• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإمام الحسين (عليه السلام).. وارث رسالة الأنبياء

عمار كاظم

الإمام الحسين (عليه السلام).. وارث رسالة الأنبياء

إنّ العلاقة بعاشوراء تنطلق من خلال شخصية الإمام الحسين (عليه السلام)، فالحسين بالنسبة إلينا ليس مجرّد كونه ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، حتى نرتبط به على أساس القرابة، ولكن الحسين (عليه السلام) هو الإمام المفترض الطاعة الوارث للأنبياء. ألا نقرأ في زيارته: «السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وراث نوح نبيّ الله، السلام عليك يا وارث إبراهيم صفوة الله، السلام عليك يا وراث موسى كليم الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمّد حبيب الله، السلام عليك يا وارث عليّ ولي الله».

لقد وقف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في آخر حياته ليودّع المسلمين، فقال لهم: «أيّها، النّاس إنّكم لا تُمسكُونَ عليَّ بشيءٍ، إنّي ما أحللتُ إلّا ما أحلّ القرآن وما حرّمتُ إلّا ما حرَّمَ القرآنُ». كأنّ النبي يقول لهم: ليس عندي خفيّ، وليست لديّ أوضاع باطنية خارج نطاق الرسالة، فأنا رسول الله إليكم، وأنا أوّل المسلمين الذين يتحرّكون بالإسلام على أساس ما أقوله لكم، ولذا تستطيعون أن تطالبوني بكلِّ ما فعلته في حياتي العائلية والاجتماعية والسلمية والحربية... هل أحللتُ ما أَحَلَّ اللهُ وهل حَرَّمتُ ما حرَّم الله؟

وعندما نأتي إلى الإمام الحسين (سلام الله عليه) لندرس شرعية حركته، فإنّنا أنّه بدأها بالبيان الأوّل الذي أُطلق من خلال حركته، قال لهم: «أيّها الناس، إنّ رسول الله قال: مَن رأى منكم سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم اللهِ، ناكثاً بعهدِهِ، مخالفاً لسنّة رسول الله، يعملُ في عبادِ الله بالإثم والعدوان، فلم يُغرْ عليه (أو فلم يُغيِّر ما عليه) بقولٍ ولا بفعلٍ، كان حقّاً على الله أن يُدخِلَه مَدخَله. وقد علمتمُ أنّ هؤلاء القومَ قد لزِموا طاعة الشيطان وتولّوا عن طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد وعطَّلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلّوا حرامَ الله وحرَّموا حلالَهُ، وإنّي أحقُّ بهذا الأمر». إنّه قال للناس ما معناه: إنّني أنطلق من حيث انطلق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن حيث أمر بالثورة وبالتحرّك وبالعمل في خطّ التغيير.

ثمّ بعد ذلك قال (عليه السلام): «إنّي لم أخرجْ أَشِراً ولا بَطِراً ولا مُفسِداً ولا ظالماً، وإنّما خرجتُ لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي، أُريد أن آمرَ بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدّي وأبي عليّ بن أبي طالب. فمن قَبِلَني بقبول الحقّ فاللهُ أولى بالحقّ، ومَن ردّ عليَّ هذا أصبر».

وقال (عليه السلام) بعد ذلك أيضاً: «ألا ترون إلى الحقّ لا يُعملُ به، وإلى الباطل لا يُتناهى عنه» وقال (عليه السلام): «لا واللهِ لا أُعطيكم بيدي إعطاءَ الذليلِ ولا أُقرُّ لكم إقرارَ العبيد».

إنّ كلّ هذه الكلمات وكلّ هذه البيانات تعني أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) قد انطلق في حركته على أساس عنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أساس إعادة الحقّ في الحياة إلى مواقعه، من أجل أن يعمل الناس بالحقّ، وإبعاد الباطل عن الواقع حتى يبتعد الناس عنه، وأن يقف المسلم على أساس أن يجسّد العزّة في كلّ مواقفه، وأن يرفض الذلّ في كلّ مواقفه، كأنّ الإمام الحسين (عليه السلام) يريد أن يقول لكلِّ الأجيال من بعده: إنّني وقفت هذا الموقف من موقع إمامتي، ومن موقع تحرّكي في خطّ الرسالة. فإذا عشتم تجربةً كتجربتي، وإذا واجهكم حكمٌ للتحرك وللانطلاق، فإنّكم تستطيعون أن تتحرّكوا في الخطّ الذي تحرّكت فيه، لأنّكم بذلك تنطلقون من حيث انطلقتُ، وترتبطون بالحكم الشرعي من حيث ارتبطت. نعم، إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) يعطينا الشرعية والقدوة للانفتاح على كلِّ الواقع الذي نعيشه مع رفض حالة الحياد بين الخير والشرّ.. فالرسالة الإسلامية واضحة سمحاء جاءت لتحقيق العدالة بيد أفضل الناس وأشرفهم وهم الأنبياء وآل بيت رسول الله (عليهم السلام).

ارسال التعليق

Top