• ١٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

مقبلة على الحمل؟ لا تنسي فيتامين B9

مقبلة على الحمل؟ لا تنسي فيتامين B9

        فيتامين "بي 9" ضرورة يومية للإنسان في مراحل حياته كافة، من المهد إلى اللحد ومن السبت إلى الأحد. لكنه بالنسبة إلى المرأة، يكتسب أهمية خاصة جداً أثناء أشهر الحمل، لا سيَّما في الأسابيع الأولى منه.

        طبعاً، الفيتامينات عناصر لا غنى عنها للجميع. لكن، وبما أن فترة الحمل تخص كائنين اثنين، وصحتهما ومقدرتهما على مواجهة المؤثرات الخارجية الخبيثة، وتعزيز نظام المناعة عندهما، فإنها تعدُّ أكثر حساسية في هذا المجال. تأخذ التوجيهات الطبية المقدَّمة للحوامل في عين الاعتبار، خصوصية هذه المرحلة من ناحية التغذية، بما في ذلك ضرورة عدم إهمال الفيتامينات، من دون استثناء. لكن، مؤخراً، اُجريت دراسات في فرنسا وألمانيا عن الموضوع، فأظهرت أن لفيتامين "بي 9" منزلة خاصة أثناء أشهر الحمل التسعة، لا سيَّما في الأسابيع الأولى منه. فقصور "فيتامين بي 9"، المسمَّى أيضاً "حمض الفوليك"، قد يؤدي إلى تداعيات لا تُحمَد عقباها، ربما أكثر من أي فيتامين آخر، على الرغم من أهمية الفيتامينات كلها، وذلك ما لا يقبل النقاش.

 

        الاسابيع الاولى هي الاهم

        تتمثل المعضلة مع "فيتامين بي 9" في أن الحاجة إليه تكون على أشدها أثناء أسابيع الحمل الأولى، أي في فترة تجهل فيها معظم الأمهات أنهن حوامل، بالتالي، لا يُعرن هذا الفيتامين أو ذاك اهتماماً خاصاً. إلى ذلك، فإن "فيتامين بي 9" هو عبارة عن مادة كيميائية (باعتباره حمض الفوليك، مثلما ذكرنا)، ويعدُّ من المركبات التي تنتجها النباتات، لكن لا يستطيع جسم الإنسان صنعها بنفسه، مثلما هي الحال مع مركبات أخرى، لا سيما الهورمونات. لذا، تقتصر المصادر الوحيدة لفيتامين "بي9" على الأغذية. هكذا، من الأفضل لك، سيدتي، التركيز على تناول تلك الأغذية، التي سنعددها لا حقاً، حين تكونين في فترة لا يستبعد أن يتمّ الحمل خلالها، أو تتمنينه أو تتوقعينه. فذلك أفضل حل لتلا في قصور الفيتامين في بدايات الحمل، أي في مرحلة تكونان فيها، أنت وجنينك، أحوج ما تكونان إليه.

    

آلية عمله

        وقبل التطرُّق إلى أنواع الأغذية الغنية بفيتامين "بي 9" يتبغي الرد على التساؤل: لماذا يكتسب "فيتامين 9" تلك الأهمية، أكثر من غيره، أثناء الحمل، وتحديداً في أسابيعه الأولى؟ الجواب بسيط، وهو أن "فيتامين 9" يؤثر تأثيراً أساسياً في حفز الانشطار الخلوي، بالتالي تكوين الأنسجة الحيوية، ثم النمو برمته. كما يلعب دوراً جوهرياً في تكوين خلايا الدم والخلايا العصبية. وبما أن الانشطار الخلوي هو أساس نمو الجنين، لا سيما في مراحله الأولى، يعد "فيتامين بي 9" حيوياً. وقصوره قد ينطلي على تأخير الانشطار، بالتالي عدم اكتمال الجنين، أو إصابته بتشوهات خلقية، أو أمراض جينية، أو عدم كفاية الكريات البيض والحمر، أو الخلايا العصبية، واحياناً إصابة الجهاز العصبي بخلل (يسمى طبياً “Spina bifida”)، وما إلى ذلك من تداعيات سلبية.

 

    وتزداد خطورة القصور في فيتامين "بي 9" في الحالات التالية:

        - في حال الحمل بجنينين توأمين اثنين، أو أكثر.

        - في حال الحمل بعد فترة قريبة من ولادة سابقة.

        - في حال استمرار الأم، أثناء حملها، في إرضاع طفل آخر، مولود من قبل.

        أما التداعيات، فتختلف بحسب شدة النقص في الفيتامين، وأيضاً عوامل أخرى، أهمها رد فعل الحامل نفسها، والذي يختلف بين امرأة وأخرى. لكن الجدير بالذكر هو أن تداعيات القصور لا تصيب الجنين فقط (أو الأجنة في حال التوائم)، إنما تشمل الأم الحامل نفسها، إذا كانت بالغة الحساسية تجاه النقص في هذا الفيتامين، وربما يتأثر جهازها العصبي في الحالات الأخطر.

        هكذا، في العديد من البلدان الأوروبية، مثل فرنسا وإسبانيا وهولندا، اتخذت السلطات الصحية قرارات توصي بالبدء في وصف فيتامين "بي 9" إضافي، على شكل حبوب، بمقدار0.4  ملليغرام يومياً، كحد أدنى، لكن تصل إلى 5 ملليغرامات للنساء الأكثر عرضة، لا سيما من أنجبن من قبل أولاداً ظهرت عندهم عاهات أو تشوهات خلقية، أو حالات ضمور عصبي أو عقلي. وعادة، بسبب التوصيات، يبدأ أخذ الحبوب الإضافية شهرين قبل الحمل المتوقع، مع الاستمرار في تناولها خلال الشهر الثلاثة الأولى من الحمل، على أساس أنها الأهم في مجال الانشطار الخلوي.

        ففي الأشهر الستة التالية، لا يعود ضرورياً تناول أقراص إضافية من فيتامين "بي 9" إذ، على العموم، تكفي الكميات الآتية من الأغذية. وفي الولايات المتحدة، ذهب الأمر إلى أبعد من حيز حالات الحمل، إذ ثمة مراسيم فيدرالية ترغم منتجي المواد الغذائية على إضافة فيتامين "بي 9" تلقائياً في بعض منتجاتها، للجميع رجالاً ونساء، حوامل أم لا. وبحسب المصادر الصحية الرسمية، أتاحت تلك الإجراءات خفض حالات الإصابة بتشوه "سبينا بيفيدا"، المذكور آنفاً، بنسبة 19 في المئة (وهو داء يصيب الجملة العصبية، ومرده النقص في فيتامين "بي 9" أثناء الحمل.

 

 أغذية غنية وأخرى فقيرة

        لكن، ثمَّة تفاوت في حساب الحاجة اليومية من فيتامين "بي 9"، بحسب المؤسسات والمنظمات الصحية المختلفة. على الرغم من ذلك، درج عُموماً على اعتماد كمية 0.3 غرام يومياً كجرعة عامة، للجميع، و0.5 غرام للحوامل والمرضعات. وعلى الأغلب، لبلوغ ذلك الحد، يكفي الإكثار من تناول النباتات ذات الأوراق الخضراء (كالسبانخ والخس والجرجير والبقدونس والنعناع، وما شابه). ومن الأفضل، قدر المستطاع، تناول ما يمكن تناوله غير مطبوخ: ففيتامين "بي 9" يتأثر بالحرارة، ويتحول إلى مركبات أخرى أثناء الطبخ. في أي حال، عدا عن الأوراق الخضراء، يوجد أيضاً في الخميرة والكبد، بشكل خاص، وفي صفار البيض. لكنه شبه معدوم في الخبز والنشويات والبقوليات (عدا عن الحمص، إذ يوجد فيه بمقادير متوسطة). كما تشكل المكسرات (أو "الفواكهة الصلبة"، مثل الجوز واللوز والبلوط) مصدراً جيداً لفيتامين "بي 9" فضلاً عن الذرة.

 في أي حال، يبين الآتي الأغذية الغنية بفيتامين "بي 9" والأغذية الأقل احتواءً له:

      

 أغذية غنية جداً بفيتامين "بي 9" (أ  كثر من 0.2غرام)

 

        - خميرة         - كبد

 

        أغذية غنية به      (0.1 إلى 0.2 غرام)

 

        - خس           - جوز

 

        - ذرة            - "أفوكادو"

 

        - بلوط          - لوز

 

        أغذية متوسطة الاحتواء عليه ( 0.05 إلى 0.1 غرام)

 

        - خضار         - بيض

 

        - شمّام          - جبن

 

        - حمّص         - مُخمِّر

 

        أغذية فقيرة بفيتامين "بي 9"  ( 0.025 إلى 0.05 غرام)

 

        - فواكه

 

        - قلوب

 

        - وكلى، وما شابه (عدا عن الكبد، الغني به).

 

        أغذية فقيرة جداً به  (أقل من 0.025 غرام)

 

        - خبز

 

        - نشويات

 

        - لحوم

 

        وبما أنَّ الوقاية خير من العلاج، يتعين، مثلما ذكرنا، يجب الحرص على تناول كميات كافية من الأغذية الغنية بفيتامنين "بي 9" في أي فترة تشكين فيها في احتمال الحمل، منذ بداياته وهي الفترة الأكثر حساسية في هذا الشأن.

 

  فيتامين "بي 9" والتوائم

        مثلما ذكرنا، في حال الحمل بجنينين توأمين اثنين، أو أكثر، تزداد الحاجة عند الحامل لتناول فيتامين "بي 9". لكن، من أغرب ما أظهرته دراسة سويدية، أجريت مؤخراً، هو أن تناول فيتامين "بي 9" يرفع احتمالات الحمل بجنينين توأمين اثنين، أو أكثر، بمقدار الضعف. فالدراسة تمت من خلال متابعة ملفات اكثر من 2500 امرأة حامل، غالبيتهن سويديات، كلهن اتبعن توصيات البدء بتناول أقراص فيتامين "بي 9" قبل الحمل المرتقب بشهرين. فتبين أن نسبة من حملن بتوائم كانت ضعف المعدل الوطني العام. ومع أن الباحثين حذروا من أن تلك النتائج، القائمة على مجرد إحصاءات، ليست بالضرورة حقائق علمية دامغة، ارتفعت أصوات للمناداة بإعادة النظر في توصيات حَضّ النساء على تناول أقراص الفيتامين قبل الحمل المحتمل. ففي رأي بعض الأوساط الطبية السويدية والأوروبية، من الأفضل التغاضي عن تلك التوصيات في البلدان غير المبتلاة بنسب عالية من داء "سبينا بيفيدا" (الذي يصيب الجملة العصيبة، ومرده نقص فيتامين "بي 9"). ويبررون موقفهم بالقول: "لو صح فعلاً أن هذا الفيتامين يرفع احتمالات الحمل بتوائم، فإن مضاره أكثر من منافعه، بما أن الحمل بتوائم ينطوي على مخاطر كثيرة، منها احتمالات الولادة المبكرة، وتدني الوزن عند الولادة، وبعض أنواع القصور الدماغي المحتمل، إلخ".

ارسال التعليق

Top