• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإمام جعفر الصادق (ع).. إمام العلماء وأستاذ الفقهاء

عمار كاظم

الإمام جعفر الصادق (ع).. إمام العلماء وأستاذ الفقهاء

هو الإمام السادس من أئمة أهل البيت (ع)، الإمام جعفر الصادق (ع)، والده، الإمام محمد الباقر (ع)، سيد الناس لا في عصره فحسب، وإنما في جميع العصور على إمتداد التأريخ علماً وفضلاً وتقوى. عُرف بالصادق، لصدق حديثه ولقب به لصدقه في مقاله وفعله، من ألقابه الأخرى، الفاضل، لأنه كان أفضل أهل زمانه وأعلمهم لا في شؤون الشريعة وإنما في جميع العلوم. ولقب أيضاً بالصابر، لأنه صبر على المحن الشاقة والظروف المريرة التي عاناها من خصومه. وأيضاً عُرف بالطاهر، لأنه أطهر إنسان في عمله وسلوكه واتجاهاته. لقد كان الإمام الصادق (ع) عمود الشرف وعنوان الفخر والمجد لجميع المسلمين.

كان الإمام الصادق (ع)، من أوسع الناس علماً وأكثرهم عطاءً حتى قيل عنه: «إنه ذو علم غزير في الدين، وأدب كامل في الوحدة، وزهد بالغ في الدنيا، وورع تام عن الشهوات». وقد جعلته هذه الصفات مقدماً بين أعلام عصره، وفقهاء زمانه. حيث كان (ع) ركن كبير في الدين والعلم المنوع والفكر، وهو نبراس رئيس ولا جدال، ومشعل صلاة، تمجده المهابة، ومحاريب القداسة، وحسبه في الإسلام من الشجرة المثلى القائمة على العدل والعلم الذي يتجسد في شخصيته التي تجلت معالمها بوضوح في الدين، وفي الفقه، والعلوم الصرفة (الكيمياء والطب والفلك وغيرها) فهو جامعة قائمة بذاتها، ورسالة وإمامة.

ومن الجدير بالذكر أن عصر الإمام الصادق (ع) شهد نمواً وازدهاراً وتفاعلاً على المستوى العلمي والأدبي والحضاري بين الثقافة والتفكير الإسلامي من جهة وبين ثقافات الشعوب ومعارف الأمم وعقائدها من جهة أخرى، ففي عصره نشطت حركة الترجمة، ونُقل كثير من المعارف والعلوم والفلسفات من مؤلفات أجنبية إلى اللغة العربية. وبدأ المسلمون يستقبلونَ هذه العلوم والمعارِف وينقحونها أو يضيفون إليها، ويعمقون أصولها، ويوسعون دائرتها، فنشأت في المجتمع الإسلامي حركة علمية وفكرية نشطة، ونما التفكير والبحث العلمي. وإلى جانب هذا النموّ والتوسّع والتفاعل العلمي والحضاري في عصر الإمام (ع)، فإنّ المجتمع الإسلامي شهد نموّاً وتطوّراً كبيرين، فاستجدّت وقائع وأحداث وقضايا سياسية واقتصادية واجتماعية كثيرة تحتاج إلى بيان رأي الشريعة، وتحديد الموقف والحكم الشرعي منها، وكان حصيلة ذلك أن نشأت الآراءُ والمذاهبُ الفقهيّة، ونشط علماءُ الفقه والاجتهاد.

والإمام الصَّادق (ع) هو إمام الحوار الّذي كان ينفتح على الرأي الآخر، وكان لا يتعقَّد من الشّخص الّذي يأتيه وهو ينكر أساس العقيدة، بل كان يأخذ بيده من أجل أن يعرّفه بمنهج التَّفكير، كيف يفكّر ليصل إلى الحقيقة، لأنَّ مشكلة الكثير من النّاس، ومنهم الّذين يعتبرون أنفسهم من العلماء، أنهم قد يملكون مفردات العلم، ولكنَّهم لا يملكون منهج التّفكير والأسلوب الّذي يمكن أن يفتح عقل الإنسان على الحقيقة. ولذلك، قد يخطئون في الطَّريق، وإن كانوا أحياناً يملكون الصَّواب في النّتائج، ونحن نعرف قيمة المقدِّمات في استخلاص النّتائج. إن رمزية الحوار عند الإمام الصادق (ع) تدل دلالة قاطعة على علاقة الإمام (ع) بالمجتمع، وليس كما يظن بعض الباحثين من أن الإمام (ع) إنكفأ على الدرس العلمي الفقهي، وترك المجتمع يُعارك التحديات والمشاكل.

حاول الإمام الصادق (ع) إرساء معالم ثقافية قرآنية داخل مدرسته، عبر التنبيه على مرجعية القرآن الكريم بوصفه الحصانة الأولى في المجتمع، فكان داعياً إلى استنطاق القرآن حتى يصطبغ المجتمع آنذاك، وفيما بعد بالأدب القرآني.

فهو النور الذي انبثق من مطلع النبوة فاستضاء به المسلمون في السير بإمور دينهم ودنياهم إلى ساحل النجاة، واهتدوا به إلى الطريق القويم واقتبسوا منه ما آنار البصائر وكشف حجب الظلمات عن الضمائر، هو إمام المجاهدين في سبيل الله تعالى وقدوة الذائدين عن حمى الدين والمدافعين عن شريعة جدّه سيد المرسلين.

ارسال التعليق

Top