أهمية الإعلام في تشكيل الصورة الذهنية والاتجاه العملي:
لم يعد الإعلام المعاصر مجرد أداة لتوصيل المعرفة وتزويد الناس بالخير والحدث، أو حتى مجرد وسيلة للترويح والترفيه والتسلية، بل تعدى ذلك بعد تطور وسائله وتعددها ليصبح محتوياً ما سبق كله بالإضافة إلى تحوله إلى أداة فاعلة في صناعة الرأي العام الذي لم يعد مستقبلاً للمعلومة أو الخبر فقط، بل أصبح يتفاعل ويتأثر عقلياً وفكرياً وسلوكياً.
إنّ الإعلام بوسائله الحديثة وبرامجه المتنوعة إنما يصدر عن تصورات وأفكار ومبادئ تعمل على إحداث تغير مقصود في المجتمع المستهدف ليس في دائرة محددة أو مجتمع بعينه، بل يحدث ذلك على المستوى العالمي مغطياً البشرية في كل أرض وتحت أي سماء، مما جعل العالم كله قرية واحدة تعيش الحدث وتتلقى الخبر في وقت واحد وزمن مشترك عن طريق وسائل الإتصال الجماهيري المباشرة، فلم يعد هناك اختلاف حول الدور المتعاظم الذي تقوم به وسائل الإعلام في عصرنا الحاضر نحو شعوب العالم، فقد أصبح الإعلام قادراً على البناء قدرته على الهدم.. قادراً على ترسيخ القيم أو زعزعتها، وذلك وفق مصدر الرسالة والمضمون الذي يحمله سلباً أو إيجاباً.
تمتلك وسائل الإعلام من خلال ما تبثه القدرة على تشكيل تصورات الناس حول الحياة والعالم من حولهم وتمتلك أيضاً القدرة على تغيير نظرتهم وأفكارهم ومعتقداتهم، من خلال تغيير مواقفهم تجاه الأشخاص والقضايا، فيتغير بالتالي، حكمهم عليها، وموقفهم منها.
تغيير المواقف والاتجاهات، لا يقتصر على الموقف من الأفراد والقضايا، بل يشمل القيم وبعض أنماط السلوك، فكثيراً ما قبل الناس، وتعاملوا بلا مبالاة، مع سلوك كانوا يأنفونه ويشمئزون منه، وكثيراً أيضاً ما تخلى الناس عن قيم كانت راسخة، واستبدلوا بها قيماً دخيلة، كانت موضع استهجان فيما سبق.
المرأة والعمل:
ولعل قضية مشاركة المرأة ومساهمتها في مختلف نشاطات المجتمع لم تعد مجالاً للمناظرة، بل إنّ الواقع وسير الأحداث يفرضها حقيقة موضوعية، فالمرأة الريفية والبدوية في بلاد المنطقة تقوم ببعض الأعمال الزراعية وبعض الحرف المنزلية والصناعات اليدوية، كما أنّ المرأة قد دخلت سوق العمل في عدد من القطاعات الاقتصادية الحديثة في العواصم والمدن، وشكل العمل – أياً كان مجاله – قيمة حقيقة لوجود الإنسان، وأصبح ضرورة إنسانية يحقق من خلاله انجازات حتى ولو كانت بسيطة، ولما كان بناء المجتمع يتشارك فيه الرجال والنساء فكان من الضروري الإيضاح أن تقصير جنس دون الآخر في العمل ينتج خللاً في بنية المجتمع ويؤدي إلى إعاقة عملية التنمية.
ومن هنا كانت ضرورة انخراط النساء في العمل كلما سار ركب التنمية وتوسعت ميادين العمل في المجتمع، وازدادت الحاجة إلى زيادة أعداد العاملين وصار من الضروري زيادة كفاءتهم وقدراتهم وتنظيمهم وسن القوانين الناظمة للعلاقات فيما بينهم دون تمييز بين كونهم رجال أو نساء، ولم يعد هناك مجال لأن يبقى فرد من أفراد المجتمع عالة على غيره دون أن يقوم بدوره.
من هذه الرؤية تكون ضرورة عمل النساء هي ضرورة مشاركة لا تنافس، ويبقى الأهم بالنسبة لعمل المرأة اختيار نوعه، وطبيعته، وتنمية مهاراتها وتوضيح أهدافها، وضمن هذا السياق لا يبقى الهدف من عمل المرأة الخروج من المنزل فقط وإنما يتسع المفهوم ليشمل كل عمل مفيد تقوم به المرأة حتى لو كان عملاً منزلياً في تربية الأولاد أو تعليمهم أو القيام بشؤون البيت وإدارته.
المصدر: كتاب الإعلام وقضايا المرأة
ارسال التعليق