• ٢١ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

هل يتسع القلب لحبيبين في وقت واحد؟

تحقيق: سعيد شلش

هل يتسع القلب لحبيبين في وقت واحد؟

◄كثيراً ما نرى زوجاً مُحبّاً لزوجته، ثمّ نسمع أنّه يعيش قصة حبّ مع امرأة ثانية في الوقت نفسه، والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن ونحن نرى هذه النماذج حولنا، هو: هل أنّ ما نراه هو حبّ حقيقي؟ وهل يمكن للقلب أن يتّسع لأكثر من حبّ؟

هل يعشق القلب اثنين معاً؟ على ما يبدو فإنّ هذا الأمر وارد الحدوث بين الرجال، المتزوجين وغير المتزوجين على حدٍّ سواء، وهو ما يقول عنه المحلل النفسي الفرنسي جيرار لولو (مؤلف كتاب حُبّ للأبد): "إنّ وقوع الرجل في الحبّ تجاه امرأتين قد يبدو سهلاً؛ لكن أن يعطيهما أقصى طاقته ووقته وتفكيره ويخطط معهما للمستقبل ويواكبهما في مسيرة تطوّرهما، فهذا أمر لم أصادفه حتى الآن".

وعلى ما يبدو أيضاً، فإنّ هذا الأمر لا يقتصر على الرجال وحدهم.. ففي دراسة أجرتها مجلة (كوزموبوليتان) الأمريكية، أظهرت أنّ 60 في المئة من النساء الأمريكيات أشرن إلى إمكانية أن تحبّ المرأة رجلين في وقت واحد، وأنّ من بين كلّ 5 نساء هناك امرأة واحدة أحبّت رجلين في آنٍ واحد.

وفسَّرت الطبيبة النفسية (راشيل موريس) هذا بقولها: "إنّ بعض النساء يعتقدن أنّه يمكنهنّ الحصول على كلّ شيء في وقت واحد، وأنّهنّ إذا بذلن ما في وسعهنّ من جُهد سيحصلن على كلّ شيء".

من هنا، ربما إذا استطعنا فهم معنى الحبّ، يمكننا تفسير ما يجري في عالم المحبّين، ويصبح السؤال المطروح: "ما الحبّ؟"، وهو سؤال يحتاج إلى عشرات الصفحات للإجابة عنه؛ لكن أبسط تعريف قدَّمه (روبرت هيلنين) في كتابه (غريب في أرض غريبة)، وهو: "أنّ الحبّ هو تلك الحالة التي تصبح فيها سعادة شخص آخر ضرورة لك".

وفي لغتنا العربية، نجد الهوى أولى مراتب الحبّ، إلى أن نصل إلى الهَيَام في آخر درجاته مُروراً بالعشق والشغف واللوعة والجوَى، وغيرها من الكلمات التي تُعبِّر كلّ منها عن معنى مختلف ومُتميّز عن الآخر. أمّا الوقوع في الحبّ، كما يقول الدكتور خالد منتصر (طبيب مصري، وكاتب ومُقدِّم برامج)، فيكون "إمّا بمجرّد النظرة الأولى أو بالتدريج، وقد يستمر هذا التدريج في بعض الأحيان شهوراً وسنوات، أي أنّ مرحلة الوقوع في الحبّ ليست بالضرورة لحظة؛ لكن الوقوع في الحبّ عملية متدرِّجة غالباً تبدأ وتتم صياغتها بطرق كثيرة، أهمّها أن يكتشف الطرفان أنّهما متطابقان كفصائل الدم، وأنّ كلّاً منهما سيُلبِّي احتياجات الآخر، لأنّه لو حدث العكس لتعرّضا لمثل ما يتعرّض مَن يُنقل إليه دم من فصيلة مختلفة، فسرعان ما تتكسّر كريات الدم الحمراء التي تنقل الأوكسجين للعلاقة، فيموت الحبّ متأثراً بالـ(اسفكسيا)".

