• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الثقة بالله تعالى

عمار كاظم

الثقة بالله تعالى

إذا استغفرت الله تعالى، وتركت المعاصي ناوياً أن لا تعود إليها، وأدَّيت ما عليك من فرائض، وذُقت ألم الطاعة، وقضيتَ ما عليك من حقوقٍ للآخرين، فالنتائجُ حافلةٌ بالعطاء الجزيل والرحمة والغفران. قال الله تعالى: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) (هود/ 52)، وقال: (وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) (هود/ 90). وعن الرسول (ص): "من أكثر الاستغفار جعل الله له من كلِّ همٍّ فرجاً، ومن كلِّ ضِيقٍ مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب". وعن الإمام الصادق (ع): "إذا استبطأتَ الرزق فأكثر من الاستغفار، فإنّ الله عزّ وجلّ قال في كتابه: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) (نوح/ 10-12)، فالله تعالى يمد المؤمنين الذين يستغفرون ربهم بالنعم والخيرات والعطاءات. انتبه، فالله تعالى يغفر الذنوب جميعاً، حتى الكبائر منها، على أن لا تعود إليها، ولكن إذا ارتكبتَ الصغائر، وكرَّرتَها كلّ يوم وكلَّ ساعة، وأصرَّيتَ عليها، فلا غفرانَ مع الإصرار. قال رسول الله (ص): "لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار". سهَّل الله علينا حياتنا، ووعدنا بغفران الذنوب بالغاً ما بلغت مع الاستغفار، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) (الزّمر/ 53)، باستثناء ذنب واحد مفصليّ هو الشرك بالله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) (النساء/ 48)، لأنّ الشرك فرعُ عدم الإيمان بالله الواحد الأحد، فلا ينفع الاستغفار من الذنوب بطلب الغفران ممن لا اعتراف بوحدانيته. وفي حالة الشرك توجد مرجعية أخرى يلجأ إليها المستغفر! ولكنها وهْمٌ وانحرافٌ منهجي وعملي، فإذا تابع مع هذه المرجعية، فلن يصل إلّا إلى مزيد من الضياع والضلالة، ولا غفران مع الشرك.

يقطعُ الكفرُ الطريق على كلِّ أملٍ بالمغفرة، لأنّ منطلقه عدم الإيمان بالله ابتداءً، فكيف يطلب المغفرة ممن لا يؤمن به؟! ولو افترضنا جدلاً أنّه طلبها، فهو لن يرتِّب عليها عدم العود إلى المعصية، ولا الالتزام بتنفيذ أوامر الله تعالى، فلو اجتهد بعض أحبته لطلب الغفران له، فلا ثمرة لهذا الطلب، لانعدام استجابته الشخصية للإيمان ومسؤوليته التي عليه أن يتحملها، قال: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) (التوبة/ 80).

ارسال التعليق

Top