• ٢١ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

كيف نتعامل مع الأزمات الأسرية؟

كيف نتعامل مع الأزمات الأسرية؟

◄إنّ بعض الأُسر تجد صعوبة في التعامل مع أزمات حياتية لا تنتهي، ولا تعرف هذه الأسر سبيلاً إلى إيجاد حلول لها حتى وإن كانت أزمات بسيطة نسبياً، إنّ هذه الأسر تفتقر إلى المهارات اللازمة لمواجهة الأزمات وفهمها ومعالجتها، ولذلك فهي تخرج من أزمة وتدخل في أخرى دون إحساس بطعم الحياة ومتعتها.

وبالرغم من أنَّنا نسعى جميعاً إلى ما يشبه الكمال، إلّا أنَّه ليس هناك أسرة مثالية؛ ففي كلّ أسرة مواطن قوة ومواطن ضعف، ولكلّ أسرة حظ وافر من المشكلات والتحديات، ومشكلات الأسرة تأتي في أشكال وأحجام مختلفة، بعضها قصير الأمد ويمكن حله بسهولة وبعضها الآخر أكثر صعوبة وأطول مدى، فقد تأخذ هذه المشكلات شكل مرض أو وفاة، أو تأخذ شكل أزمة مالية، أو فقدان عمل ربِّ الأسرة أو تغيير عمله، أو رسوب في امتحان وغيرها، وهناك بعض أسباب عدم القدرة على مواجهة الأزمات في الأسرة وهي:-

1-عدم الاتصال بين أفراد الأسرة:-

فبعضهم يتجنب الحديث مع بعضهم الآخر، أو لم يتعلموا كيف يستمعون إلى الآخرين لفهم ما يقولون من خلال كلامهم وأفعالهم.

2- عدم القدرة على حلِّ النزاعات والخلافات القديمة:-

وهذا يحدث في العادة؛ لأنّ أفراد الأسرة لا يتكلم الواحد منهم مع الآخر بطريقة مثمرة ومفيدة، وهذا من شأنه أن يجعل المشكلة تتواصل وتزداد تعقيداً، كما يجعل حياة الأسرة أكثر صعوبة مع مرور الوقت.

وفي بعض الأُسر لا يتعلم الأفراد كيف يفاوضون، وكيف يتخلصون من مشاعر القهر القديمة، ومن المرجح أن يتعلم الأطفال من الأهل كيف يتصرفون في مواجهة مشكلة أو أزمة، فيرفضون التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم الدفينة، وهنا تصطدم حياة الأُسر بجدار اسمنتي قاس، وتسودها الفوضى ويتوقف الإنتاج والإنجاز.

3- الافتقار إلى المهارات لحلِّ المشكلات المستجدة:-

فأفراد الأسرة غير متفقين إن كانت هناك مشكلة معينة تواجههم، ولا يعرفون مدى خطورتها، ولا يعرفون المسؤول عنها، وهم غير متفقين على أوليات معينة في حياتهم.

4- الافتقار إلى الدَّعم النفسي في الأسرة:-

فالأسرة هي المصدر الأول والأساس لتقديم الدعم النفسي لمن يعيش فيها، ويجد الأطفال والكبار أيضاً صعوبة كبرى في البحث عن هذا الدعم النفسي والحصول عليه خارج الأسرة، فتسوء حالتهم النفسية ويسوء تحصيلهم المدرسي.

5- الافتقار إلى المهارات في توزيع المسؤوليات:-

فالأسرة هنا لا تعرف من هو المسؤول؟ وعن ماذا؟، وهنا تعم الفوضى في البيت، ولا أحد يعترف بمسؤوليته عن أي شيء ويبدأ مسلسل تبادل الاتهامات الذي لا ينتهي، مما يزيد المشكلة تعقيداً، وتحل العداوات والتحالفات في البيت، فيزداد انقساماً على انقسام ويستحيل أي قدر من التسامح ويتأثر الأطفال سلبياً في هذا الجو، فيخفقون في تطوير صورة ذاتية إيجابية، ويتراجع إحساسهم باحترام أنفسهم، وتضعف قدرتهم على اكتساب مهارات اجتماعية.

6- الأزمات الزوجية:-

فلا تخلو الحياة الزوجية من مشكلات وأزمات، فكل ذلك جزء من الحياة اليومية المليئة بالمزاحمات والمنافسات والمعارك العاطفية، والمهم أن نتعلَّم كيف نخرج منها سالمين مقتنعين بضرورة التفاوض للحفاظ على علاقة سليمة.

ومن خلال الدراسات الاجتماعية يؤكد خبراء علم الاجتماع أنّ المشاكل الزوجية لها فوائد؛ لأنّها من وجهة نظرهم فرصة حقيقية ليتعرَف من خلالها كلّ من الزوجين على ما يغضب الآخر ويزعجه، أو ما يفرح الآخر ويسعده، ويتلمس طباعه على أرض الواقع، بل ويعرف أخطاء نفسه، فيحاول إصلاحها وتعديل مسارها وتصحيح المفاهيم والأفكار الخاطئة التي قد تكونت لديه ضد الطرف الآخر.

ومن ناحية أخرى يستطيع كلّ من الزوجين أن يتعرف على أفكار زوجه وطموحاته وتطلّعاته، فيشارك في تلك التطلعات والآمال وبذلك تمتد جسور التواصل بين الطرفين، وخير علاج هو إنّ الكثير من الأزواج يعتقدون أنّ مسؤولياتهم تعتمد على الإنفاق على الأسرة، كذلك بعض الزوجات تعتقد أنّ مسؤولياتهن تنحصر في إعداد أصناف متميزة من الطعام، ورغم ظن هذا النوع من الأزواج والزوجات أنّهما يقومان بدورهما على أكمل وجه، إلّا أنَّهما لا يشعران بالسعادة لغياب عنصر الاحتياج العاطفي، فالحياة العاطفية هي نقطة مهمة للّقاء بين الزوجين، وتعد من أهم أسباب نجاح الحياة الزوجية أو فشلها، لذا لابدّ أن تبنى العلاقة الزوجية من البداية على أسس سليمة من جانب الطرفين، وفهم كامل لمعاني الزواج والمسؤولية، وعدم إغفال الاستيعاب العاطفي، وهذا كله بالتالي سينعكس إيجاباً على الأسرة ككل؛ لأنّ الزوجين أهم الأطراف، وإذا ما تأزم الوضع بينهما حدث شرخ في كيان الأسرة.►

 

ارسال التعليق

Top