أن يبدأ الطفل في المشي، فهذا يشكل حدثاً مهماً في حياته يجعله يكتشف مفهوماً آخر للمكان. وعندئذٍ يبدأ برحلة استكشاف المحيط، مستخدماً قدميه أكثر من ذي قبل، الأمر الذي يطرح مسألة انتعاله حذاء مناسبة في رحلة الاستكشاف هذه. وقد يبدو الأمر في ظاهره بسيطاً، لكنه في الحقيقة على درجة عالية من الأهمية والدقة.
إنّ محاولة شراء حذاء جديد لطفل مبتدئ في المشي، هي بمثابة تجربة جديدة بالتأكيد. فالامر مزعج إلى درجة أنّ الأُم تتمنى شراءه من دون وجود الطفل معها. ولكن عليها ألا تفعل ذلك، لأنّه ليس في الإمكان شراء حذاء للطفل الصغير إلا إذا جربه أوّلاً، وإذا كان مطابقاً لمقاس قدمه.
يمكن أن تساعد المعلومات التالية الأُم عند القيام بجولة على متاجر الأحذية.
· الذهاب إلى محل بيع أحذية للأطفال يعرف العاملون فيه كيف يتعاملون مع الطفل، وكيف يجرّبون الحذاء له، وفي كثير من الأحيان، يمكن أن ينصحوا الأُم بالحذاء المناسب.
· الذهاب إلى السوق بعد وجبة الإفطار أو الغداء، أو بعدما يكون الطفل قد تناول وجبة خفيفة. فالطفل الجائع لا يكون متعاوناً، والأهل الجائعون لا يكونون صبورين. وفي حالة شراء حذاء لطفل صغير، تحتاج الأُم إلى كلِّ التعاون منه وإلى كلِّ الصبر من طرفها.
· التسوق بعد وقت القيلولة. فكل ما يمكن أن يُقال عن الطفل الجائع، يمكن أن يقال أكثر منه عن الطفل المُتعب.
· تَجنّب الذهاب إلى السوق بعد المدرسة مباشرة، إذا كان ذلك ممكناً. فكلما كان المتجر أكثر ازدحاماً، طال الانتظار، بالتالي زادت صعوبة تجربة الحذاء المناسب من دون معاناة.
· قبل الذهاب إلى السوق، على الأُم أن تتسلح بكلِّ ما يمكن أن يُسلي الطفل ويلهيه. فإذا أخذت معها مثلاً لعبة صغيرة على شكل حيوان يحبه الطفل، أو على شكل سيارة صغيرة يحبها الطفل، أو أي لعبة مفضّلة لديه، يمكن أن يساعدها ذلك على القيام بحملتها على متاجر الأحذية وهي مرتاحة إلى حد ما.
· على الأُم أن تأخذ معها الجوارب المناسبة. وعليها أن تتأكد أنّ الطفل سيلبس مع الحذاء دائماً جوارب مماثلة في سماكتها لتلك التي كان يلبسها عند تجربة الحذاء.
· على الأُم ألا تكتفي بتجربة فردة حذاء واحدة لتفترض أنّ الحذاء مناسب. وبما أنّ هناك عادة خلافاً بين مقاس قدم الرجل اليمنى وقدم الرجل اليسرى، ويكون هذا الخلاف أحياناً كثيرة واضحاً، يجب أن يتناسب الحذاء الذي تم اختياره مع مقاس القدم الأكبر. لذا، عليها تجربة فردتي الحذاء قبل شرائه.
· عدم تجربة الحذاء والطفل جالس، إذ يجب تجربة الأحذية دائماً، والطفل واقف، حيث يقع ثقله على كلتا القدمين. بعد التأكد من ملاءمة الحذاء عند أصابع القدم، عليها التأكد أيضاً من أنّ الطفل لم يلف أصابع قدمه إلى الداخل، وهي عادة شائعة عند الأطفال الصغار، خاصة أولئك غير المعتادين على لبس حذاء. إنّ دعك ربْلَة رجل الطفل قليلاً، يساعد على استرخاء عضلاتها، فلا يعود إلى لفها إلى الداخل.
· الاستعانة بأصابع اليد للتأكد من ملاءمة الحذاء. على الأُم أن تتحقق من اتِّساع الحذاء، يقرص مقدمته العريضة عند أصابع القدمين. فإذا استطاعت التقاط جزء صغير منه بين أصابعها، فهذا يعني أنّ مقاسه مناسب. أما إذا استطاعت التقاط جزء لا بأس به من الحذاء، فهذا يعني أنّ الحذاء واسع جدّاً. أما إذا لم تستطع التقاط شيء، فهذا يعني أنّ الحذاء ضيّق جدّاً. علامة أخرى من علامات ضيق الحذاء: تمكّن الأُم من لمس الإصبع الصغيرة في قدم الطفل، أو عظمة القدم الخارجية، عند تمرير يدها فوق الحذاء.
على الأُم أن تتحقق من طول الحذاء أيضاً، وذلك بالضغط على الإصبع الكبيرة في قدم الطفل. فإذا كان هناك فراغ يعادل نصف إنش، بين الإصبع ومقدمة الحذاء، فهذا يعني أنّ طول الحذاء مناسب. عليها أيضاً، الضغط بأصابعها على مقدمة الحذاء، لتتأكد أنّ هناك فراغاً كافياً بين أصابع الطفل وارتفاع الحذاء، بحيث يستطيع تحريك أصابعه بارتياح.
وحتى تتأكد من ملاءمة الحذاء عند الكعب، يمكن أن تدخل إصبعها الصغيرة بين كعب الطفل ومؤخرة الحذاء. يجب أن تدخل الإصبع بشكل مريح. فإذا لم تستطع إدخالها نهائياً، أو إذا دخلت بصعوبة، فهذا يعني أنّ الحذاء ضيق جدّاً وسيؤذي كعب الطفل في حال لبسه. أما إذا استطاعت تحريك إصبعها بحرية وسهولة، فهذا يعني أنّ الحذاء واسع جدّاً.
· المشي بالحذاء لتجربته: وإذا كان الطفل لا يستطيع المشي جيداً بعد، فعلى الأُم مساعدته على التقدم بضع خطوات إلى الأمام لتتأكد من ملاءمة الحذاء لمقاس رجله. كما أنّ عليها أن تتأكد أنّ أصابع قدمه لا تنزلق إلى الأمام مع كلّ خطوة يخطوها الطفل، وأنّ كعبه لا يخرج من الحذاء ثمّ يعود وينزل فيه.
· التأكد من عدم احمرار كعب الطفل: عند نزع الحذاء الذي جربه الطفل، على الأُم نزع جوربه أيضاً للتأكد من عدم وجود علامات حمراء في مؤخرة كعب الطفل، والتي تدل على أنّ الحذاء كان ضاغطاً على قدمه. وهذا يعني أنّ الحذاء لا يلائم مقاس قدمه.
· عدم شراء حذاء لمَا بعد: نظراً إلى أنّ قدم الطفل تنمو وتكبر باضطراد، قد تعمد الأُم إلى شراء حذاء واسع، ظناً منها أنّه سيلائم قدمه في ما بعد، عندما تكبر. عليها ألا تفعل ذلك إطلاقاً. فالحذاء الواسع يؤدي إلى تهيُّج وتقرُّح جلد القدم، كما أنّه يتسبب في تعثُّر الطفل ويَعوق مشيه.
حتى الحذاء المناسب يمكن أن يسبّب تهيج الجلد إذا كانت نوعية الجوارب التي يلبسها الطفل مع الحذاء سيئة. وأفضل الأنواع هي تلك المصنوعة من القطن الذي يمتص العرق. ويجب أن تكون الجوارب مريحة ولا تضغط على قدم الطفل. وقد تتجمّع الجوارب الواسعة في مؤخرة قدم الطفل، فتتسبب في تهيّج واحمرار الجلد. أما الجوارب الضيقة جدّاً، فهي تقيّد القدم وتعوق نموها. لذا عندما تبدأ الجوارب في ترك علامات على قدم الطفل يجب استبدالها بأخرى أكبر حجماً.
استبدال الحذاء:
بمعدل متوسط، يحتاج الطفل الصغير إلى حذاء جديد كلّ ثلاثة أو أربعة أشهر. لكن ذلك يعتمد على نمو الطفل. فإذا كان طبيعيّاً ومستقراً، عندها يحتاج إلى تغيير حذائه كلّ خمسة أو ستة أشهر، أمّا إذا كان نموه سريعاً ومتعاظماً، فقد يحتاج إلى حذاء جديد كلّ شهرين.
وبما أنّه من غير الممكن التنبؤ بنسبة سرعة نمو قدم الطفل. لذا، على الأُم أن تتحقق من ملاءمة الحذاء لمقاس قدم الطفل بنفسها شهرياً، أو حتى خلال مدة أقصر، ويمكنها فعل ذلك بواسطة أصابعها. فإذا لم يكن هناك ما يكفي من الفراغ بين أصابع الطفل ومقدّمة الحذاء، عليها استبداله. ولزيادة التأكد من قرارها، يمكنها الاستعانة ببائع أحذية أطفال، نظراً إلى خبرته الواسعة في هذا المجال. فهو يستطيع، بحكم خبرته، معرفة متى يجب على الأُم استبدال حذاء الطفل.
ومهما كانت الأُم حريصة على التوفير في الإنفاق، إلا أنّ عليها ألا تستخدم الحذاء الذي أصبح صغيراً على مقاس قدم الطفل الكبير للطفل الأصغر سناً. وعليها ألا تفعل ذلك حتى ولو كان الحذاء لا يزال جديداً، لأنّه يكون قد أخذ شكل قدم الطفل الأكبر الذي كان ينتعله، ومن المحتمل ألا يناسب شكل قدم الطفل الآخر، إلا في حالة واحدة: ترك الطفل الصغير ينتعل حذاء شقيقه المُستعمَل، لبضع ساعات أسبوعياً، قبل انتعاله دائماً.
اختيار الحذاء المناسب:
عاش الأطفال الصغار بلا أحذية لسنين عديدة عبر تاريخ البشرية، ولا يزال العديد منهم يمشي حافياً حتى يومنا هذا في معظم أنحاء العالم، إضافة إلى أنّه لم يتم التوصل بعد إلى جواب صحيح، للسؤال الذي يدور في أذهان معظم الأُمّهات حول "الحذاء الأفضل" لطفل مبتدئ في المشي. وبما أنّ أقدام الأطفال هي أكثر مرونة، وأقوى، وأكثر صحة في المجتمعات، حيث الحذاء منبوذ ولا يستعمل، لذا يعتقد معظم الخبراء بعدم وجود الحذاء الأفضل، وينصح كلهم بترك الطفل يمشي عاري القدمين، حتى في المجتمعات التي يعتبر فيها ارتداء الحذاء أمراً طبيعياً.
بالطبع، من غير المقبول أن يمشي الطفل حافياً خارج المنزل، حيث هو في حاجة إلى حذاء لحماية قدميه؛ ولا في فصل الشتاء، حيث يحتاج الحذاء إلى حمايته من البرد، كما أنّه من غير المناسب أن يمشي الطفل حافياً داخل المنزل في فصل الشتاء، حيث الأرض باردة. في هذه الحالة، يمكن أن تكتفي الأُم بإلباسه جوارب ضد الانزلاق، حيث تحمي قدمي الطفل من البرد، وتمنحه حرية الحركة.
وهناك أحذية خفيفة جدّاً يمكن أن يستخدمها الطفل داخل المنزل، شرط أن تكون مصنوعة خصيصاً ضد الانزلاق. وهنا يجب مراعاة:
· أن يكون الحذاء مناسباً لقياس قدم الطفل تماماً: من الناحية المثالية، يجب أن يكون الحذاء لا كبيراً جدّاً ولا صغيراً جدّاً، ولو أنّ الحذاء الضيق جدّاً يمكن أن يسبب مشاكل أكثر من الحذاء الواسع جدّاً.
· أن يكون الحذاء خفيفاً: يواجه الطفل المبتدئ في المشي، صعوبة في تقديم قدم على قدم، حتى وهو حافٍ. إذ إنّ وزن الحذاء، وخاصة الحذاء الثقيل، يزيد من صعوبة العملية، ويضع الطفل أمام تحدٍّ أكبر.
· أن يكون الحذاء مرناً: يجب أن يكون الحذاء مرناً، بحيث يمكن ثنيه على بعضه.
· أن يكون الحذاء ضد الانزلاق، لكن ليس إلى درجة الالتصاق بالأرض. يجب أن يكون نعل الحذاء غير أملس بحيث ينزلق الطفل أثناء محاولته المشي، كما يجب ألا يلتصق بالأرض بحيث لا يستطيع الطفل رفع قدمه. الحذاء المثالي هو الخفيف الآمن الذي يشعر الطفل معه وكأنّه حافي القدمين. والأنسب هو الحذاء ذو النَّعل المطاطي المثلم.
· أن يكون ملائماً للقدم: عند شراء حذاء الطفل يجب اختيار الحذاء العريض والعالي، أي وجود فراغ بين أصابع الطفل والحذاء ومن الأمام، وتجنب الحذاء الرفيع المُدبّب.
· أن يكون الحذاء مصنوعاً من مادة جيدة: يجب أن يكون الحذاء مصنوعاً من الجلد الجيد، أو من القماش السميك (قماش القنب) كما يجب تجنّب الحذاء المصنوع من البلاستيك أو الجلد الصناعي، حتى يسمح بتنفّس قدم الطفل، ويقلل من نسبة الرطوبة الناتجة عن تَعرُّق القدم.
· أن يكون بلا كعب: مهما كان علو الكعب فقد يؤثر في وقفة الطفل وتوازنه.
· أن تكون مؤخّرة الحذاء ثابتة: تلعب قطعة الجلد داخل مؤخرة الحذاء، المحيطة بالعقب، دوراً مهماً في مساعدة الطفل على المشي. لذا، يجب الحرص على أن تكون الحشوة ثابتة وناعمة حتى لا تضغط على كعب الطفل، وتتسبب في تهيُّج الجلد وتَقرّحه.
· أن يكون موديل لون الحذاء جذاباً: قد لا يعني المظهر شيئاً بالنسبة إلى طفل في عمر السنة، لكنه يعني كلّ شيء للأطفال الأكبر سناً، الذين يرفضون غالباً ارتداء أحذية لا تتلاءم مع أذواقهم. فهم يفضلون الأحذية ذات الموديلات والألوان الجريئة، والأحذية التي تحمل رسومات حيوانات وزخارف مختلفة، هي الأكثر شيوعاً بين الأطفال.
· يجب أن يكون سعر الحذاء معقولاً: قد يتطلب الأمر استبدال الحذاء أربع أو خمس مرات وربما أكثر، عندما يصبح الطفل في السنة الثانية من عمره. لذا، ومع أنّه من المفترض أن يكون الحذاء جيداً من أجل راحة وحماية الطفل، ولكن من غير الضروري أن يُعمّر طويلاً.
ويُفضَّل شراء زوجين من الأحذية في الوقت نفسه، إذا كان ذلك ممكناً. ذلك لأنّ أقدام الأطفال تتعرّق كثيراً. لذا، فإنّ استخدام حذاء آخر سيساعد على أن ينشف الحذاء الذي كان يرتديه الطفل، قبل استخدامه ثانية.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق