• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الصدقـة في عطاء الرب

الصدقـة في عطاء الرب

 (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (التوبة/ 104).

تحدث القرآن الكريم عن الصدقة وعن المتصدقين وأعظم لهم الثناء والاجر الجميل.. والقرآن في هذه الآية الكريمة يوضح ان الله سبحانه هو الذي ياخذ الصدقة ويتقبلها لذا جاء الأحاديث النبوية أنها تقع بيد الرب.. وهذا التعبير القرآني هو تكريم للصدقة وللمتصدقين اذ يتسلمها الله من أيديهم ليضعها في يده.. ذلك لأنها التعبير الإنساني عن حب الخير والتجرد من الانانية، والتطوع بالجهد، استجابة لأمر الله تعالى..

جاء في تفسير هذه الآية ان الصدقة تقع بيد الله سبحانه، وانه يُرْبي الصدقات وينمِّيها.. والقرآن تحدث في تنمية الصدقة، وفي محق الربا الذي يبتز الناس ويستغل حاجتهم، فيمتص دماءهم ويدمر اقتصادهم.. ذلك ما نقرأه في قوله تعالى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ) (البقرة/ 276).

وقد شاهدنا في الأعوام الأخيرة تدهور الاقتصاد العالمي المعتمد على النظام الرأسمالي والبنك الربوي وافلاس الكثير من الشركات والمصارف العملاقة وارتفاع مديونية العديد من دول العالم بسبب النظام الربوي وتراكم الفوائد الربوية.. فبدأ العالم يبحث عن نظام اقصادي بديل، فلم يجد أفضل من نظام الاقتصاد الإسلامي ونظام البنك الإسلامي المعتمد على الاستثمار بدلاً من الربا الذي ينتهي إلى المحق والسقوط كما يوضح القرآن..

والصدقة تحتاج الى النية الخالصة لله تعالى؛ لتكون عملا عبادياً يستحق صاحبه الاجر والثواب، وأن يقابل هذا العمل بالعفو والرحمة الالهية..

ويتحدث الرسول الكريم (ص) عن أثر الصدقة في الدنيا والآخرة..

فهي كما جاء في حديث الرسول (ص): "ان الصدقة لتطفئ غضب الرب"

ووصفها الرسول (ص) بقوله: "الصدقة جُنةٌ من النار"

وللصدقة آثار وضعية عظيمة في عالم الإنسان.. فالإنسان مُعرّض في حياته الى انواع البلاء والمصائب والمشاكل.. والصدقة بفضل الله تعالى تدفع البلاء والقضاء.. فالبلاء الذي يحيط بالإنسان، والذي ثبت في عالم القضاء، لابد وانه واقع عليه.. هذا البلاء وتلك المصائب لا يدفعها الا الدعاء والصدقة..

جاء في الحديث الشريف: "الصدقة تدفع البلاء، وهي أنجع الدواء وتدفع القضاء ، وقد ابرم ابراماً، ولا يذهب بالداء الا الدعاء والصدقة".

ومن آثار الصدقة في حياة الإنسان انها تدفع عنه ميتة السوء. كالغرق والاحتراق والاختناق وافتراس الحيوانات وحوادث السوء.. الخ

ويتحدث الرسول الكريم محمد (ص) عن الآثار العظيمة للصدقة في حياة الإنسان فيقول: "تصدقوا وداووا مرضاكم بالصدقة، فان الصدقة تدفع عن الأعراض والأمراض، وهي زيادة في اعماركم وحسناتكم".

وورد في الحديث الشريف ايضا: "داووا مرضاكم بالصدقـة".

ان المتصدق يدفع بصدقته عن نفسه، وعمن يتعلق به من أسرته انواع البلاء، ويطلب لها الوقاية من الشر والاذى.. والصدقة كما في الحديث النبوي الكريم تطيل العمر، لان المتصدق يهب العون لحياة الآخرين السويَّة، فيهبه الله مَدَد خير في عمره.. اذ جعل عمره في عطاء الخير والإحسان..

ويتحدث الرسول (ص) عن الصدقة أنها تزيد في الرزق والعطاء الالهي، وذلك مصداق قوله تعالى: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة/ 261).

والمؤمن بالله الذي يعتقد ان الامور جميعها بيد الله سبحانه، ويعرف فضل الصدقة وقدرها عند الله سبحانه وآثارها في حياته وآخرته؛ لَيكثر من الصدقة، وهو مطمئن الى وعد الله، وان الله يضاعف له العطاء.. وهذا الايمان الصادق هو الذي دفع المسلمين الى بذل الاموال، والاكثار من الاوقاف، وجعل الصدقة جُزءاً من مشروع الإنسان الحياتي.. فالكثير من الناس قد خصص مبلغاً محدداً يومياً أو شهرياً أو سنوياً، أو حصة محددة من موارده وممتلكاته لتكون صدقة ينفقها في مجالات الخير والمعروف والإحسان؛ وبعضهم اوقف بعض ممتلكاته؛ لتنفق في سبيل الله في حياته أوصى بها أو بعد وفاته.. وربما أوقفها البعض إن لم يكن له وارث.

ذلك ما يوضحه الرسول الكريم محمد (ص) بقوله: "اذا مات الإنسان انقطع عمله الّا من ثلاث، الّا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".

ويتحدث الإمام عليّ (ع) عن الإيمان وصدقة السر والعلن وأثرها في الدنيا والآخرة فيقول: "إنّ أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سحبانه تعالى الإيمان به وبرسوله، وصدقة السر فانّها تكفّر الخطيئة، وصدقة العلانية فانها تدفع ميتة السوء" .

وذلك مصداق الآية الكريمة: (إِنْ تُبْدُوا  الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (البقرة/ 271).

ارسال التعليق

Top