الثقافة هي كلمة تحمل أكثر من معنى فهي قادرة على النهوض بالمجتمع من مرحلة إلى أخرى، ومن عصر إلى آخر فهي تنير العقول وتفتح البصائر، هي أيضاً مجموعة المعارف الانسانية التي يكتسبها الإنسان وتؤثِّر في تفكيره وفي فهمه للأشياء، وفي سلوكه وأخلاقه، وعلاقته بالله وبالمجتمع والحياة مثل معارف العقيدة والتأريخ والفقه والآداب والقانون والسياسة والأخلاق وعلم النفس وعلم الاقتصاد والاجتماع وغيره. الانسان المثقف هو الانسان الذي يكتسب نصيباً من هذه العلوم والمعارف وغيرها من المعارف الانسانية، وتؤثِّر في سلوكه تأثيراً إيجابياً. إنّ الانسان بحاجة إلى فهم الحياة الاجتماعية والسياسية ومعرفة التأريخ وأحكام العقيدة والشريعة والقانون والأعراف لكي يستطيع أن يتعامل مع المجتمع تعاملاً سليماً، ويرسم خطّة حياته، ومواقفه من الاُمور والحوادث والناس الآخرين بوضوح ونجاح. إذاً فالثقافة معرفة وسلوك، أو هي معرفة تهذّب السلوك الانساني والجاهل بالمعارف والعلوم لا يستطيع أن يفهم المواقف والوقائع فهماً صحيحاً. والمثقّف، هو مَن تؤثّر المعرفة والثقافة في سلوكه وشخصيته، فتظهر ثقافته في كلامه وحديثه عندما يتحدّث مع الآخرين، وتظهر ثقافته في سلوكه عندما يتعامل معهم، أو يعيش في أوساطهم. إنّ الثقافة تظهر على شخصية الانسان، تظهر في ألفاظه ومظهره ونظام حياته. إنّ الانسان المثقّف، هو الانسان المستقيم السلوك، الذي يختار أفعاله وسلوكه وعباراته التي ينطق بها على أساس الفهم والوعي السليم.
من هنا يأتي دور المؤسسات والمراكز الثقافية في توسيع أرضية الحوار والتلاقي بين طاقات الوطن الثقافية والفكرية، أي أن تتحول إلى كيان ثقافي فعال يلبي متطلبات الشباب المتعلم والمثقف، ويبلور حاجاتهم ومتطلباتهم في الحقول المعرفية والعلمية الهامة وبالإسهام النوعي في تطوير وتنمية المجتمع. ولهذا الإسهام صيغ وميادين تتعدد وتتنوع لكنها تتفق جميعاً في كونها إضافة أصلية منفردة، وبالتالي فإن الحقول التي تعني بها المراكز الثقافية ليست ملء الذاكرة بل تثقيف، تعليم وتدريب وتوعية الفرد. إن المراكز الثقافية تلعب دوراً أساسياً في تزويد الشاب بمعلومات حول ضرورة الحاجة إلى التغيير نحو الأفضل مع تبني أفكار وطرق جديدة للعمل والإنجاز في كافة المجالات والنشاطات الاقتصادية والتنموية. ميزة هذه المراكز احتواءها على مكتبات ثرية بمختلف أنواع الكتب التي تلعب دوراً بارزاً في حياة كلّ فرد، حيث أصبحت الآن من الدعائم الأساسية لمجتمع المعلومات فاهميتها بالنسبة لأي فرد هي الإمداد بالمعلومات التي يحتاجها في أي موضوع. إنّ الإسهام في تطوير وتفعيل أهمية الثقافة، هو دور ووظيفة المؤسسات الثقافية الأساسي الذي من أجله توظف كلّ الإمكانات، وهذا ما يميزها عن المؤسسات التعليمية والتربوية الأخرى، لأنها تلامس مناطق الإبداع. إن نشاطات المركز الثقافي يجب أن تمتاز بدافعية عالية وان تكون ذات صبغة أكثر تحدياً من التقليد، نشاطات ترتكز في برامجها على النوع وليس الكم وتتصف بالدقة والتمييز على أن يتم اختبارها ميدانياً لضمان الجودة وقابلية التنفيذ وحتى تكون البرامج فاعلة ومتطورة ينبغي أن تواكب التطورات والتغيرات الحضارية من اسـتخدام للتقنيات والوسائل المتعددة، البرمجيات واستخدام فعال للوسائط التفاعلية وكافة الوسائط السمعية البصرية.
وختاماً، إنّ المراكز الثقافية يمكنها أن تؤدي دوراً مهماً في العملية التربوية وفي الحياة الاجتماعية والاقتصادية من خلال إقامة المحاضرات والندوات والمسرحيات بحيث يؤهلها هذا الدور أن تحتل مركز الصدارة في المجتمع في جميع الميادين من أجل نشر الوعي بين أبناءه ومن أجل بناء جيل ناجح مثقف يساهم في تحقيق مستقبل مشرق.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق