• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

المهديّة.. حقيقة ثابتة

عمار كاظم

المهديّة.. حقيقة ثابتة

المهديّة عقيدة ثابتة بالأدلّة الشرعيّة القطعيّة التي لا مجال لإنكارها من خلال الوسائل التي تثبت بها العقائد. فالإمام المهدي (عج) حقيقة حديثيّة، كما هو إمكانية عقلية وعلمية، وعلينا أن نصدِّق كلّ ما جاءنا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ممّا عرفنا سرّه وممّا لم نعرف. نحن نعيش الآن غيبته، ولكنّنا في الوقت نفسه، نعيش معنى حضوره في معنى الرسالة، ومعنى حضوره في معنى العترة من قبله، وفي معنى العناوين الكبرى التي أراد لها أن تتحقّق بشكل كلّي في عصره المستقبلي، وفي طبيعة المبدأ المستوحى من هذه العناوين. لذلك إنّ أول التزام بالإمام (عج)، هو أن نلتزم بالكتاب، وأن يكون القرآن كلّ شيء في حياتنا، أن نعيشه وأن نقرأه وأن نتدبّره وأن نعمل به، وأن نجعله عنواناً لثقافتنا ولسياستنا ولاقتصادنا ولاجتماعنا ولحربنا ولسلمنا، لأنّه يمثل العناوين الكبرى لذلك كله، وأن نلتزم العترة الذين التزموا الكتاب والتزموا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأنّ ما عندهم هو ما عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولأن حديثهم هو حديث رسول الله، ولأنّ سيرتهم هي سيرة رسول الله.. هذا هو دورنا في هذه المرحلة، وهو أن نعيش ذلك في أنفسنا، لنبني قلوبنا وعقولنا وكياننا وحركتنا على هذا الأساس، ثم لا بدَّ لنا من أن نعمل من أجل أن نكون الدّعاة إلى الله، بأن نفهم الإسلام وندعو له في داخل الحياة الإسلاميَّة، حتى نستطيع أن نحفظ المسلمين من الضّلال ومن كلّ ما يتحرّك من كفرٍ في داخلنا، وفي خارج الحياة الإسلاميَّة، بأن ندعو النّاس إلى الإسلام، لأنَّ الكثيرين من النّاس في هذا العصر يمكن أن يدخلوا في الإسلام إذا أحسنّا عرضه وبيان مفاهيمه ونقاط القوّة فيه، وأحسنّا أن نكون القدوة له، فهذه هي المسألة الّتي أرادنا الله أن ننطلق فيها: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران/ 104).

فما دام الإسلام هو دين الله، وهو الحلّ الّذي أراده لمشاكل الإنسان، والمنهج الّذي رسمه لتغطية حاجاته، فلا بدَّ للمسلمين من أن يحتضنوا الإسلام في وجدانهم، وفي ممارساتهم وحركتهم، فرديّاً وجماعياً، ليحقّقوا الخطوط العامّة بجهدهم، كما يحقّقون الخطى التفصيلية. ولهذا فإنّ مسؤولية المسلمين في غيابه (عج)، قد تكون أكثر من مسؤوليتهم في حال حضوره، باعتبار أنّ حضور الإمام، قد يخفّف الكثير من المسؤوليّات عن عاتق العاملين، لأنّهم يلقون ذلك إليه. ولكنّنا في غيابه، نحتاج إلى أن نحتضن الساحة ونلاحقها، ونستوحي كلّ كلماته التي هي ليست فقط ما صدر عنه بالخصوص، ولكنّ كلماته هي القرآن كلّه، وهي السنّة النبويّة الشريفة كلّها، وهي كلّ ما صدر عن آبائه الأئمة (عليهم السلام)، وما صدر عنه هو شخصياً. وعلى هذا الأساس، فنحن نعيش حضوره في كلّ هذا الخطّ الإسلاميّ، من الكتاب والسنّة بكلّ امتداداتها وتفاصيلها، فنحن لا نشكو فراغاً من خلال فراغ حضوره، لأنّ هذا الفراغ يمتلئ بهذا التراث الدينيّ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولقد قال للذين سألوه عمّا يصنعون في حال غيبته، كما روي عنه: «وأمّا الحوادث الواقعة، فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم، وأنا حجّة الله». ومن هنا ابتدأت مسيرة العلماء في احتضان التراث الإسلاميّ في خطوطه العامة وتفاصيله.. ومن هنا أيضاً، انطلقت مسيرة العلماء المجتهدين المتّقين الواعين المجاهدين والمنفتحين على قضايا الإسلام وقضايا الحياة بكلّ اجتهادهم ووعيهم وإخلاصهم وجهادهم. فنحن مسؤولون عن أن نملأ الفراغ في كلّ مجالات حياتنا، ونتحسَّس وجوده من خلال ما نتحسَّسه من رقابته علينا، ورصده لنا وبركته علينا بكلّ ما للحركة الإسلاميّة من قضايا ومشاكل وتحدّيات.

ارسال التعليق

Top