في أحيان كثيرة يسير الحمل في أمن وآمان ويستمر لأشهر. وفجأة تكتشف الحامل وجود ورم سرطاني! هنا عليها أن تتفهم بصورة جيدة جدّاً طبيعة مرضها، وأن تلجأ فوراً إلى طبيب متخصص؛ لمتابعتها طبياً.
يطمئن الدكتور عبدالحميد السبيلي، استشاري النساء والتوليد، كلّ حامل لها علاقة بالأورام السرطانية مؤكداً: "الأمر لا يستدعي إنهاء الحمل في كلِّ الحالات إذا تم اكتشاف المرض مبكراً".
عن هذه الحالة المرضية التي تصيب واحدة، تقريباً، (ورم سرطاني أثناء الحمل) من بين ألف حامل، تحدث الدكتور السبيلي عن طبيعة هذه الأورام، وتأثير تعرض الحامل للإشعاع أو العلاج الكيمياوي.
تعتبر أورام عنق الرحم والثدي الأكثر شيوعاً أثناء الحمل، يليها أورام المبيض وأمراض الدم، والحمل في حد ذاته لا يؤثر على تقدم السرطان، ولكن قد يتأخر التشخيص؛ نظراً لوجود أعراض مشتركة مثل: القيء والإمساك وآلام بالبطن، وصعوبة بالتنفس والشعور بالإجهاد والصداع؛ لذلك يجب إجراء الفحوصات اللازمة مثل: صورة دم كاملة، والموجات فوق الصوتية، وإذا كان هناك شك في وجود أورام فيجب عمل الرنين المغناطيسي، وعمل تحليل دلالات الأورام مثل: HCG, AFP Ca125.
شرح تفصيلي:
إنّ العامل النفسي المستقر مهم جدّاً للمريضة؛ حيث يراه الطبيب أنّه الأصعب بعد التشخيص وأثناء العلاج، وهذا يتطلب شرحاً تفصيلياً للأمور من قِبَل الفريق الطبي المكون من استشاري النساء والتوليد والأطفال والجراحة وأطباء النفس وأمراض الدم... للحامل المريضة.
ويتابع السبيلي: كما يتم شرح النتائج المحتملة لاستكمال الحمل وتأثير الورم على الجنين والأُم، أو إنهاء الحمل حرصاً على حياة الأُم، وهذا يتوقف على مدى انتشار المرض، والمرحلة التي يمر بها الحمل، ثمّ تأثير العلاج سواء كان بالجراحة أو الإشعاع أو الكيمياوي، ويكون تقبل المريضة هو مفتاح العلاج السليم.
وعن أكثر أنواع السرطانات التي تتعرض لها الحامل يجيب الدكتور عبدالحميد السبيلي:
1- أورام الثدي:
· تمثل حوالي 25% من الأورام السرطانية أثناء الحمل، ويمكن التشخيص المبكر لها باستعمال الموجات فوق الصوتية، ولكن ليس كلّ ورم بالثدي يكون سرطاناً. فإذا كان هناك شك يعمل Mammography.
· يمكن أخذ خزعة من الورم بإبرةٍ رفيعة، أو أخذ عينة منه جراحياً؛ حتى يتأكد التشخيص، وغالباً يُسمح باستكمال الحمل لعدم تأثير الورم على الجنين إلا في الحالات المتقدمة؛ مثل كبر حجم الورم أو انتشاره إلى الغدد الليمفاوية.
· يكون العلاج الجراحي باستئصال الورم هو الأمثل، بحيث يتبعه علاج إشعاعي على الصدر، ولكن أحياناً يلجأ الجراح إلى استئصال كامل للثدي المصاب، وفي هذه الحالة غالباً لا تحتاج المريضة للعلاج الإشعاعي.
· أما العلاج الكيماوي إذا استعمل أثناء النصف الثاني من الحمل فغالباً لا يسبب أضراراً للجنين، ولكن يجب أن يكون زمن آخر جرعة هو: 3 أسابيع قبل الولادة.
كما تؤكد الحقائق العلمية والمعملية أنّه لا يوجد أي دليل على امتداد الورم السرطاني من ثدي الأُم إلى الجنين، ولكن يفضل أن تكون الولادة في الشهر الثامن؛ لتقليل خطر تعرض الجنين للإشعاع أو العلاج الكيماوي.
2- أورام عنق الرحم:
· تمثل حوالي 1/5000 من الحوال، وقد يأتي بدون أعراض، حتى يُكتشف بفحص Cervical screening أو تكون هناك أعراض مثل: النزيف المهبلي أو الإفرازات مع الألم الشديد، ويكون المسح (cervical smear) بأخذ مسحة من عنق الرحم، وتفحص العينة في قسم الخلايا (Cytology)، وتكون النتائج إلى حد كبير مؤشراً للتشخيص ووضع درجات لمدى تقدم الورم، كما يمكن اكتشافه مبكراً مع المتابعة بالمنظار المهبلي colposcopy كلّ 8 أسابيع.
