر إلى العدالة القلبية.. وهو باطل أيضاً. ذلك لمخالفته لذيل الآية الثانية الذي يجيز عدم العدالة ما لم يصل إلى حد التعليق. وواضح أن ترك العدالة العملية دون القلبية فقط هو الذي يوصل إلى حال التعليق. الاحتمال الرابع: أن يحمل النهي في (فواحدة) على الكراهة حينما يوجد خوف العدالة بدرجة ملحوظة عرفية. أما تقييده بدرجة ملحوظة عرفية فلكي لا يختص حكم الإباحة بفرض نادر. وأما الحمل على الكراهة فلوجود الآية الثانية. فما يستفاد من مجموع الآيتين: أوّلاً: جواز تعدد الزوجات. ثانياً: استحباب الاقتراب من العدالة الحقيقية. ثالثاً: كراهة تعدد الزوجات عند الخوف من عدم العدالة الملحوظ. رابعاً: حرمة ترك العدالة إلى حد جعلها كالمعلقة. وهنا نقول: إنّ الإسلام لا يؤمن بمشاكل تعدد الزوجات المزعومة إلا مشكلة عدم العدالة. وهذه المشكلة رغم أنها في حد ذاتها – وحينما يكون ترك العدالة بشكل ملحوظ وقبل الوصول إلى التعليق – قابلة لأن تبعث على التحريم كما يؤمن به الوجدان الحاكم بالعدالة إلا أنّ الإسلام جعلها مؤدية للكراهة لوجود ملاكات في مسألة تعدد الزوجات ذكرها الكُتَّاب الإسلاميون. ومنها: أنّ النساء المحتاجات للزواج في كثير من الأحيان أو دائماً أكثر من الرجال. ومنها: كثرة حاجات الرجال الجنسية. ومنها: اشباع الرغبة في كثرة الأولاد، أو في الأولاد مع عقم الزوجة، إلى غير ذلك. وإذا كان من الممكن إعطاء مقياس دقيق يفهمه الناس بحيث على أساسه تشخص الموارد، وتفهم المصالح والمفاسد، أمكن أن نتوقع التحريم. ولكن الإسلام أعمل مرونته في البين فبين الكراهة عند الخوف فلم يمنع من العمل به عندما يوجد ملاك آخر. وكذلك يعمل به في مورد التردد.   المثال الرابع: الحقوق المستحبة للزوج على الزوجة: فإننا لو قسنا احترام الزوجة إلى احترام الابن لوالده رأينا انّ احترام الزوجة للزوج يرتبط قبل كلّ شيء بالعقل النظري المذهبي، لأنّه يكمل قوامة الرجل وإن كان يرتبط بالعقل العملي أيضاً كشكر للرجل على خدماته للأسرة، في حين أنّ احترام الابن لوالده هو احترام يختص بجانب العقل العملي كشكر للوالدين على الاتعاب، لأنّ الأولاد البالغين ليسوا بحاجة إلى الأبوين بل قد ينعكس الأمر (ان اشكر لي ولوالديك إلى المصير). وعندما ينعكس الأمر يأتي التأكيد الشديد (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) (الإسراء/ 23-24). فاحترام الزوجة فيه جانب إكمال قوامة الرجل ولعله يستفاد من الآية الشريفة (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ... فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ ...) (النساء/ 34)، ولكنا مع ذلك ومع أهمية القوامة في نفسها وجدنا أنّ هذه الحقوق عادت مستحبة لا واجبة وذلك لنقاط ثلاث مرّ ذكر اثنتين منها وهي: الأولى: وجود ملاك حرية المرأة. الثانية: وجود ملاك خلق الجو الأليف في البيت.

الثالثة: هذا الذي تحدّثنا عنه وهو عنصر المرونة، حيث انّ هذا الاحترام وإن كان يكمل المرونة إلا انّه قد يجر إلى تحكم الرجل، بل قد يتمحض في التحكم. ولما لم يكن هناك مقياس في البين ولا يمكن أن يسلم المقياس للزوجين إذ يختلفان في مصاديق التحكم، كان خير أسلوب هو جعل الطاعة مستحبة.

 الهوامش:
[1]- الوسائل، ج49، مقدمات ح1، ح4، ص75-76. [2]- الوسائل، ج14، ص5.

[3]- ولم نقف على دليل يجعله مستحباً أما آية (فانكحوا ما طاب لكم...) فهي واردة في مورد اليتامى والحكم وإن كان عاماً إلا أنّ المورد يسلبه الظهور في الطلب وإنما يتعدى من المورد لعدم الفرق عرفاً على أن تعليق الحكم على إرادة الإنسان (ما طاب) يسلبه الظهور في الطلب ويعطيه ظهوراً في الجواز واما الروايات فهي واردة في كثيرة الطروقة ج14 مقدمات النكاح (ما طاب).

  المصدر: مجلة رسالة التقريب/ العدد 69 لسنة 2008م

ارسال التعليق

Top