• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الحسين(ع).. رمزاً للوحدة والإصلاح

عمار كاظم

الحسين(ع).. رمزاً للوحدة والإصلاح

الحسين (ع) من أهل البيت عليهم السلام الذين أذهب الله عنهم الرجس الباطل في الفكر والعاطفة والحركة والعلاقة والموقف. الحسين (ع) الذي انطلق من جده رسول الله (ص)، وانطلق من ابيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، وانطلق من أمه فاطمة الزهراء (ع). عاش الحسين (ع) مع أمه الطاهرة المطهرة المعصومة التي عاشت مع رسول الله (ص)، فتعلمت منه كيف تنفتح على الله سبحانه، وكيف تعيش الروحانية كاعمق ما تكون، وكيف تحمل الرسالة للمؤمنين والمؤمنات، وكيف تواجه المواقف الصعبة، عندما وقفت بكل عنفوان وصلابة وشجاعة في مسجد رسول الله (ص) لتدافع عن الامامة، وكانت تقول للمسلمين: «اعلموا اني فاطمة وان ابي رسول الله» الحسين (ع) شعار ومدرسة وتيار كفاح وجهاد رسالي وسياسي فريد في تاريخ الاسلام لذلك كان دوره كبيراً واثره عظيماً فقد كان (ع) قوة دافعة محركة في احداث التاريخ الاسلامي وخصوصاً الجهادي منه على مدى اجيال وقرون عديدة ولم تزل نهضته وحركته ومبادئه تتفاعل وتؤثر في ضمير الامة ووعيها. الحسين (ع) وطن نفسه على التضحية والفداء فقتل هو وابناؤه واهل بيته واصحابه ومثل بأجسادهم وحملت رؤوسهم وسبيت نساؤهم. الحسين (ع) الذي مازالت وستستمر اصداء صوته الذي تتردد في وادي الطفوف وتقرع مسامع الاجيال وتطوف في ربوع التاريخ اعصاراً يوصف الطغاة وبركان دم يهز عروش الظالمين ويوقظ الضمائر الحرة ويحرك في تاريخ الانسان روح الثورة والجهاد وصوته المدوي {لا أعطيكم بيدي اعطاء الذليل ولا اقر اقرار العبيد}. الحسين (ع) سبط رسول الله (ص)، وابن امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع)، وامه فاطمة الزهراء بنت رسول الله (ع) وجدته ام المؤمنين خديجة بنت خويلد (ع). الحسين (ع) الذي ترعرع في احضان رسول الله صلى الله عليه وآله وبين علي امير المؤمنين وفاطمة الزهراء عليهما السلام، فارتضع اخلاق النبوة وشب على مبادئ الرسالة الاسلامية العظيمة، مبادئ الحق والعدل والاباء احاطه رسول الله (ص) في طفولته بمشاعر الحب والحنان ويصرح امام اصحابه ويعلن عن هذا الحب الابوي الكريم {اللهم اني احبهما واحب من احبهما}. الحسين (ع) الذي نشأ في بيت من اكرم بيوتات واعزها وهو بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وتربى على خلقه ومبادئه. فكان مثال الورع والتقوى وقدوة الاخلاص والزهد والعبادة، قوي الشخصية شجاعا غيورا على الاسلام والامة ذا شخصية قيادية عظيمة شديد التمسك بالحق قوي الارادة لا تأخذه في الله لومة لائم. فبهذه الصفات العظيمة وبهذه الشخصية العبقرية وبهذه المكانة الاجتماعية الفريدة صار الحسين (ع) قوة فاعلة في ضمير التاريخ الاسلامي وارادة حية تؤثر عبر الاجيال. لقد نحت له هذا المجد العظيم تمثالا في قلب كل حر ابي يعرف للانسانية حقها وللمبادئ والقيم قيمتها. لقد آمن المسلمون بحب اهل البيت عليهم السلام واحبوا الحسين (ع) كواحد من أئمة أهل البيت. لذا كانت الفجيعة واللوعة التي رزئت بها الامة بفقد الحسين (ع) عذاباً لضميرها ومثاراً للحزن والالم فيها. لقد فاضت المشاعر من حول الحسين (ع) وتعلقت القلوب بحبه وبعظم شخصيته وانطلقت باسمه الثورات ورفعت باسمه الشعارات. وهكذا كانت كربلاء مشعلا للثورة وشعاراً للثوار ومثاراً للحزن واللوعة، ولا نزال نعيش الحسين (ع) روحا وعقلا ورسالة وفكرا وحركة، وعندما نعيش الحسين (ع)، نعيش الاسلام في عقيدته وفي شريعته وفي مناهجه وفي اساليبه واهدافه في الحياة، وعندما نعيش الاسلام، فاننا نعيش رسول الله (ص)، كما في قوله تعالى: {يا أيها النبي انا ارسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً الى الله بإذنه وسراجاً منيراً}. والحسين (ع) قطعة من رسول الله، قطعة من العاطفة، وخط في الرسالة، ونيابة في الامامة، وعندما نتحدث عن الاسلام في رسالة الرسول، فاننا نتحدث عن المسلمين جميعا، لنعش كما ارادنا رسول الله (ص)، وكما ارادنا القرآن من خلال ذلك، ان نعيش وحدة الامة {ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون}، ان نعيش وحدة الامة على الرغم من اختلاف الامة في خطوطها المذهبية وفي اجتهاداتها الفقهية، لان الاسلام واحد وان تنوع فهمه. وفي ضوء هذا، فاننا كما كنا نتحدث عن علي بن ابي طالب (ع)، بانه رائد الوحدة الاسلامية في حفاظه على الاسلام والمسلمين، فان الحسين (ع) هو نموذج هذه الوحدة، لان الحسين (ع) هو الامام الذي يجمع كل المسلمين - يروون جميعاً بان «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة»، ويروون جميعا كلمة الرسول (ص): «اني احب حسيناً، احب الله من احب حسيناً». لذلك فالحسين (ع) هو الذي تخفق قلوب المسلمين بمحبته وبمعرفة فضله، وان اختلفوا في تقويم قضية كربلاء، فالحسين (ع) هو الامام وهو من رسول الله (ص) حيث قال: «حسين مني وانا من حسين». لذلك، لابد أن ندرس الامام الحسين (ع) في الخط الاسلامي في الموعظة، في النصيحة، في الشريعة، في كل جوانب حركة الحسين في الدعوة، وحركة الحسين في التربية، وحركة الحسين في تغيير عقول المسلمين، وفي ربطهم بالله سبحانه وتعالى. فالحسينيين اطاعوا الله ووحدوه، واطاعوا رسول الله (ص) وساروا على خط الاسلام في كلّ ما يفكرون وفي كلّ ما يعملون.

ارسال التعليق

Top