• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

دروس وعبر من حياة الإمام الكاظم (ع)

عمار كاظم

دروس وعبر من حياة الإمام الكاظم (ع)

طاعة الله

يقول الامام الكاظم عليه السلام لبعض ولده وهو ينصحه {يا بني، إياك أن يراك الله في معصية نهاك عنها ــ اعرف مواقع معاصي الله لتبتعد عنها واعرف أيضا ان الله تعالى يبغض الذين يعصونه لأنهم يبتعدون عن مواقع رضاه حاول وأنت تعرف مواقع المعصية ألا يراك الله في معصية نهاك عنها، لا في كلمة ولا في فعل ــــ وإياك أن يفقدك الله عند طاعة أمرك بها، فالطاعات معروفة في ما أمرك الله به وأوجبه عليك والله تعالى يريد أن يجدك عند مواقع طاعته لتحصل على مواقع رضاه}. وفي وصية أخرى له عليه السلام يقول: {يا بني عليك بالجد، فلا تخرجن نفسك من حد التقصير في عبادة الله عز وجل وطاعته فإن الله لا يُعبد حق عبادته ـــ مهما صليت وصمت لا تحسبن أنك أديت لله حقه وعبدته حق عبادته ــــ وإياك والمزاح ـــ والمزاح ليس محرماً لكن البعض يغلب المزاح على حياته بحيث لا تجده إلا مزاحاً في طريقته في الحياة ــ فإنه يُذهب بنور إيمانك ويستخف مروءتك وإياك والضجر والكسل ـــ لا تضجر من عمل أو دراسة أو عبادة وحاول أن تكون الإنسان الذي يجدد رغبته في ما ينفعه في الدنيا والآخرة ـــ فإنهما يمنعاك حظك من الدنيا والآخرة}.

ساعات الحياة

يوصي عليه السلام بعض أولاده بما يفتح عقولهم فيقول: {اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات، ساعة لمناجاة الله، وساعة لأمر المعاش، وساعة لمعاشرة الإخوان الثقات الذين يعرّفونكم عيوبكم ويخلصون لكم في الباطن، وساعة تُخلون فيها للذاتكم بغير محرم} يتوجه عليه السلام إلى الإنسان بأن عليه أن يفرغ وقتا للصلاة ومناجاة الله، وساعة لتحصيل معاشه، وأخرى لمعاشرة الإخوان الذين يدلونه على عيوبه ولا يضخمون له شخصيته ويحسنون له عيوبه، وتبقى له ساعة لغرائزه وشهواته المحللة، حيث لا يريـــــد الله سبحانه أن يكبت هذه الغرائز ويترك اللذات التي أحلها له تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قــل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصةً يوم القيامة} (الأعراف: 32). فالله سبحانه لا يريد أن نترك طيبات الحياة الدنيا، بل أن نترك محرماتها، وليس الزهد ألا نأكل ونلبس جيدا ولكن الزهد هو أن نتجنب الحرام إذا أقبل علينا وأن تكون لنا الإرادة في مواجهته. ثم يتحدث الامام عليه السلام عن الانسان الذي إذا صلى وعمل خيرا فإنه يعجب بنفسه فيقول: {العجب درجات منها أن يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا فيعجبه ويحسب أنه يحسن صنعا، ومنها أن يؤمن العبد بربه فيمن على الله تبارك وتعالى ولله تعالى فيه المن} لأنه صلى وصام وحج بما أعطاه الله من قوة في جسده.

لا تستضعفوا أحدا، ولا تسخروا من أحد

مثّل الامام الكاظم عليه السلام قمة التواضع فيروى عنه أنه كان سائراً في الطريق فرأى شخصاً مستضعفاً دميم المنظر، أسود اللون، فنزل وجلس معه يحادثه، وسأله إذا كان له حاجة عنده أن يرجع إليه فيها، فاستنكر عليه أصحابه ذلك وقالوا: {يا بن رسول الله أتنزل إلى هذا وتسأله عن حوائجه وهو إليك أحوج ـــ إن هذا الرجل محتاج إليك أكثر، فهو الذي يجب أن يأتيك ويطلب حاجته ـــ فقال لهم: عبد من عبيد الله وأخ في الله... يجمعنا وإياه خير الآباء آدم، وأفضل الأديان الاسلام، ولعل الدهر يرد من حاجتنا إليه فيرانا بعد الزهو عليه متواضعين بين يديه} كأنه عليه السلام يريد أن يعطيهم درسا بألا يستضعفوا أحدا ولا يسخروا من أحد وألا تكون قضية احترامهم للناس وتواضعهم لهم على أساس ما يملكون من ثروة ومن موقع اجتماعي أو سياسي كأنه يقول لهم: تواضعوا لإنسانية الإنسانية وحاولوا أن تعيشوا مع الناس كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعيش مع الناس كواحد منهم لا يميزه شيء عنهم وهو سيد ولد آدم عليه السلام.

كذب سمعك وبصرك عن أخيك: وروي عن أحد اصحابه أنه قال له: جعلت فداك، الرجل من إخواني يبلغني عنه الشيء الذي أكرهه ـــ اسمع عنه مكروها لا يعجبني ـــ فأسأله عنه فينكر ذلك وقد أخبرني عنه قوم ثقاة فقال عليه السلام: يا محمد كذب سمعك وبصرك عن أخيك فإن شهد عندك خمسون قسامة ــ يقسمون ويحلفون بالله ــ وقال لك قولا فصدق ولا تذيعن عليه شيئا تشينه به وتهدم به مروءته ــ فلا تنقل ما تسمع عنه لتسقط أخاك بين الناس ــ فتكون من الذين قال الله في كتابه: {ان الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة} (النور:19) والفاحشة هي كلّ ما تجاوز الحد مما لا يرضاه الله تعالى.

ارسال التعليق

Top