· إذا كان الورم مازال مبكراً جدّاً تظل المتابعة مع استكمال الحمل، ولكن إذا تقدم المرض يُفضل عمل استئصال محدود على شكل مخروطي لعنق الرحم (cervical conization)، ولكن هذه الجراحة قد تسبب إجهاضاً أو ولادة مبكرة أو التهاباً لأغشية الجنين؛ لذا يمكن أخذ عينة مباشرة من عنق الرحم؛ لتفادي المضاعفات السابقة.
· في الحالات المتقدمة يكون العلاج الجراحي هو استئصال الرحم والغدد الليمفاوية المصاحبة، ولكن يمكن تأجيل الجراحة إذا كان الحمل في الشهور الأخيرة، وتكون الولادة في الأسبوع الـ34 بعد عمل الاحتياطات اللازمة، علماً بأنّ العلاج الكيماوي في الشهور الأخيرة قبل الولادة قد يقلل المرض، أما العلاج الإشعاعي فقد يلزم بالولادة المبكرة أو الإجهاض إذا كان في أشهر الحمل الأولى.
3- أورام المبيض:
تؤكد الأرقام الطبية الخاصة بسرطان المبيض أنّ جميع الأورام في المبيض أثناء الحمل لا تتجاوز: 1/100 ولادة، ولكن السرطاني منها من 20-50% تقريباً.
· يعتبر استعمال الموجات فوق صوتية هو المفتاح لتشخيص أي أكياس أو أورام بالمبيض أثناء الحمل.
· تظل الأورام المبيضية بدون أعراض؛ حتى تحدث مضاعفات (في 15% من الحالات) مثل: التواء الكيس أو النزيف الداخلي أو انفجار الكيس، وقد يؤدي وجود تلك الأورام إلى الإجهاض أو الولادة المبكرة أو الولادة المتعثرة.
· يمكن الاستعانة بالرنين المغناطيسي، وتحليل دلالات الأورام (125 ca) أو (a phetoprotein) أو (HCG) في التشخيص إذا كان هناك شك في أنّ الورم سرطاني.
· بمجرد وجود أحد هذه المضاعفات أو زيادة قطر الكيس (بالسونار) أكثر من 6 سم يجب التدخل الجراحي واستئصال الورم، ثمّ التأكد من التشخيص بالفحص الهيستوباثولجي (الأنسجة)، فإذا ثبت وجود ورم سرطاني يكون استئصال الرحم والمبيض هو الحل.
4- أمراض الدم:
اكتشاف هذا الورم لا يستدعي دائماً إنهاء الحمل أو التخلص من الجنين؛ فهناك حالات يستكمل فيها الحمل مع العلاج حتى الولادة، فـ"اللوكيميا المزمنة" مع الحمل يمكن تأجيل علاجها إلى ما بعد الولادة، ولكن "اللوكيميا" الحادة يجب معالجتها فوراً بالعلاج الكيماوي، حتى لو تم التخلص من الجنين حرصاً على حياة الأُم.
مخاطر:
· التعرض المبكر للإشعاع (أو أسبوعين) قد يسمح باستكمال الحمل بدون مضاعفات، أو قد يؤدي إلى الإجهاض.
· التعرض في الفترة من (3-7 أسابيع) قد يؤدي إلى عيوب خلقية في الجنين.
· من فترة (8-15 أسبوعاً) هي الأخطر؛ حيث يؤثر الإشعاع على النمو العصبي والجسدي للجنين، بينما بعد 25 أسبوعاً تكون الخطورة أقل كثيراً، إلا إذا كان التعرض بجرعة كبيرة من الإشعاع.
· العلاج الكيماوي يكون أكثر تأثيراً على الجنين في الفترة من (5-10 أسابيع)، وقد ينتج عن ذلك عيوب خلقية بنسبة 10-20%، بينما تقل الخطورة بعد الأسبوع الـ12، مع اختلاف العلاجات والجرعات المستعملة. ينصح بعدم الرضاعة الطبيعية للأُم التي تتلقى علاجاً كيمياوياً يستمر أثناء فترة الرضاعة.
5- تعرض الحامل للإشعاع أو العلاج الكيمياوي قد يسبب:
1- الإجهاض.
2- وفاة الجنين داخل الرحم.
3- عيوب خلقية للجنين.
4- تخلف في نمو الجنين داخل الرحم أو حتى بعد الولادة.
5- ولادة طفل برأس صغيرة (microcepholy) والذي يصاحبها غالباً تخلف عقلي في الطفل.
6- تعرض الطفل للإصابة بالسرطان فيما بعد.
7- زيادة نسبة العقم في الأطفال الإناث.
8- تأخر الإنجاب عند الأُم.
هل ننصح الأُم المصابة بسرطان الثدي بالحمل مرة أخرى؟
الإجابة: نعم! إذا تلقت العلاج المناسب وكانت النتائج طيبة، وفي هذه الحالة يفضل التأخر في الحمل من 2-5 سنوات.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق