• ٢١ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الزواج برجل مسن..كيف نتعايش مع الإنتقادات؟

الزواج برجل مسن..كيف نتعايش مع الإنتقادات؟

قد تتزوج المرأة رجلاً "كبيراً" لأنّها تحبّه، لكن الآخرين لا يقبلون تلك الفكرة، ويصرون على أن وراء ذلك الزواج حكاية ما! ودائماً تجد الزوجة الشابة نفسها محاصرة بنظرات الآخرين وإنتقاداتهم، وسخريتهم، نكاتهم "المقصودة"، كما أن بعضهم ينصّّب نفسه ناصحاً ومرشداً.
لعل الكثير من النساء لا يرين مشكلة في الزواج برجل أكبر سناً، حتى وإن كان بفارق كبير، فالحب لا يعترف بالفوارق في العمر ولا في الطبقة. أمّا أن يكون الزواج برجل في خريف العمر نابعاً من التفكير في جيبه وحسابه المصر في ونوع سيارته، فهذا ما ترفضه معظم الفتيات بلا شك.
وقد نشرت الكاتبة الأمريكية روزا هايس مقالة حول هذا الموضوع في موقع (Associated Content) بعنوان "الزواج مع الإنتقادات". وترى الكاتبة أنّ الزواج عن حب أمر رائع، وعندما يتحقق هذا النوع من الزواج، فعلى الجميع أن يتوقفوا عن السؤال عن عمر أحد الزوجين أو ما شابه من أمور تصبح هامشية في ظل وجود الحب.
- ومما كتبته هايس:
لم أفكّر يوماً في الزواج برجل أكبر مني، ولم يكن ذلك من ضمن خططي الشخصية، ومع ذلك وجدت نفسي غارقة في شراكة جميلة مع رجل يكبرني بعشرين عاماً وتزوجنا، وها نحن نعيش في سعادة ووئام. وبإمكاني أن أتحدّث عن تجربتي الخاصة في هذا الشأن لتكون في خدمة أي إمرأة تقع في حب رجل بينها وبينه فارق كبير في العمر.
وأود الإشارة إلى أن نظرات الآخرين وإنتقاداتهم ربّما تكون المصدر الأوّل للتنغيص بالنسبة إلى المرأة في ذلك الوضع. عليك أن تتوقعي على الدواب وجود أشخاص مستعدين للتساؤل عن عدم التناسب في علاقتك، سواء عبّروا عن ذلك صراحة أو فكروا فيه بشكل غير معلن.
وبالنسبة إليَّ، أود أن أكاشفكم بما سمعته من همسات بين من يحيطون بنا. فقد قالوا عن زوجي إنّه "يعبث" بمصير فتاة في عمر أبنائه. وقالوا عني إنني تزوجته طمعاً في ماله. والإستراتيجية التي اتبعتها لمواجهة كل ذلك بسيطة جدّاً؛ فبعدما كنت أنزعج من ذلك في البداية، سرعان ما اكتشفت فضيلة التجاهل. على الآخرين أن يعتادوا الأمر، وإلا فليفنوا أعمارهم في أحاديث لا تساوي شيئاً، وعليهم هم أن ينشغلوا بالأمر. أما أنا، فيكفيني أني سعيدة مع زوجي. في بادئ الأمر كنت ألاحظ الناس ينظرون إلينا بإستغراب وعيونهم مليئة بالأحاديث، لكنني منذ أن توقفت عن متابعتهم، بتّ أشعر بأنهم غير موجودين بالمرّة.
هذا مع العلم أنني أنفي بشدة أني اقترنت بزوجي لأجل المال. صحيح أننا ميسوران لكنني أكسب دخلاً جيِّداً من عملي، ولدي حساب مصرفي من عرق جبيني.
سبب آخر للغصة التي قد تصيب إمرأة متزوجة برجل مسنّ، ألا وهي فكرة الفراق، وإحتمال أن يموت الزوج في مرحلة لا تكون فيها المرأة قد تجاوزت سن الشباب، بالنسبة إلي كان هذا الأمر بمثابة كابوس دائم في بداية زواجي. فقد كنت أرى كوابيس يظهر فيها زوجي وهو مسجى في كفن أبيض، وكنت أرى نفسي أرملة في عمر الشباب.
وبمرور الوقت استطعت استيعاب الأمر، وأقنعت نفسي بأنّ الموت حق علينا جميعاً، وأنّه قد يأتي من هم أصغر سناً بمثل ما قد يأتي كبار السن. لقد أقنعت نفسي بأنّه حتى لو كان الموت سيخطف زوجي مني، فمن الأجدى لي أن أستمتع بكل لحظة من لحظات سعادتنا الزوجية، وعقدت العزم على أن أجعل حياتنا نعيماً، وليأت الموت أنى شاء.
أمّا النقطة الثالثة في قائمة المنغصات فتتمثل بالنكات. إن أخيلة الناس خصبة عندما يتعلق الأمر بالنكات عن نساء يتزوجن رجالاً أكبر سناً. وأذكر ذات مرّة إن إحدى زميلات العمل كانت تروي نكتة عن رجل مسنّ و"عاجز" عن إسعاد زوجته. وبينما راح الزملاء جميعاً يضحكون من أعماق قلوبهم من الموقف الذي صورته النكتة، فقد أصابني الموقف بالكآبة. وعدت إلى البيت واجمة وفي اليوم التالي لم أذهب إلى العمل.
حدث هذا قبل ثلاث سنوات. والوضع اليوم مختلف. فقد عوّدت نفسي التفاعل مع مثل تلك النكات بمثل ما يتفاعل الآخرون معها، ولا أشغل بالي بالمقارنات. إذا كانت النكتة وجدت لكي يضحك الناس، فلماذا أحرم نفسي تلك النعمة؟ بعض الناس يتعمدون قول ذلك النوع من النكات في وجودي؛ إذ إنهم يعلمون أني متزوجة برجل كبير في السن، وآخرون يرونها من دون قصد.
بالنسبة إلي لم أعد مهتمة بالفرق بين هذين النوعين من الناس. كل ما يهمني هو أن أتفاعل بالضحك إن كانت النكتة مضحكة حقاً. وباعتقادي أن من يقصدون إزعاجي سيكتشفون أن تفاعلي مع النكتة ينم عن ثقة عالية بالنفس، ومن ثمّ سيتوقفون عن محاولة إزعاجي، وهذا ما يحدث بالفعل.
وهناك أيضاً مسألة الفضوليين الذين ينصّبون أنفسهم ناصحين ومرشدين، وهؤلاء قد يكونون أقرب جيرانك، أو حتى أقرباءك. ولديّ جارة مثلاً دقّت بابي لأوّل مرّة بعد زواجي بعامين، وراحت تتحدث عن كيف أنها تعاطفت معي عندما رأتني برفقة رجل يكبرني بأعوام عديدة، ثمّ بدأت تمطرني بنصائحها بشأن كيفية المحافظة على عافية زوجي ومساعدته لكي يعمر أطول.
الأمر الجيِّد في مثل هذه النصائح هو أنّها ليست ملزمة. فلك الخيار أن تستمعي لها أو أن تصمّي أذنيك عنها. بالنسبة إليَّ استمعت إلى نصائح جيِّدة، وصممت أذني عن نصائح لا معنى لها. وفي كل الأحوال تعاملت مع المواقف بروح رياضية.
على العموم، من الأنباء الحسنة بالنسبة إلى النساء من أمثالي، أنّ الناس بمرور الوقت سيعتادون الأمر، ولن تبدو العلاقة لهم أمراً غريباً بعد مضي سنوات. بل أكثر من ذلك؛ عندما تكون العلاقة الزوجية بين رجل مسنّ وإمرأة شابّة علاقة سعيدة ومنسجمة، فإنّها ستكون مثار حسد بالنسبة إلى العديد من النساء والرجال الذين يعيشون مع شركاء زوجيين يقاربونهم في العمر. ومن حسن الطالع أنني من هؤلاء، فالعديد من الناس الذين انتقدونا أو سخروا منّا أو نصّبوا أنفسهم ناصحين لنا، إما لجؤوا إلينا طلباً للنصيحة في ما بعد، أو أن أمورهم انتهت على نحو لا يثير الحسد.

 

ارسال التعليق

Top