• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

لماذا تؤلف المرأة السيناريوهات عندما تكون مغرمة؟

لماذا تؤلف المرأة السيناريوهات عندما تكون مغرمة؟
سهرُ الليالي الطويلة في نسج قصص وحكايات عاطفية، وتخيُّل الآخر في صورة أمير أ؛لام خارق، ذي إمكانات خارقة وصفات نادرة، وتخيُّل سيناريوهات ليست بالضرورة واقعية، لكنها تستجيب للرغبات الداخلية.. كل هذه التخيلات هي صفات أنثوية بحتة، ومواهب تظهر لدى المرأة عندما تقع في حب رجل ما. تلقت لمياء مكالمة في الساعة الثانية بعد منتصف الليل من صديقتها رشا، التي قالت: "لن تصدقي ما سأقوله لك، ففي حفل الزفاف الذي حضرته اليوم قابلت شاباً رائعاً، رومانسياً، رقيقاً، وسيماً، مثقفاً، مهذباً، خفيف الظل، حيث تبادلنا أطراف الحديث طوال الحفل، وقد ترك لي رقم هاتفه المحمول وأيضاً رقمه المباشر في المكتب، لكنه لم يُعطِني رقم هاتف البيت.. هل تعتقدين أنّه هو أيضاً يَرغب في رؤيتي مرة أخرى؟ أجد أنّه من الغريب أن يعطيني رقم البيت.. قد تعتقدين الآن أنني مجنونة.. لكني أشعر بأنّ هذا الرجل سيكون أب أولادي في المستقبل.. هل تعتقدين أنّه سيتصل بي؟". لم تكن رشا قادرة على الانتظار حتى الصباح، لكي تخبر صديقتها الحميمة لمياء بما حدث، كانت في حاجة ماسة إلى التحدث مع أحد ما عن الخبر السعيد، وأن تسمع أحداً يقول لها "نعم، أنت على حق، هذا هو فارس أحلامك". لكن للأسف بالنسبة إلى لمياء، لم يعد هذا يشكل خبراً مهماً بالنسبة إليها، لأن رشا تخبرها بمثل هذه القصة للمرة الخامسة خلال ثلاث سنوات، وفي كل مرة يتضح أنّه ليس فارس الأحلام ولا الأب المستقبلي لأولادها. يا لها من قدرة خارقة لتلك الأفلام الصغيرة الخيالية التي تحيكها كل فتاة في رأسها، تكتب سيناريو على هواها، سيناريو يحمي الصورة التي كونتها عن ذاتها ويحفظ لها اعتزازها بنفسها، فهذا عن الفتيات المتفائلات. المتشائمات بدورهنّ يؤلفن أفلاماً سابقة لأوانها في رؤوسهنّ، لكنها تكون أفلاماً سوداء خالية من الأمل، تستبق البلاء قبل وقوعه، وتجد الواحدة منهنّ تقول: "لن تنجح قصة الحب هذه، هذا أكيد. أما متأكدة من أن له حبيبة، وأنّه لن يهتم بأمري..". لكن مجرد شعاع من الضوء كفيل بأن يجعلها تغير مجرى السيناريو ويجعله أكثر تفاؤلاً.   - خيال: تضخيم الطرف الآخر الحب، بالاعتماد على الخيال مسألة مشتركة بين الجنسين في الواقع. يميل المتخصصون إلى القول إنّ هذا التصرف يكون أقوى لدى المرأة. يمكن تفسير تضخيم الخيال العاطفي الأنثوي تفاسير مختلفة. أوّلاً، وكما جرت العادة، يُنظر إلى الحب على أنّه شأن من شؤون المرأة. بالإضافة إلى ذلك، "تربت المرأة على مدى قرون وقرون من الزمن، على أنّه في إطار مفهوم الزواج السعيد، تبقى الفتيات في بيوتهنّ مبرمجات على أن يحلمن بـ"اللقاء السعيد" وهو الشرط الأساسي للسعادة المستقبلية" تقول المعالجة النفسية سيلفيا تينينبوم، وتضيف "لوقت طويل، عملت الثقافة السائدة على إبقاء المرأة في وضعية الانتظار، وتبقى النساء منغلقات على أنفسهنّ في المطبخ ينتظرن عودة الأزواج، لا يملكن شيئاً لتمضية الوقت سوى خيالهنّ، الذي يستعملنه أيضاً لمعرفة ما يفعله الأزواج خارج البيت". وهكذا، فمن أجل مقاومة الملل والإفراج عن أحاسيسهنّ القوية، وجدت النساء أنفسهنّ مضطرات إلى تطوير قدراتهنّ التخيلية. وأولئك اللواتي لا يتجهن إلى تأليف الأفلام والسيناريوهات، لكن محرومات من هذه الموهبة، لكنهنّ فقط خائفات من أن يعطين أنفسهنّ آمالاً زائفة.   - لعبة لها قوانينها: استعمال الخيال وتأليف الأفلام الرومانسية ثمّ روايتها للصديقات، وفك تشفير كل تصرف وكل كلمة تصدر عن الطرف الآخر، في جلسة مع الصديقات، قد تستغلق يوماً بأكمله في إعادة إنتاج طقس نسائي ووسيلة تواصل عالمية تقريباً بين كل النساء. لكن لعبة الاعتراف هذه وفك شيفرات الألغاز العاطفية لها قوانينها. أوّلاً، يجب أن يبقى التمرين مسلياً، وأن يجد كل طرف، الراوية والمستمعة، نوعاً من الإثارة الذهنية في الرواية. "بالنسبة إلى الراوية، يجب أن تعرف أن أسوأ ما يمكن أن يحدث للصديقة المستمعة، هو أن تدرك أن صديقتها في الواقع تغلق على نفسها في السيناريو نفسه، الذي تكرره كل مرة وترويه بالطريقة نفسها حتى لو اختلف أبطال القصة. لا يجب أن تشعر المستمعة بأنها تستمع لحلقة مكررة وقصة عقيمة تعرف مسبقاً نهايتها" تقول الأخصائية النفسية صوفي كادالان. ثانياً، يجب أن تكون نصائح الصديقة المستمعة قابلة للتصديق ومفصلة على مقاس الراوية. أيضاً "في اليوم الذي ستفهم فيه المرأة أن صديقاتها يعطينها النصائح مصبوغة بنظرتهنّ الشخصية إلى الرجال والحب، وأنهنّ في الواقع عندما يوجهن إليها نصيحة، يتحدثن عن أنفسهنّ وليس عن حالتها هي، فإنّها ستظهر لديها رغبة في أن تحتفظ لنفسها بحكاياتها ولن تحكيها لهنّ بعد الآن".   - لكل فيلم نهاية: تأليف الروايات والسيناريوهات من أكبر مُتع الدنيا. مع ذلك، فإنّه في اليوم الذي ستعثر فيه المرأة على الرجل المناسب، فإنّ الآلة التخيلية التي تضخم الأمور لديها سوف تبطئ وتخفف من وتيرة عملها. والتفسير هو أنّه بالقرب من المحب تتحقق المشاريع ويتم التعبير عن الرغبات والإفصاح عن المخاوف. هذا لا يعني أننا فجأة نتخلى عن حياتنا الخيالية للعيش في الحقيقة الصِّرْف، لأنّ النفس البشرية في حاجة إلى خيال وهروب من الواقع بين الفينة والأخرى. مع ذلك، فيجب الاعتراف بأن كاميرا الأحلام العاطفية تتوقف عن تصوير الأفلام الخيالية بمجرد أن تبدأ العلاقة الغرامية في التوطد بين الطرفين ويقترب كل منهما من الآخر. وذلك ببساطة، لأننا نجد في العلاقة الغرامية إرضاء للنفس أكثر من ذلك الذي توفره السيناريوهات الخيالية التي نفبركها بأنفسنا، والتي نحن مؤقتاً لم نعد في حاجة إليها.   - للرجال أيضاً خيالهم: يقوم نيكولا غيغان أستاذ السوسيالوجيا الاجتماعية والسلوكية ومؤلف كتاب "100 تجربة نفسية صغيرة حول الإغراء" (منشورات دونود، 2007)، بتكذيب بعض الأفكار المسبقة حول الحب عند الرجال. يضيف: "طرح باحثون أميركيون السؤال التالي على مئات الأشخاص رجالاً ونساءً: "في أي لحظة بالضبط أدركت أنك واقع في الحب؟". وكانت النتيجة أنّ الرجال يقعون في الحب أسرع من النساء: 20% من الرجال قالوا إنهم وقعوا في الحب منذ اللقاء الرابع، بينما 15% فقط من النساء قلن ذلك. من جهة أخرى قال 30% من الرجال إنهم حتى بعد عشرين لقاء مع الطرف الآخر لم يشعروا بالحب تجاهه، بينما نسبة النياء اللواتي قلن الشيء نفسه بلغت 43%. وللعلم فإنّ هذه الدراسة أجريت عام 1970، فما بالك لو أجريت مرة أخرى اليوم، مع كل الجرأة التي اكتسبها الإنسان والثورة في وسائل التعبير عن المشاعر، فلابدّ أن عدد الرجال الذين وقعوا في الحب من اللقاء الرابع سيتزايد أكثر. في الواقع، للرجال عادةً نظرة أكثر مثالية عن الحب من تلك التي تملكها النساء، فالرجال في أحلامهم التخيلية حول الطرف الآخر لا يولي الأغلبية العظمى منهم، أهمية كبرى مثلاً للدخل المادي للمرأة أو لطبقتها الاجتماعية". هذا طبعاً حسب رأي نيكولا غيغان، ولنا أن نختلف معه إن شئنا.

ارسال التعليق

Top