• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

التائبون عن الحب.. كم يصمدون؟

التائبون عن الحب.. كم يصمدون؟

كم من الوقت يمكن أن نتحمل العيش من دون حب.. ومن دون شريك يشاركنا العزف على إيقاع القلب؟ وهل "التوبة" عن الحب قرار جدي يجعلنا نصم آذاننا عن أي همس قد يحمل بعض احتمال ببعض المشاعر الدافئة؟ أم أنّ اعتزال الغرام كلام ليل يمحوه النهار؟

حين تركته في الحديقة وحيداً يلملم كلماتها من هنا وهناك، أقسمت على ألا تحب ثانية، وألا تصدق رجلاً يقول لها "أحبك"، فتوبتها كانت من قلبها الذي صدقه، وقرارها كان حازماً وقاطعاً، وهي الصبية التي انتظرته ستة أعوام ليأتيها في ذلك اللقاء مودعاً وفي يده بطاقة سفره إلى الولايات المتحدة.

 

"صيام" عن الحب:

لم يكن لقاءً يشبه غيره، في وجهه ارتسمت ملامح خجل لم تخف عليها وهي التي عهدته وخبرت انفعالاته طوال سنين، "كان مرتكباً وهو يخبرني عن سفره لإنهاء دراسته العليا، فحبنا تبخر في لحظة واحدة أخبرني فيها ألا أنتظره وأنني أستحق الأفضل"

غدر وخيانة واستخفاف بعاطفتها، كلها أحاسيس انتابتها وهي تتأمل عينيه الهاربتين من عينيها، "وهل أستحق هذا؟". تسأله وهو يحاول تبرير تصرفه "بضرورة بناء مستقبله"، الذي لا يوجد لها مكان فيه، ولكنها انتظرت من دون نتيجة، "فرحيله جاء ضربة لكلِّ أحلامي مع الشاب الوحيد الذي أحببته وتأملت البقاء معه حتى أموت".

انشغال الدكتورة رنا بحياتها العملية وتفرغها الكامل للمستشفى والمرضى، مازالا حتى اليوم وبعد مرور سبع سنوات على رحيله "التعويض عن فقدانه، والدواء لحالة التعطش العاطفي الذي تعيشه بعد أن أعلنت إضرابها عن الحب منذ أن أدار لها ظهره وقال "إلى اللقاء".

·      ألا تفتقدين رجلاً في حياتك على الرغم من زحمة عملك؟

"الافتقاد موجود ولكن لم تعد لدي رغبة لأحب من جديد، فوصول المرأة إلى مرحلة التوبة والإضراب العاطفي لا يأتي إلّا بعد أن تشهد سقوط أحلامها مرة واحدة".

أنتوب عن الحب ونمضي من دون أحاسيس في حياة لا تعاش إلّا بقلب يخفق حباً ويزغرد طرباً؟

 

مستحيل:

"العزوف عن الحب يشبه العزوف عن الحياة"، ولأنّ عشق الحياة بدمنا، فالعيش من دون حب "قرار من ورق"، يقول أيمن طلعت، الذي يؤمن بأنّ القرارات قد تنجح في كلِّ مجالات الحياة إلّا حين يتعلق الموضوع "بمشاعرنا وأحاسيسنا التي لا نملك زر التحكم فيها، مهما ادعينا قوة".

أيمن لا يجد في التوبة عن الحب أي شكل من أشكال المنطق: "فالعقل لا يحمينا من الوقوع في مصيدة الحب، والصدمة لا تمنع احتمال حب آخر قد يأتينا فجأة ومن دون مقدمات".

لهذا فالحياة تستمر مع كلِّ الذين صدمهم حبهم، والدليل أننا مازلنا نسمع بقصص حب على الرغم من "العثرات وخيبات الأمل والمطبات التي تصادف اثنين يسيران في مشوار كان عنوانه (حكاية حب)".

ولو تمكن أحد من إيقاف دقات قلبه بعد ضربة يتلقاها من شريكه "لما كان للحب عمر يبقيه حياً حتى الآن"، فقصص الحب ملأى بأبطال يُطعنون على يد من سلموهم الحلم وحبال المستقبل: "إلّا أنّ الحب أبقى وأقوى من أي جرح". وهذا ما يوقف النزيف بعد حين: "لنتطلع إلى الأمام بعين تبحث عن عين تشاطرها نظرة حب لنداوي الجرح بأمل الآخر المختلف ولو طال زمن البحث".

ولكلِّ من يقول "أنا صائم عن الحب"، يرد أيمن الذي ينعم بحياة زوجية تؤكد مع مرور الأيام أنّ الحب وجه الحياة الآخر، "الحب ليس طعاماً نصوم عنه، وإلّا لكان من السهل التعايش مع واقع لا يعترف به، الحب حاجة عاطفية تجعلنا ننتظر بلوغها وتوقعها من وقت إلى آخر". ومادام هناك رجل وامرأة، "فالحب على بعد لحظات منا مهما رددنا (لن نحب)".

 

غداً يوم آخر:

"إن كان للحب شرط بأن يخفق له قلبان ليعيش، فيكفي أن يخون قلب واحد حتى يموت".

هذه الإدانة للطرف الآخر من وجهة نظر أحمد المنجي هي أساس توبة الرجل أو المرأة عن الحب، "فخيانة الشريك تحرق عمر الحب، وتجعل منه مجهولاً يحسب حسابه إذا كان في الذاكرة جرح عميق، سببه الطرف الآخر من الحكاية".

ولأنّ الخيانة هي "جريمة الحب التي لا تغتفر"، فأحمد يحددها شرطاً لأي رد فعل سلبي تجاه "أحلى شعور في الدنيا"، فلن يأخذ الرجل قراراً "بالابتعاد عن الحب مئة ميل إلّا إذا كان فعل حبيبته على حجم ردِّ الفعل الذي يأخذه رغماً عنه، فيحرم على قلبه أن يضعف أمام أنثى ويسور مشاعره بحصن منيع ضد من تملك ولو قدرة في حجم إبرة على تحريك الرماد من تحتها".

·      وهل في إمكان الحصن أن يمنعنا من السقوط حباً؟

"بيد المرأة والرجل عصا سحرية تضرب أقوى حصن في العالم إذا عرف كلّ منهما كيف يذيب الحدود بينه، وبين الحب، لهذا، فأكبر الحصون سيهوي ما إن نشعر بأننا عثرنا على شريك يبني معنا حلماً يبدأ أوّل ما يبدأ بلحظة شرود تكون محتلة من الآخر".

جرح الصدمة قد يطول: "ومن الخطأ البحث عن حب جديد قبل أن يلحم، ولكن علينا الاقتناع بأنّ غداً شيئاً جديداً يبدأ، ولابدّ ليوم آتٍ من أن يحمل شريكاً يعرف كيف يصون وكيف يحمي وكيف يجب من أعطاه قلبه ومستقبله".

·      ومن هي المرأة التي قد تدفع الرجل إلى قرار العزوف عن الحب؟

"التي تخونه في عرضه وشرفه، فهي أكثر النساء تأثيراً في مشاعر الرجل، خاصة حين يكون حبه لها أعمى وبلا حدود".

ولكنها امرأة لا تستحق أن يحرم الرجل قلبه من حب آخر، "فقط عليه أن يتمهل ولا يصدق قلبه من أوّل مرّة".

وتبقى الخيانة عند الرجال "العصا التي تحملها المرأة لنسف مشاعر الحب والتوقف عنه حتى يتمكن من نسيان ما حدث".

محمّد أخرس لا يؤمن بفاعلية القرار واعتزال الحب، وكأنّ الحياة تحتمل إقصاء الحب عن النبض فينا: "إلّا أنّ الصدمة التي تخلفها المرأة في حياة الرجل تتطلب وقتاً ومراجعة لحساباته، فلا يعود من السهل عليه الوثوق بامرأة أخرى إلّا إذا عد للمليون قبل أن يصدق كلمة حب منها".

لهذا، فلنستبدل كلمة توبة بعبارة "مراجعة لحساباتنا، لأننا حين نتكلم عن هجر الحب إنما "نوهم أنفسنا بأنّ كلَّ شيء سيسير على ما يرام، لو بقينا بمنأى عن الجنس اللطيف".

فكلا، الحياة لا تنجح إلّا برجل وامرأة، "وما من شعور أحلى من الحب، ذاك الذي يجعلنا نكمل الدرب ومعنا من يطبطب على كتفنا في أيام الشدة".

تصوّر محمّد عن الحب وعلاقته بحياتنا يجعله يضع فترة قصوى لتحمل العيش دونه: "فلن يبقى الرجل بلا قلب لأكثر من ثلاث سنوات، فهي حد أقصى لمقاومة مشاعره لا أعتقدها ستقبل بالهزيمة أمام اعتصامه عن الحب طويلاً".

 

عقدة:

تجاوز أزمة الصدمة مع الشريك ليس بالأمر السهل كما يخبرنا عبدالرزاق الخولي من خلال تجربة مرّ بها صديقه منذ أعوام، "فتخيلوا قسوة الصدمة حين يكتشف الرجل أن حبيبته على علاقة بصديقه".

سؤال لا يتحمل جوابين، كما يتابع: "فحين اكتشف خيانتها رفع صديقي الراية البيضاء أمام جنس النساء، معلناً هزيمته وعدم جرأته على المغامرة وتحمل صدمة جديدة".

عبدالرزاق وإن كان يختلف مع صديقه في أخذ موقف سلبي ومطلق من النساء، يذكر نفسه بأنّ من يده في الماء ليس كمن يده في النار، "فالصدمة جارحة ومهينة لكرامته وعواطفه، ولا يستطيع أحد منا تخمين ردِّ فعله تجاه خيانة من يحب".

إلّا أنّ العدول عن توبة الحب سيأتي حتماً: "على يد امرأة أخرى تنسيه ما حدث معه، وتبشره بأنّ في القلب مطارح أخرى لحب آخر".

·      وماذا حدث لصديقك؟

"لقد دمرته نهائياً، واليوم وعلى الرغم من مرور وقت طويل على قراره، مازال تحت تأثير الصدمة، فلا حب جديداً في الأفق ولا احتمال من قبله لنسيان ما جرى وتبرئة النساء من ذنب حبيبته التي خانته".

لا تقف خيانة المرأة وراء إضراب الرجال عن الحب في كلِّ تجربة، "فحين تخذله وتنكث بوعدها تدفعه إلى السير في طريق اعتزال الحب".

عصام بشير، الذي لم يعتزل الحب يوماً نظراً إلى ارتباطه بالمرأة الوحيدة التي أحبها، يحدثنا من تجربة صديق له "لم يضرب عن الحب فحسب، بل حذف كلمة زواج من قاموسه".

فالتوبة عن الحب لا تجر بعض الرجال إلى اختيارات العقل والمنطق: "فيتزوجون من دون علاقة مسبقة كردِّ فعل لحب فاشل"، وإنما يحدث أن يقرر الرجل المصدوم "وضع الحب والنساء على الرف من دون أن يقترب منه أو يحاول حتى تأمله".

وهذا ما جرى مع صديقه حين "استسلمت حبيبته لإرادة أسرتها فتركت حبها وراء ظهرها وراحت تتعامل مع مشاعرها على أنها فعل ماض".

هذا التنحي عن الوعد وعدم الوفاء لحلم الحياة المشتركة لم يكن ليمر في حياة الرجل مرور الكرام: "فقد انطوى على نفسه واعتزل الناس لفترة لا بأس بها، بعد أن وجد نفسه في منتصف الطريق بلا حلم أو أمل يعيش عليه".

كلام عصام عن صديقه يضرب ما يُشاع عن الرجال وتجاوزهم محن الحب بسهولة: "وهذا ما نراه بكلِّ قصص الحب الفاشلة التي تتزوج الصبية بعدها وتصبح أماً في الوقت الذي يكون الرجل فيه مازال واقفاً على أطلال حبه وحيداً ينشد العزاء فيمن فقده".

 

قلب يخفق:

"لا تمتلك امرأة بعينها الحب لتحرم الرجل منه إن انتهى دورها في حياته".

حمزة الزعبي يجد في قابلية القلب على الحب جواباً عن كلِّ رجل يفكر أنّه من السهل الامتناع عن الوقوع في حب امرأة: "فمادام القلب يخفق، نستطيع أن نحب وننسى ونتعايش مع تجربة الحب المريرة بعقلانية من يريد الاستمرار تحت أي ظرف أو خيبة أمل".

فالمشكلة ليست في المرأة "إن خانتنا أو تنازلت عنا في منتصف الطريق، وإنما بقلبنا وقدرته على مداواة دقاته من جرحها، فكثيراً ما يجتاز الرجال أزمة عاطفية نتيجة عجز قلوبهم عن العيش من دون حب، وكثيراً ما يبقون سجناء الحكاية لأنّ قلوبهم وبكلِّ بساطة لا تجرؤ على الحب من جديد".

ثمّ إنّه ما من مخلوق "رجلاً كان أم امرأة"، يستحق "أن نحرم أنفسنا عاطفياً من الحياة والحب، لذلك فأنا ضد اعتزال الحب ومع أي قرار يفتح أمامنا نافذة إلى نور الأمل ونور حب جديد لابدّ سنلقاه في طريقنا".

 

شفاء عاجل:

اعتزال الحب نتيجة صدمة عاطفية يأتي من وجهة نظر خالد راشد موسى تصرف لا يقوم به إلّا الرجل العاطفي "الذي تتحكم فيه مشاعره ولو كان على علم بخطأ قراراته".

فالرجل العملي لن يُضرب عن الحب "لأنّه فقد من يحبها"، فنراه يشفى بسرعة من جرحه ويبدأ البحث عن حب جديد يحمله الكثير من أحلامه التي فقدها في حبيبته الأولى".

·      وما خطة الرجل التائب عن الحب؟

"خطته تعتمد على إطلاق الأحكام المسبقة بحقِّ أي امرأة تحمل في ملامحها بوادر حب جديد، فيغلق عينه أمامها ويسد نوافذ روحه لتلقي إشعاعات جاذبيتها، فيحاصرها بموانعه ورفضه، حتى يجدها أخيراً تمشي عكس خطواته، تاركة إياه وحيداً مع حبه القديم الذي لم يستطع التغلب على تأثيره".

 

انتقالية:

"ربيع الحب كخريفه فصلان يعيشهما القلب، مرة يسعدانه ومرة يحزنانه، لكنهما في النهاية لا يدمرانه إن عرف كيف يرمم ما كسر في حياته".

زاهر عمار من الرجال الذين لا يقبلون الهزيمة أمام حب "مهما كان كبيراً"، فالهزيمة هي المرادف لكلمة توبة: "والتوبة عن الحب تفضح ضعف الرجل واستسلام المرأة". ثمّ إنّ الفشل في علاقة حب لا يتطلب التوقيع على تنازل عاطفي لمن مرّ في حياتنا، "كل ما في الأمر أننا في حاجة إلى فترة انتقالية بين التجربتين حتى لا نكرر أخطاء الماضي بجديد علينا ألا نظلمه بتحميله مخاوفنا من الشريك السابق".

زاهر الذي يسير إلى الأمام بخطوات تعرف هدفها جيداً يربط بين اعتزال الحب وقدرة المرء على التكيف مع واقعه، "فحكاية الحب الفاشل كأي صدمة تعبر حياتنا، مثلها مثل المرض والفقدان والخسارة بكلِّ أنواعها، لهذا فعلينا أن نتجاوز آثارها ونخرج من عزلتنا من دون أن نحرم حاجتنا إلى الحب من مشاعر لن تموت بموت حبيب صدمنا أو خاننا".

أتملك الأنثى قدرة الرجل على اعتزال الحب؟ أم أنّ الوصول إلى سن التقاعد في عُرفها أمر لن تحكمه تجربة ولا خيبة أمل؟

 

جرح:

"قد تتوب المرأة عن حب ما جرحها، ولكنها لن تعتزل الحب ولو بلغت الستين".

فاطمة بن عيسى (موظفة) تكشف طبيعة الأنثى العاجزة عن التعامل مع الحب، "كما لو كان طبقاً في إمكاننا الامتناع عن تناوله ما إن نعرف بمضاره"، فالتوبة عن الحب لا تتماشى مع إيقاع الحياة ومع حاجتنا كبشر إلى وجود الآخر معنا: "وهذا ما يكشفه تعدد التجارب العاطفية في حياة الناس، حيث لا يمكن لأحدهم العيش في عزلة عن مشاعره ولو صعق بتجربة حفرت في قلبه جرحاً عميقاً".

هذه الحاجة الإنسانية إلى الآخر "رجلاً كان أم امرأة"، لا تجعل من قدرة التحمل كبيرة، "فسرعان ما يندمل الجرح وتلح الحاجة لحالة يكون الإنسان فيها على غيمة من الفرح الذي يبعثه الحب فينا، الأمر الذي يطوي صفحة الماضي ويجعل من عمر التوبة أقصر مما نتوقع".

·      وكم تدوم توبة المرأة عن الحب؟

"أسبوعين"، تجيب فاطمة ضاحكة، ولكنها تشترط ردها برغبة المرأة على تجاوز أزمتها، "أما إذا كانت من جماعة الوقوف على الأطلال، فستطول فترة توبتها لتصل إلى السنة من دون أي شعور افتقار إلى آخر يحبها وتحبه".

·      وكيف تتجاوز المرأة محنة الصدمة؟

"بوضع حسنات وسيئات من تحب في كفتي الميزان، فإذا مالت كفة سيئاته، ستعرف بأنّه لا يستحق حزنها ولا صدمتها، وبالتالي ستخرج من دائرة همومها متعافية منه بعد أقل من أسبوعين".

 

ليس سهلاً:

توبة الأنثى عن الحب لا يمكن الخروج منها بسهولة، كما تقول بلسم بشارة، اختصاصية غذائية: "فحب المرأة لا يشبه حب الرجل، وبالتالي فصدمتها لن تكون بالعادية لتنتقل إلى حب آخر بسهولة".

صدمة الفتاة بمن تحب تكون عادة أكبر وأشد ثقلاً من الشاب نفسه، "فحزنها هنا ليس عليه بل على سذاجتها التي دفعتها لحب من لا يستحقها، لذلك تجد نفسها خارج حلقة العواطف كلياً، فتفقد الرغبة في التعرف إلى غيره، لأنّها لا تملك جاهزية الدخول في تجربة وبصمات التجربة الأولى في وجدانها".

·      وهل تدوم عزلتها كثيراً؟

"الإنسان ينسى مهما طالت فترة حداده، لهذا لابدّ من التعامل مع فقدان شريكه العاطفي بشكل واقعي، بحيث يتقبل فكرة الخسارة بعد وقت من الزمان".

 

صدمة:

"على قدر الضربة تطول ربة المرأة عن الحب".

بهذا تبدأ دنيا محمود، ست بيت، حديثها عن قدرة المرأة على التوقف عن الحب، "فالرجل هو الطرف الآخر من مشاعره لن يأتي قرار اعتزالها إلّا بتحريض منه، وحين يضرب الرجل ثقة المرأة به سواء عن طريق خيانتها، أم التلاعب بعواطفها، فلابدّ أن تأخذ استراحة طويلة من الحب الذي سبب لها كلّ ذلك الألم".

·      وما أكثر الدوافع التي تجعل المرأة تقرر الإضراب عن الحب؟

"شعور الغدر الذي يأتيها بأكثر من شكل، فرقة المرأة وعذوبة الطريقة التي تتعامل بها مع الرجل، تجعلان وقع غدره عليها كبيراً، فيصيبها الخجل من نفسها، لأنّها صدقته، والغضب عليه لأنّه تلاعب بها. والنتيجة اعتزال للمشاعر لا تعرف هي نفسها متى تعرض عنه".

اعتزال الحب لا يفرض بالضرورة اعتزال الرجال "وتجنب الوجود معهم"، فالقلب مغلق "ولو أحاط المرأة ألف رجل".

ميل المرأة إلى إعلان قرار "التوبة عن الحب"، يجسد: "ضعفاً أنثوياً في مواجهة الحياة، وكأنها حين تخسر رجلاً تخسر به كلّ الرجال وكلّ المشاعر التي من الممكن أن تعيشها لو منحت قلبها فرصة حب آخر".

فتوبة الحب جدية عند المرأة بقدر ما هي "آنية ومؤقتة عند الرجال العاجزين بطبيعتهم عن العيش من دون علاقات لا تشكل الخيبة فيها أي مانع لحب جديد".

 

هشاشة:

لا توافق ثناء عبدالرحيم، تنفيذي مبيعات، على تسمية فترة التعافي من الحب "بالضعف الأنثوي"، فالطبيعة الحساسة ليست "ضعفاً ولا مؤشراً لهشاشة نفسية أو عاطفية لا يمكن للمرأة التغلب عليها"، ولكن الإعراض عن الحب "نتيجة لخيبة في الحب"، وليس بيد المرأة مهما كانت شخصيتها قوية "الاستيقاظ في الصباح التالي وكأنّه بداية ليوم جديد".

فترة الشفاء من الحب لابدّ من أن تعاش من قبل المرأة "حين تملك الحكمة الكافية لدراسة أسباب صدمتها، فتخرج بخلاصة تجنبها الدخول في حكاية مماثلة".

 

تعبير عن خيبة الأمل وبوادر اكتئاب:

·      هل في إمكاننا الإضراب عن الحب والعيش دونه؟

"صدق القرار والعمل فيه لا يعطي أي مؤشر لاستمرارنا بذاك الإضراب غير المنطقي".

الدكتور محمّد حسين عليّ، طبيب نفسي، يؤكد أنّ الكثيرين "من الشبان والشابات وبعد تجربة قاسية ومريرة في الحب يصلون إلى اتخاذ قرار يمنعهم من الانخراط في مغامرات عاطفية يحذرونها ويبتعدون عنها".

خيبة الأمل هذه "قد تجعل منهم ضحايا لاكتئاب شديد، فالحب تجربة بقدر ما هي سامية ودافئة بقدر ما تخلف ألماً شديداً لا يمكن للكثيرين تحمله".

·      هل يمكن أن تكون التوبة عن الحب شكلاً من أشكال الاكتئاب؟

"تعبير التوبة ليس إلّا تعبيراً وجدانياً عاطفياً، يظهر خيبة الأمل بالمجتمع والآخرين من دون أن يحمل في طياته سمة الاستمرارية، فالقليل من أصحاب القرار يبقى على هذا الموقف بعد بضع سنوات ليحسن بعد ذلك في اختياراته، فينتقي من هو أقرب إلى طبيعته ومزاجه بعد أن يؤمن بأنّ الحب يستحق العناء".

فالحب كما يعرّفه الدكتور حسين "قوة الحياة وسر بقاء الجنس البشري على الأرض، فهو أسلوب الطبيعة في إغراء البشر للاستمرار والتمتع بالحياة".

لهذا: "فالإضراب عن الحب قرار لا ينجح مهما حاول المضربون أن يشغلوا أنفسهم بأنشطة إنسانية أو جمعيات خيرية تضم الكثير ممن يحاولون ترك الحب جانباً واستبداله بعمل خيري يشغل وقتهم كله".

·      لماذا تكون توبة الرجال عن الحب أقصر من توبة النساء؟

"عاطفة الحب عند النساء تكون أعمق وأشمل وأدوم، وفيها الكثير من الالتزام مما هي عند الرجال، لهذا يأتي الجرح أكبر، وكيفية التعامل مع الخيبة أقل عقلانية من الرجل الذي لن يصبر على توبته طويلاً".

ارسال التعليق

Top