د. فرانسوا إيتيان
لا يحتاج الطفل إلى آلية معينة تحفزه على التكلم، فهو مثلما جُهز تكوينياً للنوم والغذاء جُهز أيضاً لتعلم اللغة، ما يجعل تجاوب الأم معه سلساً يفهمه الطفل من خلال لغة خاصة بينه وبينها يسيطر عليها طابع الحنان والعاطفة، لذا يفترض بها عند البدء بمحادثة الطفل الإقتراب منه حتى يتمكن من التركيز في وجهها والنظر إلى عينيه مع إبتسامة عريضة ومخاطبة رقيقة فيها الكثير من الثناء، مع مراعاة الإنتظار لكشف ردة فعله تجاه إيماءات الأم إفساحاً في المجال أمامه لتكوين فكرة حول ما تقوم به حتى تكون إستجابته في محلها. وغالباً ما تكون إستجابته هذه إصدار أصوات أو إفتعال حركات جسدية، مع هديل ومناغاة.
حتى يدرك الطفل وصول فكرته إلى الأم عليها الإستجابة فوراً على مناغاة وحركاته فهذا يثبت له أن تواصله مع الأم لن ينقطع. وتستمر إستجابة الطفل لكل الايماءات التي تحصل أمامه إلى أن ينصرف إلى الإهتمام بأمور أخرى يترجمها من خلال إلتفاتات يميناً وشمالاً. إن تصرف الأم على طبيعتها مع الطفل يساعده على التركيز في اللغة وإكتساب مفرداتها، إذ أثبت علماء الألسن أن زيادة المفردات على لغة الطفل لا يزيد من مفرداته ومهاراته اللفظية، إذ أن قدراته على الإكتساب مبرمجة تكوينياً على التكلم دون إضافة مفردات خاصة بالحيوانات وأصوات السيارات.
ومن أجل محادثة أطول يجب التجاوب مع الطفل منذ بداية التواصل معه، مع مراعاة إلتزام الصمت حتى ينتهي من التعبير والبقاء ضمن الموضوع الذي يدور حوله محور الحديث دون استخدام اللغة الطفولية المتميزة بألفاظ غير واضحة تفتعل عن قصد، بل تعليمه النطق نطقاً سلمياً، مع إدخال شيء من اللعب على الحوار والكلام، ثم الإنتقال إلى قصة قصيرة تشكل مادة أخرى للتواصل معه، وهذا كله يفرض إحاطته بأشخاص آخرين يتعرف إليهم ويتحاور معهم.
عندما يسمع الطفل الأصوات يفترض تقليدها وإصدار أصوات أخرى يعقبها لحظات ترقب لفهم استجابته عليها.
الإنتماء الإجتماعي ضروري للتواصل، يبدأ مع الأم بالملامسة الجلدية التي تبدأ بالتفاعل إبتداءً من الأسبوع الخامس من الحمل.
ارسال التعليق