• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

موقف الإمام عليّ (ع) في معركة النهروان

عمار كاظم

موقف الإمام عليّ (ع) في معركة النهروان

وقعت هذه المعركة في التاسع من صفر سنة 38 هـ، فبعد التحكيم الذي جرى في حرب صفين عاد الإمام عليّ (ع) بجيشه إلى الكوفة .وفجأة خرجت مجموعة من الجيش تِعدَادها أربعة آلاف مقاتل، امتنعت من دخول الكوفة، وسلَكَت طريقاً إلى منطقة (حروراء)، واستقرَّت بها .وقِوَام هذه الفئة المتمرِّدة كان من الفئات التي أجبرت الإمام عليّ (ع) على قبول التحكيم في صِفِّين. وأعلنت هذه الفئة مبرِّرات خروجها تحت شعار: لا حُكمَ إلّا لله، ونحن لا نرضى بأن تحكم الرجال في دين الله .وقد كان قبول التحكيم منا خطيئة، ونحن الآن تُبْنا ورجعنا عن ذلك، وطالبوا الإمام (ع) بالرجوع، وإلّا فنحن منك براء .فأوضح لهم الإمام (ع) أنّ الأخلاق الإسلامية تقتضي الوفاء بالعهد، والذي هو: الهُدنة لمدة عام، وهو ما أُبرِم بين المعسكرين .وقال الإمام (ع) لهم: (وَيْحَكُمْ، بعد الرِّضا والعهْدِ والميثاقِ أرجَع؟) .استمرّ الخوارج المارقون في غيِّهم، وأشتدّ خطرهم بانضمام أعداد جديدة لمعسكرهم، وراحوا يُعلنون القول بشرك معسكر الإمام (ع)، ورأوا استباحة دمائهم، ولكن الإمام (ع) لم يتعرض لهم، وأعطاهم الفرصة عَسى أن يعودوا إلى الرأي السديد .غير أنّهم بدأوا يشكِّلون خطراً حقيقياً على دولة الإمام (ع) من الداخل، وبدأ خطرهم يتعاظم عندما قتلوا الصحابي الجليل عبد الله بن خباب (رض)، وبقروا بطن زوجته وهي حامل، وقتلوا نساءً من قبيلة طي .فأرسل إليهم الإمام (ع) الصحابي الحارث بن مُرَّة العبدي، لكي يتعرَّف إلى حقيقة الموقف، غير أنّهم قتلوه كذلك .فلما عَلم الإمام (ع) بالأمر، تقدّم نحوهم بجيش من منطقة الأنبار، وبذل مساعيه من أجل إصلاح الموقف دون إراقة الدماء، فبعث إليهم أن يرسلوا إليه قتلة عبد الله بن الخباب، والحارث العبدي، وغيرهما، وهو يكفُّ عنهم .ولكنّهم أجابوه أنّهم كُلّهم قاموا بالقتل .فأرسل الإمام (ع) إليهم الصحابي قيس بن سعد، فوعظهم وحذَّرهم، وطالبهم بالرجوع عن جواز سفك دماء المسلمين وتكفيرهم دون مُبرِّرٍ مقنع .وتابع الإمام (ع) موقفه الإنساني، فأرسل إليهم أبا أيوب الأنصاري، فوعظهم ورفع راية ونادى: مَن جاء تحت هذه الراية – مِمَّن لم يقتل – فهو آمن، ومن انصرَفَ إلى الكوفة أو المدائن فهو آمن لا حاجة لنا به، بعد أن نُصيبَ قَتَلَة إخواننا .وقد نجَحَت المحاولة الأخيرة نجاحاً جزئياً، حيث تفرّق منهم أعداد كبيرة، ولم يبقَ إلّا أربعة آلاف معاند، فقاموا بالهجوم على جيش الإمام (ع)، فأمر الإمام (ع) أصحابه بالكَفِّ عنهم حتى يبدءوا بالقتال .فلما بدءوا بقتال جيش الإمام (ع) شَدّ عليهم الإمام عليّ (ع) بسيفه ذي الفقار، ثم شَدّ أصحابُه فأفنوهم عن آخرهم، إلاَّ تسعة نفر فرُّوا، وتحقَّق الظفر لراية الحقّ، وكان ذلك في التاسع من صفر سنة (۳۸ هـ)هذه قصة معركة النَّهْرَوَان التي سُحق فيها الخوارج، الذين سبق لرسول الله (ص) أن سَمَّاهم بـ( المارقين )، في حديثٍ رَواهُ أبو سعيد الخدري حيث قال : سمعت رسول الله (ص) يقول: (إنَّ قَوماً يخرُجُون، يَمرُقون مِن الدِّينِ مروق السَّهم مِن الرمية).

ارسال التعليق

Top