تناولوا الليكوبين الآن!
الليكوبين في الغذاء حاجة والغذاء لا يكون سليماً، صحّياً وذكياً إذا افتقر إلى الليكوبين.. فماذا عن منافع وجود هذه المادّة في الحمية الغذائية السليمة؟ سؤال يحتاج إلى جواب والجواب يتطلّب تعمُّق بفعّالية مادة الليكوبين في النظام الغذائي.
هناك مَن يهمس في الأذان يومياً: تناولوا الوجبات الغذائية الغنية بالكيناوا وحبوب الشيّا والطحالب البحرية والأفوكادو، وعيشوا عمراً طويلاً مديداً واخسروا وزناً واربحوا صحّة. نصائح توزع إلى الأفراد والعموم، وتوصيات وإرشاد ومواعظ تغيب عنها في الأغلب توصية في غاية الأهمية، إلى كلّ مَن يطمح إلى اعتماد حمية غذائية صحّية سليمة وفيها: تناولوا أيها البشر مادّة الليكوبين المسؤولة عن لون الصباغ الأحمر الطبيعي في الطماطم والفاكهة والخضراوات ذات اللون الأحمر الداكن، الذي يحمي تناوله من خطر الإصابة بأنواع معيّنة من السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية. والليكوبين واحد من 600 نوع من الكاروتينات الموجودة في النباتات، ويستمد لونه وخصائصه المضادة للأكسدة من هيكلها الكيميائي.
جرى العثور على مادة الليكوبين، المضادة للأكسدة، في فواكه نباتات عديدة بينها البطيخ والجوافة والبابايا والمشمش والجريب فروت الوردي والبرتقال الأحمر؛ لكن تبقى حصة الأسد من هذه المادّة موجودة في الطماطم، حيث إنّ معظم الناس يحصلون على 85% من حاجتهم الغذائية إليها عبر تناول الطماطم ومنتجاتها، حيث يحمي هذا الصباغ الخلايا من الأضرار الناجمة عن الجذور الحرة التي تتشكّل عندما تحرق خلايا الجسم الأوكسجين وتحوّله إلى طاقة.
وما يفترض معرفته، هو أنّ جسم الإنسان قادر على امتصاص أقل من 30% من المادّة المستهلكة، وسبب انخفاض امتصاص الليكوبين هو أنّ الكاروتينات فيه مرتبطة بجزيئيات أخرى، مثل بروتينات النبات التي تحدّ من امتصاص المادّة. وفي التفاصيل، أنّ الليكوبين يُشكِّل ما يصل إلى 80% من البروتينات الكلّية الموجودة في الغدد الكظرية والخصيتين.
تناول الليكوبين يفيد الإناث والذكور أيضاً. فقد أثبتت الدراسات أنّ الرجال الذين يُدرجون في نظامهم الغذائي المزيد من الليكوبين، ينقص احتمال إصابتهم بسرطان الـ(بروستاتا) وتزيد طاقتهم. وبيّنت دراسة، أنّ تناول أكثر من عشر حصص من منتجات الطماطم أسبوعياً يقلل خطر الإصابة بسرطان الـ(بروستاتا) بنسبة 34%. كما تمّ العثور على دراسات تشير إلى أنّ الليكوبين يحد من نمو الخلايا السرطانية، لاسيما في المعدة والثدي والـ(بروستاتا) والرئة، ويحمي جزيئيات الجسم المختلفة من الالتهابات البكتيرية، ويسهم في تثبيط نمو أورام المخ والحد من حجم وكمية الأورام المسببة للسرطان. كما يُسهم أيضاً في الحد من إنتاج الكوليسترول السيئ وتصلّب الشرايين.
على كلّ حال، تبيّن أنّ امتصاص الليكوبين من معجون الطماطم المطبوخ، هو نحو 3,8 مرّات أكثر منه في الطماطم الطازجة. ويؤدي التوافر البيولوجي العالي لمنتجات الطماطم الساخنة إلى زيادة تركيز الليكوبين في البلازما أكثر من الطماطم الطازجة.
- اقتنعتم بوجوب زيادة الليكوبين وتضمينه في كلّ الأنظمة الغذائية؟
رائع، وهناك طرق سهلة قد تساعد في ذلك، حيث يُنصح ببدء وجبة الغذاء بتناوب كوب من حساء الطماطم وتضمينه بعض الريحان الطازج لمذاق أشهى. كما يُنصح بزيادة معجون الطماطم إلى السباغيتي مع قليل من زيت الزيتون. وليكن البطيخ خياراً لكم في أيام الصيف، كونه يعزز وجود الليكوبين في الجسم، ما يجعلكم تبدون أكثر نضارة وإشراقاً ويتضاءل تمدد علامات العمر ومظاهر الشيخوخة، وتحمون أجسامكم من حروق الشمس.
- وهل هناك أفضل من كلّ هذه الفوائد لحثّنا على الاهتمام أكثر بنوعية ما نأكل؟
ثمة فوائد بعد وبعد يفترض تذكرها دائماً حين نفكر في نوعية ما نأكل. فقد ثبت أنّ تناول ثلاثة أكواب صغيرة من عصير الطماطم يومياً يساعد في الوقاية من هشاشة خلايا العظام، وهو في الأغلب ما يتسبب في تلك الآلام المبرحة في المفاصل وبكسور في العظام. لذا لابدّ أن نتذكّر دائماً أنّ زيادة تناول الليكوبين في وقت مبكر، يضمن الحفاظ على عظام أقوى طوال العمر.
- ماذا عن أضرار الإكثار من تناول الليكوبين؟
لكلّ شيء آثار سلبية وإيجابية، وما يفيد أشياء قد يضرّ، إذا أفرطنا فيه.
يبدو أنّ من انعكاس الإكثار من تناول الفاكهة والخضراوات الغنية باللون الأحمر الداكن، ذات الجرعات العالية من الليكوبين، تحويل لون البشرة تدريجياً إلى برتقالي باهت، وهذا لا ولن يحدث إلّا عند الإفراط مدّة زمنية طويلة بتناول المادّة.
في كلّ حال، تبلغ كمية الاستهلاك الآمنة يومياً نحو 15 ملليغراماً، وأي زيادة عن هذا المعدل قد يتسبب في غازات ونفخة في البطن وإسهال وتشنج وقيء وغثيان وربما آلام في الصدر. كما أنّ الإفراط في تناول المادّة قد يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم فلننتبه؛ لكن فلنحرص على عدم جعل الخوف من مواجهة هذه الأعراض يمنعنا من الاستفادة من فوائد تناول الليكوبين الهائلة.
- هل الليكوبين يسهم في خسارة الوزن أم لا؟
لا إثباتات حول فعّالية هذه المادّة في عملية إنقاص الوزن، خصوصاً إذا جرى الحصول عليه عبر المتممات الغذائية؛ لكن هناك مَن يجزم من الباحثين بأنّ الحصول على الليكوبين مباشرة من المصادر الغذائية، خصوصاً المطبوخة، أكثر نفعاً وقدرة على إنقاص الوزن.
في كلّ حال، إذا توجّهنا بأنظارنا إلى اليابان مثلاً نرى أنّ أكثر أنواع الحمية شعبية لديهم هي حمية خضار الطماطم الأكثر غنى بالليكوبين. يعمل الليكوبين في الطماطم على تعزيز الحمض النووي القادر على تحسين قدرة الجسم على حرق الدهون. واكتشف أحد الباحثين في مختبر الوظيفة الجزيئية للأغذية في كيوتو في اليابان، ويدعى تيرو كوادا، الحلقة المفقودة في الموضوع، حيث نجح في العثور على مادّة موجودة في الطماطم قادرة على تنشيط الحمض النووي الخاص بكلّ إنسان، وتعمل على تعزيز عملية حرق الدهون والإسهام في مواجهة ظاهرة البدانة العالمية.
- ألا ترفع زيادة استهلاك الطماطم، من نسبة الصوديوم في الدم؟
لا شكّ في أنّ الطماطم في ذاتها تحتوي على كمية زائدة من الملح. لذا يجب التنبه إلى وجوب التقليل قدر الإمكان من إضافة الملح إلى الطعام أثناء تناول عصير الطماطم.
بين الحثّ والتحذير، هناك مَن يطالب بتحديد المقادير المسموح بها بدقة أكثر. فماذا عنها؟ تذكّروا دائماً أنّ في كلّ كوب من صلصة الطماطم المعلبة 122,37 ميكروغراماً من الليكوبين. وفي كلّ كوب من عصير الطماطم المعلب 960,21 مكيروغراماً من الليكوبين. وفي قطعة البطيخ المتوسطة الحجم ما يعادل 13 ميكروغراماً من المادّة. وفي كلّ ملعقة كبيرة من معجون الطماطم المعلب 140,3 ميكروغراماً. وفي كلّ 15 ثمرة جريب فروت تميل لوناً إلى الأحمر نحو 745,1 ميكروغراماً.
- وماذا بعد؟
فلنتذكّر ونحن نحاول تنظيم ما نستهلك من غذاء في يومياتنا أنّ الليكوبين ضرورة وليس إضافة. ولعلّ أحد أهم وأفضل الطرق لضمان امتصاص الجسم ما يحتاج من الليكوبين المستهلك، يكمن في إضافة الحرارة والدهون الصحّية إلى الطماطم، وذلك عبر تناول وجبة المعكرونة الساخنة مثلاً مع صلصة الطماطم، مع الحرص على تناول ما هو محلي مصنوع في البيت، لا ما هو تجاري من أجل ضمان التأكد من محتوى ما يتم تناوله.
هناك مَن يستغربون الكلام القائل: إنّ الحمية الصحّية تعادل استهلاك كمية الليكوبين الصحيحة؛ لكن مَن يختبر فعّالية هذه المادّة في الجسم السليم، يدرك أنّ بعض التغيير البسيط في النظام الغذائي قادر على أن يبدل تفاصيل كثيرة من مشهديّة الصحّة العامّة.. فاصنعوا بأنفسكم هذا التغيير.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق