• ٢٤ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

أيهما تفضلين.. المشي البطيء أم السريع؟

أيهما تفضلين.. المشي البطيء أم السريع؟

عند زيارتي للبلد العربي – سلطنة عُمان – ولمرات عديدة قبل عدة سنوات، جلب انتباهي الأشخاص الذين يسيرون بسرعة واضحة على ساحل البحر وشواطئه وأحياناً الهرولة على شواطئه الطويلة في السلطنة، ومعظم هؤلاء الأشخاص بل جميعهم من الأجانب الوافدين من مختلف أنحاء العالم، وعند رجوعي إلى الكتب العلمية المختلفة المختصة بالصحة والرياضة والغذاء، زال العجب! حيث تتكاثر الأدلة العلمية والغذائية على أهمية الدور الذي تلعبه الرياضة في تحسين الصحة الجسدية والنفسية للفرد. وتحتل رياضة المشي السريع لا البطيء (الهرولة أحياناً)، التي لا تتطلب أي مهارات أو أجهزة رياضية، أعلى القائمة لأفضل رياضة صحية للإناث والذكور على السواء ومن مختلف الأعمار خاصة كبار السن منهم.

فقد احتلت السيارات المكان الأوّل لمنع أكثر الناس الذين يرغبون في القيام برياضة المشي الاعتيادي حتى والذي هو أرخص أنواع الرياضة وأسهلها، فقد لوحظ أنّه يشعر بالارتياح والرضا بعد القيام بالهرولة، ويقول الدكتور – أندرو – الرئيس التنفيذي لمؤسسة الصحة الذهنية في إنكلترا: إنّ ممارسة الرياضة خاصة المشي السريع يحث على إفراز هرمون – الإندورفيثز – التي تساعد على مكافحة الإجهاد النفسي والتوتر، وعلى سيطرة الشعور بالارتياح، لا بل حتى السعادة – تصور – السعادة التي يطلبها كلّ فرد منا!

فقد ثبت علمياً أنّ المشي السريع أو الهرولة ولمدة لا يزيد عن عشرين دقيقة ثلاث مرات/ الأسبوع كفيلة برفع المعنويات ودفع الاكتئاب وإضفاء حالة من الرضا والسعادة المطلوبة للجميع!

كما أثبتت الدكتورة – كماتي – رئيسة اختصاصي التغذية في مستشفى سانت جورج – في لندن، أنّ التمارين الرياضية المعتدلة مثل المشي السريع والهرولة، تعزز نشاط الخلايا الدماغية في الجسم (جهاز المناعة)، كما يزيد قدرتها على مكافحة العدوى، ويدوم هذا التأثير لمدة تزيد عن الثلاث ساعات بعد الانتهاء من الرياضة، وقد أُيدت الدراسة في الولاية المتحدة من قبل البحوث الغذائية العلمية في جامعة نورت كارولينا، وكذلك يقلل عدد أيام الغياب عن العمل بسبب المرض عند النساء اللواتي يمارسن الرياضة ولمدة (15) دقيقة/ اليوم بانتظام، خمس مرات في الأسبوع بنسبة 50%، مقارنة بالنساء اللواتي لا يمارسن الرياضة!

ولا ننسى ما للرياضة من أهمية في التخلص من الوزن الزائد وكذلك التخلص من السيلوليت ودهون البطن والكرش، لأنّها تحرق سعرات حرارية بما يزيد عن 7 سعرات في الدقيقة، وخاصة الهرولة فهي أفضل طريقة للتخلص من هذه الدهون، حيث أنّ الرياضة هنا تفرز وتنشط حركة انسياب الدم إلى المناطق التي تتجمع فيها الدهون، كما أنها تقوي عضلات الفخذين والمؤخرة، وفي وقت قصير، وتخفف من حجم الكتلة الدهنية الموجودة في هذه المنطقة ومنطقة البطن هذا ما للرياضة من هذه الفوائد، أما تعزيز القدرات الذهنية جراء القيام بالحركات الرياضية المتعددة وخاصة المشي السريع فقط أظهرت دراسات عديدة على زيادة قد تبلغ ما بين (5-15%) في الاختبارات الذهنية واللياقة البدنية، وأيدت هذه البحوث التي أجريت في أمريكا، دراسات أخرى أجراها البروفيسور – آرثر – في USA أيضاً – أنّ المشي السريع يساعد على إنتاج خلايا في الدماغ وهذه المنطقة هي المسؤولة عن الذاكرة، وحيث أنّه ينشّط الدورة الدموية ويفرز انسياب الدم وبالتالي الأوكسجين الواصل إلى الدماغ وبما يحمله من عناصر غذائية متعددة ونتيجة تناول غذاء صحي كامل متنوع متوازن، ما ينشط عمل الخلايا ويزودها بالطاقة كذلك، وقد لوحظ أنّه يسهم في الوقاية من مرض الزهايمر نتيجة تغذية الخلايا الدماغية، وكذلك فإنّ طبيعة الحركات الإيقاعية المتكررة التي يقوم بها الفرد أثناء المشي السريع تبحث على الراحة في النفس وتساعد مختلف الأجزاء في الدماغ على التواصل بعضها مع بعض بشكل أصح وأفضل.

وللمشي السريع أيضاً فوائد عديدة على صحة الجلد! ويخفف من ظهور التجاعيد، ويبعد عنه التيبس، ويُسرع في التئام الجروح والإصابات الجلدية الأخرى، على أن لا يكون هذا المشي السريع تحت أشعة الشمس أو في أوقات اشتدادها، على العكس فهو يحمي الجلد من التأثيرات السلبية التي يخلفها التعرض لأشعة الشمس (ما فوق البنفسجية) ويخفف من أعراض الشيخوخة المبكرة، وذلك لأنّه ينشط الدورة الدموية كما ذكرنا سابقاً، مما يزيد من كمية الأوكسجين والعناصر الغذائية المتعددة الواصلة إل خلايا الجلد، كما يساعد على التخلص من المواد الضارة منه، ويمكن أن نقدم أمثالاً عديدة على أنّ للرياضة البدنية الشاقة منها والمستمرة بحيث لا شيء يعطلها بأنها الأساس لشاب فتى في أي مرحلة عمرية حتى وإن تعدى عمر الخمسين، فقد حصل الأمريكي بيل على لقب بطل الولايات المتحدة لكمال الأجسام عام 1990م، وكان عمره يتجاوز الستين ثمّ بطل العام لكمال الأجسام سنة 1995م وهو في الخامسة والستين، والأساس الذي تقوم عليه فلسفته في الحياة هو النظام على حمية غذائية خاصة مركزة بالبروتين لنمو العضلات وتمارين بدنية للحفاظ على الوزن ومكملات غذائية لسد النقص والالتزام المطلق بها.

ثمّ إنّ هذه الرياضة وباستمرار تُسهم في خلق البيئة المثالية داخل الجسم لإنتاج – الكولاجين – الذي يدعم الأنسجة داخل الجلد، ويخفف من ظهور التجاعيد – هذا ما أيديته وأوضحته الدراسات والبحوث العديدة لهذا الموضوع، وخاصة في البلدان الغريبة ولازلنا نفتقر لمثل هذه البحوث ولكن علينا الأخذ بها لما لها من فوائد جمة.

ثمّ إنّ هذه الرياضة تُنشط عملية الهضم، وخاصة لمن يشكو خمولاً في جهازه الهضمي أو إمساكاً، وذلك بتقليص الوقت الذي يتطلبه تحرك كلّ الطعام عبر الأمعاء الغليظة خاصة والأمعاء عادة، وما يحد من كمية الماء الذي يعاد امتصاصه من قبل الجسم، مما يؤدي إلى جعل الفضلات داخل الأمعاء الغليظة أكثر رطوبة فيسهل بذلك خروجها خارج الجسم، وبما أنّ الهرولة تسرع من عملية التنفس وارتفاع ضربات القلب، مما يساعد على تعزيز التقلصات الطبيعية لعضلات الأمعاء كنتيجة لذك ويمنع خمول الجهاز الهضمي وقد يساعد على وقايته من السرطان خاصة الأمعاء.

ومن النتائج المفرحة التي لوحظت على عدد كبير من الأشخاص ما يزيد عن 2000-3000 شخص في بريطانيا ومن الذين يمارسون رياضة المشي السريع ولمدة عشرين دقيقة، ثلاث مرات/ الأسبوع وبانتظام أكدته الدكتورة – لين – أنّ هذه الرياضة تخفف بشكل واضح من إمكانية الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ومرض السكري ومرض السرطان والبدانة وزيادة الوزن ثمّ ارتفاع ضغط الدم، فالجسم في هذه الحالة يصبح أكثر فعالية في الدفاع عن نفسه ضد هذه الأمراض. وقد أيدت هذه البحوث، بحوث أخرى في UK أيضاً، أجريت على ما يقارب من 583 شخص متوسطي العمر بما يعادل 58 سنة (يعتبرون مسنين) ولمدة 10 سنوات، ولمدة 4 مرات بالأسبوع من الهرولة والمشي السريع أنها تكافح الشيخوخة وهؤلاء الأشخاص يعيشونه لمدة أطول ودون إعاقة جسدية.

 

الكاتبة: د. جيدة عبدالحميد

 

المصدر: كتاب مفتاح الصحة والسعادة (فوائد عطر وخواطر غذائية علاجية)

ارسال التعليق

Top