عطلة الصيف مناسبة للراحة، للإستمتاع، وللسفر بصحبة العائلة والأصدقاء بعيداً عن قواعد وقيود العمل والروتين اليومي. لكن، ماذا بشأن القواعد الغذائية؟
يعتبر الكثيرون عطلة الصيف مناسبة لكسر كل القيود، فلا دوام عمل، ولا واجبات اجتماعية، ولا التزامات من أي نوع كانت. ويميل هؤلاء إلى اعتبار القواعد الغذائية المتبعة خلال السنة، التزاماً آخر يمكن التغاضي عنه خلال عطلة الصيف. ويؤكد اختصاصي التغذية الفرنسي الدكتور فريدريك سالدمان، أننا نميل خلال الصيف إلى تفكيك بنية سلوكنا الغذائي العام، فنأكل بشكل عشوائي، من دون الجلوس إلى المائدة، ما يؤدي إلى تناول كميات من الطعام تفوق ما كنا نتناوله عند تقيدنا بنظام الوجبات الاعتيادية، كذلك فإن حرارة الصيف تدفع بنا إلى المبالغة في تناول الآيس كريم، المشروبات الغازية، الفواكه والعصائر المتنوعة وجميعها غنية بالوحدات الحرارية. كيف يمكن إذن تمضية عطلة الصيف من دون زيادة في الوزن وفي محيط الخصر؟ مجموعة من الاختصاصيين الفرنسيين وضعت سلسلة من النصائح العملية، نستعرض هنا أبرزها:
1- احترام قاعدة الوجبات الثلاث اليومية: الرغبة في التحرر والانطلاق أثناء عطلة الصيف، لا يجب أن تصل إلى درجة الفوضى في تناول الطعام، كما يحدث مع الكثيرين أثناء السفر. ويعلق سالدمان فيقول إنّ الحفاظ على أواليات الجوع والشبع، يستلزم الإبقاء على التركيبة التقليدية للوجبات الثلاث اليومية خلال الصيف، مع إمكانية تأخير مواعيدها أو تعديلها حسب أنشطتنا أو فترات راحتنا.
2- ضرورة تناول وجبة الإفطار: توافر الوقت أثناء العطلة الصيفية، يجب أن يحث الأشخاص الذين لا يشعرون بالجوع صباحاً على إعادة تدريب شهيتهم. ويؤكد اختصاصي التغذية الفرنسي الدكتور جاك فريكر أن إمكانية الإصابة بالسمنة تتراجع لدى الأشخاص الذين يأكلون صباحاً، مقارنة بالآخرين الذين لا يفعلون ذلك. وهو ينصح من لا يشعر برغبة في الأكل عند الاستيقاظ صباحاً بالعمل على شحذ شهيته، عن طريق إغناء مائدة الصباح بالأطعمة الصحية المفضلة لديه، مثل الفواكه ورقائق الحبوب الكاملة ومشتقات الحليب خفيفة الدسم. ولا ضير من تأخير موعد الإفطار، في انتظار "استيقاظ" الشهية للأكل. يمكن الخروج في نزهة على القدمين، أو ممارسة الرياضة، أو حتى الاستمتاع بإطالة التمدد في السرير، قبل تناول وجبة الصباح.
3- المزج بين وجبتي الصباح والغداء عند الاستيقاظ في وقت متأخر: أغلبية الناس تنتظر عطلة الصيف لتأخير موعد استيقاظها صباحاً، لكن ذلك لا يعني أبداً التخلي عن تناول وجبة الصباح الضرورية، وينصح الدكتور فريكر بالمزج بين وجبتي الإفطار والغداء بتناول وجبة إفطار تقليدية، ولكن غنية بالبروتينات مثل البيض أو سمك السالمون المدخن أو المرتديلا. ولتفادي الإحساس بالجوع الذي يدفع إلى قضم الأطعمة غير الصحية قبل حلول موعد وجبة العشاء، يمكن تناول وجبة خفيفة عصراً، مثل موزة وكوب حليب خفيف الدسم.
4- التعود على تناول الحساء البارد: ينصح اختصاصي التغذية الفرنسي جان ميشال كوهين، بتناول الحساء البارد في وجبتي الغداء والعشاء، فهو يرطب الجسم، ويساعد على الإحساس بالشبع، ويمدنا بعدد كبير من العناصر المغذية، يمكن تحضير حساء خضار بارد عن طريق مزج أنواع الخضار المفضلة لدينا مثل الخيار، الفلفل الأحمر، الطماطم، وإضافة الأعشاب والبهارات والقليل من الماء البارد ومقدار ملعقة صغيرة من زيت الزيتون.
5- الإعتدال في تناول الخضار النيئة: الجزر، الملفوف الأحمر والخضار الأخرى التي نتناولها نيئة، غالباً على شكل سلطة قبل الطعام، يعتبرها اختصاصي التغذية الفرنسي جان ميشيل لوسيرف سلاحاً ذا حدين. فهي تجعلنا نشعر بالشبع بفضل غناها بالألياف الغذائية وبالماء، ما يخفف من كمية الطعام التي نأكلها في مجمل الوجبة، لكن الإكثار منها يخفف من قوة الشهية، ما يعني تناول كمية أقل من البروتينات والنشويات الموجودة في الطبق الرئيسي. ويؤدي ذلك إلى انفتاح شهيتنا بعد مرور ساعات قليلة على انتهاء الوجبة، وإلى إحساسنا بتوق شديد إلى الأكل، ما يدفعنا إلى قضم أطعمة. غالباً ما تكون حلوة، دسمة وغير صحية.
6- عدم التردد في تناول ثمار البحر: معظم ثمار البحر لا يحتوي على أكثر من 80 وحدة حرارية في كل مئة غرام منها، وهي غنية جدّاً بالبروتينات وبالأملاح المعدنية وبالعناصر المغذية، وبما أن تناولها ليس سهلاً، ويتطلب وقتاً، فإننا سنمضي وقتاً أطول في تناول الوجبة، ما يساعدنا على الإحساس بالشبع من دون الإفراط على الأكل، يمكن تناولها مع سلطة خضراء والقليل من الخبز، مع الامتناع عن تناول المايونيز أو الصلصات الغنية بالمايونيز التي تقدمها المطاعم عادة معها.
7- تخصيص الوقت الكافي للأكل: حتى لو كانت وجبتنا عبارة عن شطيرة نتناولها على شاطئ البحر، علينا أن نتجنب الأكل وقوفاً، أو بسرعة أثناء التنقل أو قيامنا بعمل آخر. علينا أن نجلس لمدة ثلث ساعة على الأقل، ونمضغ كل لقمة جيِّداً، فهذا ضروري لعملية الهضم وللإحساس بالشبع من دون المبالغة في الأكل.
8- الاعتدال في تناول الفواكه: صحيح أنّ الفواكه مثل الكرز، الفراولة، الدراق والبطيخ الأصفر غنية جدّاً بالفيتامينات وبالأملاح المعدنية وبالألياف، وأنها مفيدة جدّاً للصحة، إلا أنّ الإكثار منها يضر بالقوام، ويقول لوسيرف إنّ الثمار الناضجة غنية جدّاً بالسكر، ما يجعلها غنية بالوحدات الحرارية. لذلك لا يجب الإفراط في تناولها. والحصة الواحدة من الفواكه هي عبارة عن 3 حبات مشمش، أو ثمرة دراق، شريحة بطيخ أو 100 غرام من العنب.
9- حصر تناول الحلوى بعد الوجبة مباشرة: إذا كان لابدّ من تناول الحلويات أو الآيس كريم، فيجب أن يتم ذلك بعد تناول وجبة الطعام مباشرة. ويقول اختصاصي التغذية الفرنسي داميان جالتييه، إن مجموعة الأطعمة التي تناولناها خلال الوجبة، تسهم في إبطاء عملية هضم الحلويات وتخفف من تأثيرها في رفع مستويات سكر الدم، ومن إمكانية تخزينها على شكل دهون في الجسم. وتناولها بعد الوجبة أفضل من تناولها وحدها في فترة بعد الظهر أو مساء.
- نصائح خاصة بتحضير الأطباق الصيفية:
1- الإستفادة من وفرة فواكه وخضار الصيف: عوضاً عن تمضية ساعات طويلة في الطبخ، يمكن تحضير العديد من الأطباق الصحية الخفيفة من ثمار وخضار الصيف. ونظر لوفرة الفواكه الغنية بالسكر الطبيعي، يمكننا اعتمادها، نيئة أو مطبوخة من دون سكر، كتحلية عوضاً عن أطباق الحلوى الدسمة.
2- ملء الثلاجة بالمنتجات الصحية: اشتداد الحرارة في الصيف يدفع الكثيرين إلى ملء قسم التجميد في الثلاجة بأنواع الآيس كريم، ومعظمها غني بالدسم ويسهم في زيادة الوزن. لذلك يستحسن الاستعاضة عنها بأنواع الفواكه المثلجة التي يمكن إضافتها إلى اللبن الخالي من الدسم لتحضير آيس كريم منزلي خفيف. ومن المفيد والعملي أن تحتوي الثلاجة دائماً على ما يسمح بتحضير غداء سريع وصحي، مثل شرائح من اللحوم الباردة خفيفة الدسم، من نوع مرتديلا الديك الرومي، بيض وخضار.
3- التنويع بين الأطباق النيئة والمطبوخة: تحتفظ المنتجات الطبيعية النيئة بنسبة كبيرة من فيتاميناتها، وتساعد على إحساسنا بالشبع من دون الإفراط في الأكل. أما تلك المطبوخة، فتكون أسهل هضماً نظراً لليونة أليافها الغذائية بفعل الطبخ. وجني أقصى قدر من الفوائد يقتضي التنويع بين النيء والمطبوخ، على الرغم من الميل إلى تناول المأكولات الباردة النيئة بسبب الحر.
4- التخفيف من تناول الملح: يسهم الملح في تعزيز ظاهرة احتباس الماء في الجسم، كما أنّه يشحذ ويقوي الشهية إلى الطعام. لذلك يجب التخفيف من تناول الأطعمة الغنية بالملح مثل المقانق واللحوم المصنعة، الجبن، الأسماك المدخنة، المياه الغازية، الكبيس، البسكويت والوجبات السريعة الجاهزة. ويُستحسن عدم وضع المملحة على المائدة لتفادي إضافة الملح إلى أطباقنا بشكل أوتوماتيكي. ويمكن الاستعاضة عن الملح الزائد باللجوء إلى التوابل الصحية مثل الحامض، الخل، البهارات، الثوم والأعشاب.
5- الحرص على تحضير سلطة متوازنة: إذا كان الغداء مؤلفاً من طبق سلطة، يجب الحرص على جعله صحياً، مشبعاً ومتوازناً. فإذا اكتفينا بتناول سلطة خضار فقط، فسرعان ما سنشعر بالجوع، ونلجأ إلى تناول أطعمة أخرى قد لا تكون صحية. وطبق السلطة المتوازن يجب أن يحتوي على نوع من البروتينات (بيضة مسلوقة، شريحة مرتديلا خفيفة، القليل من التونة، جبن)، إضافة إلى الخضار النيئة (خيار، جزر، طماطم، خس..) أو مطبوخة (قرنبيط، لوبياء..) إضافة إلى القليل من النشويات (بطاطا مسلوقة أو مشوية، أرز كامل، ذرة..).
6- اختيار صلصة خفيفة: قد يتحول طبق السلطة، الذي حضرناه من غداء صحي متوازن إلى طبق غني بالوحدات الحرارية، بمجرد إضافة الصلصة غير المناسبة إليه. ويحتوي معظم الصلصات الجاهزة على كمية كبيرة من الدهون. لذلك يستحسن تحضير الصلصة في المنزل عن طريق احتساب ملعقة طعام واحدة من زيت الزيتون للفرد الواحد، مع الإكثار من الأعشاب والبهارات والخل والثوم، التي تضيف نكهة لذيذة من دون وحدات حرارية.
7- طبخ الطعام على البخار: تُعتبر هذه الطريقة مثالية لتحضير الخضار وبعض أنواع الأسماك، فهي تحافظ على النكهة الطبيعية للأطعمة وعلى قيمتها الغذائية، ولا تتطلب أي مواد دهنية. كذلك يمكن طبخ الأسماك، الدجاج، اللحوم والخضار من دون دهون عن طريق خبزها داخل الفرن بعد لفها جيِّداً بورق الألمنيوم. وغني عن الذكر أن يتوجب الامتناع التام عن قلي الأطعمة، فذلك لا يجعلها غنية جدّاً بالوحدات الحرارية فحسب، بل ينزع عنها كل الفوائد الصحية، ويجعلها مؤذية ومضرة بالصحة.
8- عدم المبالغة في تناول المشويات: خلال فصل الصيف يميل الكثيرون إلى تحضير المشويات المختلفة خارج المنزل، ويعتقدون أنها صحية وخفيفة. غير أن ذلك ليس صحيحاً تماماً، خاصة إذا تم اختيار أنواع اللحم الغنية بالدهون، أو إذا تم نقع قطع اللحم في الزيت قبل شيها. لذلك من الضروري اختيار أنواع اللحم خفيفة الدهون، ونقعها قبل الشيء في صلصة خفيفة مؤلفة أساساً من عصير الحامض أو مرق الخضار. ومن المستحسن شي الأسماك والدواجن عوضاً عن اللحوم الحمراء، والاكتفاء بتناول سلطة الخضار معها عوضاً عن البطاطا. من جهة ثانية، يجب الانتباه أثناء شي الأطعمة، فالعملية قد تضر بصحتنا. إذ تبين أنّه عندما تتشبع بروتينات اللحوم بالكربون (بفعل الشي) تنتج مواد سامة. وعندما تشتعل قطرات الدهون السائلة من اللحم على الفحم الملتهب، يتصاعد دخان يحتوي على مواد مسببة للسرطان وتستقر على سطح اللحم. ولتفادي ذلك يجب إبعاد الأطعمة عن الفحم عن طريق رفعها إلى أعلى مستوى ممكن على الشواية. والأفضل استخدام أنواع الشوايات العمودية، بحيث يكون مصدر النار جانبياً، فلا تتساقط قطرات الدهون عليه. ومن المفيد أيضاً إضافة بعض الملح الخشن على الفحم المشتعل، ومراقبة الأطعمة أثناء شيها لتفادي تفحمها وتشبعها بالكربون. ويُستحسن تناول الفواكه الطازجة، كتحلية بعد وجبة المشويات، فالفواكه غنية بمضادات الأكسدة التي قد تخفف من التأثير السام للمشويات.
ارسال التعليق