• ٢٠ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٨ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

هل تُجيدين تحديد أولوياتك في الحياة؟

هل تُجيدين تحديد أولوياتك في الحياة؟
أولويات الناس هي فعلاً أمور خاصة جدّاً وفريدة، تختلف من شخص إلى آخر، وهي ثمرة إحتياجاتنا الأساسية، التي نُهملها ونتجاهلها في أحيانٍ كثيرة. أنّ تشعري بإحساس مؤلم أو حاد بعدم الرضا عن الطيقة التي تسير بها حياتك هو أمر يُبيِّن أنّ أولوياتك ليست محدَّدة بشكل واضح، أو أنها متوارية وراء مخاوف أو اعتقادات خاطئة.

إليكِ هذه التمارين الأربعة، التي وضعها أربعة خبراء في علم النفس:

 

-         معرفة الذات يقول كريستوف لابارد، وقد عمل مدرِّباً شخصياً، لمدة 25 سنة، لعدد كبير من الشخصيات السياسية والإقتصادية المرموقة: "من خلال تجربتي أستطيع القول إنّ عدداً من الرجال والنساء يعيشون غَصْبَاً عنهم، وكأنّهم يشتغلون بنظام الطيار الآلي، الذي لم يُبرمجوه ولم يطلقوه. ذلك لأنّهم قالوا (لا) لرغباتهم، أو في أغلب الأحيان لم يجرؤوا على قول (نعم) لرغباتهم". كما يرى لابارد "أنّ على الناس أن يقولوا (نعم) لرغباتهم وطموحاتهم وحدسهم. وإنّه بإختصار، عليهم أن يتجرؤوا ويُنصتوا إلى أنفسهم". خُذي ورقة وقلماً واكتبي أعلى الورقة كعنوان "رغباتي أوّلاً". لا تتوتري واتركي ودعي عقلك يُفكِّر ويبحث عن إحتياجاتك الأساسية مثلاً في مجالات تحقيق الذات، الحياة المهنية، الحياة الزوجية، الأسرة.. لا تمارسي الرقابة على نفسك وأنت تكتبين ولا تطلقي الأحكام على نفسك أو تُقيِّميها، كل ما عليك فعله ببساطة، هو أن تسمحي لرغباتك واحتياجاتك العميقة بأن تطفو على السطح، ثمّ اكتبيها ورتِّبيها حسب أهميّتها.   -         في الحياة الزوجية مارتين تياك هي معالجة نفسيّة متخصصة في الحياة الزوجية، تقول: "مع مرور الوقت في الحياة الزوجية، فإنّنا نفقد الرؤية الصحيحة لأولوياتنا. ومن هنا تأتي ضرورة أن يتوقف الطرفان ويسألا نفسيهما معاً عمّا يجري". الحياة الزوجية هي بناء متطور مع مرور الزمن، حتى لو كانت أسسها قويّة، فإنّ النجاح فيها يتطلب عملاً دائماً. من هنا، يأتي غنى الحياة الزوجية وأيضاً ضعفها. لهذا، من المهم أن يُسائل الزوجان نفسيهما معاً عندما يغلبهما الروتين أو الملل، أو الإحباط في حياتهما الزوجية. أنصتي إلى نفسك، اطرحي عليها الأسئلة التالية واكتبي أجوبتها: ما الذي ينقصني في هذه العلاقة، هل هو الوقت، أم الإنتباه أم الرغبة أم المفاجأة؟ ما الذي فقدناه مع مرور الزمن؟ ما الذي أقوم به لتحسين العلاقة؟ وعندما تتوصلين إلى تحديد إحتياجاتك الأساسية، يكون في إمكانك أن تُفاتحي زوجك في الموضوع. الخطوة التالية، هي أن تختاري اللحظة المناسبة التي يكون فيها زوجك بمزاج جيِّد، وتسأليه عمّا إذا كان مستعداً لأن يستمع لك. إذا كان كذلك، ابدئي الحديث معه عن الأشياء التي ترينها إيجابية في علاقتكما، ثمّ انتقلي إلى الحديث عن الأشياء التي تفتقدينها، وعن انتظاراتك، وتحدّثي فقط عمّا تشعرين به أنت، استعملي ضمير المتكلم "أنا"، ولا تستعملي ضمير المخاطب "أنت"، ثمّ اطلبي من زوجك أن يُفكِّر في كلامك، واقترحي عليه أن تتناقشا في الأمر بعد أن يطرح عليك تلك الأسئلة نفسها. وبمجرد أن يُعبِّر كل منكما عن إحتياجاته، يصبح عليكما أن تبحثا عن كيفية الإستجابة لها وتلبيتها كل على حدة، ومن دون أن تفصحها لبعضهما عن الطريقة المتبعة، وذلك حتى يترك كل منكما الحرِّيّة للآخر ليتبع أسلوبه الخاص. ولكل زوجين أن يقرِّرا مدّة التجربة التي يريدانها.   -         الحياة المهنية هل أنت في حاجة إلى التقدير والإعتراف؟ هل تجدين صعوبة في التحكُّم في وقتك؟ هل أنت عاجزة عن رفض طلبات الآخرين؟ لوس جانين دوفيار معالج ومحلل نفسي متخصص في العلاقات داخل المجال المهني، يلاحظ "أنّ خيبة الأمل أو فقدان الحافز في المجال المهني، تُعبِّر دائماً عن حاجة حيوية تمّ خنقها. وأنّه من خلال تحديد ماهية هذه الحاجة بوضوح، يمكن لكل منّا أن يتخذ موقعه الصحيح كفاعل رئيسي في حياته شخصياً". يقول لوس جانين دوفيار: "تُبيِّن الدراسات والتحاليل النفسيّة أنّه في العمل يترك كل منّا نفسه لمحفزات أو محركات لا واعية تقوم بتحريكه. هذه المحفزات متنوعة ومتعددة، لكن في أغلب الوقت يتدخل لدى كل شخص محرك واحد أو اثنان يتحكّمان في طريقة تصرفه وردود أفعاله. وبتحديد ماهية هذه العوامل المحرِّكة، يمكن لكل إنسان إضعاف تأثيرها فيه. بالتالي، يمكنه تكريس وقته لأولوياته والشعور بالمتعة في الأمور التي يقوم بها". وكمثال، هناك عامل محرِّك يُسمّى "البحث عن الكمال"، وهو الذي يدفعنا إلى الإنتباه للتفاصيل وعدم تحمل أي مجازفة وذلك حتى لا نرتكب أي خطأ. وهو أيضاً يقوِّي الشعور بالقلق ويعزِّز التصرفات الدفاعية والبحث عن المعرفة. إذا كان هذا هو محرِّكك اللاواعي، فإنّ أولويتك ستكون هي أن تتجرئي على المجازفة المحسوبة والمتطورة مع مرور الوقت. من جهة أخرى، إذا كان محرِّكك اللاواعي مثلاً هو "أمتعي نفسك"، فإنّك في هذه الحالة تكونين مهووسة بحمل هموم العالم لدرجة أنّك دائماً تعطين مصالح الناس الأولوية على حساب مصلحتك، صاحب هذا المحرِّك هو شخص خنوع يتنازل كثيراً ومن السهل أن يغزو الإحباط ولا يتقدّم في حياته المهنية. في هذه الحالة، ستكون أولويتك هي أن تتعلّمي كيف تقولين "لا" للآخرين ولمتاعبهم وإرهاقهم، وأن تقولي "نعم" للأشياء التي تمتعك شخصياً.   -         الإبـداع يقول فريديريك فانجي وهو طبيب ومعالج نفسي: "عندما نبتعد عن إحتياجاتنا وقيمنا الحقيقية، فإنّنا نفتح الباب للإحباط وخيبة الأمل ليدخلا حياتنا، بل ومع مرور الوقت، وبالنسبة إلى بعض الناس، يفتح الباب للإكتئاب". ويضيف فانجي: "نحن نمتلك كل الإمكانات الفردية التي تعتبر جوهر شخصيتنا، مثلاً القدرة على التواصل، إضحاك الآخرين، الرسم، الأشغال اليدوية، الطبخ والعزف على آلة موسيقية. هذه الإمكانات والمهارات إذا استُعملت بشكل يومي، فإنّها تُقوِّي من تقدير المرء لذاته. ومقابل ذلك، عدم استعمال هذه الإمكانات وإهمالها يُنتج إحساساً بالفراغ ونقصاً في الإحساس بالوجود، يمكن أن يؤدِّيا إلى الإحباط والإكتئاب". وهناك طريقة بسيطة لكي يستفيد المرء من مواهبه، يبرزها فانجي وتتمثل في ما يلي: خصِّصي إحدى الأمسيات أو فترة مابعد الظهيرة لنفسك، أحضري دفتراً وقلماً وأي شيء آخر يمكن أن يساعدك على استرجاع ذكريات الماضي، مثلاً أجندة، مذكرات، ألبوم صور، رسائل. الخطوة الثانيةه ي أن تبدئي في البحث والتنقيب عن لحظات حياتك التي شعرت فيها بمشاعر إيجابية مثل الفخر أو الفرح أو الرضا لأنّك أنتجت شيئاً إبداعياً ومختلفاً، سواء أكان قصيدة أم قصة أم أغنية أم رسماً، سواء أكان إنجازاً فنّياً أم رياضياً، شيئاً شعرت بأنّه أثار الإعجاب وبأنّه كان تعبيراً عن ذاتك العميقة، شيء أنتجته من دون عناء وأعطى حياتك معنى وأعطاك متعة كبيرة. بعد ذلك، حدِّدي ما نوعية المهارة أو الموهبة التي أسهمت في ذلك، ثمّ ابحثي في حياتك اليومية عن الأوقات وعن المجالات التي يمكنك فيها أن تستغلي هذه الموهبة. وكخطوة أخيرة، كوني ملتزمة قدر الإمكان، واكتبي ذلك أيضاً، بالمواعيد التي حددتها، لتمارسي بإنتظام هوايتك وتطوِّري فيها موهبتك.

ارسال التعليق

Top