• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

أهمية التخطيط التربوي في الأسرة

أهمية التخطيط التربوي في الأسرة

تكون الأعمال ناجحة ومتقنة، إذا سارت وفق خطة مدروسة واضحة المعالم، لذلك لابدّ لكلِّ عمل ذي شأن من خطة توضع في بداياته حتى تكون نتائجه طيبة.

ومن العمليات التي تحتاج إلى تخطيط منهجي "العملية التربوية".

إنّ التخطيط التربوي يعني: وضع خطة مدروسة للنواحي التربوية، تُنفَّذ في أجل محدود.

ويُراعى في وضع هذه الخطة حالة التربية وأنظمتها ومناهجها والنظر في مدى مطابقتها لأهداف المجتمع واستجابة لحاجاته، ويتطلب ذلك إجراء بحوث وتجارب علمية، والاستعانة بتجارب البلاد الأخرى عن طريق الدراسات المقارنة، والاستفادة من العاملين في الميادين الاقتصادية والاجتماعية، ثمّ وضع الخطط اللازمة ومناقشتها مع المشتغلين بالتربية والتعليم لمعرفة ما يمكن أن يعترض تنفيذها من مشكلات وعراقيل، حتى تتخذ التدابير للتغلب عليها.

والخطة – من حيث الزمن – نوعان: خطة قصيرة الأجل، وخطة طويلة الأجل.

أما قصيرة الأجل: فتبدأ باليوم أو الأسبوع أو الشهر أو السنة، وهذه الخطة مجالها ضيِّق تكون على مستوى الفرد أو الأسرة أو المدرسة.

أما طويلة الأجل: فتتعدى السنة إلى سنوات فيقال الخطة الخمسية، لمدة خمس سنوات، والخطة الثمانية لمدة ثماني سنوات وهكذا... والخطة الطويلة الأجل، تكون على مستوى الهيئات والمنظمات والدول.

 

خصائص الخطة التربوية:

ولكي تكون الخطة ناجحة، يجب أن تتمتع بالخصائص التالية:

1-    أن توضع من جهة خبيرة تتمتع برجاحة العقل وعمق التفكير وسمو الأخلاق.

2-    أن تكون واضحة ومحددة.

3-    أن تكون شاملة لجميع مستويات النظام التربوي وأقسامه من الناحيتين الكمية والكيفية.

4-    أن تكون ذات تصور طويل الأجل متعدياً السنة الواحدة إلى عدة سنوات.

5-    أن تكون الخطة التربوية متكاملة مع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

6-    يجب أن تجدد في البنية والمحتوى والطرائق.

 

أهمية التخطيط التربوي:

وللتخطيط التربوي أهمية كبيرة، ولا سيما في عصرنا الراهن، إذ أصبح العالم ينظر إلى التخطيط التربوي على أنّه ضروري لتنمية التربية تنمية فعالة ومنظمة، مما دفع كثيراً من المؤسسات العالمية والمحلية إلى نشر برامج التخطيط، وإعداد خبراء، وتوزيعهم في الدول لوضع الخطط اللازمة، وإحداث مراكز للتدريب والبحث التخطيطي، مما يساهم في وضع مخططات ومفاهيم جديدة ومعاصرة للتربية.

إنّ التخطيط في جوهره ينظر إلى المستقبل، فما نخطط له في حاضرنا ينبغي تحقيقه في مستقبلنا.

من هنا كانت العلاقة وثيقة بين التخطيط والمستقبل، وبمجرد التفكير في المستقبل معناه التفكير في التغيير والتطوير.

والتخطيط لا يسعى لإيقاف التغيير، بل إلى ضبطه وتسييره في أقنية، تجعل منه سبيلاً إلى تطوير المجتمع، بأسلوب علمي بحيث يخلق فيه شيئاً من التوازن بين جوانبه المختلفة.

إنّ نتائج التخطيط تجعل العملية التربوية منظمة وناضجة بحيث يُستغل الوقت أفضل استغلال وبالتالي تحقق التربية نتائجها.

لقد أصبح التخطيط ضرورياً في التربية، كما في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بعد أن ازدادت حياة الشعوب تعقيداً، وأخذت تتطور بسرعة.

 

التخطيط التربوي في الأسرة:

هل للأسرة – في بلادنا – تخطيط تربوي لأبنائها؟

إنّ الأسرة بشكل عام انفعالية في تربية أبنائها، إذ إنها تغذيهم في الطفولة الأولى، ثمّ تسلمهم للمدرسة الابتدائية أو للتعليم الأساسي بمرحلتيه الأولى والثانية، ثمّ للتعليم الثانوي فالجامعي، وقلما تتابع الأسرة الإشراف على تربية أبنائها وفق خطة هادفة محكمة، فتلاحقهم في دراستهم وتأدية واجباتهم، وتتعاون مع المدرسة لرفع مستواهم العلمي والتربوي، وقليل من الآباء من يزور المدرسة ليتعرف على المعلمين والمدرسين والإداريين والمشرفين الذين يشرفون على التربية والتعليم.

إنّ التخطيط التربوي العام في الدولة يأخذ مجراه، بغض النظر عن درجة تنفيذه، ولكن الأمر جد خطير بالنسبة للأسرة، فالتربية تحكمها العادات والتقاليد ووسائل الإعلام بقنواتها العالمية.

المطلوب أن تكون تربيتنا في الأسرة قائمة على خطة سليمة ومدروسة واضحة الأهداف والمعالم، يتولى الوالدان تنفيذها بجدية دون تواكل أو تكاسل، فأبناؤنا مستقبلنا وعدتنا، فإن فرطنا في تربيتهم خسرنا الكثير، ونشأ فتياننا على تربية لا نرضاها، وعندها يحدث الصراع المرير بين الآباء والأبناء.

ومما يعين الأسرة على تنفيذ الخطة التي تضعها: المتابعة والملاحظة، وتجديد الاهتمام بتنفيذها، وعلى الأسرة أن تكون فاعلة في التخطيط التربوي وتنفيذه، فتعرف مسبقاً كيف تربي أبناءها في البيت، وكيف تعدهم ليخوضوا غمار الحياة وميادينها.

وعلى الأسرة أن تستنير بما ورد في القرآن الكريم والحديث الشريف، وأقوال علماء التربية بشأن تربية الأبناء، فثمة خطط عامة وخاصة محددة بزمن وردت في أقوال الرسول الكريم (ص)، منها قوله:

"مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" رواه الحاكم وأبو داود.

وروي في الأثر: "غذِ ولدك سبعاً، وأدبه سبعاً، وصاحبه سبعاً، ثمّ اترك حبله على غاربه".

 

المصدر: كتاب تربية الأطفال للكاتب أحمد حسن

ارسال التعليق

Top