• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

هل أنت إنسانة مُتكبِّرة؟

هل أنت إنسانة مُتكبِّرة؟

◄الفرق بين الثقة بالنفس والغرور هو أنّ الأولى عبارة عن تقدير للإمكانات المتوافرة. أمّا الثاني، فيعني فقدان التقدير لتلك الإمكانات أو الإساءة إليها في أحسن الأحوال.

يقف التكبُّر كعائق ضخم في طريق نجاحك وتنمية مهاراتك. لذلك، لابدّ لك من معرفة التأثيرات السلبية للتكبر على مسيرتك الشخصية والعملية والاجتماعية. فهو صفة ذميمة تجعل الشخص يشعر بأنّه أسمى من أي مقارنة مع الآخرين، علماً بأنّ الآثار المترتبة عليه تكون سلبية، خصوصاً على مَن يعيش أو يتعامل معه.

وفي الحقيقة، يمكن التعرّف بسهولة إلى الشخصية التي تحمل هذه الصفة، من خلال شكلها وكلامها وطريقة تعاملها مع الآخرين، وحتى من خلال مشيتها ونظرتها، فهي من النوع الذي يظل يفخر بنفسه وبنسبه وعمله وبأقواله وأفعاله، حتى إنْ لم تكن ناجحة في عملها فإنّها تحاول إبهار الآخرين بما لديها. فالغرور والتكبُّر صفتان يصنفهما علماء النفس ضمن الإعاقات الفكرية التي تُعيق الإنسان عن التقدم، وتجعله حبيس أفكار محدودة تتمحور كلّها على ذاته ونفسه، واعتقاد المغرور أنّ ما وصل إليه كافٍ لإبهار العالم المحيط به.

 

   فرق:

هناك فرق بين الاعتداد بالنفس والتكبُّر، حيث إنّ الثقة أو الاعتداد بالنفس ناتجة عن عوامل عدّة، أهمّها تكرار النجاح، والقدرة على تجاوز الصعوبات والمواقف المحركة، والحكمة في التعامل، وتوطين النفس على تقبل النتائج مهما كانت، وهذا شيء إيجابي.

أمّا الغرور، فهو عبارة عن شعور بالعظمة وتوهم الكمال. وقد تزداد الثقة بالنفس إلى درجة يرى صاحبها في نفسه القدرة على كلّ شيء، فتنقلب إلى غرور. إنّ شعورك بالرضا عن إنجازاتك وتفوقك، أمرٌ جيدٌ ومبررٌ إلى حدٍّ ما للشعور بالثقة؛ لكن شعورك بالانتفاخ، وبأنّك تختلفين عن الآخرين، وبأنّ الكلّ يجب أن يُعجب بك، فهذا لا مُبرر له. علماً بأنّ الغرور يعكس درجة عالية من الإعجاب بالنفس والانبهار بالملكات والمواهب، فالمغرور ينظر إلى نفسه نظرة إكبار وإجلال، لا تتيح له أن يتبيّن النقائص والمساوئ في شخصيته، ما يمنع بناء شخصيته.

 

   حقائق:

يبدأ الغرور بنظرة إعجاب بسيطة للنفس، ثمّ يتطور هذا الإعجاب أكثر فأكثر، ثمّ ينمو ويتدرّج ليصبح إعجاباً بكلّ شيء في شخصيته، ثمّ استعلاء وتكبر، هناك حقئاق مهمة عليك أن تتذكريها إذا مررت بحالة من التكبُّر وهي:

التكبُّر يُغلق عقلك أمام آراء الآخرين: إنّ مشاركة الناس ومشورتهم، والتماس النصيحة منهم، يقتضي التواضع. والحكمة مطلوبة لفهم هذا القول وتحليله والتعامل مع الناس على مرّ السنين، فأنت بمفردك لا تستطيعين عمل شيء بكامله، فأي إنجاز عظيم يتطلب عملاً جماعياً، وذكاء أي شخص بمفرده لا يساوي ذكاء مجموعة. فالفكرة تبدأ ويتم تحسينها وتطويرها من خلال تفاعل الآخرين، ويمكن لفكرتك أن تظهر وتنجح مع وجود ناس حولك يدعمونها، وأن تكوني على استعداد للاستماع إليهم، وتقبل نقدهم وآرائهم، فهذا ليس فقط سيؤدي إلى تحسين أي مهمة تعملين عليها، بل سيؤدي إلى تحسين شخصيتك، وتطورها.

وإذا كنت متكبِّرة، فإنّ علاقاتك الاجتماعية ستكون قليلة، ربما ستحظين بإعجاب الآخرين في البداية؛ لكنّك سرعان ما تفقدين شعبيتك بسبب شخصيتك وطباعك التي لا يطاقها مَن حولك. كما أنّ الشخصية المتكبِّرة يصعب عليها الارتباط بالأشخاص الناجحين، أو مَن يعتقد أنّهم أفضل منه. وبما أنّ المتكبِّر يحبّ نفسه أكثر من المعتاد، فسترينه يحبّ صوره كثيراً، ويحبّ النظر إليها ونشرها أمام الآخرين ومشاركتها معهم، وسيتكلّم عن نفسه طوال الوقت.

 

التكبُّر يمنعك من الاعتراف بالخطأ: قد يمنع الخوف بعض الناس من الاعتراف بالخطأ؛ ولكن التكبُّر أيضاً قد يكون سبباً في عدم الاعتراف بالخطأ وعدم تطور ونمو فكرتك. يقول الكاتب ويليام بولينو: "أهم شيء في الحياة ليس الاستفادة من مكاسبنا؛ لكن الشيء الأهم حقاً هو الاستفادة من خسائرنا وذلك أمر يقتضي الذكاء، ويضع الفارق بين العاقل والأحمق".

التكبُّر يمنعك من إجراء التغييرات المطلوبة: عندما تؤدّين مهمة معيّنة وتعتقدين أنّك تنجزينها بشكل جديد، تصبح لديك مقاومة لإدخال تغييرات في عملك، وتُكرِّسين نفسك لخدمة الوضع الراهن بدلاً من السعي إلى التقديم وتطوير العمل.

 

   طريق التغيير:

هناك العديد من الخطوات التي تساعدك على أن تتغلبي على مشكلة التكبُّر، ومنها:

1- حاولي أن تُدركي تكبُّرك وأن تعترفي به، ليس مستحيلاً أن تتخلصي من هذه الصفة؛ لكن الصعوبة تكمن في أوّل خطوة في طريق التغيير، وهي الإدراك والاعتراف بأنّك مغرورة، وبأنّ غرورك زائد على الحدّ.

2- إنّ العلاج الناجع للتكبُّر يتجلّى بمخالفة سببه عملياً، فإذا وجدت أنّ تكبُّرك بسبب المال، عليك أن تعالجيه مثلاً بمخالطة الفقراء والتواضع لهم، ومنحهم الصدقات من دون مَنّ أو شعور بأنّ لك فضلاً عليهم. وإذا كان تكبُّرك بسبب العلم والذكاء والعقل، فعليك التواضع لمن يمكنك أن تتعلمي منه شيئاً جديداً.

ثمّ يبقى العمل الأهم على الأشخاص المحيطين بك، لأنّهم الحل الوحيد الذي قد يساعدك على التخلص من الغرور، وذلك بالنصيحة، لأنّها أفضل الطرق من أجل مساعدتك على إدراك أنّ لديك مشكلة، ثمّ التوقف عن معاملتك على أنّك شخصية عظيمة، بل معاملتك مثل أي شخص عادي حتى تُدركي في قرارة نفسك أنّ تكبُّرك سيجعلك تخسرين علاقتك بالأشخاص المحيطين بك، بل وقد يزيد من عدد أعدائك في المستقبل.►

*إعداد: د. نعيمة حسن

ارسال التعليق

Top