• ٢١ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

التمر.. غذاء كامل ومفيد

إيمان يوسف بقاعي

التمر.. غذاء كامل ومفيد

 

في التعريف بأمة العرب انصب اهتمام علماء التاريخ والاجتماع والجغرافيا على الدين واللغة والتقاليد، دون الانتباه الكافي للنخلة، هذه السامقة الشامخة المتأودة مع النسيم المقاومة للريح على شواطئ النيل، ودجلة، والفرات والعاصي. وعلى سواحل البحرين والكويت وعمان حتى المغرب وموريتانيا ولا يخلو بلد عربي من غابة لها أو أجمة أو عدة أفراد تتراقص بين الحقول وفي عمق الصحراوات. شهدت بكور العقل وتفاعل الأساطير مع الخرافات ومولد الأديان وحكمة السماء واجتياح الطوفان وظهور السجون والحدود والكتب والكتاتيب، لترى العيال وقد جلسوا يتلقون العلوم على قفص من جريد النخل وتحت سقيفة من الفلق المنشق من سيقانها. ورغم تعدد الأنواع من عائلة النخيل في الهند وجنوب آسيا والدنيا الجديدة "أمريكا" وإسبانيا وبعض مناطق وسط وجنوب أفريقيا، إلّا أنّ النخلة العربية منفردة في صفاتها وفي ثمارها وحتى وقت قريب لم يكن يخلو بيت – كوخاً كان أو قصراً من أثر في بنائه من أجزاء النخلة. ولأمة العرب دراية في شق جذوعها لتصبح أفلاقاً (جمع فلق) تعالَج في الماء وتجفف فترات طويلة حتى تكتسب صلابة ومناعة ضد السوس والحشرات لتصبح ركائز وسقوفاً. كما يعالج الجريد ليصبح سقفاً قابلاً للتحمل والضغوط، لكن أمر الجريد، دون أغصان بقية أشجار العالم، تسلل من أحقاب الأقفاص والأسرّة والمقاعدة والكراسي والموائد. ترى الشواطئ الراقية الآن لا تزال تتعامل بشكل فني رقيق مع عناصر الجريد لخفته وقدرته على إذكاء نوع من التشكيل الفني البديع، لكن السعف يتفرد وحده ليصحب صلباناً يحملها المحتفلون في أعياد الأقباط يومي أحد السعف وسبت النور استحضاراً لمعظة محاولة صلب النبيّ عيسى ابن مريم تلك التي جاءها المخاض إلى جذع النخلة، والتي أكلت منها رطباً جنياً، (عليهما الصلاة والسلام). والرطب الجني – ذلك الذي لا مثيل له لحلاوته وليونته وقدراته الشفائية – يقودنا إلى هذه الأنواع من بلح النخيل: اللين، والخشن، والأخضر، والرطب، والأصفر، والأحمر، واليابس، والتمر الرملي، والعجوة، والأُمّهات، والزغلول. هي الثمرة الوحيدة التي تعدد بتعدد النخيل وتعدد مناطق زراعته على غير ما ألفنا من جميع النباتات التي قد لا يزيد تعدد أنواعها على أربعة في أكثر الحالات كالبرتقال مثلاً.

ويحصي (ابن البيطار أبو زكريا بن العوام) و(داود الأنطاكي) في كتبهم عن النباتات.

والعلاج بالأطايب والثمار ما قد يصل إلى ثلاثمائة نوع من بلح النخيل ومع ذلك، فإنّ النخلة تستعصي على التطعيم أو التلقيح مزجاً بينها وبين أي نبات آخر كما حدث في البرتقال مثلاً، ولذا، فإنّ النخلة تظل شجرة أمينة مخلصة لا تمنح نفسها إلّا لذكر النخيل واقفاً وسط إناث النخل شامخاً غليظ الرقبة وكأنه ديك وسط الدجاجات، وفي الحالات التي تشاء الظروف فيها أن يبقى هذا الذكر وحيداً دون إناث فإنّه لا يلبث أن يضطرب ويحتقن ويتجهم ويصبح وكراً للثعابين والزنابير والغربان الضالة، وهو ما يصف به الناس فاقد التواصل مع الغير: "يعيش فلقاً ويموت فلقاً".

وأصحاب المأثور من الطب العربي يعتبرون البلح غذاء له قدرته على جهاز المناعة ضد الأمراض، وخصوصاً إذا ما تم تناوله مع اللبن، ويؤثر المسلمون عادة أن يفتتحوا إفطار صوم يوم رمضان بالبلح، خالصاً أو مخلوطاً بالأشربه، ولا يزال كثيرون يعتبرونه خير زاد للسفر، وللذهاب إلى المدارس، وخير مفتتح لتكريم ضيف، ولكن المثلبة الكبرى للنخلة كانت في هذه الوقائع المؤلمة التي ربط فيها الجبابرة بعض الفقراء والمناوئين لهم في جذوعها وسقوهم الويل حتى الهلاك.

ومن هذه الجولة الممتعة بمعلوماتها ولغتها الأنيقة الأدبية إلى ثمار النخل...

 

التمر:

إنّه غذاء كامل بكلّ ما في الكلمة من معنى لاحتوائه على فيتامين (A) بشكل كبير.

-         يقوي الأعصاب البصرية ويفيد في مكافحة العشى الليلي.

-         التمر يفيد الشيوخ الذين يعانون قلة السمع والوشيش.

-         التمر يضفي السكينة والدعة على النفوس القلقة المضطربة.

-         ينصح بإعطاء بضع ثمرات مع كأس من الحليب صباح كلّ يوم (الترويقة) يزود الإنسان بالوقود اللازم لفكرة ويحافظ على هدوء أعصابه أثناء النهار.

-         احتواء التمر على فيتامين (ب) يجعله نافعاً في حالات الآفات العصبية وآفات الكبد واليرقانات وتشقق الشفاه وتكسر الأظافر وجفاف الجلد لغناه بالفيتامين (ب2: B2).

-         إنّ غنى التمر بالفوسفور يجعله مفيداً لأرباب الفكر والقلم ومفيد للقوة الجنسية.

-         أيضاً يفيد في حالات الشلل لغناه بالفيتامين (ب1: B1).

-         إنّ غنى التمر بالمغنزيوم يجعله في مقدمة الأغذية المفيدة وقد لوحظ أنّ سكان الواحات لا يعرفون مرض السرطان إطلاقاً.

-         ينصح بتناول بضع تمرات وجرعة من الماء عند الإفطار من الصيام لما في ذلك من الفائدة الصحية حيث تبدأ المعدة عملها بالتدريج في هضم التمر السهل الامتصاص.

-         إنّ فائدة السكاكر الموجودة في التمر لا تنحصر في منح الحرارة والقدرة والنشاط بل إنها أيضاً مدرة للبول تغسل الكلى وتنظف الكبد.

-         أكله على الريق يقتل الدود.

-         إنّ تناول التمر بصورة دائمة يضمن للجهاز الدموي والعصبي عدم الإصابة بتسمم الدم.

-         يعتبر التمر أحد الثمار الصدرية الأربع التي يعطى منقوعها لمن يشكو السعال والبلغم والتهاب القصبات وهي: العنب، والتين، والتمر، والعناب.

-         ثبت في الصحيح عنه (ص): "مَنْ تصبَّح بسبع تمراتٍ، لم يضره ذلك اليوم سُمُّ ولا سحرُ". وثبت عنه أنّه قال: "بيت لا تمر فيه جياع أهله" وثبت عنه: أنّه أكل التمر بالزبد، وأكل التمر بالخبز وأكله مفرداً.

-         أيضاً التمر يفيد في تنشيط القوة الجنسية.

-         يمكن وصفه لتغذية المصابين بضعف الشهية للطعام وللمصابين بفقر الدم وكسل الأمعاء.

-         لكن التمر لا يلائم المصابين بالسمنة وداء السكري وارتفاع الحموضة في عصارة الهضم في المعدة.

-         إفطار الصائم على الرطب أو التمر له فوائد كثيرة، فالصوم يخلي المعدة من الغذاء فلا يجد الكبد فيها ما يجذبه ويرسله إلى أجزاء الجسم. والحلو أسرع شيء وصولاً إلى الكبد وأحبه إليه لاسيّما إن كان رطباً فتنتفع به القوى والأعضاء.

 

المصدر: كتاب كشكول المرأة

ارسال التعليق

Top