• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الطفل والمكملات الغذائية

الطفل والمكملات الغذائية

◄الأطفال مجموعة في دور النمو المستمر والحاجة إلى العناصر الغذائية تكون شديدة في هذه الفترة، ومعرضون قبل غيرهم إلى الإصابة بالزكام أو البرد أو إلتهاب خفيف في البلعوم، وأحياناً إلتهاب في الغدد ما تحت البلعوم.

وهذه إشارة واضحة إلى سوء التغذية عند الطفل، لأنّ الشعور بالتعب والإرهاق والمرض هو أوّل مؤشِّر لمعاناة الطفل من نقص ما في أحد الفيتامينات أو العناصر المعدينة العديدة، فعند عدم استيقاظ الطفل مبكراً بكل نشاط للذهاب إلى الروضة أو المدرسة صباحاً والشعور بالخمول طيلة النهار من أهمّ الدلالات، مما يُسبِّب ويُؤثِّر على قدرته على التركيز في الصيف وعدم الانتباه لقول وشرح المعلم أو المعلمة. كذلك نقص هذه الفيتامينات يُسهم في إضعاف جهاز المناعة لديه، مما يعرضه دائماً وبسهولة للإصابة بالفيروسات أو البكتريا أو الفطريات التي يسهل انتقالها في الوسط المدرسي أو حتى بين إخوته داخل البيت. ولا يسلم نظر الطفل من المعاناة، لأن نقص بعض العناصر المعدنية الغذائية والفيتامينات تؤثر مباشرة على عملية الإبصار، ويكون مستقبل الطفل غير جيد، واحتمال تعرُّضه مبكراً بهشاشة العظام أو فقر الدم أو غيره من الأمراض.

هذا في مجتمعنا، ولا يسلم من النقص في بعض العناصر الغذائية من الغذاء حتى الأطفال في الدول المتقدمة مثل فرنسا. فقد أظهرت إحدى الدراسات الفرنسية الغذائية أنّ كميّة الفيتامينات والمعادن التي يستهلكها الأطفال هناك لا تكفي حاجتهم اليومية منها، وإن تعجب فعجب قولهم إن ذلك يعود إلى نظامهم الغذائي غير المتوازن، تصور في بلد متقدم مثل فرنسا. وبيّنت الدراسة أنّ 20% منهم فقط بين عمر 11 – 15 سنة يتناولون غذاءً متوازناً متكاملاً بما فيه الكفاية من الفواكه والخضراوات والحليب والبيض.

وكنت قد أنهيت دراسة علمية على أطفال روضة المنصور التأسيسية في فلسطين حوالي السبعينيات من القرن الماضي وتحاليل للغذاء والدم وتبين نتيجة الدراسة أنّ معظم الأطفال وما يعادل 60% منهم يتمتعون بوزن صحي مثالي لعمرهم، وما وجدناه عند البعض كان نقصاً في الحديد.

وعند دراسة نموذج لهم للغذاء الأسبوعي، تبيّن أنّ ذلك يعود إلى عدم تناولهم كمية كافية منه في الغذاء اليومي، ونصحنا الأهل آنذاك بإعطاء الأطفال بعض المكملات الغذائية للتعويض عن نقصهم في الحديد. أمّا الآن، فالله أعلم قد تغيّرت الأوضاع وبعد الحصار الطويل ماذا حصل بالصحة العامة عندهم؟

ويحتاج الطفل إلى تناول بعض الفيتامينات الغنيّة في مواسم محددة مثل موسم الاستعداد للعطلة الصيفية، حيث يكون منهمكاً في الدراسة هذا ما قبل الامتحانات، ثمّ موسم العودة إلى المدرسة، حيث يحتاج الطفل إلى طاقة تساعده على التركيز والقدرة على الإستذكار. كما أنّ تبدل الطقس من فصل إلى آخر، خاصة فصل الشتاء والبرد يؤدي إلى إحداث تغييرات معينة بالجسم تحتم عليه تناول فيتامينات معينة تساعده على مكافحة الفيروسات والالتهابات وعدم الإصابة بها مثل فيتامين ©، حيث يعتبر ضرورياً لتقوية العظام والغضاريف والكتلة العضلية في هذه الفترة إضافة إلى إسهامه في تقرير جهاز مناعة الجسم وقدرته الدفاعية وخاصة مابين عمر 7 – 10 سنوات، حيث دخوله المدرسة. وعليه، فيجب أن يشجع دائماً على تناول الفواكه وخاصة الحمضيات منها والكيوي وغيرها ولتكن في متناول يده دائماً.

ثمّ لا ننسى فيتامين (A)، والذي هو ضروري لنمو العظام والأسنان والصحة العامة والإبصار الصحيح. وإذا علمنا أنّ معظم الأطفال وهم بعمر أقل من عمر ذهابهم للمدرسة أو بعده لا يحبون تناول الكبد والبيض والخضراوات الخضراء، فلا عجب أن يحصل النقص لديهم.

كذلك فيتامين (A) يحتاجه الأطفال والمراهقون بعمر المدرسة المتوسطة والثانوية ويعانون نقصاً في تناوله وذلك لندرة وجوده في الغذاء اليومي عندنا الذي يحمله من الحبوب كالأرز الأبيض والخبز والصمون، لذا عليهم تناول البيض والأسماك بأنواعها أو حتى كبسولات زيت كبد الحوت هذا وللحديد أهمية كبيرة للأطفال وخاصة البنات في المرحلة الابتدائية والمتوسطة خاصة والثانوية، وذلك لوجود الدورة الشهرية عند البنات. ففي هذه المراحل يحتاج الأطفال إلى ما يعادل 10 ملغم حديد في اليوم الواحد. ويمكن أن يحصل عليه من اللحوم والأكبار بأنواعها غنم أو بقر أو دجاج والخضراوات الخضراء كالسبانخ والبقدونس والريحان والنعناع والفواكه المجففة كالمشمش والتين والزبيب. وقد أثبتت الدراسات على أنّ نقص الحديد عندهم يؤدي إلى تراجع في القدرة على مقاومة الإلتهابات، وتراجع في الأداء الجسدي والذهني، ويكون الطفل مصفر اللون شارد الذهن لا يُركز كثيراً على ما تقوله له المعلمة ولا في البيت، وكثير النسيان.

أمّا العنصر الآخر الذي هو النحاس، فهو من الأهمية بمكان ويعاني كثير من الأطفال في نقص النحاس أكثر من 30% وذلك لندرة وجوده في الأطعمة الاعتيادية اليومية عندنا، لذا يستحب الحصول عليه من الكبد (الذي لا يحبونه دائماً إنما طريقة الشوي على النار هي الطريقة المستحبة إليهم)، وجوز الهند والمحار والشوكولاتة السمراء، لذا يحتاج الأطفال هنا إلى نُسمِّيه المكملات الغذائية.

ويعاني كثير من الأطفال نقصاً في الزنك، وخاصة المراهقين منهم في بداية هذه المرحلة، حيث يؤدي هذا النقص إلى إضعاف قدرة الجسم على مكافحة الإلتهابات. من هنا أيضاً نرى أنّ الطفل يحتاج إلى المكملات الغذائية لسدّ الحاجة، ومن (أوميغا3) أيضاً عند عدم تناوله كثير من الأسماك وأحياناً معدومة، حيث لا يفضل الأطفال الأسماك ضمن غذائهم اليومي، بل يجب ويحبذ تعويدهم عليها. وننصح أولياء الأمور بإعطاء الأطفال عندما يعانون إرهاقاً دائماً وخمولاً وزكاماً متكرراً وذلك بهدف علاج أي مشكلة صحية أخرى، ويمكن إبتداء إعطاء المكملات الغذائية من عمر الخمس سنوات بمعدل (10 – 20) يوم ولمدّة ثلاث مرّات بالسنة.

ومن المهم إعطاء الطفل هذه المكملات الغذائية على شكل كبسولة أو أقراص أو سوائل تحتوي على معظم الفيتامينات بعد الأكل وليس قبله، ولا ننصح بتناولها على معدة خاوية لتفادي إصابته بالحسّاسية لبعض منها، ثمّ للتأكُّد من أنها تمتص مع الغذاء المتناول بسهولة، وقد يُحسب بعض الأهل من احتمال أن يعاني الطفل من جرعة زائدة من هذه الفيتامينات الموجودة في المكملات الغذائية التي عادة تحتوي على معظم الفيتامينات والمعادن إن لم نقول جميعاً، ولكن هذا قلّما يحصل لأنّ الذي مدون على النتائج منها أحياناً لا يشترط أن يكون موجوداً داخل القرص، بل أقل منه دائماً، حيث أن معظم الأشرطة تبالغ بالأرقام ولا تدون بالضبط ما بداخل القرص لغرض الفائدة المادية كما هو متوقع.►

 

المصدر: كتاب مفتاح الصحة والسعادة (فوائد عطر وخواطر غذائية علاجية)

ارسال التعليق

Top