◄يعدّ الزواج الثاني في حياة المرأة من الأزمات التي تؤرق حياتها الزوجية والأُسرية، حيث ترى عدم أحقية الزوج في الارتباط بأُخرى، طالما لم تقصر مع زوجها، ولم تهمل بيتها، وليس بها عيب، وبالتالي لا يوجد أي سبب لزوجة ثانية، ومع ذلك قد تتناسى المرأة في لحظة، تجاهل زوجها لأُمور المنزل والأولاد.
مهما تعدّدت الأسباب يظل الزواج الثاني غدراً وخيانةً
تعزّز طبيعة الرجل النفسية لديه الرغبة في التغيير، بعكس المرأة التي تحبّ الهدوء والاستقرار طالما وجدت ما تتمّناه واستقرت عليه، ومع ذلك لو تزوج الرجل مرّة أُخرى على أمل أن يعوّض حرمان وألم الزواج الأوّل، تعتبر المرأة زواجه الثاني غدراً وخيانةً، وانهياراً لحلمها في تكوين أُسرة مستقرة.
وفي هذا السياق تقول راوية عبدالحليم، ربة منزل، إنّها كانت تسمع كلام زوجها، وبذلت قصارى جهدها لإسعاده، ولكن التأخر في الإنجاب كان سبباً في تغير زوجها، ولم يتحمّل ضغوط أُسرته في طلب الزواج من أُخرى لتحقيق حلم الأبوة، وتابعت قائلة: رغم أنّ هذا حقّه الطبيعي، لكنّه لم يضع في الاعتبار التأثيرات السلبية لهذا القرار.
وتضيف أنّها تمسكت بالانفصال عنه، لأنّها لم تتحمّل وجود زوجة ثانية، وبالرغم من ذلك لم يتراجع عن قراره بالزواج من أُخرى، ولم يتأثر بهدم الحياة الزوجية التي استمرت سنوات طويلة.
وأكّدت مروة الشيمي، موظفة، أنّها كانت تعيش حياة زوجية تتخللها بعض المشاكل البسيطة التي توجد عادة بين المتزوجين، وذات مرّة أخبرها زوجها أثناء مشادة كلامية بينهما بأنّه يحبّ امرأة أُخرى، وينوي الزواج منها، لأنّها تهتم به كثيراً وتلبّي جميع متطلباته. وأضافت: أنّها حاولت إقناعه بالتراجع عن القرار مقابل أن تترك العمل وتضاعف اهتمامها بزوجها وبالأُسرة، لكنّه لم يتغاض عن حلمه بالزواج من امرأة ثانية، وتمسّك بالزواج الثاني، ومع ذلك رفضت الطلاق ورضيت بالأمر الواقع حفاظاً على أولادها.
وأوضح مازن عبدالعال، موظف بأحد البنوك، قائلاً: تزوجت من امرأة أُخرى، بسبب شكوك زوجتي الأولى وغيرتها الشديدة عليَّ، وتابع: لم أتحمّل حياة الشكّ والغيرة الزائدة، وقررت الزواج من امرأة أُخرى تستطيع توفير الحياة الهادئة التي أنشدها وتثق في ولائي لها. ويرى أنّ الشكّ عندما يصل إلى عدم الثقة بين الطرفين يكون الانفصال الحل الوحيد.
ومن جانبها، أكدت نور عابدين، استشارية الصحّة النفسية في مصر، أنّ الزوج له الحقّ في الزواج من أُخرى، بشرط العدل بينهما، ومراعاة أولاده وعدم التقصير في حقوقهم، وشدّدت على أهميّة مناقشة زوجته قبل الزواج بأُخرى، ومعرفة الأسباب التي أدّت به إلى هذا التفكير، لا سيّما وأنّها قد تعدل من أخطائها لو وجدت.
وأضافت: أنّ أبرز أسباب فشل العلاقة الزوجية، هو عدم اهتمام المرأة بنفسها، والتعامل مع الزوج بندية ورأساً برأس، وبالتالي على المرأة أن تدرك أنّها زوجة فقط، وتبحث عن حلول لإرضاء زوجها للحفاظ على الاستقرار النفسي للأُسرة والأطفال، لأنّهم الطرف الوحيد الذي يجني ثمار انفصال الوالدين.
ومن جانبها، أوضحت الدكتورة عايدة منصور، استشارية الصحّة النفسية، أنّ الأسباب التي تدفع الرجل إلى الارتباط بامرأة أُخرى كثيرة ومتعدّدة، وليس شرطاً أن تكون جميعها من صنع المرأة، لأنّ الرجل له أخطاء مثل المرأة، ولكن بحكم ثقل المسؤوليات الملقاة على عاتق المرأة تلصق بها جميع مسبّبات تدهور الحياة الزوجية، وبالتالي يلجأ الرجل إلى الحل الأسهل ويتزوج بأُخرى، اقتناعاً منه بأنّه سيجد الدفء العاطفي والاستقرار النفسي.
الأسباب التي تدفع الرجل للارتباط بامرأة أُخرى كثيرة ومتعدّدة، وليس شرطاً أن تكون جميعها من صنع المرأة.
وأشارت إلى أنّ الرجل له طبيعة نفسية متغيرة، وهذا يعزّز لديه الشعور بالملل من روتين الحياة أو طبيعة العمل، ولكن لا يجد مَن يحمّله مسؤولية هذه التغييرات سوى الزوجة، ويقوده الفكر المتغير إلى إقامة علاقات جديدة، اعتقاداً بأنّها الحل الأمثل للقضاء على الملل.
وأضافت: إنّ رفض المرأة رغبة زوجها في الارتباط بأُخرى، قد يكون لأهداف معنوية وفطرة حسية خلقت عليها، ومع ذلك لابدّ أن تتعامل مع الأمر بفكر مختلف، وأن تهيئ نفسها وأُسرتها للحياة الجديدة.
وفي سياق متصل، يقول الدكتور سعيد صادق، أُستاذ علم الاجتماع: إنّ شعور الزوج بتوقف حياته وجمودها، يدفعه إلى الزواج من أُخرى لتلبية احتياجاته وتوفير الراحة له، لا سيّما أنّ بعض الزوجات يفضلن الاهتمام بالمنزل ويهملن الزوج، ويتعاملن مع أطفالهن بصوت عال وانفعالات متكررة، ممّا يشعر الزوج برتابة في الحياة الزوجية.
ويؤكّد أنّ الإسلام وضع شروطاً للزواج بأُخرى، مثل القدرة والعدل في المعاملة، وبالتالي فإنّ الحالة المادّية الميسورة للزوج تعزّز لديه الرغبة في الزواج بأُخرى، بالإضافة إلى حالته الجسدية وإدراكه لأهميّة العدل بين الزوجات من الدوافع القوية لإتمام الزواج الثاني، حتى وإن رفضت زوجته الأُولى.
ويوضح أنّ المجتمع يحمّل المرأة جميع الأخطاء الأُسرية والزوجية، فعندما تُخطئ أو تمرض يجد الرجل مبرراً للزواج بأُخرى، بينما يعيب عليها المجتمع إذا طالبت بالطلاق في حالة مرض زوجها أو أخطأ في حقّها.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق