• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

المرأة والحرِّية الشخصية وحقوق الإنسان

أسرة البلاغ

المرأة والحرِّية الشخصية وحقوق الإنسان

إنّ من المسائل الثقافية والحضارية والسياسية الخطيرة هي مسألة الحرِّية وحقوق الإنسان.. والإسلام يُقرر أنّ الحرِّية حق طبيعي للإنسان يحميه القانون.. والحرِّية مرتبطة بالإلتزام والمسؤولية، وأنّ هناك فرقاً بين الحرِّية والتحلل والإباحية..
إنّ الأصل في سلوك الإنسان - كما يذهب التشريع الإسلامي - هو الحرِّية، وللإنسان أن يفعل ما يشاء، ولكن في حدود ما لا ضرر فيه، ولا عدوان ولا تجاوز على قيم الحق والخير والاستقامة والسلوكية.. فالإسلام يريد الخير لهذا الإنسان.. ويريد حمايته من الضرر والفساد والشرور.. لذا نظّم السلوك البشري في ثلاث دوائر هي:
1- الإباحة.
2- الحرمة.
3- الوجوب.
وثبت علماء أصول الفقه مبدأ "أصالة الحل" و"أصالة البراءة".. وتلك الأصول تعني أن كل شيء هو محلِّل للإنسان، وأنّه ليس مكلّف بشيء ما لم يرد دليل يحرِّم عليه ذلك الشيء، أو يوجبه عليه.. وتفيد الأبحاث الأصولية والدراسات التحليلية في الفكر الإسلامي أنّ التحريم مرتبط بالمفسدة.. أي أنّ التحريم لم يأت جزافاً، بل هو قائم على أسس علمية.. فالإسلام عندما حرَّم الخمر والمخدرات والقمار والزنا واللواط والغيبة والسرقة والإغتصاب والظلم والعدوان والإحتكار والرِّبا والإعتداء على الآخرين وما يؤدي إلى تلك السلوكيات.. إنّما حرَّمها الإسلام لما فيها من ضرر على الحياة الإنسانية، وآثار سلبية هدّامة في ذات الفرد وفي البناء الإجتماعي.. وفي العلاقة مع الله سبحانه..
وجدير ذكره أن الدراسات العلمية، كالدراسات الطبّية والإجتماعية والنفسية والأمنية والاقتصادية.. الخ، تؤكّد ضرر ما حرَّم الإسلام، وتتوافق معه بضرورة المنع والتحريم.. وأن إباحة تلك المحرّمات ليست من الحرِّية، بل هي إباحة هدّامة للسلوك الإنساني جرَّت عليه الكوارث والويلات في التسبب بالأمراض الفتاكة كالإيدز وغيره وفي انتشار الجريمة والإغتصاب والقلق والمشاكل والمعاناة والحروب وغياب الأمن والاستقرار، وإن ما قرره الإسلام من واجبات كالصلاة والصوم والزكاة والعدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصرة المظلوم، هو لصالح الإنسان، والحفاظ على إنسانيته..
وإنّ هذه الدوائر الثلاث تحدد طبيعة السلوك الفردي والجماعي للإنسان وحرِّية المرأة، كحرِّية الرجل هي في دائرة المباح.. وهي أوسع الدوائر.. وهي الأصل في السلوك الإنساني.. فالحرِّية للجميع، رجالاً ونساء في حدود المباح البشري كحرِّية التملّك والسكن والإقامة والعمل وطلب العلم والتعبير عن الرأي والمشاركة في الحياة السياسية، ما لم تتعارض تلك الحرِّية وحقوق الآخرين.. أو تتنافى مع الأخلاق والآداب الإجتماعية السليمة.

ارسال التعليق

Top