• ٢٢ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٠ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

حافظ على بيئتك وإعمل على تحسينها

حافظ على بيئتك وإعمل على تحسينها
◄- اعتنِ بمظهرك: قد لا يخطر على بال الشخص أحياناً أنّه يُشكل جزءاً من مظهر وزينة الآخرين، كما أنّه قد لا يُدرك أنّ الآخرين سيحكمون عليه من خلال مظهره الخارجي. صحيح أن أسعار الملابس غالية الثمن أحياناً إلا أنّ الصابون وأدوات العناية الشخصية ليست صعبة المنال. إنّ الاعتناء بالمظهر هو أمر لم يولد معنا لكنه أمر يسهل تعلمه. في بعض المجتمعات البدائية، أو تلك التي انحدرت إلى مستويات متدنّية، نجد أنّ الموضة منفرة لا بل مؤذية للنظر، وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على نقص في إحترام الذات. إنّ العمل المُجهد والتمارين الرياضية، قد يسببان إتساخ الإنسان، ولكن هذا لا يعني أبداً عدم الاهتمام بالنظافة. والمثال على ذلك هو بعض العمال الأوروبيين الذين يحافظون على مظهرهم الأنيق أثناء العمل. كما نجد أن من بين الرياضيين البارزين من يُحافظ على أناقة مظهره، رغم الجهد الكبير والعرق المتصبب منه أثناء اللعب. إنّ البيئة غير المُعتنى بها والأشخاص المهملين يتسبّبان في تدهور مَعنويات[1] الإنسان. شجّع من يُحيطون بك على أن يعتنوا بمظهرهم، وأثن على حسن مظهرهم، وحاول أن تساعدهم في هذا المجال إذا ما صادفتهم مشكلة ما. إنّ مثل هذا التشجيع سوف يُساعدهم على تحسين نظرتهم لأنفسهم وعلى رفع معنوياتهم.   -       اعتنِ بالمكان الذي تعيش فيه: عندما يهمل الناس ممتلكاتهم ومنطقتهم، فإنّ هذا الإهمال قد يمتد إلى ممتلكاتك ومنطقتك أيضاً. عندما يبدو الناس وكأنهم غير قادرين على الاعتناء بأشيائهم الخاصة وأماكنهم، فإنّ هذا يدل على أنهم لا يشعرون بالانتماء إليها، أو أنهم لا يملكونها فعلاً. ويعود سبب هذا الشعور إلى أن هؤلاء الناس ومنذ نعومة أظفارهم، قد وُضع عليهم ضغط معيّن وشروط كثيرة فيما يتعلق بالأشياء التي كانت تمنح لهم، أو أنها كانت تؤخذ منهم من قبل إخوانهم وأخواتهم أو آبائهم. أو أنهم شعروا بأنّهم كانوا أطفالاً غير محبوبين. إنّ المظهر العام لممتلكات هؤلاء الأفراد ومركباتهم وأماكن سُكناهم وعملهم، تترك انطباعاً أنها ليست ملكاً لأحد. والأسوأ من ذلك أننا نلاحظ نوعاً من الغضب من قبل هؤلاء الأفراد ضد الممتلكات، ويبدو ذلك جلياً من خلال قيامهم بأعمال التخريب[2] المتعمّد للممتلكات الخاصة والعامّة. هم يرون أنّ المنزل أو السيارة ليست ملكاً لأحدٍ ولذا يمكن تخريبها. إنّ العاملين في بناء المساكن لذوي الدخل المحدود من الناس، غالباً ما يفاجؤون كيف أن تلك المساكن تبلى بسرعة. والفقراء على حسب التعريف، هم من يمتلكون القليل أو لا يمتلكون شيئاً على الإطلاق، وبعضهم يدفعهم الضغط الذي يتزايد عليهم من مختلف الجهات للشعور أنهم لا ينتمون لهذا المجتمع. الإنسان الذي لا يعتني أو لا يهتم بممتلكاته وبالمكان الذي يعمل فيه أو يعيش فيه، سواء كان فقيراً أم غنياً، فإنّه يُسبّب الفوضى والضرر لهؤلاء الذين يعيشون حوله. وأنا واثق من أنك تستطيع أن تتذكر مثل هذه الحالات. اسأل هؤلاء الأفراد عما يملكونه في هذه الحياة، وهل يشعرون بالانتماء للمكان الذي يتواجدون فيه. وسوف تندهش من طبيعة الأجوبة التي ستتلقاها. وإن مجرد طرحك لهذا السؤال من شأنه أن يساعدهم. يُمكن تعلّم مهارة ترتيب الممتلكات والأماكن. وقد تبدو للبعض مثلاً، أن فكرة استعمال شيء ما وإعادته إلى مكانه الخاص بغية إيجاده واستعماله مرة ثانية هي فكرة جديدة تماماً، لأن بعض الأفراد يضيعون الكثير من الوقت في البحث عن الأشياء قبل البدء في العمل. إنّ الوقت القليل الذي يُمكن أن يُصرَف في ترتيب وتنظيم الأشياء، من شأنه أن يُسرّع في إنجاز العمل الذي ينوي المرء القيام به. إنّ تنظيم الأشياء وترتيبها ليس مضيعة للوقت كما يظنّ البعض. إذا أردت فعلاً أن تحمي ممتلكاتك وأماكنك الخاصة، اعمل على مساعدة الآخرين للعناية بممتلكاتهم وأماكنهم الخاصة.   -       حافظ على كوكب الأرض: إنّ الرأي الذي يقول إنّ للإنسان حصّة في هذا الكوكب، وإن بإمكانه أن يُساعد في المُحافظة عليه، قد يبدو وللبعض فكرة عامة جدّاً وبعيدة عن واقع الحياة، لكن ما يحدث اليوم في الطرف الآخر من العالم، بل وحتى على مسافة أبعد، قد يُؤثر على ما يحدث في بيتك الخاص. إنّ الاكتشافات الحديثة بواسطة المسابر الفضائية المُرسلة إلى كوكب الزهرة، تُشير إلى أن عالمنا يُمكن أن يتدهور إلى درجة قد لا نتمكّن معها من الحياة على وجه الأرض، وقد يحدث هذا في حياتنا الحالية. إنّ قطع الكثير من أشجار الغابات وتلويث العديد من الأنهار والبحار وتلويث الجوّ، هي أشياء قد تقضي علينا. فدرجات الحرارة على سطح الأرض قد ترتفع بشكل كبير. كما أنّ المطر يُمكن أن يتحوّل إلى حامض الكبريتيك، وبالتالي فإن كل أشكال الحياة قد تنقرض. وقد يقول قائل: "حتى لو كان هذا الأمر صحيحاً، ماذا يُمكنني أن أفعل تجاهه؟". إن مجرد تقطيب الإنسان لحاجبيه عندما يرى الناس يُخرّبون ويعملون على العبث بهذا الكوكب، سيكون قد قام بعمل شيء حيال هذا. إنّ مجرد تبنّي المرء للرأي القائل إن تخريب كوكب الأرض هو أمر سيئٌ، وإعلانه لهذا الرأي، فإنّه يكون قد قام بشيء تجاه هذا الأمر. والحقيقة إنّ المحافظة على هذا الكوكب وصيانته تبدأ من العناية بتلك المساحة الصغيرة التي تقع أمام بيت كل إنسان. وهذه العناية تمتدّ بعد ذلك إلى كل منطقة يمر الإنسان بها يومياً، للذهاب إلى العمل أو المدرسة. ومن ضمنها بالطبع، الأماكن التي نقضي فيها إجازاتنا، والحدائق التي نتناول فيها طعامنا في عُطلات نهاية الأسبوع. إنّ الأوراق والأغصان الميتة التي تُغطي الغابات وموارد المياه، والأعشاب الجافة السريعة الاحتراق، كلها أشياء يجب على الإنسان ألا يكتفي فقط بأن يحدّ من وجودها، بل عليه أن يعمل على إزالتها، وذلك بغية الإقلال من خطرها على البيئة. قد لا يبدو لنا أن زرع شجرة هو على درجة كبيرة من الأهمية، إلا أنها في الحقيقة تعني الكثير. قد نجد في بعض البلدان أن كبار السن من الناس والعاطلين عن العمل، لا يكتفون بالجلوس واجترار أحزانهم، بل يتطوعون للعناية بالغابات والحدائق عن طريق التقاط الأغصان والأوراق الجافة، والمساهمة في إضافة شيء من الجمال إلى هذا العالم. إنّ الإنسان لا تنقصه المصادر والوسائل التي يتسنّى له عن طريقها الاعتناء بهذا الكوكب. وبالتالي فإنّه يتوجب علينا ألا نتجاهل وجود مثل تلك الوسائل. ولقد لوحظ أنّ الجهاز المدني للمحافظة على البيئة والطبيعة في الولايات المتحدة الأمريكية والذي تأسس في الثلاثينيات من القرن الماضي، عمد إلى الاستفادة من قدرات وطاقات الضباط والشباب العاطلين عن العمل. فقد كان هذا الجهاز واحداً من المشروعات – إن لم يكن المشروع الوحيد في فترة الكساد الاقتصادي – التي ساهمت في تحقيق ثروة للدولة أكبر من تلك التي أُنفقت. لقد ساهم في خلق مناطق مُشجّرة واسعة، مما زاد من جمال وقيمة هذا الجزء من العالم. أما اليوم فقد اختفت مثل هذه المؤسّسات القيّمة. لذلك يجب علينا المساهمة في عملية إعادة مثل هذه المشاريع، وتقديم الدعم لقادة الرأي والمنظّمات التي تعمل على حماية البيئة وصيانتها. إننا لا تنقصنا التكنولوجيا، ولكن التكنولوجيا وتطبيقاتها تكلفنا أموالاً طائلة. وهذه الأموال لن تتوفر إلا عندما نعتمد سياسة اقتصادية صحيحة وسليمة، سياسة ليس الغرض منها معاقبة كل إنسان. وهذا النوع من السياسات موجود. هناك العديد من الأعمال التي يُمكن أن يقوم بها الناس، من أجل المساعدة في العناية بكوكب الأرض، يبدأ الإنسان بنفسه فكرة العناية بكوكبه ثمّ تتبعها خطوة أخرى وهي تشجيع الآخرين على الاهتمام بكوكب الأرض والعناية به. لقد وصل الإنسان إلى قدرة تمكنه من تدمير كوكب الأرض. لهذا السبب يجب أن ندفعه لتسخير قدراته لحماية هذا الكوكب. لأننا جميعاً نعيش على سطحه. إذا لم يُحاول الآخرون حماية البيئة وتحسينها، فقد تنعدم نهائياً فرص السير في طريق السعادة.► المصدر: كتاب (الطريق إلى السعادة/ طريقة منطقية للحصول على حياة أفضل)
[1]- المعنويات: حالة نفسية شعورية تتملك الفرد أو الجماعة. مدى الإحساس بالرضى عن النفس والرغبة في الاستمرار انطلاقاً من هذا الإحساس. مدى الإحساس بالانتماء لهدف جماعي كبير. [2]- التخريب: إلحاق الأذى بالممتلكات الخاصة أو العامة خصوصاً الجميلة أو الفنية.

ارسال التعليق

Top