بعد كلّ هذا الكلام في الحبّ، نطرح السؤال الجوهري الذي يناقشه هذا التحقيق: هل يمكن لقلب الرجل أن يتسع لامرأتين في الوقت نفسه؟

 

- ممكن:

ينتمي محمود بظاظو (يعمل في مجال الإعلانات، متزوج) إلى نموذج فريد من الرجال، فهو ينطلق من تجربته الشخصية مُجيباً: "نعم، من الممكن أن يحبّ الرجل امرأتين في الوقت نفسه؛ لكن الحبّ الثاني هو الذي يجعله ينسى الحبّ الأوّل، أو أنّ الحبّ الأوّل يضعف نتيجة سلوكيات تصدر عن الطرف الآخر لا تعجب الرجل، بالتالي عندما يظهر الحبّ الثاني في حياته، فإنّه يخطف قلبه ويصبح محط اهتمامه، ويستحوذ على تفكيره".

ويُكمل محمود قائلاً: "أنا شخصياً تزوّجت 3 مرّات، وفي كلّ مرّة كنت أتزوّج عن حبّ، ثمّ يضعف الحبّ وتظهر امرأة أخرى أقع في حبّها وأتزوّجها، وأتوقّع أن يتكرر الأمر مرّةً رابعة، وهذه هي طبيعة الرجل الشرقي. وأكاد أجزم بأنّ 70 في المئة وأكثر من الرجال يحبّون أكثر من مرّة في الوقت نفسه؛ لكن ليس بالدرجة نفسها".

ويُفسِّر محمود وقوعه في الحبّ أكثر من مرّة بقوله: "أنا أتزوّج عن حبّ، ثمّ مع العشرة تظهر السلبيات فيضعف الحبّ؛ لكنّه لا ينتهي، ثمّ تظهر امرأة أخرى أجد فيها المواصفات التي أحبّها فأتزوّجها.. وهكذا تستمر الحياة".

 

- مصدر سعادة:

عن حُبّ حقيقي تزوّج آدم حسن (محاسب، في الخمسينات من العمر، متزوّج)؛ لكنّه عاد ووقع في حالة حبّ جديدة، فهل نسي حبّه الأوّل أم أنّه يعيش حالة حبّ مع اثنتين، الزوجة ومَن ظهرت بعدها؟

يجيب آدم: "أنا بطبيعتي لا استطيع الحياة من دون حُبّ، وتزوّجت عن حُبّ؛ لكن هذا الحبّ الذي لم يكن الأوّل بالطبع، تأثّر بعد أن ضعف اهتمام زوجتي بي وأصبح اهتمامها بأبنائنا الأولوية لديها، علماً إنّي حاولت لفت نظرها تلميحاً وتصريحاً؛ لكنّها لم تتغير، ما أثّر سلباً في علاقتي بها وأصبحت أقضي معظم أوقاتي خارج البيت. وعلى الرغم من ذلك، لم يَنتهِ حُبّي لها لأنّها أُم أولادي؛ لكن قلبي تغيّر".

ويشير آدم حسن إلى التغيير الذي حدث في حياته بسبب الحبّ، فيقول: "تعرّفت من خلال عملي إلى فتاة جميلة، اقتربتُ منها بعد أن شعرت باهتمامها بي.. فوقعت في حبّها بكلّ جوارحي، وأصبحت التقيها كثيراً خارج العمل في الأماكن العامّة، وأعود إلى بيتي سعيداً بسببها.. فأنا أعتبرها مصدر سعادة بالنسبة إليَّ، وهي أيضاً، على الرغم من أنّها تعرف ظروفي الأسرية وأنّني متزوّج ولديّ أولاد؛ لكن الحبّ عندما يقع لا يقف أمامه أي شيء".

 

- وَهْم:

من حُسن الحظ أنّ ليس لدى جميع الرجال آراء مماثلة لما سبق، فمحمّد عبدالرشيد (صحافي، متزوّج)، لا يعترف "إلّا بحبّ واحد وأزلي"، ويقول: "إنّ من الصعب جدّاً أن يتسع القلب لأكثر من حبّ"، لافتاً إلى أنّ "مَن يقول غير ذلك لا يعرف معنى الحبّ الحقيقي، وهو أيضاً لا يعرف معنى الإخلاص، لأنّ الإخلاص يتطلّب أن تعيش مع الإنسانة التي أحبّبت بكلّ جوارحك وأن تكون لها هي فقط؛ لكن للأسف بعض الرجال لا يُقدِّرون هذا الجانب".

ويرى محمّد عبدالرشيد إنّ "المرأة أكثر إخلاصاً من الرجل في هذا الجانب، فهي عندما تحبّ تُخلص للرجل الذي تحب أيّما إخلاص وتهب حياتها لأجله، ولا يمكن أن يتسع قلبها لرجل آخر في حياتها بعد زوجها".

 

- غير صادق:

من جهته، يستهل مازن تميم (مهندس، متزوج) تعليقه على الموضوع بالتذكير بأغنية الفنّانة شادية (القلب يحبّ مرّة ما يحبّش مرّتين)، ويعود ليقول: "لا اعتقد أنّ الرجل الذي يدّعي أنّه يشعر بالحبّ تجاه اثنتين صادق في ما يقول، لأنّ الإنسان عندما يقع في الحبّ فهو يحبّ بكلّ مشاعره وأحاسيسه؛ لكن إذا ظهر شخص في حياته واعتقد أنّه وقع في حبّه فهو لم يعرف الحبّ الحقيقي بعد".

ويعتبر مازن ما يحدث "بمثابة نزوةً أو وَهْماً وليس حُبّاً، لأنّه لا مكان لحبّ آخر مع وجود حبّ صادق، إلّا إذا صوّر له الطرف الثاني أنّه وقع في حبّه، فينجرف هو إلى مسايرة الحالة ويوهِم نفسه بالحبّ".

 

- إعجاب:

الخلط بين الحبّ والإعجاب هو المشكلة، كما يُشخِّصها عبدالمنعم الجاروف (مُصوِّر، متزوّج)، فهو يرى "أنّ الحبّ لا يعرف القسمة على ثلاثة"، ويضيف: "لا أتصوّر أنّ قلب الرجل يمكن أن يتسع لاثنتين في وقت واحد، وإذا قال أحدهم غير ذلك فهو لا يعرف معنى الحبّ".

ويتابع موضحاً أنّ "هناك حُبّاً وهناك إعجاباً، فأنا أحب زوجتي؛ لكني ربما أرى امرأة جميلة فتُعجبني؛ لكن يبقى حُبّي لأُم أولادي".

ويصف عبدالمنعم بعض الرجال الذين يدّعون أنّ في إمكانهم أن يحبّوا أكثر من واحدة، بالقول: "إنّ مثل هذا الرجل هو عبارة عن (زير نساء)، فهو يضحك على نفسه وعلى مَن يوهمها بأنّه يحبّها ويوهم نفسه بحبّه إياها؛ لكن واقع الحال غير ذلك تماماً، فهو مثل الصيّاد الذي يبحث عن فريسة، وهذا لا علاقة له بالحبّ".

 

- أمر واقع:

هل المرأة يمكن أن تقع في الحبّ الثاني مثلها مثل الرجل؟ على الرغم من أنّ السؤال يبدو مستفزاً عندما يكون متعلِّقاً بسيِّدة متزوجة؟ إلّا أنّ سهام الطاش (موظفة) تجيب عنه، قائلة: "مستحيل أن تحب المرأة اثنين في وقت واحد، الرجل يفعل ذلك نعم؛ لكن المرأة... مستحيل".

وتُدلِّل سهام بذكر واقعة لرجل تعرفه، فتقول: "تزوّج ذلك الرجل 5 مرّات، على ذمّته 4 منهنّ حتى الآن، وهنّ من جنسيات مختلفة ويعيش حالة حبّ معهنّ جميعاً، وعندما سألته كيف توزّع مشاعرك وأحاسيسك على كلّ هؤلاء؟ أجاب مؤكداً أنّه يحبّهنّ جميعاً، وأنّه لو لم يقع في حبّهنّ، واحدة بعد الأخرى، ما استطاع الحياة مع أي منهنّ".

وإذ تشير سهام الطاش إلى حالات أخرى، تقول: "إنّ كثيراً من الرجال يعيشون هذه الحالة، حيث تجد في حياة الواحد منهم زوجة وامرأة أخرى ويعيش الحبّ مع الاثنتين، وهناك مَن يعيش قصص حبّ مع أكثر من اثنتين. لا يمكنني طبعاً الجزم بأنّ هذا حبّ حقيقي أم مجرد نزوة؛ لكنّه أمر واقع في عالم الرجال، ونادر الحدوث في عالم النساء".

 

- متعدد القلوب:

أمّا منى صقر (سيدة أعمال، متزوجة)، فتؤكد "أنّ الرجل متعدد القلوب. لهذا من الطبيعي أن يحبّ الرجل أكثر من امرأة، وأن يكون حبّه حقيقياً جدّاً، وفي الوقت نفسه يحبّ زوجته وأُم أولاده، فهو ينظر إلى النساء باعتبارهنّ حديقة ورود، لكلّ وردة رائحتها الخاصّة".

وتقول منى صقر: "أنا كامرأة أعطي الرجال هذا الحقّ بمن فيهم زوجي، فلن أغضب منه لو عرفت أنّه وقع في حبّ امرأة ثانية".

وتُوضِّح منى صقر وجهة نظرها، قائلة: "إنّ الإنسان عبارة عن كتلة من المشاعر، وأنا لست من مدرسة التعامل مع الزوج وكأنّه في سجن؛ لكن في المقابل، على الزوج أيضاً أن يُدرك أنّ زوجته إنسانة ولديها مشاعر، ويمكن أن تتعرّض لموقف مماثل".

ولدى سؤالنا لمنى صقر: هل نفهم من كلامك أنّ المرأة يمكن أن تحبّ اثنين في وقت واحد؟ أجابت: "بكلّ تأكيد، هي تحبّ زوجها، ويمكن أن تُعجب بشخصية رجل آخر، وأنا أتحدّث هنا عن الإعجاب المعنوي بالسلوك والتصرّفات، وليس الحبّ".

 

- حُبّ وَهْمي:

من الواضح أنّ ثمّة تبايناً في آراء الرجال والنساء، فكيف إذن يُفسِّر أهل التخصص هذه الحالة؟ وهل يمكن بالفعل أن يحبّ الرجل أكثر من امرأة في الوقت نفسه؟ وما تأثير الحبّ الثاني إذا ظهر فجأةً في حياة الزوج أو الزوجة؟ هذا ما يجيب الدكتور أحمد عيد (موجِّه وأخصائي أوّل رعاية نفسية في وزارة التربية والتعليم)، قائلاً: "سأشير إلى مقولة أو مثل مصري اعتبره مفتاحاً، وهو: (القلب يحبّ مرّة واحدة والعين تعشق مئة مرّة)، فالحبّ الحقيقي يعني شخصاً واحداً في القلب، هو التعلّق الوجداني بالآخر، والذي يُفسِّره رفض زوجة تحبّ زوجها الذي يُسبِّب لها المشاكل أحياناً، وتشكوه لأهلها، وإذا طلبوا منها الانفصال عنه ترفض وتقول: (لا استطيع)، وغالباً ما تسمع زوجها يُردِّد العبارة نفسها: (لا استطيع)، وهذا هو الحبّ الحقيقي".

ويتابع الدكتور عيد موضحاً أنّه "في المقابل، يوجد الحبّ الوهمي، وهو مثل الشخص الذي يفقد ذاكرته، غير مستقر، يدخل في علاقة امرأة ويتصوّر أنّه يحبّها، ثمّ يتركها ويرتبط بثانية وثالثة، وهذه الحالة يُطلق عليها (شخصية غير مستقرة انفعالياً)، على عكس الآخر الذي يتمتع بحالة من الثبات الوجداني".

ويشير الدكتور إلى نقطة أخرى في تفسيره، وهي "أنّ أصحاب التفكير المنطقي، وهو أعلى درجات التفكير، يميلون إلى العقل أكثر من العاطفة، وهذه الفئة لا تقع في الحبّ مرّتين في وقت واحد، لأنّ أصحابها يُفكِّرون بعقلانية. أمّا أصحاب التفكير العاطفي، فإنّ العاطفة هي التي تتحكّم فيهم، وعندما يدخل الواحد منهم في علاقة، ويكون في الوقت نفسه يعيش علاقة حبّ مع زوجة ارتبط بها، أو زوج ارتبطت به المرأة، تكون هذه العلاقة مَبنيّة على الرغبة أوّلاً، ولا علاقة لها بالحبّ من قريب ولا من بعيد؛ لكن الإنسان هنا يوهم نفسه بأنّه وقع في الحبّ لكيلا يشعر بتأنيب الضمير، لأنّ لديه زوجة هي أُم لأولاده، أو أنّ لديها زوجاً وأباً لأولادها".

ويُفضّل الدكتور أحمد عيد استخدام كلمة "الشخص"، تعبيراً عن الرجل والمرأة، وذلك في تعليقه على إمكانية وقوع المرأة في الحبّ كالرجل، ويقول: "هنا المعايير الاجتماعية لها دورها، والدليل أنّ المجتمع يقبل تعدُّد الرجل لأنّه شرعي، ولا يَقبَل أن يكون للمرأة حقوق الرجل نفسه في جوانب كثيرة من حياتنا؛ لكن ليس معنى هذا أنّ المرأة بعيدة عمّا يفعله الرجل عندما يُبرِّر لنفسه أكثر من حبّ في الوقت نفسه، فهي أيضاً تعيش الحالة نفسها لافتقادها شيء مُعيّن وتبرر هذا بالحبّ، وهذا مرتبط بافتقاد الإشباع عند الشخص، فهو يبحث عمّا يفتقده في حبّه الأوّل، ويجده في حبّه الثاني؛ لكنه ليس الحبّ الحقيقي".►

 

- تكميلية وليست تعويضية:

من جهته، يصف الدكتور محمّد النحاس (أخصائي نفسي)، علاقة الحبّ الثانية بأنّها "تكميلية وليست تعويضية". ويُتابع قائلاً: "إنّه عندما تكون الزوجة هي الحبّ، فمعنى هذا أن يشعر الزوج بالثبات والاطمئنان والمودّة والرحمة والسكن". ويضيف: "لكن، أحياناً، توجد جزئية يفتقدها الزوج في زوجته، فيبحث عنها في امرأة أخرى لكي تكتمل سعادته، فقد تكون الثانية أكثر جمالاً أو أناقة، والرجل بطبعه يحاول أن يحصل على كل اللذّات. لذا، فإنّ علاقة الحبّ الثانية إنما تكون تكميلية للعلاقة الأولى وليست تعويضاً عنها".

ويضيف الدكتور النحاس قائلاً: "إنّ العلاقة الثانية لا تُعوِّض الرجل عن العلاقة الأولى، لأنّها نوع من الاعتياد وليس الحبّ، والدليل على ذلك أنّ الرجل في الأغلب لا يتزوّج المرأة التي أوهَم نفسه بأنّه يحبّها".

ويشير الدكتور النحاس إلى العلاقة الاعتيادية والعلاقة الاعتمادية، ويقول: "في العلاقة الاعتيادية تعتمد علاقتك بالآخر على الارتباط النفسي؛ لكنّها ليست علاقة قائمة على الاعتمادية، فالاعتمادية هي العلاقة الرئيسية في حياة الرجل، والمقصود بالاعتمادية العلاقة مع الزوجة. أمّا الاعتيادية، فهي العلاقة الفرعية، مثلها مثل السيجارة والسيارة يتعوّد عليها الإنسان؛ لكن يمكنه الاستغناء عنها في أي وقت".

 

- تمثيل:

الحبّ الثاني في حياة المتزوجين قد يكون بمثابة دمار للأسرة في بعض الحالات، ومنها الحالة التي يتحدّث عنها أشرف الجزار (مستشار قانوني) بقوله: "الزوج طبيب والزوجة طبيبة، ولديهما ابن عمره 12 عاماً وابنة عمرها 13 عاماً. اكتشفت الزوجة أنّ زوجها يعيش علاقة حبّ مع امرأة أخرى، رصدت مكالماته وسجّلت لهما حوارات طويلة؛ لكنّها لم تُظهرها لأحد حرصاً منها على ولديها وحتى لا تُسيء إلى زوجها الذي جاءت إلى مكتب المحاماة تطلب الطلاق منه".

ويتباع المستشار أشرف الجزار موضحاً أنّ "الطلاق لم يقع بسبب ولديهما، فهما لا يريدان لأبويهما الانفصال، وأمام دموعهما تراجعت الأُم عن طلب الطلاق وتحمّلت معاناتها مع زوجها، الذي تطاول عليها بالضرب بعد أن كشفت أمره".

ويتابع قائلاً: "على الرغم من أنّ الزوجة طبيبة مثل زوجها، وليست في حاجة مادّية إليه، إلّا أنّها فضَّلت البقاء مع زوج تعرف أنّه يعيش قصة حبّ مع امرأة ثانية، كي تحافظ على ولديها وبيت الزوجية، وهذا ما حدث بالفعل حينما تراجع الزوج وعاد إلى زوجته وولديهما، وخيّم الاستقرار على بيت الزوجية من جديد".

ويختتم المستشار الجزار حديثه مؤكداً أنّ "لا قلب الرجل ولا قلب المرأة يمكن أن يتسع لأكثر من حبّ.. فهذا يُسمّى تمثيلاً وادّعاء.. وليس حُبّاً واحتراماً". 

ارسال التعليق

Top