• ٢١ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

هل تربيتك لأبنائك وظيفة أم متعة؟

تيسير الزايد*

هل تربيتك لأبنائك وظيفة أم متعة؟
   ربّما ستأخذ منك الإجابة عن هذا السؤال بعض الوقت، أو ستتعجل القول وتجيب: إنها متعة، أو يكون ردّك أكثر دبلوماسية وتقول: وظيفة ممتعة، أو قد لا تجيب البتة.

ما الفرق بين الوظيفة والمتعة؟ قد تقوم بعمل ما لأنك مضطر أن تمضي فيه لأسباب متعددة، وقد تتقنه تماماً، ولكن دون شغف داخلي أو رغبة حقيقية للقيام به وتقوم بعمل لأنّك تريد إتمامه لأنّ إنجازه يشعرك بوجودك ويملأك بالبهجة، السعادة هي شعور داخلي يملأ حياتك إشراقاً وتصبح أيامك أكثر متعة.

علاقتنا بأبنائنا علاقة فطرية ولدت مع أوّل صرخة بدرت منهم، مع أوّل لمسة من أصابعهم الرقيقة، ولدت عندما همسنا بكلمات الأذان في آذانهم الصغيرة عند ولادتهم، يكبر الأبناء وتزيد مسؤولياتنا تجاههم، فلم تعد أيدينا تتسع لهم ليناموا، لم تعد قطعة الحلوى ترضيهم.

يكبر الولد أو البنت وتبدأ معهم حياتنا الحقيقية كأب وكأم، وتبدأ اختبارات الأبوة التي علينا اجتيازها لنمنح لقب أب ناجح أو أم ناجحة، وليس هناك مجال للرسوب؛ لأنّ الخاسر هم أبناؤنا.

إذا كنت تشعر بتثاقل خطواتك قبل الوصول إلى المنزل، أو تقضي جلّ وقتك في غرفتك هارباً من أبنائك، أو تهرب لشاشة التلفاز لساعات دون أن تتكلم بكلمة واحدة مع أسرتك؛ فأنت قد فقدت متعتك إلى جانب وظيفتك، فلماذا لا تعيد النبض إلى حياتك والإشراق إلى أيامك ويصبح بيتك هو مصدر سعادتك؟!

ومثلما رضينا أن يكون لنا أبناء وأسرة وبيت باختيارنا، فإنّ هذا يستوجب إنجاز مهمة الأبوة، وبما أنها مهمة إلزامية؛ فلماذا لا نجعلها ممتعة أيضاً لتكون أكثر نجاحاً وأكثر تأثيراً؟!

إليكم بعض الخطوات من أجل مهمة أبوية رائعة ممتعة:

1-  شارك أبناءك أحلامهم، اكتشف عالم عقولهم الصغيرة، اغلق عينيك واحلم معهم، لا تستهزئ بأفكارهم التي قد تبدو لك غير منطقية أحياناً، بل أشعرهم بأهمية تلك الأحلام لك، وأنك ستكون بجانبهم ترعاهم وتراهم يحققونها.

2-  العب معهم، أخرج الطفل من داخلك ودعه يشارك أبناءك فرحهم ولهوهم وسفرهم للمجهول، ابنِ معهم قصوراً على الرمال، لا تدع مساحة المنزل أو ضيق الجوار يعطل خططكم للعب، العب مع الصغار، وحاور وتحدث مع الكبار، كن صديقاً ورفيقاً لأبنائك في جميع مراحل حياتهم.

3-  البيت هو مملكتك وليس معسكرك، أنت راعٍ، لست قائداً عسكرياً أو إمبراطوراً متسلطاً قد تحكم رعيتك بالحبّ فتكون لك الطاعة والاحترام؛ فيبادلونك هذا الحبّ، وقد تتسلط وتكون دكتاتورياً؛ فيكون مصيرك العصيان والتمرد عند أوّل فرصة تتاح لرعيتك.

4-  جرّب أن تطهو لأسرتك أو أن تقوم بإعداد غداء أو شواء لهم، أرهم مهاراتك الأخرى وهواياتك المتعددة، فأنت إنسان لك هواياتك وأفكارك، قرّبهم منك، دعهم يتعرفون على شخصيتك الحقيقية، ولا تغطها بصورة الأب العصبي الآمر الناهي؛ بحجة أن تحافظ على صورتك الوقورة في عين أبنائك.

5-  قبِّل، عانق، فلهذه اللمسة تأثير السحر في العلاقات، وأعلم أنّ الحوار هو الطريق الرئيس لعلاقة قوية بين الأفراد.

6-  الحياة مشاركة، والبيت هو مجلسك الاستشاري، اجمع أسرتك حولك، استمع لهم، شاورهم وحاورهم، لا تلغِ الطرف الآخر، فهذا من شأنه أن يزيد احترامهم لك.

7-  كن جدياً عندما يتطلب الأمر أن تقف بصلابة وقوة أمام الأمور المهمة حتى يشعر الأبناء بأنك صمام الأمان والحصن الحصين لهم عندما يحتاجون أن يلجؤوا إليك، تعامل مع الأمور بعقلانية وتروٍّ أو بحزم وشدة، كلّ حسب حاجته، واحم رعيتك دون أن تهلكهم بحبك وحزمك وقوتكَ.

8-  تعرف على أصدقاء أبنائك، تواصل مع عائلتهم، كوِّن مجتمعاً صغيراً لهم في منزلك، وهيِّئ لهم في منزلك بيئة سليمة لتنمو فيها هذه الصداقات، راقب عن بعد وانشر محبتك في كلِّ مكان.

9-  لتكون الحياة أكثر متعة لابدّ أن تكون أكثر نظاماً وأكثر ترتيباً، وبالقليل من التخطيط تصبح الحياة أكثر بساطة، دع أبنائك يشاركونك في إنجاز المهام المنزلية، وزِّع الأدوار، وامنح الفرصة للجميع في العناية بمنزلهم وأسرتهم.

10-                   في خضم الحياة الأسرية اعتنِ بنفسك، لا تهمل صحتك أو هواياتك أو أصدقاءك أو أوقاتك الخاصة مع شريك حياتك، امنح نفسك حقها حتى تستطيع أن تمنح الآخرين حقهم، ولا تنسَ الوسطية في كلِّ الأمور.

11-                   كن صبوراً وأنت تتحول من شخص منشغل عن أسرته، أو شخص يرى الأبوة مجرد وظيفة، إلى شخص يستمتع مع أسرته، فالبداية دائماً تحتاج إلى تصميم واستمرارية لتكون النهايات ناجحة ومميزة وممتعة.

وتذكر دائماً قول نبينا وقدوتنا ورسولنا (ص): "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي".

 

* كاتبة كويتية

المصدر: مجلة المجتمع/ العدد 2072 لسنة 2014م

ارسال التعليق

Top