للوعي الانساني وللحمد في وجدان الانسان، معنى انفتاح الانسانية في عقلها وروحها وحركتها على الله الخالق الرحيم القدير في نعمه التي انعم بها على عباده، وفي مننه التي منّ بها عليهم في وجودهم بعد العدم، وفي رعايته للانسان في كل خصوصياته الصغيرة والكبيرة، بما يغني تجربته، ويرفع قدره، ويسهل له سبيل الحياة، ويسير به الى ما فيه هداه، بحيث تنطلق حركته في الاتجاه الذي يتطلع فيها دائما الى مصدر النعمة وصاحب المنة، في احساس بالمحبة، وشعور بالامتنان، وتعظيم للمقام، وانفعال متنوع بكل مواقع الحمد في فيوضاته وعطاءاته في خط النعمة والرحمة، فيكون الحمد خفقة قلب، ونبضة إحساس، والتفاتة وجدان، وتعبير شكر يرفع الانسان الى مستوى انسانيته التي تتأثر ايجابا بكل وجودها بالخير الذي يقدم إليها، وبالرحمة التي تفيض عليها، وبكل يد للعطاء تمتد إليها برفقة ومحبة وحنان .
ان الانسانية حالة وعي في الوجود، والوعي حركة في ساحة الاعتراف بالواقع، الذي يفرض تحريكه نحو الافق الذي يعيش الغنى في الروح، والانفتاح في الوجدان .
وهو هبة من الله فلولا ارادته في اعطاء الانسان عقلا وروحا واحساس بالوجود من حوله وبالاهمية في سرها، لما استطاع ان يتفاعل مع الكون والحياة، أو ينفتح على الله في نعمه ومننه، ولعاش في عزلة خانقة في داخل الذات، مفصولة عن العالم في كل قضاياه المتصلة به وبالآخرين، ومن خلال ذلك، عرف الله في آلائه ونعمه ومننه وحمده، فكان الحمد تعبيرا عن معرفة الله وشكره، وكان الشكر اعترافا بالجميل، وامتنانا لنعمه عليه، ولولا ذلك لما كان لديه وعي الحمد، وشعور الشكر، فيتقلب في نعم الله من دون حمد ولا شكر، مما يجعله بعيدا عن عمق الاحساس بالانسانية التي تفرض على الانسان ان يحمد ربه بما يستحقه من الحمد، وان يشكره على ما أولاه من النعم التي تستحق الشكر، وقريبا من البهيمية التي لا تتفاعل مع الاجواء المحيطة بها في الوعي المنفتح على المعاني الكبيرة، بل ربما كان أضل منها لأنها تتحرك بغريزتها في ادراكاتها الجزئية فلا تملك عقلا تتفاعل به مع الآخرين، بينما يملك الانسان العقل الذي يعرفه طبيعة علاقاته بالخالق والمخلوق فإذا لم ينطلق مع خط المعرفة كان أضل من البهائم في طبيعة الفعل ورد الفعل .
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق