◄من بين أساليب التربية الحديثة، يعد الإيحاء وسيلة فاعلة في ترسيخ المبادئ في عقل الطفل وغرس القيم النبيلة في نفسه بطريقة غير مباشرة، إذ يخاطب عقل الطفل اللاوعي من خلال الكلمات والجمل التي تقال والتصرفات التي تصدر من الوالدين والمحيطين بالطفل.
إذا كان الطفل يتعلم ركوب الدراجة وأخفق في السير بها وتكرر سقوطه، يقضي الإيحاء السلبي بتعنيف الأخير واتهامه بالضعف والغباء، أو الإشفاق عليه من هذه المهمة وتخويفه من المحاولة! والنتيجة: هدم شخصية الطفل وتثبيط عزمه على تعلم مهارة جديدة.
بالمقابل، يقضي الإيحاء الإيجابي بتشجيع الصغير على تكرار المحاولة، وإن أخفق يمكن أن نثني على ما استطاع أن يفعله وعلى تكراره المحاولة على الرغم من صعوبتها عليه ووعده أنّ أداءه في المرات القادمة سوف يتحسن. والنتيجة: إصرار الطفل على التعلم وإتقان مهارة ركوب الدراجة بأسرع ما يمكن وإضافة مهارة جديدة إلى مهاراته.
وحتى نشعر بأهمية الإيحاء في حياة الطفل، يجب أن نلاحظ ما يصدر عنا من كلمات وتصرفات تنطبع في ذهن الصغير الذي يراقب جيداً، ثم يقوم بالتقليد. وبالتالي، يمكن عن طريق الإيحاء تحقيق أهداف تربوية عدة، كغرس المعاني الفاضلة والصفات الجيدة، مثل: الشجاعة والبطولة والتعاون، كما تعديل السلوك السلبي وتدعيم الجوانب الضعيفة من شخصية الطفل.
ليأتي الإيحاء بنتائج مرضية، تشدد اختصاصية التقويم التربوي وتعديل السلوك أميرة سلامة على ضرورة إشعار الطفل بالحب والحنان بالقول والفعل. فكلمة "أحبك" كاملة الأركان، من المستحسن أن لا يتبعها استدراك "لكن"، وأن لا تستخدم لتهدئة مناخ متوتر، مع الحذر من ترديدها إلى الحد الذي تفقد معناها!
وسائل الإيحاء:
مع مرور الوقت، تتخلل حياة الطفل عوامل مؤثرة أخرى، بخلاف ما يستقيه من والديه، مثل: المدرسة والأصدقاء ووسائل الإعلام ومواقع التواصل. علماً أنّ كماً كبيراً مما يكتسبه الطفل في الآونة الأخيرة من ثقافات ومعارف ومهارات وعادات وربما عقائد وأخلاق يكون عن طريق البيئة والاختلاط والإعجاب بالآخرين، ما يستدعي من الوالدين مواجهة أي تدخلات خارجية من شأنها توجيه الطفل بالإيحاء لتصرفات سلبية ومبادئ وقيم مغلوطة. كما مراقبة سلوك الطفل وألفاظه وطريقة تعامله مع أبويه وإخوته، والتدخل في الوقت المناسب لتعديل السلوك وإعادة الطفل مرة أخرى إلى الطريق القويم. في هذا الإطار، يمكن الاسترشاد بالوسائل الآتية:
القدوة:
إنّ القدوة من أكثر الوسائل المساعدة على التربية بالإيحاء وبدون توجيه مباشر، فمن خلال الاحتكاك بالآخرين، يكتسب الطفل تلقائياً صفات حميدة وأفعالاً مدعاة للثناء، لذا يجب أن ينتبه الأبوان بشكل خاص والمحيطون بالطفل بشكل عام إلى سلوكهم أمام الطفل لكي يكونوا قدوة ومثالاً في الأخلاق وحسن التعامل مع الآخرين. ولابدّ من أن ننبه إلى دور المربيات في التأثير على أطفالنا، وضرورة توظيفهنّ وفقاً لشروط لا يمكن التنازل عنها، مع إخضاع تصرفاتهنّ تجاه الطفل للمراقبة الشديدة.
القصة:
القصة هي وسيلة فعّالة في التوجيه غير المباشر، فهي تجسد الإيحاء بدخولها إلى أعماق النفس بدون استئذان! وعندما تؤلف الأُم القصص في السنوات الأولى من عمر طفلها، وتربط هذه القصص بيوميات طفلها، وتنتقد المرغوب في تعديله بأسلوب غير مباشر وتستخدم شخصية محببة لهذه الغاية، سيصل للصغير المغزى من خلال القصة.
اختيار الأصدقاء:
في السنوات الأولى من عمر الطفل، يجتهد الأبوان لتعليمه الفرق بين الخطأ والصواب، ويحاولان إرشاده إلى الطريقة التي سيعيش بها حياته بإيجابية. ولكن، مع مرور الوقت، يتعرف الصغير إلى الأصدقاء، وقد يكون أثر الأخيرين سلبياً عليه، حيث يتجهون إلى تعليمه مبادئ وقيماً مغايرة لتلك التي كان تعلمها في المنزل!
إشارة إلى أنّ الأثر السيئ للأصدقاء على الطفل سيكون واضحاً بقوة ما بين عمر الخمسة أعوام والخمسة عشر عاماً، إذ تعد السنوات المذكورة من الفترات الحساسة للطفل، حيث يكون فيها عرضة للتلقي، الأمر الذي قد يكون عاملاً هاماً في تكوين شخصيته. وإذا كان الطفل شديد التلقف لآراء وأفكار أصدقاء جيدون. وبما أنّ الأُم لن تستطيع التحكم في أصدقائه أو زملائه داخل المدرسة، فإنّها تقوى على التحكم في مَن يصادق أو يقضي وقته معه خارج المدرسة. وإن لاحظت أنّ هناك بعضاً من أصدقاء طفلك يعلمونه، مثلاً، التحدث إليها بلهجة تخلو من الاحترام، فحينذ يصبح من حقها تماماً ألا تسمح لصغيرها بالاختلاط بالنوعية المذكورة من الأصدقاء.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق